مقالات الأعداد السابقة

دفء المواساة في شتاء المستضعفين

إن الله تعالی أنزل بركاته من السماء علی أفغانستان حیث شاهدنا في الشتاء الحالي هطول الأمطار والثلج الكثیف علی عدة مناطق من أفغانستان، ونشكر الله تعالی علی ذلك. ومن جانب آخر فإن الشعب الأفغاني یعاني من شح في الأساسیات والضروریات، والفقر یتفشی في الأفغان مثل الطاعون، بسبب الدمار الشامل الذي سببه الاحتلال وعملاؤه. تقول الأخبار أن العشرات من المدنیین لقوا حتفهم، كما دُمرت المنازل بسبب تزايد تساقط الثلوج، إلا أن الحكومة العمیلة -مع الأسف الشديد- غارقة في فسادها وإحلال الدمار في البلاد.

لقد أحلت الأمطار والثلوج على مساكن الكثير من الفقراء دماراً ودفنتهم تحت ركامها أو تركتهم بلا مأوى يجدون فيه دفأهم.

والله تعالی رحیم یرحم عباده الرحماء ، فعلی كل مسلم يشعر بمأساة إخوانه الضعفاء الأفغان الذین أضنتهم الحرب والاحتلال، وزاد الجوع والبرد من محنتهم، قال الرسول صلی الله علیه وسلم: «ﺟَﻌَﻞَ ﺍﻟﺮَّﺣْﻤَﺔَ ﻣِﺎﺋَﺔَ ﺟُﺰْﺀٍ، ﻓَﺄَﻣْﺴَﻚَ ﻋِﻨْﺪَﻩُ ﺗِﺴْﻌَﺔً ﻭَﺗِﺴْﻌِﻴﻦَ ﺟُﺰْﺀًﺍ، ﻭَﺃَﻧْﺰَﻝَ ﻓِﻲ ﺍﻷَﺭْﺽِ ﺟُﺰْﺀًﺍ ﻭَﺍﺣِﺪًﺍ، ﻓَﻤِﻦْ ﺫَﻟِﻚَ ﺍﻟﺠُﺰْﺀِ ﻳَﺘَﺮَﺍﺣَﻢُ ﺍﻟﺨَﻠْﻖُ، ﺣَﺘَّﻰ ﺗَﺮْﻓَﻊَ ﺍﻟﻔَﺮَﺱُ ﺣَﺎﻓِﺮَﻫَﺎ ﻋَﻦْ ﻭَﻟَﺪِﻫَﺎ ﺧَﺸْﻴَﺔَ ﺃَﻥْ ﺗُﺼِﻴﺒَﻪُ‏».

إن سنة الله في الكون أن يبتلي ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﺒﻌﺾ؛ ﻓﺠﻌﻞ ﻓﻴﻬﻢ ﺍﻟﻐﻨﻲ ﻭﺍﻟﻔﻘﻴﺮ، ﻭﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﻭﺍﻟﻮﺿﻴﻊ، ﻭﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻭﺍﻟﺒﺨﻴﻞ {ﻭَﻛَﺬَﻟِﻚَ ﻓَﺘَﻨَّﺎ ﺑَﻌْﻀَﻬُﻢْ ﺑِﺒَﻌْﺾٍ ﻟِﻴَﻘُﻮﻟُﻮﺍ ﺃَﻫَﺆُﻟَﺎﺀِ ﻣَﻦَّ ﺍﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻬِﻢْ ﻣِﻦْ ﺑَﻴْﻨِﻨَﺎ ﺃَﻟَﻴْﺲَ ﺍﻟﻠﻪُ ﺑِﺄَﻋْﻠَﻢَ ﺑِﺎﻟﺸَّﺎﻛِﺮِﻳﻦَ}.

وإن نظرة عابرة علی سیرة الرسول صلی الله عیه وسلم لتبيّن لنا كیف كان الرسول یأمر بالإیثار ومواساة الآخرین ودفع الضر عنهم قدر الاستطاعة، وينهى ﻋﻦ ﺍﻷﺛﺮﺓ ﻭﺣﺐ ﺍﻟﺬﺍﺕ، وينهى أن یفكر المسلم فقط في نفسه ویغفل عن حال إخوانه الآخرين فقاﻝ: ‏«ﻻَ ﻳُﺆْﻣِﻦُ ﺃَﺣَﺪُﻛُﻢْ، ﺣَﺘَّﻰ ﻳُﺤِﺐَّ ﻟِﺄَﺧِﻴﻪِ ﻣَﺎ ﻳُﺤِﺐُّ ﻟِﻨَﻔْﺴِﻪِ‏».

إن أخوة الإیمان تفوق أخوة النسب، وإن الفكر الجهادي والإسلامي یختلف تماماً عن الفكر الماركسي والسوسیالي المندحر، لأن الفكر الإسلامي يقول أن المسلم أخو المسلم، لا فرق في أن یكون المسلم من بلدك أو من قارة أخری، فالإسلام هو الرابط بین المسلمین ولیس النسب، أما الفكر الماركسي وأمثاله فيقول أن الأخوة هي أخوة النسب وأما الآخرین فهم أجانب ولایلزمك أن تساعدهم لأنهم أجانب. فاﻷﺧﻮﺓ ﺍﻹﻳﻤﺎﻧﻴﺔ؛ ﺃﻋﻈﻢ ﺭﺍﺑﻂ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ، ﺍﺳﺘﻌﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﻭﺍﻟﻌﺼﺒﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﻗﻴﺔ ﻭﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﺒﻠﻴﺔ ﻭﺍﻷﺳﺮﻳﺔ؛ ﺇﺫ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻭﻟﻰ ﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﻭﺃﻗﻮﺍﻫﺎ، ﻭﺟﻌﻞ ﻣﺎ ﺳﻮﺍﻫﺎ ﺃﺿﻌﻒ ﻣﻨﻬﺎ، ﻓﺎﻷﺧﻮﺓ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻫﻲ ﺃﺧﻮﺓ ﺍﻟﺪﻳﻦ؛ ﻷﻥ ﺃﺛﺮﻫﺎ ﻳﻌﻢّ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ {ﺇِﻧَّﻤَﺎ ﺍﻟﻤُﺆْﻣِﻨُﻮﻥَ ﺇِﺧْﻮَﺓٌ}. ﻭﻛﻞ ﺭﺍﺑﻄﺔ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﺗﺘﻼﺷﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ {ﺍﻷَﺧِﻠَّﺎﺀُ ﻳَﻮْﻣَﺌِﺬٍ ﺑَﻌْﻀُﻬُﻢْ ﻟِﺒَﻌْﺾٍ ﻋَﺪُﻭٌّ ﺇِﻟَّﺎ ﺍﻟﻤُﺘَّﻘِﻴﻦَ}.

‏ﻣﻮﺍﺳﺎﺓ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﻷﺧﻴﻪ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ، من ﺃﻋﻈﻢ ﺁﺩﺍﺏ ﺍﻹﺳﻼﻡ، ﻭﻣﻦ ﺃﻗﻮﻯ ﻣﻈﺎﻫﺮالإیمان، ﻓﻴﻘﻒ ﻣﻌﻪ ﻓﻲ ﻛﺮﺑﺘﻪ، ﻭﻳﻮﺍﺳﻴﻪ ﻓﻲ ﻣﺤﻨﺘﻪ، ﻭﻳﺨﻔﻒ عليه ﻣﺼﺎﺑﻪ، ﻭﻳﺴﺪّ ﺣﺎﺟﺘﻪ. وكنا نشاهد ذلك في عهد الإمارة الإسلامیة في أفغانستان.

ﻭﺃﻛﺒﺮ ﻣﻈﻬﺮ ﻟﻠﻤﻮﺍﺳﺎﺓ ﻣﺎ ﻋﻤﻠﻪ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻓﻮﺭ ﻫﺠﺮﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺆﺍﺧﺎﺓ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ﻭﺍﻷﻧﺼﺎﺭ، ﻓﻌﺰﻡ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻧﺨﻼﻉ ﻣﻦ ﻧﺼﻒ ﺃﻣﻮﺍﻟﻬﻢ ﻹﺧﻮﺍﻧﻬﻢ، ﻭﺩﻭﻧﺖ ﻓﻲ ﺳﻴﺮﻫﻢ ﺃﻋﺎﺟﻴﺐ ﻣﻦ ﺁﺛﺎﺭ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺆﺍﺧﺎﺓ، ﻓﻲ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺇﻳﺜﺎﺭ ﻭﻓﻲ ﺃﻛﺜﺮﻫﺎ ﻣﻮﺍﺳﺎﺓ، ﺣﺘﻰ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻭﻥ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻢ : ﻳَﺎ ﺭَﺳُﻮﻝَ ﺍﻟﻠَّﻪِ، ﻣَﺎ ﺭَﺃَﻳْﻨَﺎ ﻗَﻮْﻣًﺎ ﺃَﺑْﺬَﻝَ ﻣِﻦْ ﻛَﺜِﻴﺮٍ ﻭَﻟَﺎ ﺃَﺣْﺴَﻦَ ﻣُﻮَﺍﺳَﺎﺓً ﻣِﻦْ ﻗَﻠِﻴﻞٍ ﻣِﻦْ ﻗَﻮْﻡٍ ﻧَﺰَﻟْﻨَﺎ ﺑَﻴْﻦَ ﺃَﻇْﻬُﺮِﻫِﻢْ، ﻟَﻘَﺪْ ﻛَﻔَﻮْﻧَﺎ ﺍﻟﻤُﺆْﻧَﺔَ ﻭَﺃَﺷْﺮَﻛُﻮﻧَﺎ ﻓِﻲ ﺍﻟﻤَﻬْﻨَﺈِ، ﺣَﺘَّﻰ ﻟَﻘَﺪْ ﺧِﻔْﻨَﺎ ﺃَﻥْ ﻳَﺬْﻫَﺒُﻮﺍ ﺑِﺎﻷَﺟْﺮِ ﻛُﻠِّﻪِ. ﻓَﻘَﺎﻝَ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲُّ ﺻَﻠَّﻰ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ: ‏«لا ﻣَﺎ ﺩَﻋَﻮْﺗُﻢُ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻟَﻬُﻢْ ﻭَﺃَﺛْﻨَﻴْﺘُﻢْ ﻋَﻠَﻴْﻬِﻢْ ‏» في روایة للترمذي.

