شهداؤنا الأبطال

شهداؤنا الأبطال: نذير أحمد طه رحمه الله تعالى

يقول الشيخ الفقيد مصطفى السباعي رحمه الله: “إن لله عباداً قطعوا علائق الشهوات، وأسرجوا مراكب الجد بصدق العزمات وامتطوا جياد الأمل، واتجهوا إلى الله عز وجل، وتزودوا إليه بصالح العمل، مع إخلاص النية، وتوسلوا إليه بصفاء القلب وصدق الطوية، فمروا بالخضرة الفاتنة مسبحين، وبالحطب اللاهب مستعيذين، ولم يعبؤوا بالعقبات، ولم يلتفتوا إلى المغريات، قد صانوا وجوههم عن الابتذال، وطهروا أقدامهم من الأوحال، استعانوا بالله على مشقة الطريق فذلل لهم صعابه، وعلى بعد المدى فلملم لهم رحابه، فلما اجتازوا الصعاب، سألوا الله ففتح لهم بابه، فلما دخلوه استضافوه فقرّبهم ورفع دونهم حجابه، فلما استطابوا المقام بعد طول السرى قالوا: (الحمدلله الذي صدقنا وعده، وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين) أولئك أحباء الله، صدقوه العهد فصدقهم الوعد، ومحضوه الحب فمنحهم القرب)”.

أحد هؤلاء الأحباء الذين صدقوا الله العهد – كما نحسبه والله حسيبه – الشهيد الباسل، الشاعر المطبوع، والكاتب الحاذق، والمهندس الضليع، المجاهد المقدام نذير أحمد طه رحمه الله تعالى.

 

مولده ونشأته ودراسته:

لقد أبصر مهندسنا المغوار والكاتب الألمعي والشاب النشيط الشهيد نذير أحمد بن بيرمحمد بن الحاج خان محمد؛ النور قبل 24 عاماً في بيت عريق بقرية تشيرجو بمديرية قره باغ بولاية غزني.

وبدأ تعليمه الابتدائي عام 1417هـ.ق في مدرسة شيرخان الابتدائية، وبدأ تعليمه الثانوي بمركز السلطان محمود الغزنوي العالي عام 1422 وتخرج بدرجة امتياز عام 1428هـ.ق، وكان من نوابغ التلاميذ، ودائما كان هو المميز في صفه.

تخرج عام 1435هـ.ق بدرجة عالية من كلية الهندسة من جامعة بولي تيكنيكال بالعاصمة الأفغانية كابول، ورغم أن الوظائف كانت متوفرة لديه إلا أنه لم يكن يحب أن يخدم الحكومة العميلة في المؤسسات الأجنبية وقام بتعليم أبناء المسلمين في معهد كأستاذ عادي.

کان الشهید طه متديناً منذ الصبا، وهو مع أنه كان يساعد أباه وعائلته في مشكلاتهم إلا أنه كان يتابع دروسه، وكانت صلته وطيدة بالمجاهدين، وكان مشهوراً فيما بين أصدقائه بالمجاهد التقي.

كان رحمه الله يتعلم الدروس الدينية بجانب الدروس العصرية، يتتلمذ لدى العلماء المخلصين وينهل من معينهم الصافي، وكان يشغل أوقات فراغه بالمطالعة والقراءة في الأدب والتاريخ باللغة الفارسية والبشتونية؛ لأنه استيقن بأن القراءة إكسير الحياة، والمصدر الأول والرئيسي للمعرفة بشتى أنواعها، ولا عجب أن بداية الكلام الإلهي في الرسالة المحمديّة كان «اقرأ»، فمن القراءة والاطّلاع انطلقت المعرفة الإنسانية التي ساهمت في تأسيس الحضارات الإنسانية على مرّ التاريخ، وأدّت من خلال التراكم المعرفي عبر الأجيال المتلاحقة إلى تطور الإنسان في ميادين الحياة المختلفة، وصولاً إلى ما نراه حالياً من ازدهار تكنولوجي، وعلمي، وحضاري، وثقافي.

 

صفات الشهيد الخَلقية والخُلقية:

کان الفقید فوق علمه الغزير ورغم مواهبه الزاخرة في العلوم العصرية والتقنية، يتمتع بأخلاق طاهرة، وشمائل باهرة، كان جم التواضع والأدب، كثير الحلم والرفق، سباقاَ إلى الخير، يخالق الناس بخلق حسن. يبغض المتكبرين ويبتعد عنهم، وكان يقول إن لم يقم المرء بتزكية نفسه وسلوكه، وتطهير باطنه من الرذائل، وتحلية نفسه بالمحاسن والعلوم، فإنه سيكون كلاّ على المجتمع.

وكان شديد التأثر بالإمارة الإسلامية ولاسيما بمؤسسها الفقيد الملا محمد عمر رحمه الله، ويعشق سياسته وتقواه وزعامته، ويرى استقلال البلاد وإنشاء الإمارة الإسلامية في زعامته.

فكان يدافع في نشاطاته الإعلامية في الانترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي كالفيسبوك عن الإمارة الإسلامية، ويرد على شبهات الشباب المنحرفين، ونشاطاته لا تزال موجودة في الشبكة العنكبوتية.

 

فهل يسكن المجاهد الثائر ويستكين؟

لقد كان الشهيد طه رحمه الله شديد الحب للجهاد والمجاهدين منذ أن كان طالباً، يدعو زملائه إلى مساعدة المجاهدين، وكان بنفسه أيضاً يخدم المجاهدين إلى أن تخرّج فسلك في هذا المسلك الوضيء، مسلك المجاهدين الأبطال، وبعدما جاهد وناضل لعامين استشهد في 22 من أكتوبر لعام 2014م، إنالله وإنا إليه راجعون.

لقد كان الشهيد رحمه الله تعالى شاعراً مطبوعاً يقرض الأشعار، كما أنه كان كاتباً ويترجم الآثار، وفي العام الماضي أراد أن ينفذ عملية استشهادية لكنه أخفى أمره عني، وأعطاني مجموعة آثاره، وأوصاني إذا اصطفاه الله شهيداً أن أطبعها أو أعطيها من يطبعها.

له مجموعة شعرية وكذلك كتاب آخر وهو رواية شخص أسلم وأسمى ذلك الكتاب (من الكنيسة إلى المسجد).

لم يكن الشهيد متزوجاً وإنما كان له أب شيخ كبير في السن وأم عجوز، وخلف أصدقاء يسيرون على خطاه، فرحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جنانه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى