بيانات ورسائل

رسالة تهنئة من سماحة أمير المؤمنين الشيخ المولوي هبة الله آخندزاده (حفظه الله) بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك

بسم الله الرحمن الرحيم

الله أکبر الله أکبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أعز جنده، ونصر عبده وهزم الاحزاب وحده، ونشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد قال الله عزوجل: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)) [سورة الكوثر].

وأیضا قال الله تعالی: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)) [سورة الأنعام].

 

إلى شعب أفغانستان المسلم والمجاهد، والأمة الإسلامية جمعاء!

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته!

قبل كل شيء، أهنئ جميع المسلمين، والمواطنين، وأسر الشهداء، والأرامل، والأيتام، بحلول عيد الأضحى المبارك، وأسأل الله أن يتقبل منكم أضحياتكم، وحجكم، وصدقاتكم، وأدعيتكم، وجميع صالح أعمالكم.

كما أسأله سبحانه أن يتقبل من شعبنا ومن كافة الأطياف جميع المشاكل والمشاق والمصائب والمتاعب التي تحملوها في سبيل تحرير البلاد وإقامة نظام إسلامي فيه. آمين يا رب العالمين.

 

أيها المواطنين الأعزاء!

إننا نحتفل بعيد الأضحى هذا العام في حين أن بلادنا -بفضل الله ومنه- مستقلة بالكامل، ويحكمها نظام إسلامي، ويعيش جميع شعبنا في أمن وسكون واطمئنان.

وهذا الفتح المبين غير منحصر على مجاهدي الثغور في الإمارة الإسلامية، بل إن كافة الشعب شركاء في هذا الفتح، وذلك لما تحملوه من المشاق والمتاعب خلال عقدين من الجهاد الذي بفضله تحرر بلادنا من براثن الاحتلال.

إن إمارة أفغانستان الإسلامية إلى جانب إقامة نظام إسلامي شرعي في البلاد، واستتباب الأمن، مهتمة جدا بتطور البلاد وإعادة إعماره وتبذل في هذا الصدد كل غال ونفيس.

بحمد الله استطاع مواطنونا هذا العام بعد انتظار يسير من الذهاب إلى بلاد الحرمين لأداء فريضة الحج أحد أركان الإسلام، نسأل الله أن يتقبل منهم طاعاتهم وعباداتهم ودعواتهم وأن يردهم إلى ديارهم سالمين وأن يجعل حجهم مبروراً، ونرجو من الحجاج الكرام ألا ينسونا وجميع مسؤولي الإمارة الإسلامية في صالح دعواتهم، وأن يدعوا الله عز وجل أن يمن على بلادنا بالخير والرقي، وعلى شعبنا بالرفاهية والمسرات.

 

إننا نطمئن الجيران ودول المنطقة والعالم؛ بأن أفغانستان لن نتسمح لأحد أن يستغل أراضيها ويشكل تهديداً لأمن الدول الأخرى.

كما نطالب الدول الأخرى أيضاً بألا تتدخل – بأي شكل – في شؤوننا الداخلية.

إننا نريد علاقات دبلوماسية وسياسية واقتصادية قوية وحسنة في – إطار الاتفاقيات والاحترام المتقابل – مع جميع دول العالم بما فيها أمريكا، ونعتبر ذلك في مصلحة جميع الأطراف.

إن أفغانستان أرض مشتركة لجميع الأفغان، وعلينا جميعاً أن نساهم في إعادة بناء الوطن، فهذه مسؤوليتنا الوطنية وواجبنا الديني، وننادي الجميع بأننا لا نريد العداء الشخصي مع أحد وأحضاننا مفتوحة لجميع المواطنين، فصداقتنا وعداوتنا مبنية على الأسس والضوابط الشرعية.

بما أن الأفغان خارج البلاد في حال العودة إلى الوطن، لذا فإني أوصي لجنة الاتصال بالشخصيات بأن يفوا بجميع العهود التي يقطعونها للأفغان العائدين إلى الوطن، وألا يمس أحد أرواحهم وأموالهم وأعراضهم بسوء.

إنني أنادي جميع من يحاول مخالفة النظام الإسلامي ومعارضته ويقع في فخ الدسائس والمؤامرات داخل البلاد وخارجه، بأن يتعلموا ويتعظوا من التجارب المُرَّة الماضية، فعيوث الفساد والفتن في البلاد ومحاولة الحروب وإخلال الأمن ليس لصالح أحد، لذا فالأفضل أن تكفوا عن مثل هذه الفعاليات السيئة، وأن تعودوا إلى الحياة الطبيعية تحت ظل النظام الإسلامي الشرعي.

 

إن الإمارة الإسلامية منتبهة لجميع تلك المشاكل التي يواجهها الشعب، وإن القضاء على الأزمات والمشاكل، وتقوية الاقتصاد وإعادة البناء مسؤولية مشتركة بيننا وبين الشعب، هلموا لنتكاتف ونشد بعضنا البعض في جميع الأعمال المشروعة، وأن نبني بلادنا بسواعدنا، وإننا واثقون من شعبنا بأنه سيواصل دعمه وتأييده للنظام الإسلامي.

 

إن فعاليات العلماء والمتدينين والوجهاء والشيوخ قابلة للتقدير، حيث اجتمعوا في كابل في تجمع كبير، وأعلنوا حمايتهم عن الإمارة الإسلامية، وقدموا توصيات قيمة تعود على الشعب بالنفع والخير، ونرجو من هؤلاء العلماء والوجهاء بأن يواصلوا جهودهم ومساعيهم، وأن يتعاونوا مع الإمارة الإسلامية في استمرار وتعزيز السلام والأمن والبناء.

 

تولي الإمارة الإسلامية اهتماماً خاصا بعملية التعليم والتربية، وخاصة تربية الأولاد وتعليمهم على النهج الديني وتثقيفهم إلى جانب ذلك بالعلوم العصرية والدنيوية، والإمارة الإسلامية تدرك أهمية هذا الأمر، وستبذل مساعيها في سبيل تعزيزها وتطورها. إن شاء الله.

أسست الإمارة الإسلامية إدارة استماع الشكاوى في إطار وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبإمكان المواطنين أن يتواصلوا مع الإدارة المذكورة وتسجيل دعواهم حال تعرضهم لأي ظلم أو عدوان.

 

كما أني أقدم توجيهات خاصة لموظفي إدارة استماع الشكاوى، بأن يكونوا جادين حال استماع شكاوى الناس، وأن يتابعوا كل قضية بكل دقة، وأن يؤدوا مسؤوليتهم في دفع الظلم ورفعه، وإن كانوا بحاجة إلى مزيد من الإجراءات فإمكانهم طلب مساعدة خاصة من المحكمة العليا والمحاكم العسكرية.

 

كما أن من مسؤوليات الإمارة الإسلامية توفير الخدمات الصحية اللازمة للمواطنين إلى حد الإمكان، وعليه فإننا نوصي وزارة الصحة بأن تحاول قدر المستطاع أن تكون مستشفياتها ومستوصفاتها ومراكزها الصحية نشطة في جميع المناطق القريبة والنائية، وأن تعزز خدماتها وتتنبه للقضايا الصحية، وأن تسعى في تقديم أفضل الخدمات للمواطنين وتوسيع البيئة الصحية، وذلك عن طريق إقامة علاقات مستدامة مع المنظمات والمؤسسات الصحية المحلية والدولية.

على العلماء الكرام أن يهتموا بتعليم الناس الدين في جميع البلاد، وأن يتنبهوا لإصلاح الرعية بالتنسيق مع وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ووزارة التعليم العالي ووزارة المعارف، وكل شعب إنما يستطيع أن يتذوق طعم الكرامة والرفاهية والأمن الحقيقي حين يكون منزها وبعيداً عن الطغيان ومعصية الله، لذا فإن مسؤولية تعليم الدين وإصلاح الناس تقع على عاتق علماء الدين، وعليهم أن يؤدوا هذه المسؤولية بأحسن وجه، وأن يسعوا في إصلاح الناس وتنوير أذهانهم وهدايتهم إلى الطريق القويم عن طريق المنابر والتجمعات والصحف والبرامج.

إن الإمارة الإسلامية ملتزمة بإعطاء الحقوق المشروعة لجميع المواطنين؛ لأن الإسلام يأمرنا بإعطاء كل ذي حق حقه، كما سيتم بذل الجهود من أجل تأمين حقوق المرأة في إطار أحكام الشريعة المطهرة إن شاء الله.

 

كما أن الإمارة الإسلامية ملتزمة بحرية التعبير وفق ضوابط الشريعة الغراء والمصالح الوطنية للبلد، وعلى الإعلاميين أن يمارسوا أنشطتهم وفق الأسس الإعلامية مع مراعاة هذين الأصلين المهمين.

 

على جميع المتدينين والمخلصين والمتخصصين الأكفاء ممن ليست لديهم سوابق مجروحة من الأطباء والمهندسين والمثقفين والكوادر، والتجار ورجال الأعمال أن يدركوا بأن بلادنا بحاجة ماسة إلى كفاءاتهم وتوجيهاتهم، وأن الإمارة الإسلامية تنظر إليهم بنظرة إكرام وتقدير، ومعاً وبإخلاص سنعيد بناء وطننا من جديد.

على جميع القوات الأمنية في الإمارة الإسلامية أن يتنبهوا لأعمالهم اليومية، وإخلاص النية، وإطاعة أولي الأمر، وحسن التعامل مع الرعية، وأن يتجنبوا الكبر والاستعلاء، وأن يعززوا الوحدة والتعاون فيما بينهم.

 

يتطلب حفظ بيت المال رعاية خاصة منا جميعاً، خاصة الأسلحة والمركبات العسكرية، والمرافق الحكومية، والثروات الوطنية، فكل هذه من بيت المال، وأمانة هذا الشعب، ولا يحق لأحد إتلافها، أو تخريبها، أو التصرف فيها من دون إذن المسؤولين.

 

في الآونة الأخيرة تضرر عدد كبير من المواطنين نتيجة الزلزال الذي ضرب بعض المناطق في أفغانستان، حيث استشهد وأصيب فيها عدد كبير من أبناء الشعب، نسأل الله أن يرحم الشهداء او يلهم ذويهم الصبر والسلوان.

 

فهذه الحادثة كانت مؤلمة لنا ولجميع المواطنين، وكلنا نشاركهم في هذه المصيبة، وقد كلفنا المسؤولين في أوانه بأن يصلوا إلى مواقع الحدث، وأن يقدموا المساعدات اللازمة في أسرع وقت ممكن، وأنا واثق بأن المسؤولين أدوا هذه المهمة بكل شفافية وإخلاص.

 

يجب بذل جهود حثيثة في سبيل سد حاجات الفقراء، والأرامل، والأيتام، والمعاقين، والمحتاجين، والإمارة الإسلامية تولي اهتماماً خاصاً لهذه المجموعة من الناس، وقد تم توجيه وزارة الشهداء والمعاقين، ووزارة شؤون المهاجرين، وجمعية الهلال الأحمر بأن تساعد المذكورين قدر المستطاع، كما أن مسؤولية الإخوة المواطنين من الأثرياء والميسورين والتجار في هذا الصدد ثقيلة، وعليهم أن يولوا اهتماماً خاصاً بالمواطنين المساكين، وأن يمدوا لهم يد العون في هذه الأوضاع الاقتصادية الحرجة، وخاصة في أيام وليالي العيد المباركة.

 

في الختام أهنئ جميع المواطنين مرة أخرى بحلول عيد الأضحى المبارك، وأرجو أن يقضي المواطنون أيام العيد ولياليه في أجواء من الأمن والسرور والسعادة.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

زعيم الإمارة الإسلامية، أمير المؤمنين الشيخ المولوي هبة الله آخند زاده

7/12/1443 هـ ق

15/4/1401 هـ ش ــ 2022/7/6م

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى