دفاعا عن حدود الوطن
غلام الله الهلمندي
حدثت في الآونة الأخيرة مناوشات حدودية بين عناصر الحرس الحدودي للإمارة الإسلامية وبين بعض جيراننا عدة مرات مع الأسف، وتم تبادل إطلاق النار من كلا الجانبين، وهذه حوادث مؤسفة لا تسرّ الإمارة الإسلامية، وحدثت غالبا من غير قصد، ومثل هذه التوترات لن تؤثر سلبا على العلاقات التجارية والدبلوماسية بيننا وبين جيراننا.
نحن ملتزمون بحل النزاعات مع الجيران عن طريق الحلول الدبلوماسية والسلمية. وأكدنا دوما على أهمية إيجاد الحلول السلمية عبر الحوار والتفاوض والتفاهم حول مشكلاتنا مع الجيران. ولكن إن نظرنا إلى هذه المناوشات والمواجهات من زاوية أخرى، فسنفهم منها أن قوات الإمارة الإسلامية الحدودية يغارون على حمى أرضهم وحدود وطنهم لدرجة بالغة، ولا يصبرون على المساس بحدود الوطن أو انتهاك حرمات المواطنين. ويعتبرون إطلاق النار نحو حدودهم أو إهانة مواطنيهم استفزازاً لا يطاق.
لقد دافعوا عن حدود وطنهم الذي يعيشون فيه وينتمون إليه، بكل صدق وجدية وقوة واقتدار، وهذا لا يعني أننا نقبل وقوع المشاكل مع الجيران، فإن ديننا ينهانا عن ذلك. ولكن حال حصول مشكلة، فإننا نقف في وجهها متحدين، نقف في وجهها مثل الأسود، ولا نولّي الأدبار أبدا، وبهذا أيضا أوصانا ديننا.
وحتى الماضي القريب كان يتهمنا البعض بالعمالة للجيران والخيانة للوطن ظلما وزورا، ولكن الذي يحدث في الساحة على العكس من ذلك تماماً. إن هذه الاشتباكات المتفرقة -إن دلت على شيئ- فإنما تدل على حساسية قواتنا في مسألة حفظ حدود وطننا وحمى أرضنا، تدل على أنهم مستقلون بما في الكلمة من معنى، وليسوا عملاء لأي قوة في العالم، فكيف يمكن أن يعملوا للضعفاء، وهم هزموا الأقوياء، وكسروا شوكتهم وغطرستهم؟!
إن المجاهدين يحبون الوطن أكثر من أي أحد، ويعتبرون الدفاع عنه واجبا شرعياً، والموت في سبيله فخرا وشهادةً.
إن الشرع يوجب على المسلم الدفاع عن أرضٍ حَكَمَها الإسلام، وكلا الدافعين الديني والعاطفي يوجبان على المسلم الدفاع عن حدود وطنه، إن الوطن من وجهة نظرنا هويتنا وكرامتا وشرفنا وعزتنا، والدفاع عن ثغور الوطن واجب شرعي ووطني وعزة وفخر.
إن الوطن من وجهة نظرنا ليس حفنة من التراب والحصى، أو قطعة جغرافية من الجبال والصحاري والأودية والأنهار، وإنما هو شيئ أبعد من ذلك بكثير، أصلا الوطن ليس شيئا ماديا، وإنما هو شيئ معنوي، فإن العلاقة بين الإنسان ووطنه علاقة روحية ونفسية ومعنوية وتاريخية، إنها علاقة بين التراب والقلب، إنها علاقة بين الأرض والعاطفة، إنها علاقة بين شوارع الوطن ونفس الإنسان، ولا مكان للماديات هنا، لا مكان للماديات في علاقة الإنسان مع وطنه، ومن هنا فالوطن غير قابل للمساومة أبدا، ولا يمكن التفاوض عليه بأي شكل من الأشكال.
لأجل هذا بالذات يستميت شبابنا في الدفاع عن حدود الوطن، ولا يسمحون لأي أحد بإلحاق الضرر به، يضحون بأرواحهم وجماجمهم مقابل أن تظل راية الوطن (وهي في الحقيقة راية الإسلام) خفاقة عالية تلوح في الأفق.
ولكن (أعود وأكرّر) هذا لا يعني أبدا أننا أناس عدائيون، تعودنا على الصراع والقتال، بل نحن جيران صالحون، ليست لنا نية في التدخل في شؤون جيراننا، لذلك نناشد جيراننا -في المقابل- احترام أراضينا وعدم التدخل في شؤوننا. لسنا جيران سوء، ولكننا جيران محترمون، نحترم من يحترمنا على أساس التفاهم المتبادل، ويحترم ثقافتنا ومقدساتنا وتقاليدنا، ويحترم شعبنا في أي بقعة من العالَم، ويحترم الحدود الأفغانية، الأرضيةَ منها والجوية، ويحترم سيادة أراضينا، واستقلالنا، ونعادي من لا يحترمنا ولا يتعامل معنا بكرامة، وسنقطع الأيدي التي تمد للاعتداء على حدودنا وترابنا.
فليعلم الجيران وغيرهم أن استفزاز الشعب الأفغاني في حدود وطنه (وحدود وطنه خطوط حمراء ومقدسة له) لا يبقى دون ردّ، سيردّ عليه أبطال الإمارة الإسلامية، الأبناء الأصلاء للوطن، الذين طالما دافعوا عن بلادهم بجماجمهم وأشلائهم وسقوا شجرة وطنهم بدمائهم وأعراقهم، إن شعبنا يقف متحداً في وجه أي عدوان وتهديد خارجي.