مقالات الأعداد السابقة

سيظل أوار الحرب مستعراً مابقيت قوات الاحتلال

sayzulwoarlhrbمنذ مجيء الرئيس باراك أوباما إلى البيت الأبيض في واشنطن، عملت إدارته على وضع الخطط للتخلص من تركة الحرب الثقيلة في أفغانستان، والتي كلفت الولايات المتحدة خسائر مادية وبشرية باهظة، ورسمت لهذه الغاية استراتيجية خروج من هذه الحرب على نحو يحفظ لأمريكا انسحاباً آمناً في العام 2014.

غير أن التطورات الأخيرة لهذه الحرب، التي لم تنتهِ، والتي تتعرض فيها القوات الأمريكية المحتلة وحليفتها من الدول الغربية لحرب استنزاف من العيار الثقيل، عرضت هذه الاستراتيجية لانتكاسة خطيرة تشير إلى فشلها في تحقيق ما تصبو إليه، حيث لم تعد القوات المحتلة لأفغانستان تحظى بأي مكان آمن في البلاد، حتى داخل المؤسسات العسكرية والأمنية والحكومية التي جرى إعادة بنائها بإشراف ورعاية أمريكية مباشرة، وهو الأمر الذي دفع القيادة الأطلسية بقيادة القوات الأمريكية إلى اتخاذ قرار وقف العمليات مع القوات الأفغانية، بعد أن لقي عشرات الجنود الأمريكيين والغربيين مصرعهم منذ بداية العام الجاري بنيران جنود أفغان، وباتت القوات المحتلة في وضع لا تحسد عليه، فهي لا تعرف متى وأين تتعرض فيه للهجمات المسلحة، التي ازدادت وتيرتها على نحو غير مسبوق، فيما ارتفعت أعداد القتلى في صفوف حلف الناتو بشكل كبير وحتی في الشتاء القارص، حيث تعرضت القوات المحتلة والعمیلة لسلسلة هجمات قاتلة وقاصمة نفذتها المقاومة الأفغانية، ومن أراد أن يعرف حجم خسائر الأمريكان والحلف الأطلسي في هذه الحرب النازفة فليبحث عن خسائر أمريكا أو الانهيار الأمريكي في جوجل، وسيرى كتابات كثيرة وسيجد اعترافات في هذا الصدد حتى اعترافات الأعداء أنفسهم.

ولكن متى سيفقهون أن هذه الحرب لن تعود عليهم بالنفع، وضررها أكثر من نفعها؟

فمنهم من يقول بأنه بعد عامين من شن الحرب على أفغانستان وصل الغربيون إلى نتيجة وهي أن الحرب بدأت عشوائية ولم يُخطّط لها بدقة، وتوشك على الإخفاق، فقرروا عام 2003 أن يرسلوا مزيداّ من القوات الغربية باسم ايساف لتدعم القوات الأمريكية في كل الميادين.

وفي الأعوام التي كانت تتواجد فيها القوات الأمريكية والغربية بكثافة في أفغانستان وكانت تحارب بشراسة وعشوائية ألحقت بالمدنيين العزل خسائر بشرية فادحة، فقد قُتِل مابين عامي 2001م و 2004م أكثر من 3000 من المدنيين، وفي عام 2005م قُتِل 1700 من المدنيين، وعام 2006م قُتِل 4400، وفي عام 2007م قُتِل 7700، أما في عام 2008م فقد قُتِل 10100 من المدنيين، وكذلك في الأعوام مابين 2009م إلى 2014م كان العدد يشبه هذه الأرقام بل وفي بعضها كان عدد الشهداء أضخم، وفي الوقت نفسه قُتِل الكثير من القوات الأمريكية أيضا.

وقد تسبب ارتفاع حصيلة قتلى المدنيين الأبرياء ومقتل الجنود الأمريكيين في انخفاض معدل تأييد الشعب الأمريكي للحرب الأمريكية في أفغانستان، ثم مظالم القوات الأمريكية في سجن أبوغريب وفي معتقل باغرام وغوانتانامو التي بقيت وصمة عار في جبين أمريكا.

وقد أساءت هذه التعذيبات إلى سمعة أمريكا دوليا، وكان من بين شعارات أوباما في الدعايات الإنتخابية عام 2008م انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان والعراق وإغلاق معتقل غوانتانامو، وبسبب هذه الشعارات الإنتخابية وصل إلى سدة الحكم في البيت الأبيض، يرى كثير من الخبراء السياسين أن فوز أوباما في انتخابات عام 2008م كان سببه شعاراته ضد الحرب في أفغانستان.

لكن ماذا فعل أوباما في الواقع العملي بعد بقائه في الحكم أكثر من سبعة أعوام؟ لقد بقي معتقل غوانتانامو كما كان في عهد بوش الابن، وبقيت القوات الأمريكية في أفغانستان تحت اسم آخر، برغم أن حلف الناتو وصل إلى نتيجة وهي أن بقاء قواته في أفغانستان ليس في صالحه وبالتالي يجب أن ينسحب بجميع قواته مع نهاية عام 2014م من أفغانستان، وكانت أمريكا قد طمأنت الشعب الأمريكي بأن القوات الأمريكية ستنسحب مع قوات الناتو من أفغانستان.

إلا أنه بنهاية عام 2014 لم تنسحب القوات الأمريكية من أفغانستان كما وعدت أمريكا، لكنها وبحسب صحيفة أسوشييتد برس التي قدمت تقريراً عن قندهار التي زارها وزيرالدفاع الأمريكي الجديد والذي قال في تصريحات له في زيارته: أمريكا تزمع التواجد الدائم في أفغانستان ولكنه وصف هذا التواجد بالدعم التدريبي.

ولکن من الواضح أن حرب أفغانستان لن تنتهِ مالم تنسحب قوات الاحتلال، لأن المقاومة الأفغانية قوية وتستند إلى تأييد شعبي واسع، وتملك استراتيجية خوض حرب استنزاف طويلة النَفَس، لا قدرة للدول الغربية على تحملها في ظل تفاقم أزماتها الاقتصادية والمالية، التي تجعلها غير قادرة على تحمل النفقات الباهظة لمثل هذه الحرب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى