غارة على إيمان الشباب الأفغان
أحمد الأفغاني
إن الأعداء فشلوا في استعباد الشبان الأفغان وتركيعهم أمامهم، فشلوا في إذلال رقابهم وتخضيعهم لإراداتهم الخبيثة، فشلوا في نزع البنادق عن أكتافهم، كأنهم كانوا يعرفون منذ بداية احتلالهم للبلاد أنهم سيفشلون في تحقيق غاياتهم بقوة النار فقط، وانطلاقا من هذا، حاولوا منذ أول يوم لهم أن یسلبوا الأفغان أمضی سلاحهم وأقطعه وأقواه، حاولوا أن يأخذوا منهم قوّتهم النادرة النوعية، القوة التي لا يملكها إلا أصحاب الإيمان، أصحاب العقيدة والمبادئ؛ إنه الإیمان، ولا شيء غير الإيمان، الإيمان الذي حينما يتغلغل ويصل إلى سويداء القلب یصنع العجائب والغرائب، إنه الإیمان الذي ینتصر في کل معرکة، الإيمان الذي یدفع الشباب إلی معارك الفداء والإباء، إلى معارك البذل والعطاء، الإیمان الذي يصنع المعجزات، ويحقق المستحيلات، ما أروع الإيمان عندما يستولي على النفوس، ويحبّب إليها الموت، ويزهّدها بالدنيا الفانية!
كلما قوي الإيمان قوي صاحبُه، وعلت هممه، وارتفعت معنوياته، وزادت حيويته ويقظته ونشاطه وانتباهه، وزاد تشميره للعمل والسعي نحو التضحيه في سبيله، كيف لا، والإيمان الحي يولّد دائما طاقة مسببة للقيام، الإيمان الحي داعم رئيس لشحذ القوة التي تدفع المرء للنهضة، وصاحب الإيمان الحي مليء دوما بالحياة، بل هو شعلة من النشاط، لا يكل ولا يمل ولا يهدأ.
لقد عرف الأعداء جیدا أن الأفغان لا ینهزمون ما دام الإیمان راسخا في قلوبهم، ما دامت الغیرة ثابتة في صدورهم. إن هذا الشعب لا يزال يبدو أکثر الأمم مناعة وإعاقة للتغرب والعلمنة، ولأجل ذلك بالذات، يمثل هذا الشعب کابوسا مزعجا خالدا وقلقا مستمرا للأعداء.
ومن ثَم يستهدف الأعداء إيمان الشبان والشابات، یستوردون کل شيء یضر بإیماننا، ویمس بهویتنا، ویشوّه تاریخنا، ویهدم کیاننا ویخرب بنیاننا، ویفرّق أسرتنا، ویبدل دیننا؛ فقد بنوا داخل “کابل” ذاتها أکثر من عشرین کنیسة تستقطب شبابنا وتدعوهم إلى المسيحية المحرّفة المنسوخة، أو (كما يقال) تبشّر بالمسیحیة.
یحاولون أن یسلبوا المرأة الأفغانیة حجابها واحتشامها، ویکشفوا عورتها، ویدعوها إلی التکشف والموضات الأجنبیة والسفور والحسور! فقد جلبوا الشذاذ والفساق والکاسیات العاریات من الآفاق کنماذج، جاؤوا بهم لیقتدي بهم شبابنا (لا قدّر الله)، استوردوهم لتتربی الناشئة، ولتتفتح الأجیال القادمة علی هذه النماذج الساقطة. کل هذه المستوردات التي تستهدف هدم کیاننا وتصدع بنیاننا، کل ذلك قنابل للعدو تسّاقط علی إیماننا، تسّاقط على ضمائرنا، تسّاقط على حشمة نسائنا.
انتبهوا أیها الأفغان، استیقظوا أیها المسلمون، إنهم خططوا ورصدوا ملایین الدولارات حتى یسلبونا شبابنا، ویقطعوهم عنا من الجذور، ومن ضمن تخطیطهم الدقیق إفساد المرأة تحت اسم “النسوية”، وجعلها تتمرد علی دینها، وتثور علی ثوابت دينها وقیم مجتمعها، وتثور علی مقدساتها، وتقطع علاقتها مع أبویها تحت اسم الحرية، وتتخلى عن أسرتها تحت اسم الاستقلال، وترحل حيث تشاء، وتبيت ليلها حيث تشاء، وتجالس من تشاء، وتحمل ما تشاء، وتلد ما تشاء، هذا ما يريده العدو من نساءنا بالضبط. إذا فقدنا هذا السلاح المعنوي (لا سمح الله) أعني الإيمان سیتجرأ الأعداء أن یفعلوا بنا کل ما نکره، ثم یتجرؤون أن ینتقصوا أرضنا وینتهکوا عرضنا ویستولوا علی مقدساتنا.
أدرکوا شبابنا یا علماء الأمة! أدرکوا طلاب الجامعات، أدركوا طالبات الجامعات، أدرکوا شبابنا المثقف الذي تعرض للتبشیر، الذي وقع علی مشارف الارتداد في صمت کامل، تحت حمایة قویة من جانب إدارة کابل الفاسدة، إن المبشرین تحت اسم المنظمات الغربیة قد تلقوا الضوء الأخضر من الغرب ومن مرتزقته.
يحاول الأعداء نزع الدين من أعماق الشعب الأفغاني، ويحاولون أن ينشؤوا جيلا ملحدا، جيلا متمردا على القيم الإسلامية والمبادئ التقليدية بأسرها، جيلا مرتدا سياسيا وعقائديا واقتصاديا واجتماعيا وأخلاقيا، كما حاول ذلك الاتحاد السوفيتي إبان احتلاله للبلاد، ولا تزال توجد آثار تلك المحاولة المشؤومة.
صحيح أن كل المحاولات والمساعي لانتزاع الدين من الشعب الأفغاني تتحطم (بإذن الله) على صخرة الفطرة الإسلامية التي ينتمي إليها الشعب، وعلى صخرة الأصالة التي يتمتع بها، مهما بذل المبشرون من الجهود، ومهما أنفقوا من الأموال، ولكن مع كل ذلك، تبقى آثارها السلبية إلى أمد بعيد.
إذن من الواجب علی العلماء إیقاف هذا التیار في أسرع وقت ممکن، وإلا سیؤدي إلی جریمة لا تغتفر وجحیم لا يطاق، يجب أن نعرف خطورة هذه الظروف المحيطة بالشباب الأفغان، وخاصة الشباب المثقف. أثناء هذه اللحظات الحساسة التي يمر بها الشعب، يجب أن نعرف حساسية الموضوع، يجب أن نعرف المكائد التي تحاك للشباب، المكائد التي تحبِّب إليه الكفر، وتزهّده بالإيمان.