عبير النصر
أبو غلام الله
مازال المجاهدون يعانقون النّصر، ويزفّون إلى الأمة الإسلامية عامة، والشعب الأفغاني على وجه الخصوص بشائر النصر والتمكين، فباتت معظم أراضي أفغانستان بأيدي المجاهدين عدا المراكز التي يتحصّن فيها العملاء والجنود الصليبييون، ولولا الطائرات الحربية والقصف العشوائي والمساعدات التي تأتي من دول الكفر، لما استطاع الأعداء أن يصمدوا أمام ضربات المجاهدين حتى هذا التاريخ.
وفي الفترة الأخيرة كثُر التسليم للمجاهدين، وهروب رجال الدولة إلى خارج أفغانستان؛ وما ذلك إلا للوضع المتردي في كابول من ارتفاع أسعار الموادّ الغذائية، واليأس عند الناس من قدرة نظام العملاء على الاستمرار في حكم العاصمة كابول، وإنّ المجاهدين اليوم أقدر من في أي وقت مضى على الإجهاز على الحكومة العميلة ذات الرأسين، وإقامة حكومة إسلامية تطبق شرع الله على منهاج الكتاب والسنة.
وأمّا ما نرى من طنطنة الأعداء عن إحلال السلام في أفغانستان، فهو سراب وفتنة يعلمها المجاهدون بأنها من مستلزمات الجهاد المليء بالأشواك والعقبات، حتى تحسن صلتهم بربهم، ويتوجهون إليه بالدعاء والتضرع إليه، ويحرصون على الاستقامة على أمر الله ليستحقوا بها نصر الله وتأييده.
نقول للمسلمين الذين انخدعوا ببريق السلام والذين يلوموننا متسائلين: لماذا لا تجلس الإمارة الإسلامية على طاولة المفاوضات كي تجلب السلام إلى الوطن الذبيح؟ نقول لهم: أين كان هؤلاء الذين يتشدقون بالسلام عندما غزى الصليبيون أفغانستان بأساطيلهم الجوية والبرية وأحرقوا الأخضر واليابس ودمّروا أفغانستان وأبادوا مئات الآلاف من الأفغان وهجّروا الآلاف الآخرين؟ كيف يمكن أن يتفق من كان سبباً في تدمير أفغانستان مع الذي دفع ظلم المعتدي وبذل في سبيل ذلك المهج والأرواح؟
إنّ الإسلام الذي يرفع راياته المجاهدون في أفغانستان، لا يقبل أن يعايش ملل الكفر؛ لأنّ دين الله عبودية لله وحده، وملل الكفر عبودية للطاغوت، فكيف يستوي دين الله مع دين الطاغوت؟
إنّ انتصار الشعب الأفغاني المسلم على الأمريكان سرّ المسلمين في الأرض، وأحزن الكفار وأقضّ عليهم مضاجعهم، فلم يهدأ لهم بال ولم يقر لهم قرار، فدبّروا المؤامرات التي لم تقف عند حد منذ أن انكشف عجز الأمريكان في أفغانستان، فبدأوا بالانسحاب وأوجدوا لهم أذناباً ينوبون عنهم في القتال، وكل ذلك لغاية واحدة وهي أن لا يحكم الإسلام أفغانستان، وليحكمها الكفار والمنافقون، ولكي لا يتولى أمر أفغانستان المجاهدون الذين دفعوا الغازي المعتدي، وحفظوا الحرمات، وقدموا الأنفس والأموال رخيصة في سبيل الله، حتى أصبحوا مضرب المثل في الصبر على البلاء، والثبات في مواطن اليأس.
فالذي نصر المجاهدين وهم وحيدين على الصليب وهو في عنفوان قوته وجبروته، ينصرهم في آخر حلقة من حلقات بقاء الحكومة العميلة بكابول وقد أصبحت 70% من أراضي أفغانستان تحت سلطانهم، وقد تزلزلت الدولة العميلة، وامتلأ جنودها العملاء باليأس، ودبّ فيهم الخلاف والشقاق.