مقالات الأعداد السابقة

عند ما تنصهر الغطرسة !

لاشك أن شعبنا الباسل قاوم اعتى قوة في العالم وقد اسقط احدى اعظم الامبراطوريات العظمى على مرأى ومسمع من العالم وأرغمها على أن تجر اذيال خيبتها ملطخة بالخزي والعار مخلفة ورائها آلاف القتلى من جيوشهم في مقبرة الإمبراطوريات.
واليوم وصل دور امريكا المتغطرسة ونحن نؤمن بوعد الله وانجازه كما نثق بأن التدبير تدبير الله والنصر من عند الله والكثرة العددية ليست هي التي تكفل النصر والعدة المادية ليست هي التي تقرر مصير المعركة، وإننا على يقين كامل ان الله سينصر العصبة المسلمة ويسلّط على اعدائها الرعب والخيبة والهزيمة انما ذلك لأنهم اعداء الله ورسوله فينزل الله العذاب عليهم وهو قادر على عقابهم، وهم اضعف ان يقفوا لعقابه وهذه قاعدة وسنة.. فليثبت الذين آمنوا إذن حين يلقون الذين كفروا، وليتزودوا بالعدة الحقيقية للمعركة، وليأخذوا بالأسباب الموصولة بصاحب التدبير والتقدير، وصاحب العون والمدد، وصاحب القوة والسلطان، وليتجنبوا أسباب الهزيمة التي هزمت الكفار على كثرة العدد وكثرة العدة، وليتجردوا من البطر والكبرياء والباطل، وليحترزوا من خداع الشيطان، الذي أهلك أولئك الكفار، وليتوكلوا على الله وحده فهو العزيز الحكيم.
تلك سنة الله في الكون وتلك أيضاً حكمة الله تعالى بأنه يورث الأرض من يشاء من عباده و يختار، فلا يغتر الإنسان بقوته وجبروته وقدرته الزائلة فالله جل في علاه أعظم وأقوى من أي طاغية على وجه المعمورة، فلو كان الحكم يبقى للإنسان المتغطرس ما رحل عنها فرعون و هامان و من اتبعوهم من العبيد والعملاء.
وهكذا سينتهي حكم الاحتلال في غضون عام وبضعة أشهر بمشيئة الله.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن كيف يكون مصير البلاد بعد دحر الغزاة المعتدين؟
ما الذي ينتظره أفغانستان في السنوات المقبلة؟..
هل سيتكرر الصراع على السلطة كما حدث بين منظمات المجاهدين بعد دحر الاحتلال السوفيتي؟..
هل سيوفق الشعب إلى صيغة المحادثات السلمية والمفاوضات وهل ستكون هناك بارقة أمل وسيتجدد فلقة الصبح في الأفق؟.
هناك أراء للمحللين في هذا الصدد فمنهم من يقول إنه: بعد مرور أكثر من عقد من الحرب الأمريكية في أفغانستان، والجهود التي بذلتها واشنطن لتأسيس بنية كابول التحتية، وتدريب قواتها الأمنية وقوامها 350 ألف جندي، وتكريس الديمقراطية إلا أن الأمور هناك ما زالت مختلطة ونسبت الصحيفة الأمريكية “ذي كريستيان ساينس مونيتور” إلى «مارتن فان بيجلرت»، المدير المساعد لشبكة “محللي أفغانستان”، في كابول، قوله: “إن هناك شعورًا لدى الأجانب الآن، بأن الأضواء في أفغانستان لن تخرج بعد عام 2014، وأن الشمس لن تسطع مجددًا هناك”، مضيفًا “في السنوات الأولى من الحرب الأمريكية الأفغانية، كان هناك تصور تفاؤلي أكثر من اللازم، ولكن مع مرور الوقت بدأ هذا التفاؤل في التراجع، وذلك بسبب الإفراط في تقديرات الدور الدولي في أفغانستان”.
و تحذر صحيفة ديلي تلغراف مما وصفتها بالحقائق القاسية والمرة التي تنتظر مستقبل أفغانستان في أعقاب انسحــــــــــاب
القوات الأجنبية بحلول نهاية 2014، وقالت إن المفاوضات تقتضي أن تكون حركة طالبان جزءا من الحكومة الأفغانية المستقبلية.
وأعربت الصحيفة في افتتاحيتها اخيرا عن المخاوف بشأن أفغانستان في مستقبل الأيام، وخاصة أن طالبان تتجه لتكون من السلطات التي تحكم البلاد بعد انسحاب القوات الأجنبية منها، موضحة أنه بانسحاب القوات البريطانية من أفغانستان مع نهاية 2014 ستكون الحرب على أفغانستان قد بلغت 13 عاما، مما يجعلها من بين الحروب الأطول التي تشن ضد أفغانستان منذ نابليون بونابرت.
وأوضحت ديلي تلغراف أن طالبان تعتبر حركة متجذرة بشكل عميق بين قبائل البشتون في جنوبي وشرقي أفغانستان، وأنه لا يمكن لأي قوة مهما بلغت عظمتها اقتلاع الحركة من جذورها، وأنه كان لا بد من إجراء مفاوضات مع هذه الحركة العنيدة.
هذا ما رأت ديلي تيلغراف ولكن يتفاءل كرزاي ويقول: “بات من المؤكد أن أفغانستان ستكون أكثر أمناً بعد رحيل الغزاة منها هذا ما أكده بعد عودته من زيارة قام بها إلى الولايات المتحدة الأميركية أخيرا.
وقال في مقابلته مع صحيفة “الغارديان” البريطانية انه بعد انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان ستتحسن الأوضاع في البلاد حيث سيرمي السلاح أغلب الأفغان الذين وقفوا إلي جانب المعارضة، بسبب عدم رضاهم عن وجود القوات الأجنبية في البلاد.
نحن نقول له:
إن كنت لا تدرى فتلك مصيبة  أو كنت تدرى فالمصيبة أعظم  
انك تزعم أن ما تصبو إليه من الحكم والسلطة ستكون في مأمن حتى بعد رحيل الاسياد ولكن هذا وهم وجنون فمصير الاحتلال الأمريكي الأطلسي كمصير الاحتلال السوفييتي الشيوعي من قبله، وكمصير الاحتلال البريطاني قديما، ونهايته محتمة بسبب المقاومة التي لا نظير لها ضده، سواء حملت اسم المقاومة المسلحة للمنظمات الجهادية أو اسم حركة طالبان الاسلامية أو سوى ذلك من الأسماء، ومصير كرزاي وحكومته لن يختلف إلا في التفاصيل عن مصير العملاء الآخرين مثل تره كي، امين، بابرك ونجيب الله آخر الرؤساء
في فترة الاحتلال السوفيتي.
لقد جاهد شعبنا الأبي العدو الغاشم مدة ليست قصيــــــــــرة وقد اثمر جهاده وما يمر يوم إلا وفلقة النصر تتجدد في الأفق القريب وقد أذل الله الجبابرة المعتدين الذين زعموا احتلال بلادنا لقمة سائغة وظنوا استتباب حكمهم فيها في غضون الأشهر والأسابيع ولكن خسر ظنهم وخاب حيث طال الأمد إلى أكثر من عقد وإنهم ما استطاعوا خلاله من تكريس حكمهم النحس كاملا حتى في شبر واحد من هذه الأراضي الطاهرة المخضبة بدماء الشهداء الأبرار.
ولله در الشاعر المتنبئ حيث قال:
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى
حتى يراق على جوانبه الدمُ
إن ارادة شعبنا مصممة على مواصلة المقاومة والجهاد حتى تحقيق النصر النهائي وإنفاذ الشريعة في ربوع بلاده ولربما تكون الحرية والوصول الى هذه الأمنية بتضحية الأنفس والأرواح ولكن هذا الشعب يتقن التضحية والموت في سبيل الله فلن يرضي بغير شريعة الله في أرضه أبدا وهذا ما نتمناه في اقرب فرصة في بلاد الأبطال.
اراد الاحتلال أن يكسب الحرب بالآلة العسكرية ومن المعلوم إن كسب الحرب ضد الأفكار والمعتقدات لا يكون بالبطش والجبروت ولا بالآلة العسكرية، ولا بالحرب المدمّرة ولا بإلقاء القنابل العملاقة عبر استخدام طائراتٍ من دون طيار ولا بتلفيق التقارير الكاذبة المختلقة والترهات الباطلة فإن شعبنا الأبي مسلح بسلاح الإيمان ومن ثم بالعزّ الأفغاني الذين لا يتوفران في مخازن أسلحة أمريكا الحديثة ولا في مخازن حلفائها النذلاء، ولا يملك العدو وسائل الدفاع عن ذلك السلاح الفذ العجيب، وقد آن أن انتصر سلاح الإيمان على سلاح المادة بمشيئة الله عز وجل كما انتصر قبل ذلك مرارا في احقاب التاريخ.
ان افغانستان شعب صلب المراس يأنف الذل ولا يستطيع الإقامة على الضيم فلقد قهر الاسكندر الأكبر وأذل بريطانيا وأخيرا الاتحاد السوفيتي وهذا مصير كل من يتسول له نفسه اجتياحها دون استثناء فهل ينسحب جنود الأطلسي والأمريكان وعملائهم سالمين، كلا وحاشا بل انهم سيقبرون بأمانيهم في هذا البلد مع من دفنوا فيها قبلا فهذه البلاد مقبرة الإمبراطوريات وهذا هو أوان انصهار الغطرسة الأمريكية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى