ظلمة من ظلمات الثقافة الغربية
غلام الله الهلمندي
خلال مذكراته التي يُتوقع أن تصدر قريبًا، اعترف الأمير البريطاني هاري، أحد أبناء التاج البريطاني الذي سرق العالم واستعمر البلاد واستعبد العباد زمنًا طويلًا، والتي لم تکن تغيب الشمس عن أراضيه التي استولى عليها ظلما أو مكرًا؛ اعترف الرجل بقتله ٢٥ شخصًا، بينما كان طيارًا حربيًا لمروحية أباتشي، اقترف الجريمة خلال مشاركته في الحرب التي شنّتها دول غربية على رأسها أميركا ضد بلدي أفغانستان الجريحة، ضد الشعب الأفغاني المسلم، بذريعة الحرب على الإرهاب. والحق أنهم هم أنفسهم أولى بأن يوسموا بهذا العار (الإرهاب) على أجبُنهم.
قتل ٢٥ شخصًا بريئًا، ولا يشعر بالخجل والندم، فضلًا عن الاعتذار، ويقول بكل تأكيد إنه لا يشعر بالخجل والخزي من عمليات القتل التي تسببت بسقوط ضحايا أبرياء، بل يعتبر الضحايا لعبة، يعتبرهم قطع شطرنج، يجب إزالتها عن اللوح! بينما يشكو في ذات الكتاب شقيقَه الأكبر بأنه اعتدى عليه وطرحه على الأرض! يعتبر هذا الخصام العائلي جريمةً لا تغتفر، يجب أن يذهب بعدها للطبيب النفسي!
هذه ثقافة الغرب السوداء المظلمة، وهذه عقلية الغرب بالنسبة للإنسان المسلم.
أهذه الثقافة النتنة تصلح بأن تقود البشرية نحو الفلاح والسعادة؟! هذه الثقافة محكومة بالإعدام شنقًا أو الانتحار عاجلا أو آجلا، (عِقابان اثنان لا ثالث لهما) ويبدو أن هذه الثقافة (من حسن الحظ) في طريقها نحو الانتحار.
إن العسكريين الغربيين وخاصة المشاركين في احتلال بلدي الحبيب، كلهم كانوا ولا زالوا قتلة مجرمين، لكن أقل القليل قد يعترف بعضهم بجرائمه، بهدف ترويج مذكراته، أو ربما بهدف الحصول على شهرة أكثر، وجذب الانتباه والأنظار إليه، وخطف الأضواء نحوه، أو لأجل أهداف شيطانية لا يعرفها إلا إبليس، أستاذُهم أو ربما تلميذُهم!
إن هذه التصريحات عن قتل الأبرياء في بلدهم وأرضهم تعكس مدى أخلاق الغرب القذرة ومدى عنصريتهم النتنة، تعكس مدى همجيتهم وغطرستهم. إنهم يرحمون الحيوانات، يدافعون عن حقوقها بكل جدية، ولم يبق إلا أن يورّثوها في أهلهم وأموالهم، فإن الحيوان طبعا يرث الحيوان! يرحمون الحيوان، بينما يقتلون البشر في عقر دورهم معتبرين إياهم قطع شطرنج فقط يجب إزالتهم!
هذه التصريحات ربما تنفع المجتمعات البشرية وخاصة المجتمع الإسلامي، فإنها تكشف عن عورات وسوءات هذه الثقافة التي أبهرت العالم.
أليس من الحماقة بعد كل هذه الفضائح أن يؤمن بهذه الثقافة أفراد من المجتمع الإسلامي؟
ألم يحن الوقت للتوقف عن الانخداع بثقافة الغرب واتخاذها ديناً وأسلوب حياة؟
قتل ٢٥ نفسا بريئة، بينما الإعلام الغربي يلقي الأضواء على اعتداء الشقيق الأكبر على الشقيق الأصغر، هاري، لماذا طرحه شقيقه الأكبر أرضا! هذه تفاهة الإعلام المعاصر الذي يجعل المذنبين أبرياء، والأبرياءَ مذنبين بين عشية وضحاها. هذا نفاق الغرب، وهذه عقليتهم تجاه المسلمين. فمتى يصحو المسلمون؟ ومتى يروا حقيقة الغرب وإعلامه المنافق؟ متى؟
ولكن مهلًا! هل يليق بنا أن نتوقع من الغرب الالتزامَ بمكارم الأخلاق، بينما هو تخلى عنها وطلّقها ثلاثا منذ زمن بعيد في خضم العالم المادي؟
هذه التصريحات تعكس مدى المجازر والجرائم التي ارتكبها المحتلون خلال العشرين سنة الماضية، حيث قتلوا الأبرياء رجالا ونساء، لم يرحموا طفلا ولا شيخًا، وقصفوا كل أحد وقع نظرهم عليه بدم بارد، هدموا المنازل، وأحرقوا الأسواق، وأهلكوا الحرث والنسل، وعاثوا في الأرض فسادًا من دون مساءلة، خلفوا دمارًا لا يزال يعاني منه شعبنا.
إن هذه التصريحات أحيت من جديد في الذاكرة الأفغانية ذكرى الخراب والدمار والخوف والوحشية، ونكأت جراحًا قديمة. إنها قديمة، ولكن لن ننساها أبدًا.
وهذه التصريحات مفيدة بالنسبة للشعب الأفغاني، فهي تذكّره بماضيه المؤلم، تذكّره بما لاقى من الويلات والمرارات على أيدي حيوانات يدّعون الإنسانية، وتزيده وعيًا حتى لا ينسى أعداءَه.
قتل العلج ٢٥ نفسًا بريئة في عقر دارهم، واحتل بلدهم، قتلهم دون ذنب، مهلًا هناك ذنب واحد (في قاموس الاحتلال والاستعمار) ارتكبوه، ذنبُهم أنهم قاوموا اللص حين دخل بيتهم يسرق أموالهم وينهب شرفهم، ويطمس كرامتهم وهويتهم، ويقضي على دينهم، ذنبهم الوحيد أنهم قاوموا المحتل دفاعًا عن بلدهم وشعبهم وحقهم في الحياة، إن كان لهم ذنب فهو ذاك.