
صدی الجهاد من جبال بكتیا الأبیة
بقلم: قاري حبيب
تقع ولایة بكتیا في جنوب شرق أفغانستان ، ولها حدود مع كل من ولایات (لوگر) و( غزني) و(بكتیكا) و(خوست).
بكتیا ولایة ذات طبیعة جبلیة وعرة سوی مركزها مدینة (گردیز) ومدیریتی (زرمت) و(سید كرم)، تغطی غابات البلوط والصنوبر معظم جبالها، فهي بذلك تمثل أجمل بقاع أفغانستان من حیث الجمال الطبیعي، و تمتد فیها شرقاً و غرباً سلسلة جبال (سلیمان) الشهیرة والتي تحتل معظم ساحات هذه والولایة.
المستوی المعیشي لمعظم سكان هذه الولایة لا یختلف في الفقر عن بقیة الولایات الأفغانیة، فلا یملكون أراضي واسعة للزراعة، ویعیش أهلها علی ما یحصلونه من الجبال من مثل الأخشاب والثمار وغیرها من محاصیل الجبال.
ولایة بكتیا من الولایات الأفغانیة التي تضرر أهلها كثیراً أیام الاحتلال الروسي حیث دُمّرت بیوتهم وقراهم بالقصف الشدید في المعارك الطویلة التي دامت لأكثر من عشر سنوات، فاضطر أهلها لترك دیارهم وهاجروا إلی مناطق آخری بسبب كون مناطقهم مثل (زدران) و(جاجي) و(زرمت) من أهم ساحات نفوذ المجاهدین، وقد تحّمل فیها الروس خسائر عظمیة.
وحین هجمت أمریكا علی أفغانستان كانت بكتیا للمرة الثانیة الولایة التي انطلقت منها شرارة المقاومة ضد الأمریكیین وجهاً لوجه حین واجهت القوات الأمریكیة أشرس مواجهة لها في جبال (شاهي كوت) من مدیریة (زرمت)، فتكبد فیها الأمریكیون خسائر عظمیة حیث اعترف فیها الجنرالات الأمریكیون أن الجیش الأمریكي لم یر مثل هذه المواجهة خلال أربعین سنة ماضیة بعد معاركهم في فیتنام.
وقد اعتبرت تلك المعركة الخطیرة بمثابة شق أول طریق لمقاومة القوات الأمریكیة الصلیبیة، وأزالت عن أذهان الناس الرعب الذی أوجدته حرب الإشاعة الأمریكیة، وبعد تلك المقاومة العنیفة انتشرت المقاومة الجهادیة في مناطق أخری من بكتیا أیضا، ولم یمر علیها وقت طویل حتى تحولت المقاومة من حرب سریة متشتتة إلی مقاومة علنیة منظمة.
ونظراً للأهمیة الإستراتجية العسكریة لهذه الولایة فقد أنشأ فیها العدوّ قواعده العسكریة القویة وساق إلیها قوات كبیرة بقصد إضعاف المقاومة الجهادیة فیها، إلاّ أنه بفضل الله تعالی لم یتمكن من تحقیق هدفه وأمست قواته محصورة في قواعده العسكریة فقط.
أمّا المجاهدون فیسطرون علی ثمانین بالمائة من ساحات هذه الولایة ولا یقدر الأعداء علی التحرك الحرّ في المنطقة سوی بعض المناطق الخاصة، وعلی سبیل المثال فمناطق (چاوني) و(إبراهيم خیل) و(ساده كلا) وما جاورها من القرى المحیطة بمركز الولایة مدینة (گردیز) یسیطر علیها المجاهدون، وتواجه قوافل العدوّ مقاومة المجاهدین بمجرد خروجها من مركز المدینة.
ومدیریة (أرمي) في غرب المدینة قد فتحها المجاهدون بشكل كامل منذ أربع سنوات ولا بوجد فیها العدوّ قطعاً.
أمّا مدیریة (زرمت) فعلی الرغم من وجود أربع وحدات صلیبیة المخصصة لإعادة البناء المزعوم في الولایات والتي تسمی بـ (P.R.T)، وعدد كبیر من ثكنات الجنود الصلیبین وعملائهم من جنود الجیش العمیل ، فلا یسيطر العدو إلاّ علی مركز المدیریة فقط، وبقیة المناطق الواسعة لهذه المدیریة بما فیها وادي (شاهي كوت) الشهیر فهي جمیعها تحت سیطرة المجاهدین، ولا یقدر العدوّ أن یمرّ بقواته وقوافله من (گردیز) إلی جهة (غزني) و(بكتیكا).
وإلی جانب آخر فمدیریات (شواك) و(كرده چیری) و(وزی زدران) الواقعة علی الطریق الممتد بین (گردیز) و(خوست) فلا یسیطر العدوّ إلا علی مراكز المدیریات وبعض نقاط الطریق العام، أمّا بقیة ساحاتها فهي مناطق نفوذ المجاهدین بشكل عام، و تعتبر الساحات الواقعة بین (جاني خیل) و(منگل) مناطق سیطرة المجاهدین، و یتواجدون فیها بشكل علني، ولهم فیها مراكز عسكریة قویة إلی جانب الإدارة المدنیة لشؤون أهالي هذه المناطق، و قلّما یمر یوم علی الطریق الممتد بین (گردیز) و(خوست) لا یصاب فیها العدو بخسائر في المعدّات والأرواح.
وعلاوة علی المناطق المذكورة فإن مدیریات (جاني خیل) و(چمكني) و(دندبتان) و(جاجي آریوب) و(سید كرم) و(أحمد خیل) أیضا من المناطق التي فیها تشكیلات منظمة للمجاهدین، ولهم فیها فعالیات علنیة، ومعظم مناطق هذه المدیریات لیس فیها تواجد للعدوّ لیستهدفه المجاهدون، ومن جانب آخر فإن معظم مناطق هذه المدیریات جبلیة وعرة، ویصعب فیها التنقل من منطقة إلی غیرها مما یتسبب في تأخّر وصول أخبار و تقاریر عملیات المجاهدین أحيانا، وربما لاتصل أخبار بعض العملیات إلی الجهات الإعلامیة إلا بعد أن تفقد قیمتها الإخباریة و الإعلامیة.
وتعتبر مدیریتا (أحمد أبا) و(لجة) هما المدیریتان الوحیدتان تحت سیطرة العدو، و لكنهما أیضاً لا تخلوان عن فعالیات المجاهدین بشكل قطعي.
هذا ویخطط المسؤولون الجهادیون في ولایة (بكتیا) لتصعید فعالیات المجاهدین في شرق ولایة بكتیا مثلما هي في جنوب وغرب الولایة، و هناك جهود للمجاهدین لقطع طریق الإمداد عن قواعد العدو الواقعة في مدیریتي (چمكني) و(جاجي آریوب) لیشغلوا العدو في أكثر من جهة في وقت واحد.
وللأحوال الجویة أیضا أثر علی الفعالیات الجهادیة للمجاهدین، وها نحن نشاهد مع حلول الربیع الزیادة في عملیات المجاهدین لتأخذ (بكتیا) مكانها في صدر قائمة عملیات المجاهدین، و لیس بمستبعد أن نری في القریب العاجل الأرتال المحروقة من دبابات الصلیبین وناقلاتهم علی شوارع (بكتیا) و في بطون أودیتها كما كنا نری الدبابات الروسیة في الماضي القریب، و ما ذلك علی الله بعزیز .