تحليل الأسبوع

عبر في مصير الجبابرة والظالمين!

1-flag

 

إن الظالمين لا يستحقون الغضب الإلهي في الآخرة فحسب، بل يذوقون عذاب الخزي في الحياة الدنيا قبل الآخرة، وذلك لأن الظلم من كبائر الذنوب، إذ هو اعتداء على حقوق العباد وعلى حقوق رب العباد! ولكي يكونو عبرة وعظة للآخرين.

 

وقد سجلت صفحات التاريخ مصير الطغاة والجبابرة وسوء عواقبهم، لتكون عبرة لمن يعتبر! وأوضح نموذج لذلك قصة فرعون (الرمسيس الثاني) المشهورة، والتي ذكرها الله تعالى في كتابه حيث قال جل جلاله:  ( فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ ءَايَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ ءَايَاتِنَا لَغَافِلُونَ ) [يونس – ٩٢]

 

ووفق هذه السنة الإلهية في حق الجبابرة والطغاة، فقد أذيع رسمياً يوم السبت الماضي الموافق لــ (٢٠١٤/١/١١) خبر مقتل رئيس الوزراء السابق للكيان الصهيوني (إيريل شارون) بعد أن ذاق مرارة ظلمه وطغيانه لثمانية أعوام!

 

ولد المذكور عام ١٩٢٨م من أب بولندي وأم روسية، اكتسب شهرة عالمية في القسوة، والوحشة، وسفك الدماء، وإزهاق الأرواح، حتى إن منظمة حقوق الإنسان قد سجلته في قائمة مجرمي الحرب.

 

في عام ١٩٥٣م قام شارون بإبادة قرية “قبية” الواقعة في قطاع غزة بوحشية وقسوة بالغة! فدمر كل بيت على من كان فيها بالألغام والمتفجرات! ومن كان يخرج من داره تستقر رصاصة الظلم والجور في صدره! أسفرت هذه الإبادة الدامية والأليمة عن استشهاد ٧٤ فلسطينياً معظمهم من النساء والأطفال، وهدم ما يقارب ٤٥ داراً، ومدرسة واحدة، ومسجد واحداً! حيث أدينت هذه الجريمة أنذاك على مستوى العالم، حتى أن أمريكا لخدع الناس وصرف أذهان العامة أدانت الحادث وعلقت مساندتها لإسرائيل لفترة مؤقتة!

 

في عام ١٩٨٢م الذي كان يحل فيه شارون منصب وزير الدفاع في الكيان الصهيوني، ارتَكب الجيش الإسرائيلي بمساندة الجيش اللبناني ــ في كنف الظلام ــ مجزرة دامية في مخيمات (صبرا، و شاتيلا) للاجئيين الفلسطيين على الأراضي اللبنانية! وقتلوا حوالي (٣٥٠٠) فلسطيني منهم النساء والأطفال والشيوخ! فأبقروا بطون الحوامل، واعتدوا على أعراض النساء ثم قتلوهن، وذبحوا الأطفال والشيوخ! ونتيجة ذلك أحرز لقب (سفاح بيروت)!! وهذا الأمر زج بالعالم وحركته، حتى أن المحكمة الإسرائيلية نظراً لحساسية الموضوع وتوتر الأوضاع أدانت شارون في الجريمة بشكل تكتيكي ومهارة!! ولذلك اضطر للاستقالة من منصب وزير الدفاع، لكنه بعد حين أبى إلا أن يظهر كرئيس للوزراء!!

 

وما ذكرناه آنفاً كان على سبيل التمثيل لا الحصر، إذ إن شارون يداه ملوثة في جرائم كثيرة أخرى، وفي المجال السياسي يعد شارون العقل المخطط لمشروع غصب أراضي الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة واستيطان الإسرائيلين فيها، وكان ذلك حينما كان المذكور وزير الزراعة في حكومة الرئيس الإسرائيلي (مناحيم بيجين).

 

نعم! إن آل شارون لم يتمكنوا من ارتكاب تلك الجرائم، ولن يتمكنوا منها بدون حماية ومساندة خارجية، ولم يستعرضوا عضلاتهم إلى بقوة سيدتهم (أمريكا)! لكن الله عزوجل قد جعل مصير شارون آية لمن خلفه، كما جعل فرعون آيةً لمن خلفه! إلا أن الفارق بينهما أن الله عزوجل عاجَلَ فرعون بالهلاك، أما شارون فقد صراع مع الموت منذ ثماني سنوات! ورغم أن المذكور قد ذاق طعم آهات الأطفال المظلومين وصرخاتهم، وأنين النساء، وويلات الشيوخ في العالم الخيالي!! لكنه الآن أقدم على الحكم العدل، وسيوفيه الله حسابه!

 

إن الطغاة المحتلين الآن ليس في فلسطين لوحدها، بل جعلوا العالم كله ناراً ملتهبة للمسلمين، فهاهم منذ احتلال بلادنا فتتوا أجساد عشرات الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ في غاراتهم العمياء وسووها بالتراب، وفرشوا بساط النعي والوعيل في كل دار! وضرجوا تراب البلد بدماء الأبرياء المظلومين شبراً شبراً! 

لكن للأسف! فالعالم كله يشاهد ذلك بأم أعينه، لكن لم يحرك أحد منهم ساكناً قط! ولم يستنصر يوماً لهؤلاء الأطفال والنساء والشيوخ المظلومين، ولم يعترض على المحتل إعتراضاً معقولاً! بل على العكس يؤيده ويشجعه!

 

إن الشعب الأفغاني المضطهد والمظلوم رغم أنه لا يجد على وجه الأرض من يقف بجانبه علناً ضد عنف المحتلين وجورهم ويساعدهم، إلا أن الله تعالى معهم بنصره وحفظه! وكفى به نصيراً وظهيراً، الذي إذا شاء أن ينتقم من الظالم للمظلومين فضحه كما فضح فرعون في الأمم السابقة، وشارون في هذه الأمة

وفي النهاية نؤكد أن على المحتلين أن يكفوا يديهم عن قتل الأفغان واضطهادهم، وأن يعيدوا لهم حقهم الذي صلبوه منهم، وأن يتركوهم كي يحددوا مصيرهم بأنفسهم، وإلا فليس ببعيد ذلك اليوم الذي سينتقم الله لنا منكم، ويرينا فيكم عجائب قدرته، ويغرق سفينة الجور والظلم التي ركبتموها إلى الأبد، ويكون مصيركم كمصير الشيوعيين ومن كان قبلهم. وما ذلك على الله بعزيز..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى