بيانات ورسائل
رسالة مفتوحة من المتحدث باسم الإمارة الإسلامية إلى رئيس أمريكا الجديد دونالد ترامب!
دونالد ترامب الرئيس المنتخب للولايات المتحدة الأمريكية!
مع تهيئة فرصة أخرى للتغيير والتفاهم في القيادة السياسية لبلادكم؛ أريد أن أشارككم بعض الحقائق حول الحرب الدائرة في أفغانستان.
لقد اكتملت 15 سنة للحرب التي بدأها جيشكم في أفغانستان، هذه أطول حرب في تاريخكم والتي لا زالت تمتد وتكبد كلتا الجهتين خسائر مادية وبشرية.
عند استلامكم عبأ المسئولية الشاملة لهذه الحرب بصفتكم الرئيس المنتخب لأمريكا يجب أن تفكروا أيضا عن هدف هذه الحرب؟ من الواضح بأن لا أحد يقاتل من أجل الحرب؛ بل من أجل الوصول إلى أهداف مشخصة.
إن كان هدفكم احتلال أفغانستان بشكل دائم، واضطهاد هذا الشعب، وقبول سلطة الجبر عليهم ثم تعقب مفاداتكم بالاستفادة من أرض وجو هذا الوطن وباقي إمكاناته؛ فيجب أن تفهموا من خلال التجارب السابقة بأنه لا إمكان لتحقيق مثل هذا الحلم.
لأن من أجل الاستفادة المذكورة عليكم أولا تهيئة مضاجع الاستقرار لجنودكم ولنظام السلطة العميل هنا وبعد ذلك استخدام أرض وجو أفغانستان لصالحكم؛ لكن التجارب التاريخية، وخصوصيات هذا الشعب والوطن، والأهم من كل ذلك السنوات الـ 15 الأخيرة تشير بأن بقاء القوات الأجنبية هنا آمنة وإنهاء المقاومة المسلحة الدينية والوطنية ضدها أمر مستحيل.
تعالوا لنعترف بهذه الحقيقة بكل جرأة بأن شعبنا قاوم ضد القوات الأجنبية المحتلة خلال السنوات الـ 15 الأخيرة مقاومة تاريخية. خلال السنوات الـ 15 الماضية لم تكن مع شعبنا أية مساندة مالية، أو عسكرية، أو لوجستية أو حتى أخلاقية بشكل رسمي لأية دولة.
لقد شارك عشرات الدول الشريكة في احتلال أفغانستان في محاولات كسر مقاومتنا المشروعة عسكريا، وسياسيا، وإعلاميا وبشتى الحيل، لكن بما أن جهادنا مقاومة مشروعة دينيا، وإنسانيا، ووطنيا وحسب جميع المعايير، وأن شعبنا كان يؤمن بذلك إلى حد التقدس؛ لذلك لم يتمكن محتلو بلادنا من كسر هذه المقاومة رغم تفوقهم العسكري، حتى أن كثيرا من مسئولي الدول المساندة للاحتلال أيقنوا بأنهم ليسوا في حرب مع مجموعة ثوار، بل مع شعب كامل ولذلك استسلموا للحقائق، وبدءوا في سلسلة محادثات وتفاهم مع الإمارة الإسلامية، وسحبوا جنودهم تدريجيا من هذه الحرب البلا هوادة والغير مشروعة.
الرئيس المنتخب للولايات المتحدة الأمريكية!
إن الأفغانيين كشعب عانى من 30 سنة من الحروب له إرادة إنهاء الحرب بمعنى الكلمة؛ لكنه يدرك جيدا بأنه مهما كانت أسباب الحروب الماضية فإن العامل الأساسي للحرب الجارية هو وجود القوات الأجنبية في بلدنا. من أجل أن تنتهي هذه الحرب التي تمص دماء شعبنا وشعبكم، من المناسب أن تنتبهوا إلى التوضيحات التالية لمعرفة المعركة الدائرة وتاريخ وجغرافيا هذا الوطن أكثر!
أولا: أفغانستان هي الدولة الآسيوية صاحبة أطول تاريخ في العيش مستقلة وحرة على مستوى المنطقة، ومع أن المحتلين غزوا هذه الدولة أكثر من أية دولة أخرى إلا أنها خرجت من جميع المصائب سالمة ولم تتضرر من مخاطر الاحتلال والتجزية، وأحد أسباب ذلك هو أن استقلال البلاد، وتمامية الأرض والدفاع عن المنافع الوطنية ليس متعلقا بمجموعات، أو حكومات أو أفراد؛ بل هو مربوط بالشعب، الشعب الذي يعطي أهمية بالغة فوق التقديرات للحفاظ على بيته التاريخي حرا مستقلا ويعتبر نفسه المالك الأصلي بلا منازع لهذه التراب.
