عبدالله بن عامر رضي الله عنه يفتح أفغانستان
بقلم/ أبوسعيد
ولد رضي الله عنه عام4هـ وتوفي -57 أو58هـ، قال ابن سعد:عبد الله بن عامر بن كريز، يكنى أبا عبد الرحمن. وُلِد بمكة بعد الهجرة بأربع سنين. فلما كان عام عمرة القضاء سنة سبع، وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة معتمرا، حُمِلَ إليه بن عامر وهو بن ثلاث سنين، فحنَّكه، فتلمَّظ وتثاءَبَ، فتفل رسول الله في فيه، وقال: هذا ابن السُّلمية؟ قالوا نعم. قال: هذا ابننا وهو أشبهكم بنا، وهو مُسْقًى.
فلم يزل عبد الله شريفًا، وكان سخيا كريما كثير المال والولد، ولد له عبد الرحمن وهو بن ثلاث عشرة سنة.
ولايته على البصرة:
ابن سعد:لما ولي عثمان بن عفان الخلافةَ أقرّ أبا موسى الأشعري على البصرة أربع سنين، كما أوصى به عمر، ثم عزله عثمان، وولى البصرة -بن خاله- عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة، وهو ابن خمس وعشرين سنة.
وكتب إلى أبي موسى: “إني لم أعزِلْكَ عن عجز، ولا خيانةٍ، وإني حفيظ قيد استعمال رسول الله وأبي بكر وعمر إياك، وإني لأعرف فضلك وإنك من المهاجرين الأولين، ولكني أردت أن أَصِلَ قرابة عبد الله بن عامر، وقد أمرتُه أن يعطيك ثلاثين ألف درهم”.
فقال أبو موسى: “والله لقد عزلني عثمان عن البصرة وما عندي دينار ولا درهم، حتى قدمَتْ عليَّ أُعطيةُ عيالي من المدينة، وما كنت لأفارق البصرة وعندي من مالهم دينار ولا درهم. ولم يأخذ من بن عامر شيئًا”.
وكان بن عامر رجلا سخيًّا شجاعًا وصولا لقومه ولقرابته، محبَّبًا فيهم رحيمًا.
ربما غزا فيقع الحمل في العسكر، فينزلُ فيُصْلِحُه.
فتح فارس (إيران):
ابن سعد:ثم كان بن عامر يغزو أرض البارز وقلاع فارس، وقد كان أهل البيضاء من اصطخر غلبوا عليها، فسار إليها بن عامر فافتتحها ثانيةً، وافتتح “جور” و”الكاريان” و”الفنسجان” وهما من دار أبجرد(في إيران اليوم)
الذهبي في السير:سنة تسع وعشرين:فيها: عزل عثمان أبا موسى عن البصرة بعبد الله بن عامر بن كريز، وأضاف إليه فارس.
وفيها: افتتح عبد الله بن عامر إصطخر عنوة فقتل وسبى، وكان على مقدمته عبيد الله بن معمر بن عثمان التيمي أحد الأجواد؛ وكل منهما رأى النبي صلى الله عليه وسلم.
وكان على إصطخر قتال عظيم قتل فيه عبيد الله بن معمر، وكان من كبار الأمراء، افتتح سابور عنوة وقلعة شيراز، وقتل وهو شاب.
فتح سجستان:
ابن سعد:فوجه بن عامر عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس إلى سجستان فافتتحها صُلحا، على أن لا يقتل بها “ابن عرس” ولا قنفذ، وذلك لمكان الأفعى بها، إنهما يأكلانها.
ثم مضى إلى أرض الداور (زمين داور في هلمند) فافتتحها.
فتح خراسان (أفغانستان، تركمانستان، شمال إيران):
ابن سعد: ثم تاقت نفس ابن عامر إلى خراسان فقيل له: بها يزدجرد بن شهريار بن كسرى ومعه أساورة فارس، وقد كانوا تحملوا بخزائن إلى كسرى حيث هزم أهل نهاوند، فكتب في ذلك إلى عثمان فكتب إليه عثمان: أن سِرْ إليها إنْ أردتَ.
قال فتجهز وقطع البعوث، ثم سار، واستخلف “أبا الأسود الدؤلي” على البصرة على صلاتها، واستخلف على الخراج راشدًا الجديدي من الأزد، ثم سار على طريق إصطخر(هي اليوم في إيران)، ثم أخذ فيما بين خراسان وكرمان حتى خرج على “الطبَسَين“(بين نيسابور وأصبهان، في إيران)ففتحهما، وعلى مقدمته (2)قيس بن الهيثم بن أسماء بن الصلت السلمي، ومعه فتيان من فتيان العرب، ثم توجه نحو “مرو”(عشق آباد، عاصمة تركمانستان) فوجه إليها (3)حاتم بن النعمان الباهلي،(4) ونافع بن خالد الطاحي، فافتتحاها كل واحد منهما على نصف المدينة، وافتتحا رستاقها عنوة وفتحا المدينة صلحا، وقد كان يزدجرد قتل قبل ذلك (في هلمند): خرج يتصيد، فمر بنقارِ رحا، فضربه، فلم يزل يضربه النقار بفأس، فنثر دماغه.
ثم سار بن عامر نحو “مرو الروذ” (في بادغيس أفغانستان) فوجه إليها(5) عبد الله بن سوار بن همام العبدي فافتتحها، ووجه (6)يزيد الجرشي إلى “زام”(كورة في نيسابور) و”باخرز”(بين نيسابور وهراة) “وجوين” (في داخل إيران) فافتتحها جميعا عنوة.
ووجه (7)عبد الله بن خازم إلى “سرخس” (في تركمانستان بين مرو وعشق آباد “نسا” ويسمى في الخريطةsaresh) فصالحه مرزبانهم.
وفتح بن عامر “أبرشهر”(وهي نيسابور) عنوة و“طوس”(في حدود إيران، قريبة من مشهد، وهي مدينة الغزالي) وطخارستان(في شمال أفغانستان، وتسمى في الخريطة “تخار”) ونيسابور(في إيران) وبوشنج وباذغيس(كلاهما في أفغانستان) وأبيورد(في تركمانستان) وبلخ والطالقان والفارياب(الثلاثة في أفغانستان)
ثم بعث (8)صبرة بن شيمان الأزدي إلى “هراة” (في أفغانستان) فافتتح رساتيقها، ولم يقدر على المدينة.
ثم بعث(9) عمران بن الفيصل البرجمي إلى “آمل”(مدينة في الطريق من مرو إلى بخارى) فافتتحها.
الذهبي:وفرق(ابن عامر) خراسان بين ستة نفر: (10)الأحنف بن قيس على المروين(مروالرّوذ، ومرو الشاهجهان) (11)وحبيب بن قرة اليربوعي على بلخ، (12)وخالد بن زهير على هراة،(12) وأمير بن أحمد اليشكري على طوس، (13)وقيس بن هبيرة السلمي على نيسابور.
ووجه ابن عامر، فيا ذكر خليفة، (14)زياد بن الربيع الحارثي إلى سجستان فافتتح زالق وناشروذ، ثم صالح أهل مدينة زرنج( في منطقة نيمروز في أفغانستان، على الحدود مع إيران) على ألف وصيف مع كل وصيف جام من ذهب، ثم توجه ابن عامر إلى خراسان وعلى مقدمته الأحنف بن قيس، فلقي أهل هراة فهزمهم.
ثم افتتح ابن عامر أبرشهر -وهي نيسابور- صلحا، ويقال: عنوة. وكان بها -فيما ذكر غيرُ خليفة- ابنتا كسرى بن هرمز. وبعث جيشا فتحوا طوس وأعمالها صلحا. ثم صالح من جاءه من أهل سرخس على مائة خمسين ألفا وبعث(15) الأسود بن كلثوم العدوي إلى بيهق.
وبعث أهل مرو يطلبون الصلح، فصالحهم ابن عامر على ألفي ألف ومائتي ألف.
وسار الأحنف بن قيس في أربعة آلاف، فجمع له أهل طخارستان وأهل الجوزجان والفارياب(شمال أفغانستان) وعليهم طوقانشاه، فاقتتلوا قتالا شديدا، ثم هزم الله المشركين، وكان النصر.
ثم سار الأحنف إلى بلخ، فصالحوه على أربع مائة ألف، ثم أتى خوارزم(أوزبكستان) فلم يطقها ورجع. وفتحت هراة ثم نكثوا.
وقال ابن إسحاق: بعث ابن عامر جيشا إلى مرو فصالحوا وفتحت صلحا. سير أعلام النبلاء (1/ 178)
عودة ابن عامر من خراسان إلى الحج:
ابن سعد:ثم خلَّف بنُ عامرٍ الأحنفَ بن قيس على خراسان، فنزل “مرو”(مدينة ماري في تركمانستان) في أربعة آلاف. ثم أحرم بن عامر بالحج من خراسان، فكتب إليه عثمان يتوعَّده ويضعِّفه ويقول: تعرضت للبلاء. حتى قدم على عثمان، فقال له: “صِلْ قومك من قريش”. ففعَل.
جولته الثانية في خراسان:
ابن سعد:(لما عاد ابن عامر من الحج إلى البصرة) لم تحتمله البصرة، فكتب إلى عثمان يستأذنه في الغزو، فأذن له.
فتح كابل وزابل:
فكتب إلى عبدالرحمن بن سمرة أن تَقَدَّمْ! فتقدم فافتتح “بست”(عاصمة هلمند في أفغانستان، هي اليوم لشكركاه) وما يليها، ثم مضى إلى “كابل”(عاصمة افغانستان) و”زابلستان”، فافتتحهما جميعا، وبعث بالغنائم إلى بن عامر.
قالوا ولم يزل بن عامر ينتقص شيئا من خراسان حتى افتتح هراة وبوشنج وسرخس وأبرشهر والطالقان والفارياب وبلخ، فهذه خراسان التي كانت في زمن بن عامر وعثمان. الطبقات(4/ 31)
وهكذا تم فتح أفغانستان وإيران وتركمانستان في ولايته.
ابن الأثير(630ه):عبد الله بن عامر بْن كُرِيز بْن رَبِيعة بْن حَبيب بْن عبد شمس بن عبد مناف ابن قصىّ القرشي، وهو ابْنُ خال عثمان بْن عفان، أم عثمان: أروى بنت كريز، وأمها وأم عَامِر بْن كُرَيْز: أُم حَكِيم البَيْضَاء بِنْت عبد المطلب، عمة النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ، وأُم عَبْد اللَّه دِجَاجَة بِنْت أسماء بْن الصَّلت السّلميَّة.
وُلِدَ عَلَى عهد رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وأُتي بِهِ النَّبِيَّ -وهو صغير- فقال: “هَذَا يشبهنا. وجعل يَتْفُل عَلَيْهِ ويُعَوِّذه، فجعل عَبْد اللَّه يبتلع ريقَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنه لَمُسْقَى” فكان لا يعالج(يأتي) أرضًا إلا ظهر لَهُ الماء.
وكان كريمًا مَيْمُون النَّقِيبَة، واستعمله عثمان عَلَى البصرة سنة تسع وعشرين بعد أبى موسى، وولّاه أيضا بلادَ فارس بعد عثمان بْن أَبِي العاص، وكَانَ عمره لما ولي البصرة أربعًا، أَوْ خمسًا وعشرين سنة، فافتتح خراسان كلَّها، وأطراف فارس، وسجستان، وكرمان، وزابلستان. أسد الغابة (3/ 18).