مقالات الأعداد السابقة

سنثار لشهدائنا من الأمريكان وعملائهم

أبو عبدالله

أشلاء ممزقة، وأجساد مفحمة، مشاهد رهيبة، ومناظر مهولة، مجزرة في غاية البشاعة تفجع القلوب وتدمع العيون، راح ضحيتها العشرات من المدنيين العزل، أطفال رضّع، وشيوخ ركّع تقصفهم طائرات أمريكا الهمجية في مدينة قندوز الأفغانية.

هنا رجل يقف أمام سيارة ملأى بجثامين الأطفال الشهداء، يتساءل في بكاء: هل هؤلاء هم إرهابيون؟ أم الإرهابيون هم من قاموا بقتل هؤلاء الأطفال الصغار؟ سنثأر لشهدائنا من الأمريكان والحكومة الأفغانية ولو بعد حين.

وتقف هناك فتاة عند رأس أخيها الشهيد، وترفع يد أخيها وتصرخ وهي باكية: انظروا إلى هذه الأيدي الخشنة، هذه ليست أيدي طالبان، بل إنها لأخي وأخي كان مزارعاً يعمل في أرضه.

وضحية آخر واقف داخل منزله المدمر جراء قصف المحتلين، ويقول: في منتصف الليل يقصفونني بالصواريخ الموجّهة، ويقتلونني على فراش النوم، فالأفضل لي أن أنفر إلى جبهة القتال وأقاتلهم وجهاً لوجه واُقتل في ساحة المعركة.

أحد ضحايا القصف الأمريكي الهمجي شيخٌ مسن واقف على رؤوس جثامين الشهداء يصرخ بعيون تترقرق دموعاً: قتلوا سبعة أفراد من عائلتي، والمنزل تم تدميره بالكامل، هل هذه من أعمال الإنسانية؟ لا والله، إتقوا الله في الأبرياء، إن كنتم تريدون مواجهة طالبان فخطوطهم القتالية ومراكزهم معلومة.

هذه المجزرة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة؛ لأن جرائم الاحتلال الأمريكي الوحشي بحق الشعب الأفغاني المقهور المنكوب أمرٌ ليس بجديد ولا غريب ولا مفاجئ، فقد دأبت قوات الاحتلال على الانتهاكات والمجازر الجماعية، فهؤلاء الغُزاة المعتدون قساة القلوب، يستمرؤون قتل الأبرياء العزل، ويتعطشون لسفك دمائهم، ويتلذذون بصرخات الضحايا وآهات الثكالى والمستضعفين، أيديهم ملطخة بدماء مئات الآلاف من الشعب الأفغاني المسلم، حتى الأطفال الرضع والشيوخ الركع إرهابيون مجرمون تجب إبادتهم عندهم، لأنهم يخوضون حرباً على الإرهاب كما يزعمون، فكل من يقتلونه فهو إرهابي في نظرهم، ولو كان في المهد صبياً. ففي عام 2008م ارتكبت قوات الاحتلال الوحشية مجزرة بشعة في ولاية بكتيكا، حيث نهشوا أعضاء عائلة بالكلاب ثم قاموا بقتلهم. فاشتكى العميل “كرزاي” إلى نائب الرئيس الأمريكي “جو بايدن” حول هذه المجزرة، فأجابه جوبايدن: (إن كلابنا لا تنهش إلا الإرهابيين، فكل من نهشته كلابنا فهو إرهابي مجرم)! [صحيفة “ويسا” الأفغانية].

ولقد كان الهجوم الهمجي في قندوز استهدافاً متعمداً بالتاكيد، فقد قال العميل الجنرال (شير عزيز كامه وال) في حديثه مع وسائل الإعلام، مبرراً هذه الجريمة الوحشية: “إن هؤلاء المدنيين كانوا يسكنون في منطقة خاضعة لسيطرة طالبان، وطالبان لا يرحمون أطفالنا وشيوخنا، وإذا قُتل أحد من جنودنا ترملت زوجته وتيتّم أوﻻده، فلماذا نفرق بين أطفالهم ونسائهم؟، والذين قُتلوا هم الذين آووا طالبان وأطعموهم. وتم استهدف المنازل في هجوم البارحة بدقة عالية مما أدى إلى مقتل ثلاثة من قادتهم -على حد قوله-“.

ويقول شهود عيان أن طائرات B52 قامت بقصف هذه المنطقة السكنية وأبادت خمسين منزلاً، وراح ضحية القصف عشرات القتلى والجرحى من المدنيين العزل من الأطفال والنساء والشيوخ. مع العلم أن قصف هذه الطائرات لمثل هذه المنطقة المكتظة بالسكان ممنوع منعاً باتاً وفق قوانين الحرب الدولية، ولكن لا بأس بأن تخرقها أمريكا لأنها غير ملزمة بضوابط وقوانين الحرب مادامت تخوض حرباً ضد “الإرهاب” أو تقتل وتقصف لفرض الحرية المزعومة والديموقراطية المشؤومة.

لا زالت أمريكا هي الدولة المعتدية الكاذبة، التي تهين البشرية وتعيث في الأرض فساداً، وترتكب جرائم متواصلة في حق الشعب الأفغاني تحت شعارات براقة خادعة جوفاء.

وفي البداية أنكر الأعداء سقوط ضحايا من المدنيين، وادّعوا -في صلف وغرور- بأنهم قتلوا العشرات من المجاهدين بينهم قادة كبار، ولمّا فضحهم الله؛ اعترفوا وصاروا يبررون ويعِدُون بفتح تحقيقات حول الجريمة. وهكذا عند كل مجزرة وإبادة جماعية، في البداية إنكار، ثم اعتراف، ثم وعود بفتح تحقيقات، ثم تبريرات وترقيعات حتى ينساها الناس وييأس أهالي الضحايا.

يا للعار! العملاء الأنذال يسارعون إلى التستر على الجرائم الأمريكية ويسعون لتبرير هذه المجزرة الوحشية، ولم يتجرؤوا على إدانتها ولو بكلمة واحدة، ولكن لا عجب في ذلك، فمن لا يعرف الشرف لا يعرف العار. فقد جاء في بيان للعميل أشرف غني “بأن المسلحين استخدموا المدنيين كدروع بشرية، واختفوا في منازلهم مما إلى مقتل وإصابة العشرات من المواطنين بما فيهم الأطفال والنساء”.

هب أن المجاهدين اتخذوا المدنيين كدروع بشرية واختفوا في منازلهم، فإن كان الإختفاء في منزل أحد والتستر به جريمة، فتدمير المنازل على رؤوس ساكنيها من الأطفال والنساء والشيوخ بإلقاء القنابل العنقودية عليها جريمة كبرى وفعلة شنعاء بكل المقاييس.

وأخيراً، يا شرفاء العالم، إن لم يكن فيكم من يعاقب أمريكا على جرائمها المتكررة، أليس فيكم من يأخذ على يد هذه الدولة الظالمة المجرمة، ويوقفها عن استمرار العدوان؟ فلا يزال الاحتلال جاثماً على صدر الشعب الأفغاني، يعبث بمصيره ويمتصّ دماءه.

وحسبنا الله ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير. ونسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يعجل بهلاكها كما أهلك عاداً وثموداً إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى