مقالات الأعداد السابقة

سيف عليّ علی أعناق الخوارج والبغاة

عبدالفتاح البلوشي

 

بعد أن جفت جذور الاحتلال والعدوان في أفغانستان، وسيطر شباب هذه الأرض البواسل على كل ركن من أركانها، حاول كثير أن ينتزعوا هذه النعمة العظيمة من الأمة الأفغانيه؛ نعمة الأمن والأمان البعيد عن القتل والجريمة وضياع حقوق المواطنين.

كان بعضهم  يرتدون ثياب الشخصيات السياسية، وکان هدفهم الرئیسي هو الحصول علی مصدر للثروة والوصول للسلطة، فجعلوا كثيراً من الشباب فريسة للرصاص، وبنوا بدماء وأشلاء هؤلاء قصوراً لأنفسهم ولعائلاتهم في لندن وباريس.

وبالأموال التي قدمها الغربيون لهم، كانوا يحاولون تنفيذ الأهداف الخبيثة للأعداء في أرضنا من خلال التمرد وجعل البلاد غير آمنة.

وقاموا بخداع عدد من الشباب، وتهجيرهم إلى جبال بغلان وبنجشير؛ وهؤلاء ليسوا من المتدينين والمثقفين، بل إن معظم الذين انخدعوا بهؤلاء المحتالين، كانوا من اللصوص وقطاع الطرق والمجرمين في عهد الجمهورية. وحملوا السلاح لتطبيق حكم (الديمقراطية) في أرض (أبدالي) و(الوزير أكبر خان)، دفاعاً عن المكتسبات الغربية خلال عشرين عاما في أفغانستان.

وظنوا أنهم سيحققون هدفهم الذي خرجوا لأجله (وهو هدم هذه النعمة العظيمة التي أهداها الله تعالى للأمة بعد التضحیات والدماء) وتنفيذ مخططاتهم الخبيثة في البلاد.

لکن مساعيهم مُنّيَت بالفشل وتحطمت آمالهم. ولم تكن الوعود التي تلقوها من السياسيين إلا كذبا. وبينما كانوا فريسة الخداع، استهدفتهم رصاصات جنود الإسلام، الواحد تلو الآخر، فشعروا بخيبة الأمل والعار إلى الأبد.

انهزموا بكل أحلامهم، حتى أنهم طردوا من القمم والجبال، ولم يبق لهم مکانا يلجأون إليه ولا معقلاً يأمنون فيه، وحفروا بأیدیهم مقابرهم وأمست صدورهم مرمی لوابل من الرصاص. وهکذا انتهی دورهم، ودُفنت أهدافهم في مقابرهم.

 

وبالإضافة إلى هؤلاء البغاة، ظهرت مجموعة أخرى علی الأرض وتدفقت إلى ساحات الجهاد بفكرة جديدة، تترنّم -زوراً- بشعارات دینیة، دخلوا حاملين الحقد والکراهیة، والعنف والحرق والقتل؛ حیث لم یفرقوا بین المساجد والأماکن الدینیة، ولم یرحموا طفلاً صغیراً ولا شيخاً کبیراً، ولم ینجوا منهم حتی العلماء والفضلاء؛ فارتکبوا مجازر بشعة بحقهم في کل قریة وفي کل مدینة دخلوها، حتى أنهم قتلوا رجالاً عجز الأمریکیون عن الوصول إلیهم خلال عشرین عاما.

سفكوا دم كل شخص كان على علاقة بالمجاهدين، والشيء المثير والملفت للنظر هو أنه خلال هذه الفترة كانت أهداف خناجرهم الغادرة موجّهة نحو المدنيين والمجاهدين فقط، ولم نر یوما أنهم استهدفوا رتلا عسکریا للمحتلین، أو أنهم صوّبوا مرمی بنادقهم نحو ثکنات العملاء ومعاقل المفسدین!

والحقيقة الظاهرة للعيان هي أن الهدف الأساسي للخوارج كان إضعاف معنويات المجاهدین، وإدخال البلاد في حالة من الفوضى وإثارة القلق بين شرائح المجتمع. لكن حلمهم تحول إلى كابوس بالنسبة لهم، فاحترقوا بناره واصطلوا بلظاه.

لقد واجهوا رجالاً أشداء، وشباباً أقویاء، لم تقیدهم الزنازين والسلاسل ولم يمنعهم القصف والاستهداف من تحقیق هدفهم وغايتهم خلال عشرین عاما.

رجال ذووا إيمان راسخ كرسوخ الجبال الشامخات، خاضوا التحدیات، ولم تثنهم القيود والإعدامات شنقا وحرقا وقطع الأظفار عن نيل مرامهم، همتهم کانت أكبر من التعذيب والتشريد.

ولم تمنعهم الدنيا -قبل هذا- بقصورها الملونة وبساتينها وأشجارها وأزهارها عن تحقيق أحلامهم.

لقد لقنوا الخوارج والبغاة تجربة لم یجربوها خلال حیاتهم، فهجمات المجاهدین تطالهم أینما اختفوا، حتى لم یبق لهم بیت ولا کهف ولا ملجأ يختبئون فيه.

إن الدرس الذي لقّنه المجاهدون للخوارج أنه لن يكون من السهل مواجهة جيش رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن من سوّلت له نفسه أن يخرّب هذه الأرض لنيل أهدافه الرذیلة، فسوف يواجه صاعقة تجفف جذوره من هذه الأرض إلى الأبد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى