مقالات الأعداد السابقة

سيدفعهم الظلم إلى حافة السقوط

أحمد الأفغاني

 

في الآونة الأخيرة تشنّجت الأوضاع الأمنية في أفغانستان، وخاصة في مناطق تسيطر عليها الإدارة العميلة. دماء طاهرة تراق رخيصة بلا ذنب، ونفوس زكية تُقتل بدم بارد من دون أن يُعرف القاتل ويُحاسب. يبدأ الشعب صباحه مع أصوات الانفجارات والرشاشات واحتضار الشهداء، وينتهي مساؤه بأنين الجرحى وآهات الثكالى وأنّات اليتامى. يصبح الشعب على أنباء الاغتيالات والتفجيرات، على أنباء الخراب والدمار، على أنباء الإصابات والجراحات، ويمسي على آلام المستضعفين. هل يشهد أحد أنه لم يُقتَل أحد من المدنيين الأبرياء يومًا ما؟ يتم كل ذلك من أجل الحفاظ على إدارة فاسدة لا تستحق الحياة والبقاء، وهي فعلا وقعت على شفا جرف هار.

ولكن ليعلم العملاء بأن إحلال السلام في البلاد أهم من بقاء هذه الإدارة العميلة التي تتعامل مع الشعب بمنطق التهديد والترعيب، والتي تجد مصلحتها وشرايين حياتها في انعدام الأمن. إن السلام بلا شك أهم بالنسبة للشعب الأفغاني المضطهد المقهور الذي قضى معظم حياته بين كرّ وفرّ، بين الخراب والدمار، بين الدم والنار؛ الشعب الذي يعيش الخوف والذعر والقلق. في ظل هذه الإدارة العميلة لا يأمن الشعب على دمه وماله وعرضه ومنزله، يبدو وكأنه ليس على قيد الحياة، ينتظر الموت، يأتيه في كل لحظة، يمضي الشعب من مصيبة إلى مصيية، من قصف إلى قصف، من اعتداء إلى اعتداء، من حزن إلى حزن، وهل لهذه الأحزان خاتمة؟ هل يستطيع أحد أن يخرج من البيت ليلا، ويمشى في الطرقات لقضاء بعض حوائجه؟ هل يتجرأ أحد أن يخرج من البيت ولا يفكر في الموت؟ هذا هو مصير كل مواطن أفغاني، فاللهم أنقذ هذا الشعب وسائر الشعوب المستضعفة من بطش الجبارين وأطماع الطامعين!

ألا يستحيي هؤلاء من استمرار حربهم ضد شعب أعزل؟ وهل يوجد في صدورهم حياء؟ وهل يملكون ضميرا في صدورهم حتى أدعوهم إلى الاستحياء؟ كلا، لأنهم لو كانوا يملكون ضميرا لما والوا أعداء الله ورسوله، وما باعوا أرضهم، وما باعوا عرضهم، وما خانوا دينهم، وما استباحوا دماء أبناء وطنهم، لا يملكون ضميرا أبدا، فالعملاء بطبيعتهم ليس لهم ضمير، هم أناس بلا ضمير، مأجورون لا ضمير لهم ولا كرامة ولا شرف، وطبيعي أن الذي لا يملك ضميرا لا يستحيي ولا يتعذب.

 

كلما ضاعف العملاء القصف والاغتيالات والتهديدات والاعتداءات والمضايقات، كلما اقتربوا إلى حافة السقوط ونهايتهم المحتومة، إنهم بقتلهم شعبَهم يحفرون قبورهم بأيديهم، من حيث لا يشعرون، فإن الطغيان لا يرحم صاحبه، والتاريخ لا يرحم الطغاة، سيحاسبهم الشعب، وما اشتداد الأزمة على الشعب إلا إشارة إلى أن الفرج قريب بإذن الله، ونهاية الطغاة محتومة، والظلم وإن طال زائل لا محالة، وخلاص الشعب من براثن الطغاة قريب، يرونه بعيدا ونراه قريبا، وعقوبة الظلم لا تتخلف أبدا، وهذه سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا، لقد آن بإذن الله أن يختفي الألم للأبد، أن يختفي وجه الظلم المتكلس العبوس، وأن يتقهقر العملاء من أرضنا.

 

لا يعرف قدر الأمن إلا مَن حُرِم هذه النعمة، فما أعظمها من نعمة! وما أثمنها من كنز! فبدونها لا يهنأ عيش، ولا يهنأ شراب ولا طعام، قد يتحمل الإنسان الجوع، ولكن لا يتحمل العيش في غياب الأمن. فالأمن قد ظل حلما يحلم به المواطن ولا يجد إليه سبيلا، من دخل هذا البلد المضطهد عرف حقا ما تعنيه هذه النعمة من قيمة عظيمة، يُشمّ رائحة الموت والدم في كل مكان، وتتصاعد ألسنة اللهب في كل زاوية. يتم كل ذلك لصون هذه الإدارة العميلة من السقوط، إلى متى أيها العملاء؟ إلى متى تستطيعون أن تصونوا إدارتكم من السقوط وهي على حافة السقوط في هاوية الفناء؟ والخوف من سقوط إدارتهم قد أصبح لهم كابوسا يؤرقهم، وشبحا يطاردهم ويلاحقهم في كل آن وفي كل مكان، لأجل ذلك بالذات قد جن جنونهم، وصاروا يتعاملون مع كل شيء وكأنهم مجانين، يظنون أنهم يدافعون بهذه التصرفات عن إدارتهم، يظنون أن الظلم ضامن لاستمرارية مكوثهم على كرسي الحكم، ألا ساء ما يحكمون! ومن هذا المنطلق يخشون من السلام الذي بدت تباشيره، فإنهم يدرون أن السلام إذا تحقق سيطيح برؤوسهم ويحاسبهم ويعاقبهم على مرأى ومسمع من الشعب.

 

هذه الإدارة لا يهمّها أمن البلاد، إنما مهمتها المقدسة الحفاظ على أمن الولايات المتحدة، واعترف رئيس هذه الإدارة بكل اعتزاز بأنه يصون أمن الولايات المتحدة، وهذا يعني أنه يقاتل شعبه ويخون وطنه ويدمّر أمن البلاد دفاعا عن أمن أسياده، دفاعا عن أرواحهم وأعراضهم وأموالهم، يخوض حربا شرسة ضد شعبه حتى لا يعكّر صفوَ حياة أسياده مكروه. لا حول ولا قوة إلا بالله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى