
عظمة الدم المسفوك في غزة
الشهيد د. نائل بن غازي (تقبله الله)
كانت هذه الكلمات الحيّة من أواخر ما سطرته يد الشهيد العالِم العامِل د. نائل بن غازي -تقبله الله تعالى في عليين- وأسكنه جنة الفردوس الأعلى، معاتباً فيها أمته التي خذلت غزة في محنتها الشديدة، وأخلدت إلى الأرض غير عابئة بعواقب هذا الخذلان؛ من الله أولاً، ثم من سنن الكون والتاريخ التي لا تحابي أحداً.
نشهد له -بإذن الله- أنه بلّغ رسالة الدعوة والنصح في الأمة ورسالة استنهاض الهمم في أبنائها، بالدمِ الحار القاني لا بالشعارات المجرّدة التي يحُسن الهتاف بها كلُ أحد.
لا تحسبوا أن الدم المسفوك في غزة هيّنٌ عند الله. إن هان الدم المسفوك في غزة في أعين الناس؛ فهو ليس بهيّن عند الله، بل هو أعظم من البيت الحرام الذي سيقصده ملايين المسلمين في هذه الأيام.
ولا تظنوا مجرد ظنٍّ أن الكفر قد يعلو على الإيمان، أو يكون له دائم سلطان!!
فقد قضى الله وقدر ﴿وَلَن يَجعَلَ اللَّهُ لِلكافِرينَ عَلَى المُؤمِنينَ سَبيلًا﴾.
نحن نخوض غمار أعظم المعارك تحت أنقى وأطهر راية، وأشرفها غاية، ونبذل لها أنفس ما نملك وأزكاها، رجاء أن يُحدث دمُـنا فيكم يقظةً، ويحيي فيكم باعث المدافعة التي لا عزّ لكم إلا بها، ولا شرف لكم إلا تحت لوائها.
وكما عاتب الله الصحابة عتاب التوبيخ ليتسفزهم لداعي الجهاد فقال الله ﴿وَما لَكُم لا تُقاتِلونَ في سَبيلِ اللَّهِ وَالمُستَضعَفينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالوِلدانِ الَّذينَ يَقولونَ رَبَّنا أَخرِجنا مِن هذِهِ القَريَةِ الظّالِمِ أَهلُها وَاجعَل لَنا مِن لَدُنكَ وَلِيًّا وَاجعَل لَنا مِن لَدُنكَ نَصيرًا﴾ [النساء: 75]
فالعتاب موصولٌ فيكم يا أحفاد خير من وطأ الثرى، وأذلت صولاتهم الغزاة وخضع لسلطانهم الورى.
إلى متى تستسلمون للعجز كأنكم مسلوبو الحيلة عديمو الإرادة، إلى متى تركنون للظلم كأنكم من فرط عجزكم تبادلونه التحية والإشادة.
أعجزتم عن خلق فرص النصرة وهي -بحول الله- كثيرة، ورضيتم بالقعود إخلاداً للحياة الوفيرة، وسكّنتم وخز الضمير فيكم بالهروب، وتسربلتم سرابيل الهزيمة حتى اضطرتكم لأضيق الدروب، فعشتم صورة الإسلام لا حقيقته، وعظمتم الجهاد وخذلتم طريقته.
فمتى تستيقظون؟ ومتى تنهضون؟ ومتى تنتفضون؟
فالناس غاديان، وكل الناس يغدو، فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها !!
ألا فاقصدوا بحر اليقظة وتحللوا من قيد السلبية المرفوض، وخلّوا عنكم قنوات الهروب من واجبكم المفروض.
فالتاريخ شاهد..
يسجل من حفظ وصان، ومن فرّط وخان.
وإننا وإياكم إن لم نلتقِ في الدنيا؛ فعلى حوض الرسول ﷺ ملتقانا؛ فبأي وجهٍ تحبون أن يقابلكم؛ وبأي العبارات يستقبلكم.
اللهم إننا بالدم قد بلغنا، فاللهم فاشهد …