ثانيا: يعتبر الشعب الأفغاني استقلال بلاده حقه المشروع، وهو على يقين بأن بإمكانهم الحفاظ على بلادهم ورعايته. ولا يذكر تاريخنا بأن أمن ومنافع أحد قد هدد من أرض وجو هذا البلد.
إن بلدنا وشعبنا إبان الحرب العالمية الأولى والثانية بقى على الحياد ولم يساعد أو ينضم لأية جهة، كما أن دولتنا كانت لها عضوية في حركة عدم الانحياز إبان الحرب الباردة.
لا أساس للمخاوف بأن ينظر أحد لبلدنا بنظرة مخفر استراتيجي محتمل لرقيبه، أو يشك بتورطه في الألاعيب الكبيرة، نحن نريد عيش السعداء في وطننا بعد حروب طويلة، ونضمد جراح شعبنا، وإن شعبنا مثلما لم يقبل بالوجود العسكري للاستعمار الشرقي، لا يستطيع اليوم أيضا أن يقبل الوجود العسكري للاستعمار الغربي.
ثالثا: مثلما أن شعبنا لا نية له بإلحاق الضرر لأحد، لا يقبل أيضا الضرر من أي أحد.
تعلمون بأن بلدنا من الدول النامية في ما يسمى بالعالم الثالث. إن الثروة الدنيوية لشعبنا الذي عان الكثير هي الحرية والاستقلال والوطن الحر، حيث حافظ عليها بتضحيات كبيرة على مر التاريخ، شعبنا على استعداد لتضحية كل ما هو محتاج في سبيل الدفاع عن هذه الثروة ودفع ثمن باهظ خارج التوقعات من أجل ذلك. لقد قاومنا الإنجليز لأكثر من نصف قرن بهدف كسب الاستقلال في أواخر القرن التاسع العاشر وأوائل القرن العشرين.
لقد أضحينا بنصف مليون رأس إبان الاحتلال السوفيتي دفاعا عن وطننا. فبالنظر لكل هذه التضحيات من غير المعقول أن يفكر أحد بقبول احتلاله العسكري وسلطته على شعبنا بالقوة أو إرهاق شعبنا بتمديد الحرب.
يعتبر شعبنا القتال من أجل استرداد حقه أكبر عز وشرف له وعمل مقدس كما يعتبر الشهادة في هذا السبيل حياة أبدية وليس موتا.
رابعا: لقد حاولت حكوماتكم السابقة تعريف المقاومة الشعبية المسلحة ضد الاحتلال في أفغانستان بـ “بغاوة بسيطة” يديرها عدد قليل (من الإرهابيين) ولا يحظى بدعم شعبي. لكن بعد 15 سنة من الحقائق الميدانية وبعد امتداد المقاومة من يوم لآخر لم يبقى لأحد أي شك بأن الحرب الدائرة ليست معركة مجموعة صغيرة أو عدد محدود من الأفراد؛ بل هو قيام شعبي شامل لجميع الأقوام والأطياف في أفغانستان.
قيادة هذا القيام من حيث نظام بيد الإمارة الإسلامية. الإمارة الإسلامية ليست جماعة حربية بلا حماية تبث الرعب؛ بل هي حركة شعبية منظمة واقفة على أساسات متينة، حيث لها برنامج معقول وقابل للفهم للحرب، والسياسة والدفاع عن قضيتها.
الإمارة الإسلامية لها دليل ومنطق واضح لجميع إجراءاتها وأعمالها، وهذا هو السبب خلف ازدياد اعتبارها السياسي عالميا يوما بعد يوم، حيث علاوة على دول المنطقة لها روابط وتفاهم مع مختلف دول العالم بشمول منظمة الأمم المتحدة.
إن الإمارة الإسلامية كنظام كامل هي الحركة الوحيدة في الجهات السياسية الموجودة في أفغانستان التي تحضي بدعم شعبي واسع وشامل في البلاد. لها جذور عميقة في جميع الأقوام والأطياف، وتحكم فعلا على 50 % من أرض أفغانستان، ولها أثر على مزيد من 30 % ، كما تستطيع بتهديد سلطة العدو كل لحظة في الـ 20 % من الأرض التي تسيطر عليها قواتكم وإدارة كابل.
لذلك وصل عدد كبير من دول المنطقة والعالم إلى هذه النتيجة بأن الإمارة الإسلامية هي القوة السياسية والعسكرية التي تحضي بدعم الشعب وهي الجهة التي يجب التعامل معها بصفة الجهة المسئولة لهذه البلاد مستقبلا. لأن باقي الجماعات والأفراد أكثرهم أتوا إلى الساحة بمساندة الأجانب ولا يتمتعون بأي دعم شعبي.
خامسا: الأشخاص في السلطة الحالية الذي يسمون أنفسهم تحت حمايتكم بحكومة أفغانستان ليسوا أبدا مندوبي الشعب ولا يثق الشعب بهم بتاتا. هؤلاء الأشخاص الذين يكسب نظامهم لقب أفسد نظام في العالم كل سنة؛ ليسوا متعهدين لشيء سوى لمفاداتهم المادية الشخصية.
وأوضح دليل على غدر هؤلاء مع وطنهم وشعبهم هو نهب بنك “كابل بنك” من قبل كبار مسئولي هذا النظام حيث جمعت في هذا البنك ثروة العمال، والأساتذة، والقشر المسكين من الشعب، وقام رموز هذا النظام الفاسد بالتجارة وملأ حساباتهم الشخصية في الخارج من أموال هذا الشعب المسكين.
فعلاوة على قيام هؤلاء المسئولين الفاسدين بسرقة المساعدات الدولية، نهبوا ثروات شعبهم أيضا.
غصبوا آلاف الهكتارات من الأراضي، ومتورطون في السرقة، وقطع الطريق، والفساد الإداري والأخلاقي، كما أن أيديهم ملطخة بجرائم حرب وجرائم مافيائية، لذلك لا يثق الشعب أبدا بهم ولا يمكنكم أنتم أيضا تحميل هذه الوجوه على الشعب بقوة البندقية والجيش أكثر من هذا.
سادسا: الجميع في بلدنا، والمنطقة وحتى على مستوى العالم أجمعوا على أن حرب أفغانستان لم تعد بنفع أحد. نحن بصفة جهة الحرب التي حملت عليها الحرب وتم احتلال عسكري لبلادنا نعتبر من مسئوليتنا إخراج شعبنا المظلوم والمضطهد من نار الحرب.
وعلى هذا الأساس رسالتنا لكم هي إنهاء الحرب الاحتلالية التي بدأها جيشكم وعدم محاولة تضحية الأفغان وأبناء الشعب الأمريكي أكثر من هذا في هذه الحرب التي لا تكسب.
جميع جمعيات البحث ومنظمات مراقبة الحوادث تأكد بأن البعثة العسكرية الأمريكية في أفغانستان وصلت إلى باب مسدود. إذا استمرت القوات الأمريكية في احتلال بلادنا وعدم تركنا للعيش بكرامة وحرية في موطننا؛ فمن الواضح بأننا مجبرون بالمبارزة وهي خيارنا الوحيد وحقنا المشروع في الوقت نفسه، لكنكم ربما لستم مجبرون لخوض هذه الحرب بلا هوادة، في مثل هذه الحالات وبصفة الجهة التي بدأت الحرب فمن مسئولية المسئولين الأمريكيين وضع نقطة النهاية لهذه المأساة، نعتبرها مأساة لأن أطفالنا ونسائنا وشبابنا ورجالنا العزل يُقتلون، ويتم تدمير المنازل، والمراكز التجارية، ومراكز الصحة، والمزارع بأيدي قواتكم والمليشيات الغير قانونية الممولة من قبلكم.
نتيجة عمليات القصف الوحشي من قبل جيشكم يتم تبديل قرى كاملة لقبور جماعية مثل مجزرة قندوز، ويعيش الشعب الأفغاني في جو من الخوف والقهر نتيجة المداهمات الليلية وعمليات القصف.
إلى جانب أن هذه الحرب لا تكسب لكم شيئا على الصعيد العسكري والسياسي فإنها أيضا بقعة عار على الصعيد الإنساني والحقوقي أيضا حيث يوميا يصبح جنودكم أو مرتزقتكم مرتكبي جرائم حرب.
أيها الرئيس الأمريكي! ربما تكون بعض محتويات هذه الرسالة مرة بالنسبة لكم، لكن بما أنها حقائق ملموسة فيجب قبولها مثل الأدوية المُرة وتحملها كالمرضى الذين يقبلونها خوفا من عواقب وخيمة أكثر.
ذبيح الله مجاهد – المتحدث باسم إمارة أفغانستان الإسلامية
2017/1/25