مقالات الأعداد السابقة

عودة أمريكية إلى الأوراق القديمة

بقلم: أ. مصطفى حامد (أبو الوليد المصري)

 

# وزراء المناصب السيادية في حكومة كابل يستقيلون والسفير الأمريكى يرفض الإستقالة.

# تدوير النفايات السياسية تشمل “زلماى خليل زاد” لإعادة تشكيل نظام كابل المحتضر.

# وزير الحرب في أكبر جيوش العالم، يذهب إلى كابل للبحث عن حل سلمى لمعضلة جيشه.

# ترامب ينتظر نصرا سياسيا في أفغانستان، ينهى أطول حروب بلاده، ويساعده على تفادى خسارة الجمهوريين في إنتخابات التجديد للكونجرس، التي قد تفتح أبواب جهنم في وجهه.

# يسعى العدو إلى نقل تجربة العراق إلى أفغانستان، بنظام حكم متصارع، يتحكم العدو في مكوناته الطائفية والعرقية والدينية، ويشعل نيران الصراع بينها كلما خبت.

# يداعب ترامب المشاعر العنصرية لدى الناخب الأمريكى، فيوجه الضربات للعرب والمسلمين لإكتساب الشعبية لنفسه ولحزبه.

# أفضل هدية تقدمها حركة طالبان للرئيس الأمريكى قبل إنتخابات الكونجرس، هى تحرير ولاية غزني و ولايات اخرى بمافيه كابول، ليفرشوا له طريقا من الورود نحو الإستقالة، أو المحاكمة، أو مستشفى المجانين.

 

“عندما يفلس التاجر اليهودى، يعود إلى أوراقه القديمة “. وأمريكا أفلست في أفغانستان إلى درجة الهزيمة العسكرية المفضوحة، بحيث لم يعد أمامها من وسيلة لبقاء إحتلالها الذليل سوى التهديد بإبادة السكان، وإتخاذهم رهائن بشرية لطائراتها، لحماية سمعتها العسكرية الكاذبة. وأثبتت عزمها على الإستمرار في تلك السياسة الهمجية في غزنى ومدن أخرى تمكن طالبان من تحريرها، واضطروا إلى تركها حفاظا على أرواح وممتلكات المدنيين.

ــ معركة غزنى كانت الحاسمة في توضيح الوضع العسكرى في أفغانستان كما كشفت عن تهاوى الوضع العسكرى والسياسى لنظام كابول، حيث تصدع بسرعة فاستقال عدد من أعمدته ومراكز القوى فيه. ولولا تدخل السفير الأمريكى ـ الحاكم الفعلى في كابول ـ لكانت العاصمة بلا حكومة، وتولى زمامها المباشر ضباط الإحتلال.

معركة غزنى (الكاشفة) أوضحت أنه في مقدور مجاهدى طالبان الإستيلاء بسهولة وبسرعة على أكبر المدن. وأن تسلح الحركة وتمول نفسها بغنائم الجيش والشرطة في المدن والولايات، ومن النجدات العسكرية على الطرقات الرئيسية.

إنسحبت قوات طالبان من مدينة غزنى حفاظا على أرواح المدنيين. فالأسماك لا تضحى بالمياه التي تسبح فيها. والأسود لا ترحب بحرق أشجار الغابة التي تعيش فيها.

ومع ذلك فهناك أكثر من وسيلة لإرغام العدو على الإنسحاب صاغرا من البلاد، رغما عن تحايله على البقاء بأكثر من طريقة. وسوف تبطل قوات طالبان ذلك الإسلوب الوحشى وترغم العدو على الإنسحاب مع الحفاظ على المدنيين.

 

إعادة التدوير

يطلقون مصطلح إعادة التدوير على عملية إعادة إستخدام مواد القمامة بعد مرورها بعملية تصنيع. وقد وجد المصطلح طريقه إلى الإستخدام السياسى إشارة إلى إعادة إستخدام عناصر سياسية قديمة تم الإستغناء عنها بعد إستهلاكها.

# إعادة تدوير الوزراء ومراكز القوى في النظام أصبحت ضرورية بعد هزيمة الإحتلال ومعه نظام كابول في معركة غزنى. ومع سقوط المدينة الكبيرة مادت الأرض تحت أرجل النظام، وتطايرت الإتهامات وتعاظمت الشكوك. وصارت طالبان هى الشبح غير المرئى، ولكن تواجده محسوس في زوايا النظام ومراكزه الحساسة. الجميع أصبح يشك في الجميع ويتهم كل من سواه بالتقصير، إن لم يكن بالتواطؤ في إحداث الهزيمة.

ودفعة واحدة تهاوت أعمدة النظام الأساسية المتمثلة في وزير الدفاع، ووزير الداخلية ومدير دائرة الأمن القومى، وقبلهما بيوم إستقال “حنيف أتمر” مستشار الرئيس للأمن القومى والشخصية الأكثر نفوذا في كابول. فهو مؤسس مشروع داعش في أفغانستان، والذى يتهيأ ليكون رئيسا للدولة في إنتخابات العام القادم.

تدخل السفير الأمريكى لمنع أنهيار النظام، وأصدر أوامره للمستقيلين كى يعودوا إلى مناصبهم، ورئيس الدولة ” أشرف غنى”ــ وغالبا بأوامر أمريكية ـــ عين سفير أفغانستان لدى واشنطن مستشارا لشئون الأمن القومى بديلا عن”أتمر” الذي يتنمر على منصب الرئاسة، هذا إذا نجح في كسب السفير الأمريكى إلى صفه، حيث ان ديموقراطية أفغانستان هى ديموقراطية التعيين. فوزير الخارجية السابق (جون كرى) هو الذي رسم تشكيلة الرئاسة الحالية، في إختراع فريد في تاريخ الأمم، حيث وضع رئيسين في منصب واحد. وهناك شخصيات تعينها أمريكا للمناصب الحساسة في حكومة كابل. وتلك هى ديمقراطية التعيين الأمريكية التي لا إعتبار فيها لأصوات الناخبين ولاصناديق الإنتخابات ولا الحبر الملوث الذي يكسو أصابع البلهاء.

 

تدوير زلماى خليل زاد:

الإستعمارى العتيد زلماى خليل زاد، يعاد تدويره مرة أخرى للإستخدم في البحث عن حل للمأزق المستعصى للإحتلال الأمريكى. فنظام كابول المصنوع أمريكيا يصعب تماسكه لتنامى الصراع داخله، مع ضربات المجاهدين من خارجه. وهناك التسابق الشرس على الأموال المتدفقة من المعونات الأمريكية والدولية، وسرقة المشاريع الداخلية وتحويل إعتماداتها المالية إلى حساباتهم البنكية خارج البلاد. خليل زاد كان المستشار الأول في تصميم النظام السياسى المصاحب للإحتلال. والآن تلك الخبرات مطلوبة لإصلاح عطب طال صلب النظام المحتضر في كابل. ويرى المحتل الأمريكى ومن أجل إصلاح النظام الفاسد، إشراك حركة طالبان فيه، أى التلويح لهم بمزايا الفساد وعوائده المالية الضخمة ومناصبه السياسية الحساسة.

# وزير الحرب الأمريكى ماتيس يذهب إلى كابل لنفس الغاية ولنفس الهدف. وزير دفاع أكبر دولة إستعمارية في العالم يذهب للبحث عن حل سلمى لصراع مسلح عجز جيشه عن الإنتصار فيه، بعد أن كلف بلاده آلاف القتلى وحوالى ترليون دولار من النفقات العسكرية المباشرة، وإنفاق 4.5 مليار دولار سنويا في أفغانستان، وميزانية سنوية للجيش الأمريكى مقدارها 720 مليار دولار، متخطيا مجموع ما تنفقه عشر دول تالية له على سُلَّم النفقات. ماتيس في كابل يمنى نفسه بصوت عال بأن إتفاقا سياسيا مع طالبان هو من الممكن الذي ظهرت بوادره، رغم غياب أى دليل على ذلك. وكأن الوزير يتمنى في أحلام اليقظة، أو أنه يجهز الأجواء لخدعة جديدة يُسَوِّقُها على أنها إتفاق وإنجاز مع طالبان، كما سبق لهم وأن فعلوا في أعوام سابقة.

 

حنيف أتمر” الداعشى:

# صانع داعش (حنيف أتمر) مستشار الأمن القومى للرئيس، في يده سلاح داعش لإسناده إنتخابيا، وضرب منافسيه وأنصارهم. وفى خضم ذلك الصراع على عوائد الفساد تسيل دماء لصوص كبار. فالمسئولين وأعوانهم فيستخدمون عصابات الإجرام، التي إنضمت إليها داعش في مهام “الذبح” السياسى بين عمالقة النظام. مع توليفة أخرى من القتل ونسف اللجان الإنتخابية، وتفجير التجمعات الإنتخابية والإعلامية لأنصارالمرشحين والمنافسين الإقتصاديين.

ومع ذلك يلزم “حنيف أتمر” ورقة أخرى لا تقل أهمية عن مساندة السفير الأمريكى، وهى ورقة “زلماى خليل زاد” الذي إنتدبته الخارجية الأمريكية ليمسك بالملف الأفغانى في هذه المرحلة الدقيقة. والمطلوب من زلماى تصميم توليفة جديدة للنظام، تغرى حركة طالبان بالإنضمام إلى اللعبة السياسية التي يديرها السفير الأمريكى في كابل. وذلك هو الرهان الكبير والأخير لنجاة الإحتلال في المرحلة الحالية. ولأجل إنجاح الرهان تجمع الولايات المتحدة جميع أوراقها، وتعيد تدوير ما فسد منها. ولا يستبعد أن يكون أتمر الخبير الأمنى وصانع الإرهاب الداعشى المستورد إلى أفغانستان، أن يكون ضمن خيارات خليل زاد لرئاسة أفغانستان في مرحلة قادمة تعتمد على التهويل الإرهابى لتمديد أمد الحرب وتبرير إستمرار العدوان.

لكن الحقيقة الأقوى هى أن ترامب يبحث عن طوق نجاة، قد يأتيه من أفغانستان على هيئة حل سياسى ينهى أطول حرب غرقت أمريكا في أوحالها، وقضت على هيبتها العسكرية والسياسية. نصرا سياسيا يرفع أسهم ترامب وحزبه الجمهورى في إنتخابات التجديد النصفى للكونجرس في شهر نوفمبر القادم، التي إن خسرها الحزب الجمهورى فسوف تنفتح أبواب جهنم على مصراعيها، لإبتلاع ترامب وإنهاء كابوس حكمه عن أمريكا والعالم.

حسب ما جاء في كتاب لصحافى أمريكى فإن ترامب كان قد طلب من وزير دفاعه ماتيس إنهاء الحرب الأفغانية بسرعة، قبل أن يكتشف أن ذلك مستحيل عسكريا. فجاء ماتيس إلى كابل مؤخرا ليحقق بالسياسة نصرا عجزعن تحقيقه بالجيش. وربما إعتمد على مهارات خليل زاد لإنجاز تلك المهمة المستحيلة. في مؤشر على إستعصاء الأزمة، التي لا مخرج منها إلا بالإنسحاب الكامل للمحتلين. ولكن المحتل يستخدم مهارته في جعل الحل هو مجرد إدماج لحركة طالبان داخل النظام الفاسد في كابل، ووضع الإحتلال في موضع الحَكَمِ بين فرقاء محليين، يتصارعون على الحكم، في تكرار مشابه لما يجرى في العراق. أى ديموقراطية التعيين وصراع محلى يتحكم العدو في مكوناته الطائفية والعرقية والدينية، ويشعل نيران الصراع كلما خبت، بالإرهاب الداعشى تارة وبالفتن الطائفية والعرقية تارة أخرى، وبالمحاولات الإنفصالية مرة تلو الأخرى. ومعلوم أن “زلماى” هو أحد كبار المؤسسين للنظام الإستعمارى للعراق، والذى مازال قائما فوق دماء العراقيين، مدمرا بلادهم حاضرا ومستقبلا، إلا أن يعودوا إلى جهادهم الأول ضد الإحتلال، تاركين إفناء بعضهم البعض في “جهاد” فتنة يدمر ولا يبنى.

 

دافعو الجزية في خدمة ترامب:

تستنجد أمريكا بجميع الحكومات العميلة، والأنظمة المتهافتة التي تدفع إتاوات الجزية لدعم الرئيس الأمريكى. كما أعاد ترامب إستنفار حلف شمال الأطلنطى (الناتو) كى يساند لعبته الأخيرة في أفغانستان.

وهو الحلف الذي سبق أن بذل أقصى طاقة ممكنة له وفشل، فهربت معظم قواته من أفغانستان لا تلوى على شئ. فالمعركة خاسرة وعقيمة بالنسبة للحلف. وتستثمرها الولايات المتحدة لأهدافها الخاصة. وتضغط عليهم لزيادة نفقاتهم العسكرية وتقديم دعم مالى أكثر للحلف بدعوى أن العبء الأكبر يقع على الميزانية الأمريكية. فيطالبهم رئيسها بدفع إتاوات مقابل حمايتهم، سواء من الدول الأوربية أو من الدول الخليجية. فلا شئ مجانى يأتى من أمريكا، والدفع مقدما في عرف السمسار ترامب.

بريطانيا أرسلت 440 جنديا إضافيا إلى أفغانستان ليصل مجموع قواتها هناك إلى 1100 جندى. وهو الرقم الثالث بعد عدد قوات أمريكا وألمانيا التي تحبو على طريق العسكرة الدولية بأوامر من أمريكا وإسرائيل، ولكن على جماجم المسلمين فقط !!.

وزير الدفاع البريطانى وحتى يبرر العودة الذليلة لبعض قواته إلى أفغانستان إستخدم حجة “داعش” وأنها من أفغانستان تتصل بأرهابييها وتحركهم في بريطانيا (!!).

نلاحظ أن أمريكا تستخدم تدوير نفايات داعش ليس في أفغانستان فقط، بل في العراق أيضا التي أوضحت أمريكا مؤخرا أنها لن تتركها إلا بعد عودة الإستقرار والأمن إلى المناطق التي كانت تحتلها داعش. وفى سوريا أيضا وضعا شبيها لذلك. فأصبحت داعش مبررا لوقوع العدوان ولديمومته إلى مدى يناسب المحتل، وإرغام الشعوب على الإستجابة لمطالب الإحتلال في مقابل حمايتها من خطر الإرهاب الذي صنعه بنفسه.

ولكن أين ذهب الإحتياج المالى لحلف الناتو، والذى كان واحدا من أسباب تقليص قواتهم بشدة في أفغانستان؟؟. في دوائر الناتو قالوا بوضوح أن قطر ستتولى حمل جزء من نفقات الحلف. ومفهوم أن الإمارات أيضا تقوم بنفس المهمة. وذلك جانب هام من مشاركتهم في عمليات الحلف ـ أى التكفل بنفقات الحملات العسكرية ونفقات قواعده العسكرية حول العالم. وهذا شكل من أشكال دفع ضريبة الإنتساب إلى “المجتمع الدولى” !!. أى دفع إتاوة الحفاظ على الوجود (!!).

 

الحرب المباشرة والحرب الإقتصادية في خدمة الإنتخابات الأمريكية:

إنتخابات التجديد النصفى لأعضاء الكونجرس الأمريكى في نوفمبر المقبل تعتبر حيوية لمستقبل الرئيس ترامب. فلابد أن يفوز الجمهوريون بالأغلبية في الكونجرس، وإلا فإن الإحتمال الأكبر أمام الرئيس هو الإستقالة أو الطرد بعد المحاكمة، التي قد تقوده أيضا إلى السجن. لهذا فإن عنصر الإنتخابات يعتبر هاما للغاية عند محاولة تفسير وفهم تحركات ترامب غير المعقولة في داخل أمريكا وخارجها.

فقد أقحم العالم في بدايات حرب تجارية عالمية، وأصاب إقتصاديات دول هامة بضربات خطيرة، في روسيا والصين وإيران وتركيا وأوروبا. وأشعل مناطق بحروب مباشرة في سوريا واليمن وأفغانستان، وحروب مباشرة مع فتن داخلية كما في العراق وليبيا.

كل ذلك خدمة لموقف الحزب الجمهورى في الإنتخابات. إذ يحاول ترامب الحفاظ لنفسه على صورة الزعيم القوى الذي لايهزم، فأوقف مشاريع الإنسحاب العسكرى في سوريا والعراق، ويهدد بضربات جديدة في سوريا التي يرفض الإنسحاب من بعض أراضيها، كما ألغى فكرة الإنسحاب من العراق، ويداور ويناور ويبيع الأسلحة الفتاكة بالمليارات من أجل إستمرار حرب إبادة اليمنيين وتدمير اليمن. كما يماطل ترامب إلى أقصى حد في الإستجابة لإستحقاقات هزيمته في أفغانستان. فاستنجد بحلف الناتو الذي أمده ببضعة مئات من جنود بريطانيا، ودعما شبه معلن (مالى وعسكرى) من قطر والإمارات. وكل ما يطمح إليه ترامب في أفغانستان هو تحويل الهزيمة العسكرية إلى نصر سياسى معتمدا عى فريق من كبار مستشاريه في الملف الأفغانى وعلى رأسهم خليل زادة وماتيس والداعشى حنيف أتمر، ومعهم بعض العرب النفطيين الذين يستثمرون خبراتهم في إختراق العمل الإسلامى وتضليل مساره بما يخدم أعداء الإسلام، مستخدمين كافة وسائل الفساد والإفساد بالمال المتدفق والتلويح بالسيادة المستمدة من التحالف مع المحتل.

 

فوضى دولية:

ولإثبات قوته كزعيم، نراه يداعب المشاعر العنصرية والدينية المتعصبة لدى الناخب الأمريكى. وأسهل الطرق إلى قلبه هو ضرب العرب والمسلمين. فترامب على وشك توقيع عقوبات جديدة أشد على إيران، وقد يوجه ضربة عسكرية إلى سوريا قبل الإنتخابات، وأشعل الجبهة الداخلية بالفتن في العراق، ويبذل جهده لقلب لبنان رأسا على عقب وخلافا لنتائج الإنتخابات البرلمانية، التي لا إعتبار لها لدى أقوى ديموقراطية في العالم.

إنتخابات برلمان كابول مقررة في أكتوبر قبيل إنتخابات الكونجرس. ورغم تفاهة وزن إنتخابات كابول التي هى تعيينات (قد يجريها خليل زاده إن وصل مبكرا)، ولكن أى شئ ولو كان شكليا وتافها، قد يفيد ترامب وموقفه المتصدع كأسوأ رئيس في تاريخ أمريكا وربما تاريخ العالم الحديث.

فقد شاهد العالم شخصية الحاكم المستبد لدولة عدوانية قوية في مناسبات تاريخية سوداء. لكن هذه هى المرة الأولى التي يرى العالم فيها الإستبداد مضافا إليه الإرهاب النووى مضافا إليه التسول والإبتزاز المالى، كل ذلك تحت تاج من الحماقه المجنونة لرئيس لا خلاق له، مختل عقليا ومنهار نفسيا.

حتى أقرب حلفائه في الإتحاد الأوروبى يقولون على لسان ممثلتهم السياسية موجيرينى(أن نظام العلاقات الدولية يمر بمرحلة من الفوضى). ومعروف أن ترامب هو المسئول الأول عن ذلك فهو ـ وبلاده ـ يشكلان أكبر تهديد على سلامة الإنسانية والكوكب الأرضى كله.

حتى أنه يبتز منظمة الأمم المتحدة بتهديد أعضائها بقطع معوناته عنهم إذا صوتوا ضده في الجمعية العامة”!!”. وفى مجلس الأمن الدولى يستطيع بالتهديد والرشوة والمساومة أن يستخرج منه القرارات في صالح سياساته الإجرامية في أى جزء من العالم. وإذا واجه مقاومة من أصحاب حق النقض، فإنه يضع نفسه فوق العالم ويشكل تحالفا مدفوع الأجر من الحكومات “الصديقة”، ثم يشن ماشاء من الحروب. ولا يمتلك مجلس الأمن حتى أن يعترض على ذلك الفجور الدولى. وهذا ما حدث في عدة دول منها أفغانستان.

وإذا كان الخبر صحيحا، فإن مجلس الأمن يدلى بدلوه القذر في مياه السياسة الدولية مرة أخرى، فيطالب حركة طالبان بالإستجابة لطلب الرئيس أشرف غنى بوقف إطلاق النار (والإنخراط في مباحثات سلام مباشرة بدون شروط مسبقة من أجل تسوية نهائية).

نسى مجلس الحرب الدولى أن العدوان الأمريكى على أفغانستان والمستمر منذ 17 عاما لم يتم بإذن المجلس. ومع ذلك لا يطالب ذلك المجلس الإستعمارى بأن تنسحب جيوش العدوان من أفغانستان بدون قيد أو شروط، حتى يتهيأ المناخ السياسى للإستقرار والهدوء بدون حرب عدوانية، وميليشيات إجرامية، وحكومة هى الأكثر فسادا في العالم.

فمجلس الأمن جزء من النظام الإستعمارى الدولى، وكذلك الجمعية العامة للأمم المتحدة عديمة النفع، قريبة الضرر. ولجانها المتخصصة التي تخدم الخطوط الإستعمارية العامة، فتكون وكرا لأجهزة الإستخبارات الأمريكية وحلفائها.

 

عنصرية ضد المسلمين:

ما تشهده أفغانستان من عمل سياسى، وضغوط متنوعة على حركة طالبان، هدفها جر الحركة قسراً إلى طاولة الإستسلام التي يسمونها (مفاوضات غير مشروطة للإنضمام إلى النظام الحاكم). وكأنه من الممكن طلب الإستسلام من حركة منتصرة تسيطر على معظم أراضى البلد، وهى قوية في كافة المدن.

هذا العرض الأمريكى غير جدى، ولكنه للإستعراض السياسى داخل أمريكا نفسها ليظهر ترامب على أنه القائد الجمهورى الصلب، قاتل المسلمين وقاهر شعوبهم. وذلك يرضى الشعب الأمريكى وبالأخص زبائن الحزب الجمهورى وناخبيه من العنصريين والنازيين الجدد والمسيحيين الصهاينة، كارهى العرب والمسلمين وجميع شعوب العالم غير البيضاء وغير المسيحية، وحتى المسيحية على مذهب آخر غير البروتستانتى.

ربما كانت أفضل هدية تقدمها حركة طالبان للرئيس الأمريكى المجنون، هى تحرير غزنى أو كابول، على أعتاب إنتخابات نوفمبر القادمة.. حتى يفرشوا له طريقا مليئا بالورود صوب الإستقالة، أو المحاكمة، أو مستشفى الأمراض العقلية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى