دولة المجانین
یحيی گلزار
ما رأیكم في رجال حكومة كابل؟ هذا سؤال وُجّه إلی الشعب مرات ومرات. في رأیكم ماذا سیكون الجواب على هذا السؤال؟ الرد مفاجئ. أكثر الشعب -خاصة المثقفين- یرون في هؤلاء الرجال مجانین لا حظ لهم من السیاسة والثقافة، وأنهم أحیاناً یبادرون للقيام بأعمال وتصرفات غریبة یندی لها الجبین. فقد شاهد شعبنا، خلال السنوات الأخیرةن مفاجآت كثیرة من التصرفات المخجلة من أشرف غني. الكلمات والمصطلحات التي يستخدمها في المجالس والحفلات الرسمیة وتنشر مباشرة من التلفاز، نموذج كامل من الأعمال التي تصدر من الذین یعانون من أمراض نفسية. وبثت القنوات المحلية كثیر من هذه المواقف خلال السنوات الثلاث الأخیرة، كان آخرها برنامج بثته قناة “طلوع”، وقد ركزت طلوع علی بعض مصطلحاته المضحكة المخجلة، منها أنه قال في إحدی الحفلات الرسمیة في مدینة “مزار شریف” بین الضباط والعسكریین: “لا تلتفتوا إلی وسائل الإعلام. یخرج منها ریح، ویأتي منكم الانفجار.”
إن استخدام هذه الكلمات من جانب أشرف غني حیّر الجمیع، منهم أصحاب الإعلام! هذا الذي یدعي حریة الإعلام، ماذا یعني باستعمال هذه الكلمات العجیبة؟! ربما لا یعتقد بحریة الإعلام، وربما یعتقد ولكنه أصیب في مزاجه بشيء!
وقال في حفل آخر: “لم أكن ولد آدم، إن لم أسد مسیر الماء إلیه”. أما غضبه في الحفلات والخطابات صار مثلاً لدی الناس، فلا يوجد له خطاب لا یغضب فیه. یصفه علي عمراني، الأفغاني المقیم في السويد، إذ یقول: “أشرف غني أحمدزی السیاسي العلماني، الإنسان المریض، عصبي المزاج، الرجل العاطفي، قليل الوجدان والشعور الوطني، الذي یسعی وراء الشهرة والقدرة، لیست له جاذبیة ولا هویة ولا وطنیة. إنه رجل خفیف لا یلیق بقیادة أفغانستان والنموذج الأسوأ من (الملك الشجاع)”. [وكالة خاورمیانه للأنباء. ۲۰۱۴/۱۵].
ولا ندري من أین صار الرجل “المفكر الثاني” في الاقتصاد؟ عندما نسمع الغربیین یلقّبون الرجل بـ “المفكر الثاني في الاقتصاد عالمیاً”، نتذكر إحدی قواعد المحتلین، وهي إضفاء الألقاب على بعض الأشخاص عندما يرون أن الشعب يبغضهم. وقد استخدم هذه القاعدة جنود الاحتلال السوفییتي، فعندما شعروا بموجة من الغضب ضدهم في قلوب شعبنا، بادروا بإرسال (عبدالأحد مهمند) إلی الفضاء مصطحباً القرآن معه، لیلقّب بأول أفغاني یسافر إلی القمر وهو یصطحب القرآن. ربما یُسكت هذا الاصطحاب للقرآن الشعب الأفغاني الباسل.
إن هذه الألقاب فقدت قیمتها لدی الشعب عندما شاهدوا التصرفات الجنونیة من أشرف غني ورفاقه، خاصة بعد نشر المقطع الذي تناولته وسائل الإعلام، والذي ارتكب فيه أشرف غني خطأ أضحك جمیع الشعب وآسفهم. هذا الخطأ يبيّن مدی جهل الرجل بالدین وبعده عن المسائل الشرعیة. القصة أن أشرف غني سافر إلی هرات للمشاركة في صلاة جنازة، وبعد الصلاة عندما بدأ الإمام بالدعاء، كبّر أشرف غني التكبیر الخامس!
هذا رئیس بلد یشكل المسلمون فيه 99% من سكانه! آسف كل الأسف أن یحكمنا من لا یعلم دیننا. ومن أمارات الساعة أن الجهال یتولون أمور المسلمین فیَضِلون ویُضلون. والقصة لا تنتهي إلى هنا. بل هنالك وقائع أخری صدرت من وزراء أشرف غني تدل علی همجیتهم وبعدهم عن القیم الأخلاقیة والإنسانیة. حيث نشرت وسائل الإعلام أن حكیمي، وزیر المالیة لحكومة غني، عند مروره من منطقة وزیر أكبر خان تشاجر مرافقيه مع شرطي المرورو فضربوه ضرباً مبرحاً، والوزیر المذكور داخل السیارة یشاهد المنظر!
إن هذه الحادثة المؤلمة وصمة عار على جبين الوزیر المذكور.
إن أصحاب القانون لما یرتكبون مثل هذه الجنایات، فممن ینتظر الشعب المسكین تطبیق العدالة؟ وهنالك ملفات مخزیة أخری، منها أنه في إحدی الولایات النائیة لما عاد موكب والیها من إحدی مدیریاتها، تقدمت سیارة من الموكب. فنزل ابن الوالي وأطلق الرصاص في رأس المتقدم. وقد أسكت الوالي أولیاء الدم بالإرهاب والمال. كما نُشِر عن نفس الوالي فیلم وثائقي حول ارتباطه المحرم بشابة تعمل في المستوفیة.
وقُبِض علی رئیس معارف تلك الولایة وهو یشرب الخمر. ولما ضغط الناس علی الحكومة لطرده، ذهب الرجل إلی كابل ورجع بحكم إبقائه علی وظیفته! هذا الذي توكل إليه مسؤولیة تربیة الأجیال. فماذا نتخيل من طفل أو شاب نشأ وترعرع في حاضنة رجل مثله؟
عوداً على بدء؛ رجال حكومة كابل من أشرف غني إلی الوزراء والمدراء والولاة، كلهم مستغرقون في الفساد، ولا یهتمون بخدمة الشعب. وإن وجودهم عار علینا، سوف یسجله التاریخ تحت اسمنا. لذلك -وقبل فوات الأوان- على العلماء والدعاة والمجاهدین خوض المعركة لقمع عملاء الاحتلال وتطهیر أرض أفغانستان الحبیبة من دنسهم. والسلام علی من مشی في هذا المجال بخطوة صغیرة أو كبیرة.