
رسالة إلى حكام المسلمين
صلاح الدين
جيوش الكفر تكالبت على المسلمين من كل حدب وصوب، وتقتلهم بقساوة مفرطة كأنهم حشرات لا قيمة لها، والعالم واجم متفرج.
وقد اتخذوا ذريعة مصطنعة لتبرير التدخل والاعتداء على بلاد المسلمين، فيلعنون الإرهاب والتطرف وينادون بالحرية والوسطية لحشد الطاقات ضد من يصنفونه إرهابيا متطرفا. وبالطبع لا يصنفون إلا المسلمين بالإرهاب، فيقومون بأبشع الأفعال وأقبح الجرائم في هذه الحرب، فيقتلون المسلمين بلا رقيب ولا حسيب، ولا يرقبون فيهم إلاّ ولا ذمة، ولا يرحمون صغيرا ولا كبيرا.
يسعّرون الحروب في بلاد المسلمين لصالحهم ولأهوائهم، ويتاجرون بدماء الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ، ويجعلون أراضي المسلمين حقول تجارب لقنابلهم وصواريخهم وأسلحتهم المدمرة. ويجدون سوقا لمنتجاتهم العسكرية ويستجلبون أرباحا مالية ضخمة للشركات والحكومات.
فحكام الغرب الذين يزورون بلاد المسلمين لن تجد في كلماتهم سوى رسائل استمرار الحروب في بلاد المسلمين، ولن تشم من خطاباتهم سوى عبق البارود ورائحة الدماء.
نجح المستعمرون في تمزيق جسد الأمة الإسلامية إلى دويلات متناحرة على أسس طائفية وعصبية وعنصرية، وفي تأجيج نيران الحروب في بلاد المسلمين. وبقعة الحرائق تتسع مع انعدام الجهود لاحتوائها وانعدام السعي لإخمادها. حتى البيانات المنددة بجرائم المحتلين في بلاد المسلمين اندرست واختفت وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وكان ينبغي لهذه الحالة أن توقظ ضمائر حكام المسلمين وتثير حميّتهم، لكنهم للأسف الشديد صاروا كالدمى والبيادق تحركهم ملل الكفر حيث شاءوا، فيميلون حيث تميل مصالحهم الشخصية، طمعا في المناصب وملذات الدنيا الدنية.
وعلى الرغم من أنهم قصروا في حق المسلمين وفرطوا في الدفاع عنهم، إلا أني أريد أن أوجه لهم رسالة نصح علّ الله أن ينفعهم بها.
يا حكام المسلمين، عودوا إلى دينكم، اتركوا المعاصي والذنوب، توبوا إلى الله عزروجل، تخلوا عن التبعية للكفار، هبوا لنصرة المستضعفين، دافعوا عن أراضي المسلمين، أغيثوا الأرامل والأيتام والأسرى والمستضعفين.
أيها الحكام، لا تعطوا الدنية للكفار في دينكم، اتقوا الله في دماء الأبرياء من المسلمين، لا تكونوا أعوانا وأعينا للكفار ضد إخوانكم المسلمين، لا تخونوا دينكم وأمتكم وأرضكم، لا تدفعوا المسلمين إلى مزيد من الويلات لأجل متعة دنيوية فانية ولذة آنية زائلة.
وإن سولت لكم أنفسكم بأن التخلي عن بعض الدين أو حكم من أحكامه سيخفف عنكم شيئا من ضغوط الكفار أو أنهم سيرضوا عنكم فقسما أنهم لن يرضوا عنكم حتى تتبعوا ملتهم وحتى ترتدوا عن دينكم، واعلموا أن النجاة في الإسلام والتمسك بأحكامه في واقع الحياة.
وأعدوا العدة لمواجهة أعداء الإسلام ولا تغتروا بدعوات التعايش السلمي فإن لم تَغزوا تٌغزوا، وادعاء التعايش السلمي في هذا الكون أكذوبة ناجحة لتخدير الشعوب الإسلامية، يكشف عن حقيقتها ما تقوم به الدول الغازية من حين إلى آخر، لأن التعايش ينبغي أن يكون في كل الجوانب، لا أن يُكفل لأحد حق الاعتداء والقتل والقصف ويُحرم الآخر من أن يدافع عن دينه ونفسه وماله وأرضه، ويُوصَى بالصبر بما يلاقيه من الهوان والمصائب.
فمثلا إن أمريكا لا تقبل بالآخر ولا تعترف به ولا تتعايش معه، فهي ترى نفسها أنها حاملة وحامية للحق المطلق، فلها حق التدخل في شؤون الآخرين، وبيدها تحديد مصيرهم.
أيها الحكام، إن ملل الكفر أعداء لكم فاتخذوهم أعداء، لماذا تخشونهم وهم بدأونا أول مرة؟
متى تستيقظون من رقادكم؟ متى تفيقون من غفلتكم؟ إلى متى تقتلون أبناءكم وإخوانكم إرضاء للكفار والعلوج؟ إلى متى ستقطعون أعضاء جسدكم إرضاء لأعدائكم؟ ستندمون يوما ولات ساعة مندم.