ﻭﻣﺎ ﺧﺎﻑ ﺍﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺬﻫﺐ ﺇﺧﻮﺍﻧﻬﻢ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﺑﺎﻷﺟﺮ ﺩﻭﻧﻬﻢ ﺇﻻ ﻟﻤﺎ ﺭﺃﻭﺍ ﻣﻦ ﺇﻳﺜﺎﺭﻫﻢ ﻭﻣﻮﺍﺳﺎﺗﻬﻢ؛ ﺣﺘﻰ ﺃﺭﺍﺩﻭﺍ ﻣﻨﺎﺻﻔﺘﻬﻢ ﻓﻲ ﻧﺨﻴﻠﻬﻢ، ﻭﺍﻟﻨﺨﻞ ﺃﻏﻠﻰ ﻣﻠﻜﻬﻢ، ﻭﻣﻨﻪ ﻗﻮﺗﻬﻢ ﻭﻣﻌﻴﺸﺘﻬﻢ، ﻓﻠﻢ ﻳﻜﺘﻔﻮﺍ ﺑﺈﻋﻄﺎﺋﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﻤﺮﺓ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺃﺭﺍﺩﻭﺍ ﻗﺴﻤﺔ ﺍﻷﻣﻼﻙ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻭﺑﻴﻦ ﺇﺧﻮﺍﻧﻬﻢ، ﻗَﺎﻟَﺖِ ﺍﻷَﻧْﺼَﺎﺭُ ﻟِﻠﻨَّﺒِﻲِّ ﺻَﻠَّﻰ ﺍﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ : ﺍﻗْﺴِﻢْ ﺑَﻴْﻨَﻨَﺎ ﻭَﺑَﻴْﻦَ ﺇِﺧْﻮَﺍﻧِﻨَﺎ ﺍﻟﻨَّﺨِﻴﻞَ، ﻗَﺎﻝَ: ‏«ﻻَ» ﻓَﻘَﺎﻝَ: ‏« ﺗَﻜْﻔُﻮﻧَﺎ ﺍﻟﻤَﺌُﻮﻧَﺔَ ﻭَﻧُﺸْﺮِﻛْﻜُﻢْ ﻓِﻲ ﺍﻟﺜَّﻤَﺮَﺓِ ‏»، ﻗَﺎﻟُﻮﺍ: «ﺳَﻤِﻌْﻨَﺎ ﻭَﺃَﻃَﻌْﻨَﺎ‏» ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ .

فما أجمل أن نتحلی بنهج الرسول صلی الله علیه وسلم وأخلاق الصحابة لننال رضى الله تعالی.

وما أجمل قول الرسول صلی الله علیه وسلم، وما أدق تعبیره حین ﻳﺪﻋﻮ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻮﺍﺳﺎﺓ ﻓﻴﻬﺎ؛ ﻷﻥ ﻏﺬﺍﺀ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﻓﻴﻘﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: ‏«ﺃَﻟَﺎ ﺭَﺟُﻞٌ ﻳَﻤْﻨَﺢُ ﺃَﻫْﻞَ ﺑَﻴْﺖٍ ﻧَﺎﻗَﺔً، ﺗَﻐْﺪُﻭ ﺑِﻌُﺲّ، ﻭَﺗَﺮُﻭﺡُ ﺑِﻌُﺲٍّ، ﺇِﻥَّ ﺃَﺟْﺮَﻫَﺎ ﻟَﻌَﻈِﻴﻢٌ‏» ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ. (ﻭﺍﻟﻌﺲ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﺪﺡ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﻳﺤﻠﺐ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻠﺒﻦ) فما بالك أیها المسلم إن أنت أنفقت قدر العس علی النازحین الفقراء، وساعدتهم في المجاعة والضراء في أفغانستان من أدناها إلی أقصاها .

ﻭﻗﺪ ﺿﺮﺑﺖ ﺍﻟﻌﻮﺍﺻﻒ ﺍﻟﺜﻠﺠﻴﺔ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻣﻦ أجزاء البلاد ولا سيما ولاية بنجشير، ﻭﺍﺷﺘﺪ ﺑﺮﺩﻫﻢ، ﻭﻋﻈﻢ ﻛﺮﺏ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ، فحالهم لا یختلف عن الأحوال المرعبة ﻓﻲ ﻤﺨﻴﻤﺎﺕ اللجوء ﻓﻲ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﺸﺎﻡ ﻭﻣﺎ ﺣﻮﻟﻬﺎ، ﻓﻘﺪ سمعنا أن كثیراً من الأفغان قد ﻓﺘﺖ ﺍﻟﺠﻮﻉ ﺃﻛﺒﺎﺩﻫﻢ، ﻭﺃﻧﻬﻚ ﺍﻟﺒﺮﺩ ﺃﺟﺴﺎﺩﻫﻢ، ﻭﻣﺎﺕ ﺑﻪ ﺃﻃﻔﺎﻟﻬﻢ، كما نشاهد في سوریا، ففي ﻛﻞ ﻳﻮﻡ يلقى الناس حتفهم بسبب ﺍﻟﺠﻮﻉ وﺍﻟﺒﺮﺩ.

إن من أكبر المسؤولیات التي نواجهها تجاه إخواننا هي مسؤولية مواساة الفقراء ﺑﻤﺎ ﻳﻌﻴﻨﻬﻢ ﻭﻳﺨﻔﻒ ﻣﺼﺎﺑﻬﻢ، ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﺨﻤﺼﺔ ﻭﻛﺮﺑﺔ ﻭﺣﺎﺟﺔ ﺃﻛﻴﺪﺓ. ﻭﺇﻃﻌﺎﻡ ﺍﻟﺠﺎﺋﻊ، ﻭﺗﺪﻓﺌﺔ ﺍﻟﺒﺮﺩﺍﻥ، ﻭﺇﻳﻮﺍﺀ ﺍﻟﻤﺸﺮﺩ من التعالیم الراسخة في الإسلام حیث یُثاب المرء بها، فقد جعل الرسول صلی الله علیه وسلم الرجل المتصدق علی الآخرین منه، ومعه، ومدحه، ﻭﺫﻛﺮ عمله ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﺍﺳﺎﺓ؛ ﻟﻴﺘﺄﺳﻰ به ﻏﻴﺮه؛ ﻛﻤﺎ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﺃَﺑِﻲ ﻣُﻮﺳَﻰ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ، ﻗَﺎﻝَ: ﻗَﺎﻝَ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲُّ ﺻَﻠَّﻰ ﺍﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ: ‏«ﺇِﻥَّ ﺍﻷَﺷْﻌَﺮِﻳِّﻴﻦَ ﺇِﺫَﺍ ﺃَﺭْﻣَﻠُﻮﺍ ﻓِﻲ ﺍﻟﻐَﺰْﻭِ، ﺃَﻭْ ﻗَﻞَّ ﻃَﻌَﺎﻡُ ﻋِﻴَﺎﻟِﻬِﻢْ ﺑِﺎﻟْﻤَﺪِﻳﻨَﺔِ ﺟَﻤَﻌُﻮﺍ ﻣَﺎﻛَﺎﻥَ ﻋِﻨْﺪَﻫُﻢْ ﻓِﻲ ﺛَﻮْﺏٍ ﻭَﺍﺣِﺪٍ، ﺛُﻢَّ ﺍﻗْﺘَﺴَﻤُﻮﻩُ ﺑَﻴْﻨَﻬُﻢْ ﻓِﻲ ﺇِﻧَﺎﺀٍ ﻭَﺍﺣِﺪٍ ﺑِﺎﻟﺴَّﻮِﻳَّﺔِ، ﻓَﻬُﻢْ ﻣِﻨِّﻲ ﻭَﺃَﻧَﺎ ﻣِﻨْﻬُﻢْ‏» ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ.

ﻭﻗﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ: ‏« ﻓَﻬُﻢْ ﻣِﻨِّﻲ ﻭَﺃَﻧَﺎ ﻣِﻨْﻬُﻢْ‏» ﺇﻏﺮﺍﺀ ﻳﺪﻓﻊ ﻟﻠﻤﻮﺍﺳﺎﺓ، ﻓﻤﻦ ﺫﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺮﻡ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﻥ ﻳﻨﺘﺴﺐ ﻟﻠﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﻳﻨﺘﺴﺐ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﺇﻟﻴﻪ. ﻭﻛﻔﻰ ﺑﻪ ﺷﺮﻓﺎً ﻷﻫﻞ ﺍﻟﻤﻮﺍﺳﺎﺓ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﻨﻬﻢ، ﻭﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﻫﻢ ﻣﻨﻪ.

ﻭﻗﺪ ﺗﺨﻠﻖ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻢ ﺑﺨﻠﻖ ﺍﻟﻤﻮﺍﺳﺎﺓ ﺣﺘﻰ ﺻﺎﺭ ﻣﻦ ﺳﺠﺎﻳﺎﻫﻢ، ﻭﻻ ﻋﺠﺐ ﺃﻋﺠﺐ ﻣﻦ ﺣﺎﺩﺛﺔ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺬﻱ استضاف ﺟﺎﺋﻌﺎً ﻓﻘﺪﻡ ﻟﻪ ﻃﻌﺎﻡ ﺻﺒﻴﺎﻧﻪ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﻣﺮ ﺍﻣﺮﺃﺗﻪ ﺃﻥ ﺗﻨﻮﻣﻬﻢ، ﻭﺃﻃﻔﺄ ﺍﻟﺴﺮﺍﺝ ﻟﻴﻮﻫﻢ ﺍﻟﻀﻴﻒ ﺃﻧﻪ ﻭﺍﻣﺮﺃﺗﻪ ﻳﺄﻛﻼﻥ ﻭﻫﻤﺎ ﻻ ﻳﺄﻛﻼﻥ، ﺣﺘﻰ ﻳﻨﻔﺮﺩ ﺿﻴﻔﻬﻤﺎ ﺑﻄﻌاﻤﻬﻤﺎ ﻭﻃﻌﺎﻡ ﺻﺒﻴﺎﻧﻬﻤﺎ، ﻓﻴﻨﺰﻝ ﺍﻟﻮﺣﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ يخبره بهذه ﺍﻟﺤﺎﺩﺛﺔ ﺍﻟﻌﺠﻴﺒﺔ، ﻟﻴﻘﻮﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻟﻠﺮﺟﻞ: ‏«ﻗَﺪْ ﻋَﺠِﺐَ ﺍﻟﻠﻪُ ﻣِﻦْ ﺻَﻨِﻴﻌِﻜُﻤَﺎ ﺑِﻀَﻴْﻔِﻜُﻤَﺎ ﺍﻟﻠَّﻴْﻠَﺔَ‏» ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ.

وﻛﺎﻥ ﺑﺸﺮ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﺎﺭﺙ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﻨﺰﻉ ﺛﻴﺎﺑﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ ﻟﻴﺤﺲ ﺑﺎﻟﺒﺮﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﺪﻩ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ، ﻭﻳﻘﻮﻝ: ﻟَﻴْﺲَ ﻟِﻲ ﻃَﺎﻗَﺔُ ﻣُﻮَﺍﺳَﺎﺗِﻬِﻢْ ﺑِﺎﻟﺜِّﻴَﺎﺏِ ﻓَﺄُﻭَﺍﺳِﻴﻬِﻢْ ﺑِﺘَﺤَﻤُّﻞِ ﺍﻟْﺒَﺮْﺩِ ﻛَﻤَﺎ ﻳَﺘَﺤَﻤَّﻠُﻮﻥَ.

وأختم كلماتي بسرد قصة ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻲ ﺍﻟﺠﻠﻴﻞ ﺃَﺑُﻮ ﺣَﺎﺯِﻡٍ ﺍﻷَﻋْﺮَﺝُ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ حیث قال: ﻟَﻘَﺪْ ﺭَﺃَﻳْﺘُﻨَﺎ ﻓِﻲ ﻣَﺠْﻠِﺲِ ﺯَﻳْﺪِ ﺑﻦِ ﺃَﺳْﻠَﻢَ ﺃَﺭْﺑَﻌِﻴْﻦَ ﻓَﻘِﻴْﻬﺎً، ﺃَﺩْﻧَﻰ ﺧَﺼﻠَﺔٍ ﻓِﻴْﻨَﺎ ﺍﻟﺘَّﻮَﺍﺳِﻲ ﺑِﻤَﺎ ﻓِﻲ ﺃَﻳْﺪِﻳْﻨَﺎ.

ﻭﻛﺎﻥ ﺯﻳﻦ ﺍﻟﻌﺎﺑﺪﻳﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳُﺘﻬﻢ ﺑﺎﻟﺒﺨﻞ، ﻭﻣﺎ ﺩﺭﻯ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﻮﻝ ﻣﺎﺋﺔ ﺃﺳﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، ﻳﺴﺎﻭﻳﻬﻢ ﺑﻌﻴﺎﻟﻪ، ﻭﻳﻮﺍﺳﻴﻬﻢ ﺑﻤﺎﻟﻪ. ﻋَﻦْ ﺃَﺑِﻲ ﺣَﻤْﺰَﺓَ ﺍﻟﺜُّﻤَﺎﻟِﻲِّ: ﺃَﻥَّ ﻋَﻠِﻲَّ ﺑﻦَ ﺍﻟﺤُﺴَﻴْﻦِ ﻛَﺎﻥَ ﻳَﺤْﻤِﻞُ ﺍﻟﺨُﺒْﺰَ ﺑِﺎﻟﻠَّﻴْﻞِ ﻋَﻠَﻰ ﻇَﻬْﺮِﻩِ، ﻳَﺘْﺒَﻊُ ﺑِﻪِ ﺍﻟﻤَﺴَﺎﻛِﻴْﻦَ ﻓِﻲ ﺍﻟﻈُّﻠْﻤَﺔِ، ﻭَﻳَﻘُﻮْﻝُ: ﺇِﻥَّ ﺍﻟﺼَّﺪَﻗَﺔَ ﻓِﻲ ﺳَﻮَﺍﺩِ ﺍﻟﻠَّﻴْﻞِ ﺗُﻄْﻔِﺊُ ﻏَﻀَﺐَ ﺍﻟﺮَّﺏِّ .

ﻭﻗﺎﻝ ﻣُﺤَﻤَّﺪُ ﺑﻦُ ﺇِﺳْﺤَﺎﻕَ: ﻛَﺎﻥَ ﻧَﺎﺱٌ ﻣِﻦْ ﺃَﻫْﻞِ ﺍﻟﻤَﺪِﻳْﻨَﺔِ ﻳَﻌِﻴْﺸُﻮْﻥَ ﻻَ ﻳَﺪْﺭُﻭْﻥَ ﻣِﻦْ ﺃَﻳْﻦَ ﻛَﺎﻥَ ﻣَﻌَﺎﺷُﻬُﻢ، ﻓَﻠَﻤَّﺎ ﻣَﺎﺕَ ﻋَﻠِﻲُّ ﺑﻦُ ﺍﻟﺤُﺴَﻴْﻦِ، ﻓَﻘَﺪُﻭﺍ ﺫَﻟِﻚَ ﺍﻟَّﺬِﻱ ﻛَﺎﻧُﻮﺍ ﻳُﺆْﺗَﻮْﻥَ ﺑِﺎﻟﻠَّﻴْﻞِ.

ﻭﻗﺎﻝ ﻋَﻤْﺮُﻭ ﺑﻦُ ﺛَﺎﺑِﺖٍ: ﻟَﻤَّﺎ ﻣَﺎﺕَ ﻋَﻠِﻲُّ ﺑﻦُ ﺍﻟﺤُﺴَﻴْﻦِ، ﻭَﺟَﺪُﻭﺍ ﺑِﻈَﻬْﺮِﻩِ ﺃَﺛَﺮﺍً ﻣِﻤَّﺎ ﻛَﺎﻥَ ﻳَﻨْﻘُﻞُ ﺍﻟﺠُﺮْﺏَ ﺑِﺎﻟﻠَّﻴْﻞِ ﺇِﻟَﻰ ﻣَﻨَﺎﺯِﻝِ ﺍﻷَﺭَﺍﻣِﻞِ.

ﻓﻬﺬﺍ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻤﻮﺍﺳﺎﺓ ﻋﻨﺪ ﺃﺳﻼﻓﻨﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﺭﺿﻮﺍﻧﻪ، ﻓﻠﻨﺘﺄﺱ ﺑﻬﻢ، ﻭﻟﻨﺘﺨﻠﻖ ﺑﻤﺎ ﺃﺩﺑﻨﺎ ﺑﻪ ﺭﺳﻮﻟﻨﺎ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ؛ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺗﺰﻭﻝ ﻭﻳﺒﻘﻰ ﻟﻨﺎ ﻣﺎ ﻗﺪﻣﻨﺎ ﻣﻦ ﺻﺎﻟﺢ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ {ﻭَﻳُﺆْﺛِﺮُﻭﻥَ ﻋَﻠَﻰ ﺃَﻧْﻔُﺴِﻬِﻢْ ﻭَﻟَﻮْ ﻛَﺎﻥَ ﺑِﻬِﻢْ ﺧَﺼَﺎﺻَﺔٌ ﻭَﻣَﻦْ ﻳُﻮﻕَ ﺷُﺢَّ ﻧَﻔْﺴِﻪِ ﻓَﺄُﻭﻟَﺌِﻚَ ﻫُﻢُ ﺍﻟﻤُﻔْﻠِﺤُﻮﻥَ} ‏[ﺍﻟﺤﺸﺮ:9‏].

ﻓﺄﺣﻴﻮﺍ ﺇﺧﻮﺍﻧﻜﻢ ﺑﻔﻀﻮﻝ ﺃﻣﻮﺍﻟﻜﻢ، ﻭﺗﻮﺍﺻﻮﺍ ﺑﻤﻮﺍﺳﺎﺗﻬﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻜﻢ؛ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺃﺧﻮ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ، ﻻ ﻳﻈﻠﻤﻪ، ﻭﻻ ﻳﺴﻠﻤﻪ، ﻭﻻ ﻳﺨﺬﻟﻪ، ﻭﻣﻦ ﺗﺨﻠﻰ ﻋﻦ ﺇﺧﻮﺍﻧﻪ ﻓﻲ ﻣﺤﻨﺘﻬﻢ ﻟﻴﻔﺘﺮﺳﻬﻢ ﺍﻟﺠﻮﻉ ﻭﺍﻟﺒﺮﺩ ﻭﺍﻟﺨﻮﻑ ﻓﻘﺪ ﻇﻠﻤﻬﻢ ﻭﺃﺳﻠﻤﻬﻢ ﻭﺧﺬﻟﻬﻢ، ﻭﻳُﺨﺸﻰ ﺃﻥ ﺗﺰﻭﻝ ﻧﻌﻤﺘﻪ، ﻭﺃﻥ ﺗﻌﺠّﻞ ﻧﻘﻤﺘﻪ، ﻭﺃﻥ ﺗﺒﺪﻝ ﻋﺎﻓﻴﺘﻪ.

ولنتحلّى بالخصال الواردة في الأحادیث من الإیثار والإنفاق علی المسلمین، لا سيما النازحین الأفغان الذین قتلوا جراء انهیار الثلوج. فقد قُتل في منطقة واحدة فقط نحو 200 شخص ودفنوا تحت الثلج.

والمسألة المهمة هنا، هي أن يجتهد الباذل لماله في أن يقع بذله في أيدي الفقراء؛ ﻟﺌﻼ ﻳﺴﺘﻮﻟﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﺠﺎﺭ ﺍﻷﺯﻣﺎﺕ، وهم موجودون في بلدنا بفضل عملاء الاحتلال ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻈﻢ ﺛﺮﺍﺅﻫﻢ ﺑﻤﻌﺎﻧﺎﺓ الشعب الأفغاني. ﻧﺴﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﻘﺒﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺎﺫﻟﻴﻦ بذلهم، ﻭﺃﻥ ﻳؤﻮﻱ ﺍﻟﻤﺸﺮﺩﻳﻦ، ﻭﺃﻥ ﻳﻨﺼﺮ المجاهدین، ﻭﺃﻥ ﻳﻜﺒﺖ العملاء والاحتلال، ﺇﻧﻪ ﺳﻤﻴﻊ ﻣﺠﻴﺐ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى