مقالات الأعداد السابقة

ذكری حبيب القلوب يوسف القرضاوي تتجدد في أفغانستان

أبو يحيى البلوشي

 

تجددت ذكری الشیخ الحبيب العلّامة يوسف القرضاوي رحمه الله تعالى عندما زار أفغانستان وفدٌ جليل من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمین، فزار هذا الوفد العُلمائي الكريم القصرَ الرئاسي للإمارة الإسلامية، والتقی بالمسؤولین الحكوميين وبقادة‌ إمارة أفغانستان الإسلامیة.

وهذه اللقاءات الإيمانية الأخوية لها جذور في تاريخ أفغانستان الحبيبة. حيث شهدت الإمارة الإسلامية في عهدها الأول مثل هذه اللقاءات الناصحة الفائضة بالحب والنصح، وكان في رأس وفد من تلك الوفود الإمام يوسف القرضاوي رحمه الله، فزار في تلكم الأيام قندهار، والتقى بمشايخ الإمارة الإسلامية مقدّما لهم النصح، وموضحا لهم الأخطار المحدقة بهم، ومبيّنا لهم الحساسيات الإقليمية. فجزاه الله عنّا وعن الإمارة الإسلامية خير الجزاء.

الشيخ يوسف القرضاوي كان  بقية من السلف الصالح، ونموذجا من الرعيل الأول، لقد تربيت على مائدة كتبه، ونهلت من منهله العذب الصافي. فإن كتبه، وبياناته، ومواقفه البطولية قد أثّرت في جوانب حیاتي الأدبية والفکرية والعقدیة تأثيرا كبيراً، فلا أنسی الكلمات البطولية الجريئة التي أطلقها قائلاً في إحدى محاضراته: “لا یستطیع أحد أن یتهمني بأني نافقت یوماً في حیاتي، لو کنت أحب أن أنافق أو أحب أن أسیر في رکاب السلطان، لبقیت في موطني‌ الأصلي وبقلیل من التنازلات کنت وصلت إلی أعلی المناصب، التي وصل إلیها من هو دوني بکثیر ولکني‌ آثرت أن أحتفظ بدیني”.

بقیت هذه الکلمات عالقة بذاكرتي، خالدة في فؤادي، تفوه بها الشیخ، ورحل عنا، فبقيت کلماته الخالدة أحسن دلیل علی هدفه وطریقه.

في زمن طلب العلم، كنت أطالع حیاة الشیخ القرضاوي رحمه الله عبر کتاب “ابن القریة والکتاب” في أربع مجلدات، فتعلق قلبي بالکتاب، وبهذه الشخصیة الفریدة التي أصبح بها قائداً فكرياً للمسلمین جمیعا.

نعم! کان الشیخ القرضاوي حقا عالما فریدا ومجاهدا صدع بالحق أمام حکام مصر في زمنه، فدخل السجن وتعرض لمخاطر کثیرة في سبیل الله، ثم‌ ترك وطنه وهاجر إلی قطر وعاش هناك داعیا إلی الله وحاملا هم الأمة الإسلامیة کافة، فرحمه الله رحمة واسعة وأسکنه فسیح جناته.

واتحاد علماء المسلمين کان یرأسه الشیخ القرضاوي في حیاته، وکنت أتابعها عبر موقعها وأتابع قراراتها في صالح الأمة الإسلامیة وفي تشجیع الأمم لدفع عدوان الحکام الظالمین وخاصة لدفع عدوان الصهاینة الغاشمین.

تجددت ذکری الحبیب عندما ذکر الشیخ محمد حسن الددو اسمه وتذکرت فضله علي، بل فضل دعوته علی الأمة الإسلامیة وعلی علماء الأمة وجمع شملهم للقیام في‌ الاتحاد العالمي بواجبهم تجاه الأمة والمظالم التي تعانيها.

تجددت ذکراه عندما رأیت أبرز علماء المسلمین مجتمعین في هذه المنظمة من بلاد مختلفة وبأفکار ومشاریع متنوعة، ترکوا بلادهم وخرجوا من دیارهم وأرضهم مهاجرين لإعلاء کلمة الحق.

نعم! والله رأیت صمود الشیخ القرضاوي في علماء هذا الوفد، وحقانیته في کلماتهم، وإخلاصه في دعائهم. لم تربطهم القومیة؛ بل جمعهم الإسلام، والصدع بالحق ونصرة الحق؛ فالشیخ الددو من موریتانیا، والدکتور الصلابي من لیبیا، والشیخ القره داغي أصله کردي. جاءوا لنصرة الحق في أفغانستان، رغم الظروف القاسیة التي فرضتها الدول الغربیة على أفغانستان، ورغم تشويه إعلامها لحکومتنا الإسلامیة.

تجددت ذکری الحبیب وأدرکت أن إخلاص الشیخ القرضاوي أثر في هذه المجموعة وهذه الجمعية، فالطریق حافل بصنوف الشقاء وأنواع الآلام، ولکنه ما زال مملوء بالسالکین، وأن هؤلاء العلماء الصادعین بالحق لا یضرهم من خذلهم أو عاداهم ولا یخافون في الله لومة لائم، نحسبهم كذلك ولا نزكيهم على الله.

تجددت ذکری الحبیب عندما ذکر الشیخ القره داغي مرارا وتکرارا مآسي أهلنا في غزة وقرب وعد النصر بإذن الله عز وجل؛ کما کان الشیخ الحبیب یتکلم عن فلسطین بحرقة وأسی وولع للدفاع عنهم وحمایتهم، فرحمه الله رحمة واسعة

وأخیرا، إنکم یا علماء الأمة والجمعیة، إخواننا وتیجان رؤوسنا کما کان الشیخ الحبیب تاج رؤوسنا وأخانا في الله رحمه الله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى