مقالات الأعداد السابقة

داعش وحكمتيار .. مشروع واحد للفتنة – الحلقة (1)

# حكمتيار ــ حنيف أتمار ــ أشرف غني .. أعمدة المؤامرة القادمة.

# داعش رأس رمح للفتنة الطائفية متحالفا مع مافيا حكمتيار.

# داعش في أفغانستان يتحالف مع الشيوعيين كما تحالف مع البعثيين في العراق.

# الرئيس أشرف غني ومستشاره الأمني حنيف أتمار يرعيان داعش ومافيا حكمتيار.

_______________

كتب مصطفى حامد :

حادث تفجير سيارة بالقرب من السفارة الألمانية في كابول جاء كاشفا لعناصر الفتنة القادمة إلى أفغانستان ومشيرا إلى الأيدي الآثمة التي تغزل خيوطها.

ذهب في الحادث قتلى وجرحى كما يحدث يوميا، ولكن هذه المرة ألقى الضوء على التوجهات الجديدة للإستعمار الأمريكي وعلى الأشخاص والجهات المتعاونة في إعداد المسرح الأفغاني للفتنة التي يريدها الأمريكيون لهدم ما تبقى في أفغانستان، وتفتيت وحدتها البشرية والجغرافية. مع تأكيد إستمرارية تدفق ثرواتها إلى الجيوب الأمريكية.

خرجت مظاهرات إلى شوارع العاصمة كابول تطالب باستقالة كل من “أشرف غني” رئيس الدولة ومستشاره الأمني “حنيف أتمار” وهما الشخصيتان الأساسيتان في نظام كابول، وبمجهودها تتشكل ملامح وأساسيات الفتنة القادمة.

ــ في المظاهرات الاحتجاجية التي تلت التفجير المذكور، ما يؤكد أن المخطط بات واضحاً، وأن أهم شخصياته في الحكومة أصبح يشار إليهم بالبنان. لذا فقد النظام أعصابه وأمر بإطلاق النار على المتظاهرين. فقتل ما لا يقل عن ثلاثة متظاهرين وجرح ثمانية. ومن ضمن القتلى كان “سالم أيزيد يار” ابن نائب مجلس الشيوخ.

الجناح “الطاجيكي” في أجهزة السلطة الممزقة خرج إلى العلن محتجا، وعدد من أكبر رموزه خرجوا للمشاركة في صلاة الجنازة على قتلى المظاهرة لإدانة وإضعاف الجناح “البشتوني” المناهض لهم، وأهم رموزه الرئيس أشرف غني ومستشاره الأمني حنيف أتمار.

أثناء صلاة الجنازة في الطرف الشمالي من العاصمة كابول، وقعت ثلاث تفجيرات انتحارية راح ضحيتها 19 شخصاً من المصلين وأصيب منهم 18 شخصاً. وكان من حضور الجنازة كبار رموز “تحالف الشمال” ومنهم عبدالله عبدالله (الرئيس التنفيذى للدولة!) ووزير الخارجية صلاح الدين رباني (نجل الرئيس الراحل برهان الدين رباني) ويونس قانوني، وبسم الله خان، وأمرالله صالح رجل الأمن والاستخبارات الشهير. لم يقتل أيا من هؤلاء، ولكن ظهرت الطبيعة العرقية للاستهداف التفجيري، كما ظهرت قبلاً في الجنازة ومظاهرات الاحتجاج التي سبقتها.

ــ حركة طالبان لم تتبن الحادث. ورغم أن بصمات داعش واضحة في تفجير المصلين في الجنازة بواسطة ثلاثة انتحاريين إلا أن داعش أيضا لم يتبن الحادث.

فمن إذن فجر السيارة في السفارة الألمانية؟ ومن الذي فجر الناس في صلاة الجنازة ؟

قادة تحالف الشمال اتهموا مباشرة كل من رئيس الجمهورية أشرف غني، ومستشاره الأمني حنيف أتمار. وإذا ذكر هذين الإسمين معاً فإن “داعش” موجوده حتماً. وسيتضح ذلك معنا فيما بعد. ولكن من هو حنيف أتمار؟

ــ إنه ليس مجرد موظف بدرجة مستشار أمني لرئيس الجمهورية، بل هو ضمن راسمي الخريطة الأمنية الحالية والمستقبلية لأفغانستان. كما أنه الرجل الثاني من حيث الأهمية لدى الدوائر الأمريكية ودوائر حلف الناتو.

حنيف أتمار (بشتوني)، ضابط شيوعى سابق من حزب “برشم” ذو الأغلبية الطاجيكية. وقاتل ضد المجاهدين في معارك جلال آباد، وبترت ساقه هناك، فغادر إلى مدينة بيشاور في باكستان وعاش هناك مع شقيقته بلقيس العاملة في مؤسسة “نوروزى” التي تمولها الكنيسة النرويجية. فتحولت حياة الإثنين (بلقيس وأتمر) من الضيق إلى السعة بعد العمل في تلك المجالات.

ثم انتقل حنيف أتمر إلى بريطانيا حيث حصل على شهادة جامعية.

وضع “أتمار” نفسه في خدمة الإحتلال الأمريكي، فتولى مناصب رفيعة أثناء رئاسة كرازي الذي عينه وزيراً للمعارف {أتمر ينادي بإغلاق المدارس الدينية ليس في أفغانستان فقط بل في جميع أنحاء شبه القارة الهندية، لأنها في نظره تنشر الإرهاب. وتلك مؤهلات كافية في ظل الإحتلال حتى يتأهل أي شخص تافه لمنصب وزير التعليم}.

ولكن بما أن أتمر انخرط لفترة في جهاز الإستخبارات (خاد) إبان الإحتلال السوفيتي. فقد كان مؤهلاً أيضاً لتولي وظيفة أمنية رفيعة في ظل الإحتلال الأمريكي. فعينة كرازي ـ بتوصيه أمريكية بالطبع ـ في منصب وزير الداخلية. وهو المنصب الذي استقال منه لاحقا عندما تعرضت الخيمة التي عقد فيها مجلس شورى القبائل “لويا جركا” لإطلاق نار من قبل المجاهدين عام 2009م.

بعد تركه الخدمة الأمنية أسس “حنيف أتمر” حزبا سياسيا معارضا لسياسات رئيس الدولة (كرازي). ولكنه حاليا عضو في مجلس شورى ما يسمى (شورى الثبات والحراسة) الذي يتزعمه دعما للإحتلال عبد الرسول سياف – “أمير الجهاد في أفغانستان” إبان الحرب السوفيتية والزعيم الإخواني الشهير ـ ولم يوضح سياف على أي شيء هو ثابت، وأي شيء يحرس؟. فليس لذلك الإسم في هذه الظروف من معنى سوى الثبات على الخيانة وحراسة الفساد.

حنيف أتمار في خدمة أخرى جليلة يقدمها للإحتلال، كان وسيطاً بين الأمريكيين وبين حكمتيار الزعيم “الإسلامي الأصولي” إبان الحرب السوفيتية أيضا.

من عجائب الأقدار أن ضابط شيوعي سابق قاتل إلى جانب السوفييت في أفغانستان يتوسط لدى قائد “جهادى أصولي” كي ينخرط في خدمة الإحتلال الأمريكي! نجحت الوساطة وانضم حكتيار إلى طابور العملاء، كي ينخرط في مهمة عالية الخطورة على مستقبل بلاده، (سنتكلم لاحقا عن تلك المهمة).

رداً لجميل حنيف أتمر عقد حكتيار مؤتمرا صحفيا، بعد مجزرة صلاة الجنازة، دافع فيه عن صديقه الجديد والشيوعي السابق حنيف أتمار. كما برأ ساحة رئيس الدولة (أشرف غني) وندد بالمتظاهرين، وندد بنصب خيام الاحتجاج في الطرق الرئيسية. وهو شكل الاحتجاج الذي لجأ إليه المتظاهرون واستمر لأكثر من أسبوع.

ــ تصريحات الرئيس أشرف غني سارت على نفس خط تصريحات حكمتيار، ودافع عن مستشاره الأمني قائلا أنه رجل كفء ونشيط وسيظل يعمل ضد المتظاهرين ومن يقومون بأعمال الشغب.

إتضح ـ بعد حادث تفجير السيارة وما تلاه من مظاهرات وتفجيرات، الدور الخطير والعمل المشترك الذي يجمع أهم ثلاث شخصيات تأثيرا على مستقبل أفغانستان وهم: أشرف غني، وحنيف أتمار، وحكمتيار.

ومن العمل المشترك لذلك الثلاثي ولدت داعش في أفغانستان. حتى أن الكثير من أعضاء البرلمان والحكومه يتهمون علناً حنيف أتمر بأنه ممول مشروع داعش في أفغانستان.

تلك الإتهامات لم تعد مجرد إتهامات بعد ظهور حقائق دامغة تثبت أن دور حنيف أتمر (الشيوعي) كان محوريا في زراعة تنظيم داعش (الوحشي) بالتعاون الوثيق مع حكمتيار (الإخواني) لخدمة المشروع (الأمريكي) المستقبلي في أفغانستان، مشروع الفتنة.

ــ إنه تجمع فريد وفاجع في دلالاته، وكاشف لكثير من الأكاذيب التي ظلت سائدة طويلاً. لقد تجمع يدا في يد تحت راية الإحتلال كل من: الضابط الشيوعي والزعيم الإخواني والتنظيم الوهابي الوحشي.

من (أتمر ـ حكمتيار ـ داعش) تشكلت ملامح الفتنة القادمة إلى أفغانستان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى