داعش.. ذريعة لكسر الأمة
جنيد المهاجر
خلال عملیة خاصة نفذها المجاهدون قبل عدة أیام في العاصمة، کابول، قُتِل أبرز قیادات الخوارج في أفغانستان؛ الملقب بـ(قاري فاتح)، وهو مسؤول عن المجازر التي حدثت في العاصمة والتفجیرات التي استهدفت المساجد، والمستشفیات وأماکن عامة؛ حیث تسببت تلك التفجیرات بخسائر بشریة في صفوف المدنیین، وأیضًا بأضرار مادیة بین ممتلکاتهم.
تمکن المجاهدون من قتل الجزّار مع عدة آخرین في منطقة (خیرخانه) بمدینة کابول وقبل ذلك، في عملیة نوعیة أخری، قُتل أمیر داعش في شبه القارة الهندیة علی ید أبطال الإمارة الإسلامیة.
ما هي أهداف (داعش) في أفغانستان؟
في عام 2014 م، تسلل داعش من صحراء محافظة الأنبار العراقیة إلی مدن ومحافظات عدیدة، وسمّى مناطق تحت سیطرتها بأرض الخلافة، وهذا بعد ما هاجمت القوات العراقية في عهد نوري المالكي (رئیس الوزراء الأسبق) أوکار داعش في الصحراء!
في سیناریو خاص اتفق عليه أمراء داعش وزعماء الصلیبین وغیرهم، کأن جنوده خرجوا من تحت الأرض إلى ظهرها، وتحولوا من مجموعة صغيرة إلى جيش كبير، وامتلكوا العتاد والقوة، وسيطروا على أجزاء واسعة من العراق وسوريا خلال أشهر قليلة! استولوا على المدن والقرى، وأعلنوا الخلافة على تلك الأراضي، وعيّنوا أیضا خلیفة لهم.
وکان التنظيم يدعي تطبيق حدود الشريعة الإسلامية بحق المجرمين؛ منها قطع يد السارق ورجم الزاني وغير ذلك؛ وأما خلف الستار، فما كان ذلك إلا ذریعة حتی یتأثر به شباب أهل السنة في العالم؛ وقد تم ذلك حیث توجه إلیه آلاف من المسلمین من الشرق والغرب؛ تارکین خلفهم أسرتهم وأموالهم.
وبعد سيطرة الخوارج على المدن، فورًا استقبلهم الناس؛ لأن الناس كانوا يرون أن تلك القوانين التي ينفذونها من الشريعة الإسلامية، وفي البدایة، كثير من سكان المناطق استقبلوهم بالفرحة والسرور، وفتحوا لهم أبواب المدن، وتعاونوا معهم بكل شوق وجدية؛ لكن لم تستمر الفرحة في صدورهم، والسرور في قلوبهم إلا قليلا، وتغيرت فرحتهم إلى الحزن، وغاب الهدوء من بيوتهم، ورأوا الصورة المرعبة عن داعش أمام أعينهم، ونبتت شجرة الخوف وانتشرت غصونها في حياتهم اليومية.
وتحولت هذه المجموعة إلى نار مشتعلة تحرق بنارها كل من يعاديها، وسُلّت سيوفها لقطع رؤوس من يستنكر عليها، سواء كان مسلما أو غير مسلم.
استهدف داعش المدن والقری التي سیطرت علیها الکتائب الجهادیة في سوريا؛ منها محافظة الرقة المحررة، ومدن ریف حلب الشرقي، وقام بالغدر والخیانة، وتسبب هذا باشتداد المعارك بين مقاتلي الفصائل الجهادية، وبين مقاتلين من هذا التنظیم، وفتحوا كثيرا من الجبهات بسبب خیاناتهم، وتعددت حرب سوريا في جبهات مختلفة.
تقدم جنود الخوارج في سوریا والعراق، وهذا التقدم تسبب بتدخل عسكري واسع من قبل الدول الصليبية، وعلى رأسها أمريكا في سوريا والعراق، وقُرعت طبول الحرب من جدید، وقصفت الطائرات الحربية الأمريكية مناطق مختلفة في سوريا والعراق، وإثر ذلك تم قتل العشرات من المدنيين يوميا بلا ذنب!
بعد أن أکمل داعش ما وسد إلیه (وهي هزیمة الفصائل الجهادیة) انسحب من المدن والمحافظات التي کان یسیطر علیها؛ مثل نينوى وصلاح الدين والأنبار في العراق، والرقة ودير الزور والحسكة في سوريا.
انسحب داعش من تلك المدن؛ وخلفه فیها قوات الملاحدة من الأکراد والحشد الشعبي، وفَقد هيكله في الشام والعراق وقُتل كثير من جنوده بعد المعارك الضارية التي دارت بينهم وبين كثير من المجموعات المسلحة في العراق والشام، وسيطر الجيش العراقي علی المدن والبلاد في العراق وسيطرت القوات الكردية على الحسكة والرقة السورية، وهكذا انتهى دور داعش في العراق والشام!
وبعد فترة قصیرة، خسر آخر المعاقل التي كانت تحت سيطرته في سوريا، وهي مدينة البوكمال الحدودیة مع العراق وبعدها عاد إلى المناطق الصحراوية!
وبعد مرور أكثر من سنة، قُتل زعيمه في عملية عسكرية من قبل الجيش الأمريكي في محافظة إدلب بسوريا، وهكذا، انتهى دور داعش في سوریا والعراق بالكامل.
بعد هزیمته في العراق والشام، بدأ إراقة الدماء في أفغانستان باغياً إشعال نار الفتنة بین أبناء الشعب الأفغاني بإستهداف العلماء من السنة والمدنیین من الشیعة وغیرهم؛ حتی یدیر حربا أهلیة، بإشراف مخابرات إدارة کابول في أثناء الاحتلال. بدأ یقتل الأبریاء، ویفجر المساجد، ویهجم علی المسلمین عامة، ولم تمیز هجماته بین صغیر وکبیر، وبین رجل وامرأة؛ حتی أننا إذا ألقینا نظرة عابرة على نهجه، فلن نجد أي معرکة خاضها ضد المحتلین وأعوانهم؛ بل كل المعارك التي قامت بها هذه المجموعة کانت تستهدف المدنیین والمجاهدین وأسرهم.
وبعد أن رفعت الإمارة الإسلامیة راية التوحید في أفغانستان، وأحکمت سیطرتها على البلاد، ارتفعت هجمات داعش فیها أیضا، وفي فترة قصیرة سفك الکثیر من دماء المسلمين، وبدأ مرحلة جدیدة من المجازر بحق الشعب الأفغاني.
ولکن رغم ذلك، لم یستسلم الشعب الأفغاني أمام هؤلاء الغدارین، وعلموا أنهم صنیعة لمخابرات المنطقة، وذریعة لكسر الأمة، وغایتهم قطع الرؤوس فقط. فأقام أبناء الشعب الأفغاني لهم محکمة لا ينجو منها أحد منهم بإذن الله، وانطلقوا بقوافل من نجوم الأرض، وحماة الثغور، وعشاق المعالي حاملین سیف علي رضي الله عنه ورایة رسول الله صلی الله علیه وسلم. قاموا أمامهم بقافلة أصبحت تتلألأ في سماء العز، ولن تتوقف ما دام کلاب أهل النار یعیشون علی وجه هذه الأرض، وتعاهدوا على أن یذیقوا الخوارج ذائقة السوء کما أذاقوا المحتلین ذائقة السوء عبرالتاریخ. انطلقوا بقافلة ليس فيها مكان للجبناء، بل هي قافلة أباة الضيم وأنصار الشريعة وأبطال الميادين. انطلقوا بقافلة ليوث المجد، وأسود الصحارى وفرسان العقيدة وسيوف أمتنا المسلولة. هي قافلة تسير ولن تتوقف رغم طعن الطاعنين وعبث العابثين وكيد الماكرين؛ ولن تترك خارجي ولا باغٍ، ولا من یحاول أن ینظر إلی شعبنا شزرا ویحمل في رأسه فکرة خبیثة.
هي قافلة فيها رجال لا يلهيهم حب الدنيا وما فيها عن القيام أمام من هاجم دينه وانتهك أعراض المسلمين. هي قافلة ينضم إليها كل يوم رجال تسيل دمائهم على الصخور والهضبات. هي قافلة لن تسقط رايتها البيضاء حتى يكون الدين كله لله.
ورغم أن الخوارج یحاولون أن یواصلوا المجازر، واستهداف المساجد، واغتیال العلماء؛ إلا أننا أمة لن نرکع أمام الذل، ولا نخاف أي عمل یهدد شعبنا، حتی ولو قتلوا الملایین من شبابنا، وهدموا الآلاف من البیوت و المساجد، ودمروا المئات من المدن والقری وأصبحنا تحت الأنقاض، فلن نرجع عن عقیدتنا، وسنواصل مسيرتنا التي بدأناها حتی آخر قطرة من دمائنا بإذن الله.