مقالات الأعداد السابقة

زيادة إنتاج الأفيون في أفغانستان

أبو صلاح

يبدو أنّ الميزانية الضخمة التي خصّصتها أميركا لمحاربة الأفيون والحشيش لم تفدها شيئاً، في ظل الحكومة التي ضربت رقماً قياسياً في الفساد. فالتقرير الحكومي الأمريكي الذي صدر مؤخرًا كشف عن فشل ذريع في البرنامج الأمريكي لمكافحة المخدرات في أفغانستان. التقرير كشف أن الولايات المتحدة الأمريكية أنفقت 7 مليار دولار للقضاء على هذه الزراعة، لكن دون جدوى.

ظلت دولة أفغانستان هي المنتج الأول للأفيون في العالم، بنسبة 80% تقريبًا من إجمالي الإنتاج العالمي في ظل المحتلين والحكومة العميلة. هذا في حين شهد إنتاج الأفيون تراجعًا حادًا بنسبة 94% في السنة الأخيرة من حكم الإمارة الإسلامية نتيجة قرار الحركة بمنع زراعته، خلال فترة حكم الإمارة الإسلامية للبلاد.

و بعد الغزو الأمريكي والبريطاني لأفغانستان، عادت زراعة الأفيون للانتعاش والازدهار من جديد، لتصل مساحة الأراضي المزروعة إلى 740 كيلومتر مربع. حيث بلغ إنتاج أفغانستان من الأفيون عام 2002م حوالي 1278 طن، ثم تضاعف هذا الرقم عام 2003م، وتضاعف مرة أخرى أيضاً عام 2004م، ليصل إنتاج أفغانستان من الأفيون ما نسبته 76% من إجمالي الإنتاج العالمي، ويمثل 60% من إجمالي المواد المنتجة من أفغانستان.

في عام 2006م وصل إنتاج أفغانستان إلى 6100 طن، ليمثل 82% من إجمالي الإنتاج العالمي طبقًا لإحصائيات الأمم المتحدة. في هذا العام بلغ إجمالي قيمة الهيروين المصنع حوالي 3,5 مليار دولار، ويحصل المزارعين على إجمالي 700 مليون دولار منه.

وفي عام 2013م تمت زراعة 209 ألف هكتار بالأفيون، مقابل 193 ألف هكتار عام 2007م. وبلغت قيمة الإنتاج عام 2013م 3 مليار دولار.

وفي العام 2015م، تراجعت -للمرة الأولى في غضون ست سنوات- زراعة الخشخاش في أفغانستان بنسبة 20%، في حين انخفض إنتاج الأفيون إلى النصف، فيما شكل انتصاراً نسبيًا عزته الأمم المتحدة إلى الظروف المناخية غير المواتية.

بينما زادت المساحات المزروعة بالخشخاش في أفغانستان بنسبة 10 بالمئة في العام الحالي، بعد تراجع استثنائي العام الماضي، بحسب تقرير مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة الذي نُشِر في كابول يوم الأحد.

وبيّن التقرير أن المساحة الإجمالية لهذه الزراعات وصلت إلى 201 ألف هكتار، ومن المتوقع أن يزداد إنتاج الأفيون بنسبة 43 بالمئة ليصل إلى 4600 طن، مقابل 3300 طن في العام 2015م. ووضح أن أسباب هذه الزيادة هي الظروف المناخية الأفضل.

وقالت الوزيرة الأفغانية لمكافحة المخدرات (سلامات عظيمي): “السبب الرئيس لهذا الارتفاع هو انعدام الأمن، ونقص الأموال المخصصة للقضاء على هذه المزروعات”. وأضافت أن 13 ولاية من أصل 34 في البلاد باتت خالية من زراعة الخشخاش.

وقال مسؤول مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في كابول أندريه أفيتيسيان: “من المقلق رؤية زراعة الخشخاش تتوسع في ولايات الشمال، بعد أن كانت شبه غائبة عنها سابقاً”. وأشار إلى تراجع طفيف “مشجع” في بعض الولايات الجنوبية، لا سيما 7 في المئة في هلمند التي تعد أول منتِج عالمي.

ولو أن سائلاً سأل: لماذا هذا الفشل الذريع في مكافحة الأفيون والحشيش في أفغانستان؟

لوجدنا أن أيدي رجال الحكومة العميلة أنفسهم متلطخة بتعاطي المخدرات، وبيعها، وشرائها. وستتضح الرؤية أكثر إذا علمنا بأنّ المسؤولين الحكوميين على كل مستويات، بحسب التقارير الواردة، يستفيدون منها أيضاً.

وتأكيداً لذلك، قال نورزاي، قائد الشرطة: “في مناطق ناد علي وجارمسير ومارجه في ولاية هلمند – التي تسيطر عليها الحكومة – يطلب المسؤولون الحكوميون من المزارعين أن يدفعوا لهم 5,000 روبية باكستانية، أي ما يعادل 50 دولاراً تقريباً، عن كل هكتار من حقول الخشخاش”.

وفي السياق ذاته، قال رئيس سابق في شرطة مكافحة المخدرات في هلمند لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، أن سجله الذي يضم اعتقال 72 من تجار المخدرات ومصادرة 28 طناً من المخدرات في هلمند، لم يعجب بعض البرلمانيين، فقاموا بنقله من موقعه. وقال لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) في أكتوبر الماضي: “كرئيس للشرطة، لم أكن خائفاً من تجار المخدرات أو من حركة طالبان، ولكن من السياسيين الذين هددوني”.

وفي حين تم نقل هذا الضابط إلى ولاية ورداك، لا يزال النواب الذين يتاجرون بالمخدرات يحتفظون بمناصبهم في العاصمة كابول.

وما هذا إلا غيض من فيض. ومن المعلوم أنّ رجالات الحكومة العميلة غير صادقين فيما يقولون. وأمّا الميزانية الكبيرة التي تخصص لهذا الشأن، فتهدر وتضيع في جيوب المفسدين، وتشبعهم لمدة قليلة. وهذا ديدنهم في كل عام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى