بيانات ورسائل

رسالة خاصّة من إمارة أفغانستان الإسلامیة إلی علماء افغانستان وعلماء العالم الاسلامي

إنّ العلماء الربّانیین في الإسلام هم من اعتبرهم النبي صلّی الله علیه وسلّم ورثة الأنبیاء صلوات الله عليهم ، ولهم المكانة العالیة في المجتمعات الإسلامیة، والمسؤولیة الملقاة علی عاتقهم هي أكبر من مسؤولیّات غیرهم.
إن أمر القیادة ونشر الهدی في الأمم السابقة كان للأنبیاء علیهم السلام، وبعد وفاة النبي صلی الله علیه انتقلت هذه المسؤولیة إلی العلماء الربّانیین، ولذلك نهض العلماء بهدف إسعاد الأمة ورفعتها في مختلف المجالات بالجهاد، والتعلیم ، والدعوة، والإرشاد، وقادوا بعون من الله سفینة الأمّة في الأحوال العصیبة إلی برّ الأمان.
وقد قدّمت الإمارة الإسلامیة في أفغانستان خیر مثال لما قلناه، وذلك حین كانت ثمرة جهادنا مهدّدة بخطر الضیاع، وكانت أخطار التجزئة محدقة بالشعب والبلد، وكانت أرواح الشعب الأفغاني الغیّور وأمواله في معرض الخطر، والشعب كان یحترق في نیران الفساد والحرب الأهلیة، والعالم كان قد ولّی ظهره إلیه، فكان علماء أفغانستان هم الذین عزموا علی النهوض، وبقیادتهم لحركة طلّاب العلم الشرعي (الطالبان) أنقذوا الشعب من الفساد ومن حیاة الخوف والذعر وأوضاع القلق، وبإقامتهم للنظام الإسلامي جدّدوا علی أرض أفغانستان ذكری الخلافة الراشدة للمرّة الأخرى.
وحین رأی أعداء الإسلام العالمیین هذا  المسیر فجاشت في صدورهم أحاسیس الأحقاد والعداوة للمرّة الأخرى، وبعد التحایلات والمؤامرات أجمعوا أمرهم وعزموا علی احتلال أفغانستان.
وفي اللحظات الحساسة الأولی  من هجوم الكفّار الغربیین علی أفغانستان اجتمع ألف وخمس مائة عالم من علماء أفغانستان، وبعد مدارسة الأمر توَصّلوا بالاتفاق إلی أنّ هجوم أمریكا علی أفغانستان هجوم ظالم، وتتعیّن فریضة الجهاد علی مسلمین في هذا البلد لمقاومة هذا العدوان في ضوء الآیات القرآنية والأحادیث النبویة، لأنّ النصوص الشرعیة في هذا الأمر تقول لنا: (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِ‌جُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَ‌جُوكُمْ ۚ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ۚ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَ‌امِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ ۖ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ ۗ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِ‌ينَ) سورة البقرة:191
و(أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ(۳۹) الَّذِينَ أُخْرِ‌جُوا مِن دِيَارِ‌هِم بِغَيْرِ‌ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَ‌بُّنَا اللَّـهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّـهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ‌ فِيهَا اسْمُ اللَّـهِ كَثِيرً‌ا ۗ وَلَيَنصُرَ‌نَّ اللَّـهُ مَن يَنصُرُ‌هُ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) سورة الحج:40
وفي السُنّة:َعَنْ أَنَس بن مالك رضی الله عنه، قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ»[ رواه ابو داؤد ۳۲/۲ والنسائي ۷/۶ والحاكم ۸۱/۲].
وفی المبسوط للإمام السرخسي رحمه الله تعالی: ثم أمر رسول الله صلى الله وسلم بالقتال إذا كانت البداية منهم فقال تعالى ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا﴾ [البقرة: ۱۹۱] أي: أذن لهم في الدفع وقال تعالى ﴿فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ﴾ [البقرة:۱۹۱] وقال تعالى ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا﴾ [الأنفال: ۶۱] ثم أمر بالبداية بالقتال فقال تعالى ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ [البقرة:۱۹۷] المبسوط للسرخسي(۲-۱۰).
وحین بدأ هجوم الكفّار الظالم علی أفغانستان تعیّن علی الأفغان الجهاد تحت قیادة أمیرهم الشرعي. وهاهو شعبنا یقدّم كلّ أنواع التضحّیات في سبیل تنفیذ هذا الحكم الشرعي منذ أكثر من أحد عشر عاماً، وقد استُشهِدَ في هذا السبیل كثیر من العلماء والصالحین، والنساء، والشیوخ والإطفال، وعامّة الشعب. وواجه شعبنا التعذیب، والتشرید، والسجون، وأنواعاً من المصائب والمشاقّ، ولكنه لم یستسلم، ولم یرضخ للعدوّ، بل یتحمّل كلّ الصعاب في سبیل تنفیذ أمر الله تعالی، ولازال یواصل جهاده.
وبما أنّنا استطعنا بفضل الله تعالی خلال إحدی عشر سنة الماضیة أن نهزم العدوّ في جمیع میادین المعركة، وأبطلنا له كلّ مؤامراته،و فَشِلَت جمیع أنواع مكره وخداعه في میادین الحرب، فبدأ یقوم إلی جانب جهوده الحربیة بإجراء مؤامرات وتكتیكات شیطانیة أخری مثل مؤامرة دعوة المجاهدین إلی الاستسلام تحت تسمیة لجنة السلام، ومثل وعود العفو والرواتب الدولاریة، ومثل إنشاء وتمویل شوری المصالحة الكبیر، ومثل إطلاق الإشاعات المضلّلة عن طریق وسائل الإعلام، ومثل استصدار الفتاوی من قِبَل علماء السوء في مخالفة الجهاد، ومثل إنشاء الملیشیات المحلیة وإجراء مسرحیات الصحوات المزوّرة. إنّ العدوّ قام بجميع هذه المؤامرات عن طریق إنفاق الأموال وإعمال القوّة العسكریة، ولكنّ الله تعالی وفّق المجاهدین للصبر والاستقامة في مقابل جمیع هذه المؤامرات الخبیثة. وأبطل الله جمیع مؤامرات العدوّ قبل أن تعطي ثمارها الخبیثة .
والآن وبما أنّ جمیع مؤامرات الأمریكیین واجهت الفشل، وتواجه أمریكا الآن الیأس والإخفاق، فعمدت إلی القیام بمؤامرات وخداعات أخری علی مستوی المنطقة لتجبُر وتتفادی بها هزیمتها حسب ما يظنون ، وفي هذا الصدد ترید الآن أن تعقد اجتماعاً في (كابل) باسم اجتماع علماء بعض الدول الاسلامية.
إنّ هذا الاجتماع وإن كان في ظاهره یُعقد من قِبَل إدارة (كابل) إلّا أنّ المحرّكین واللاعبین الأصلیین من ورائه هم الأمریكیون. ویریدون أن یعرفوا رأي العلماء حول الجهاد بعد إحدى عشرة سنة من الجهاد في أفغانستان.
وبما أنّ هذه المؤامرة مؤامرة أمریكیة شیطانیة ظاهرة، وترید أمریكا من ورائها أن تستغلّها لتبییض وجهها الأسود، ولإیجاد الشكوك والشبهات في أذهان المجاهدین، وبهذه الطریقة ترید أن تهیّئ الظروف لاستمرار تواجدها في المنطقة ولإحكام سیطرتها علیها، فلذلك ترجو إمارة أفغانستان الإسلامیة من جمیع العلماء الرّبانیین في المنطقة والعالم أن یمتنعوا بناءً علی مسؤولیتهم الدینیة عن المشاركة في هذا الاجتماع، سواءً كانوا من علماء السعودیة أو من علماء باكستان أو من علماء مدرسة (دیوبند) في الهند، أو علماء جامعة الازهر الشريف  او علماء المدارس الدینیة الكبیرة من الدول الأخرى.
إنّكم أیها العلماء تعلمون أنّ مشاركتكم في هذا الاجتماع هي مساعدة لأمریكا التي تواجه الهزیمة في هذا البلد، وهي في نفس الوقت جفاء في حق المجاهدین الذین هم أبناؤكم المعنویین وإخوانكم في الدین.
أیّها العلمــــــــاء الأفاضل! إنّه یجب علیكم بناءً علی مسؤولیتكم العلمیة والدینیة أن تساعدوا إخوانكم المجاهدین الذین ساروا بإرشاداتكم علی نهج الصحابة رضی الله عنهم، وأحیوا ذكریاتهم بعد مرور أربعة عشر قرناً علی زمانهم .
صدّقوا أیها العلماء الأفاضل أنّه لو لم تكن تضحیات المجاهدین العظیمة في أفغانستان لحذفت أسماء كثر من الدول الإسلامیة عن وجه الخارطة، ولـ احتل الأمريكيون دولاً كثیرة أخری كما احتلّوا العراق.
إنّ المجاهدین هم من هزموا أمریكا بشكل كامل في المنطقة بفضل الله تعالی، وها هي المنطقة تُقبِل بإذن الله تعالی نحو الأمن والاستقرار.
إنّكم تعلمون أیّها العلماء الأفاضل أنّ الأمریكیین یرتكبون یومیاً أنواع الجرائم في هذا البلد، وینشرون فیه الفحشاء والانحراف الخُلُقي، ویحلمون بإستمرار بقائهم في هذه المنطقة لأمد طویل.
فلو انخدع بعض العلماء – لا سمح الله تعالی – ووقفوا مع الأمریكیین، واشتركوا في اجتماعهم، ولبّوا مطالباتهم، فلن یسكت التاریخ عن الحكم علی هؤلاء العلماء.
وسیُتعبرون عند الله وعند عباده في زمرة علماء السوء. أیّها الأفاضل! إنّنا نعلم أنّكم بفضل علمكم الشرعي ستعلنون مقاطعتكم لهذا الاجتماع، ولكن من حقّكم علینا أن نقدّم لكم مطالبتنا الدینیّة حتّی لاتقعوا في فخّ خدعة الأعداء ومكرهم.
والذي یستدلّ لمشاركته في هذا الاجتماع علی أنّه سیقول فیه كلمة الحقّ فإنّ هذا الدلیل لا ینفعه، لأنّ كلمة الحقّ لن تخرج إلی خارج قاعة الاجتماع، ولأنّ الإعلام الاستخباراتي الغربي سینقل إلی العالم من قاعة المؤتمر الكلام الذي یعود نفعه علی الغرب فقط، وسیعرض مع ذلك الكلام في كلّ مرّة أسماء العلماء المشتركین وصورهم، وبذلك سیقومون بالإساءة إلی سمعة هؤلاء العلماء في أذهان المجاهدین وفي أذهان عامة المسلمین المخلصین.
إنّ الحرب في أفغانستان لیست حرب غیر هادفة، بل هي جهاد إسلامي ضدّ عدوان كافر، وقد بدأنا هذا الجهاد بفتوی ألف وخمس مائة عالم من علماء الإسلام في هذا البلد، ولا زال یستمرّ تحت إشرافهم.
أیها الأفاضل! إنّ الجهة المقابلة ضدّنا في هذه الحرب هي أمریكا والكفر العالمي، وأمّا (إدارة كابل) فهي إدارة أقامتها أمریكا ، وهي لا تمثّل شعبنا وبلدنا، وهي لا یمكنها أن تخطو أیّة خطوة بغیر إذن أمریكا، ولا تصلح أن تسمّی حكومة مستقلّة.
أیّها الكرام! إنّ من أدلّة نصر الله تعالی لنا وعلی كوننا علی الحقّ هو أنّنا علی الرغم من قلّة عددنا وضعف وسائلنا أذللنا فراعنة العصر إلی حدّ أنّهم صاروا الآن یتودّدون مكراً وخدعةً إلی علماء المسلمین، وواجهوا المذلّة علی مستوی العالم، وأصبح اقتصادهم یواجه الأزمات تلو الأزمات، وها هو العالم أصبح علی وشك الخلاص من شرّهم.
ولعلّكم علی علمٍ بأنّ الحرب في أفغانستان لیست حرباً عادیة، بل هي حرب شدیدة، وقد اعترف حلف (الناتو) عام 2010م بأنّ المجاهدین قاموا بـ (18000) هجمة علی قوّات (الناتو)، وهي بمعدّل (50) هجمة یومیاً.
وفي عام2011م كان عدد هجمات المجاهدین حسب اعتراف (الناتو) (21000) هجمة، وهي بمعدّل ما یقرب من(60) هجمة یومیاً.
ومن المعلوم أنّ هذا العام (2012م) هو أكثر دمویّة من الأعوام السابقة، ولذلك یجد الأمريكيون وحلفاؤهم أنفسهم تحت ضغط وضربات شدیدة للمجاهدین، وقد انسحب بعض حلفائهم، وأخرجوا قوّاتهم من هذا البلد، والباقون منهم أیضاً علی وشك الخروج. هذه الضغوط كلّها أوصلت أمریكا إلی حدّ أنّها أمست الآن تتباكی أمامكم، وترجو منكم عطفكم لإنقاذها.
فالمرجوّ من حضراتكم أیّها الأفاضل في مثل هذه الأحوال أن لا تضعوا أیدیكم في ید أمریكا القاتلة التي تسفك دماء المظلومین في العالم كلّه، وتمتصّ ثرواتهم بظلم ومكر.
وفي النهایة ننبّهكم مرّة أخری إلی مسؤولیتكم الدینیة الكبیرة، وإلی مكانتكم العالیة التي یمكن الحفاظ علیها بعدم المشاركة في مثل هذه الاجتماعات والمؤتمرات.
أیّها العلماء الكرام! إنّ الهدف من جهادنا هو إعلاء كلمة الله تعالی، ولن یضع شعبنا السلاح إلی أن یطمئنّ من حاكمیّة الإسلام ومن تنفیذ حدود الله تعالی في إطار حكومة إسلامیة حقیقیّةـ إن شاء الله تعالی ـ وما ذلك علی الله بعزیز.

إمارة أفغانستان الإسلامیة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى