مقالات الأعداد السابقة

عمليات الإجلاء المخزية

عبدالصبور فائز

 

لم ينسَ الأمريكان عمليات إجلائهم المخزي عن أفغانستان، والفوضى التي خلقوها أثناء هروبهم من أفغانستان، فهي كانت مخزية بكل معنى الكلمة بشهادة كل منصفٍ تتبع تلك الأيام دون انحياز إلى جهة ما، ولأجل ذلك بين الفينة والفينة تأتي تقارير يعترفون فيها بهذه الهزيمة النكراء وأعمالهم المخزية؛ بالتحسّر والتأفف شاؤوا أم قتلوا أنفسهم من الغيظ.

وفي تقرير جديدٍ من الأمريكان أنفسهم، خلص تقرير رسمي أمريكي إلى أن المسؤولين عن عمليات الإجلاء الجماعية من أفغانستان في أغسطس 2021، واجهوا عراقيل بسبب عدم وجود إدارة مركزيّة للأزمة والغموض الذي اعترى مسألة اتّخاذ القرار، والرسائل العلنيّة المُلتبسة التي صدرت عن واشنطن آنذاك.

ودعا التقرير إلى إجراء إصلاحات تشمل تعيين مسؤول واحد فقط في أيّ أزمة مستقبليّة، وفصل التخطيط للإجراءات الطارئة عن الاعتبارات السياسيّة.

وكان وزير الخارجيّة، أنتوني بلينكن، أمر بإجراء هذه المراجعة بعد مشاهد الفوضى في مطار كابول الدولي، عندما نظّم الجيش الأمريكي عمليّة إجلاء واسعة إثر عودة الإمارة الإسلامية إلى السلطة.

وأشاد التقرير بنجاح هذا الجسر الجوّي، الذي أتاح إجلاء 125 ألف شخص بينهم 6 آلاف أميركي، لكنّه أشار إلى أنّ عمليّة الإجلاء واجهت “تحدّيات كبرى” مرتبطة بواقع أنّ كبار المسؤولين في إدارة الرئيس جو بايدن “لم يتّخذوا قرارات واضحة” منذ البداية لناحية إجلاء الأفغان الذين ساعدوا الأمريكان أثناء احتلالهم بلاد الأفغان.

وكانت الاستخبارات الأمريكيّة تعتقد أنّ الحكومة الأفغانيّة الموالية للغرب قادرة على الاحتفاظ بالسيطرة على كابول “أسابيع أو حتّى أشهر”.

وأوضح التقرير أنّ الأمر الذي أعاق إلى حدٍّ ما الاستعداد للأزمة وتخطيط الاستجابة لها تمثّل في “الخشية من إرسال إشارة خاطئة، خصوصاً رسالة قد توحي بأنّ الولايات المتحدة لم تعُد تثق في الحكومة الأفغانيّة” وبالتالي تسريع سقوطها.

من جانبها، اعتبرت الإمارة الإسلامية أن الرئيس الأميركي جو بايدن أكد في تصريح عدم وجود تهديد لتنظيم القاعدة في أفغانستان.

كان بايدن بصدد إنهاء مؤتمر صحافي الجمعة بشأن وقف المحكمة العليا الأمريكية برنامجه لتخفيف ديون الطلاب، عندما سئل عما إذا كان يعترف بارتكاب أخطاء خلال الانسحاب من أفغانستان عام 2021.

وردّ: “لا، لا. كل الأدلة تشير إلى ذلك”، وفق ما أورد البيت الأبيض في نسخة مكتوبة لتصريحاته.

وأضاف: “هل تتذكرون ما قلته عن أفغانستان؟ قلت إن القاعدة لن تنشط هناك… قلت إننا سنحصل على مساعدة من طالبان. ماذا يحدث الآن؟ ما الذي يحدث؟ اقرأوا ما تكتبه صحافتكم. كنت على حق”.

وعلقت وزارة الخارجية الأفغانية على تصريحات بايدن. وقالت الوزارة في بيان “نعتبر تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن بشأن عدم وجود جماعات مسلحة في أفغانستان إقرارا بالواقع”. وأضافت أن ذلك “يدحض التقرير الأخير لفريق مراقبة العقوبات التابع للأمم المتحدة والذي يزعم وجود ونشاط أكثر من عشرين جماعة مسلحة في أفغانستان”.

وقد أكّدت الإمارة الإسلامية وتؤكد مرارًا وتكرًا أنّ الإمارة الإسلامية لن تسمح بأنْ تُستخدم أراضيها ضدّ أي أحد، وقد أثبتتْ ذلك خلال حكومتها في العامين الماضيين، وها قد آن الأوان بأن تعترف الدول بالإمارة الإسلامية كحكومة إسلامية مثالية راقية في القرن الواحد والعشرين.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى