غرض الحكم الإسلامي نوعيته وطبيعته!!
الكاتب: أبو ظهير شمس
تعريب: أحمد القندوزي
الغرض من الحكم الإسلامي
لقد حدّد علماءُ الإسلام المعاصرون بعض المبادئ والقواعد لأهداف المسلمين ومصالحهم الدنيوية والأخروية التي تتعلّق بتشكيل الحكومة الإسلامية وإقامتها، على النحو التالي:
1- جعلُ الشريعة الإسلامية دستورًا للبلاد حتى يتم إنشاء نظام عدالة.
2- إقامة علاقات اقتصادية واجتماعية بين الناس بحيث يمكن لكلّ فردٍ أن يعيش بحرّية وكرامة، ولا يواجه أيّ عقبات في تنمية ونمو قدراته الشخصيّة والطبيعيّة، ويتم توفير كافة التسهيلات اللازمة له.
3- توعية جميع المسلمين والمسلمات وتمكينهم من الالتزام التام بالأحكام والتعليمات الأخلاقية للشريعة الإسلامية في المجال العملي للحياة أيضاً، وليس فقط في مجال المعتقدات.
4- في البلدان التي يعيش فيها أتباع الديانات الأخرى بجانب المسلمين، تقع على عاتق الحكومة مسؤولية توفير الخدمات الاجتماعية والتسهيلات الدينية لهم.
5- حماية البلاد من الغزوات والاعتداءات الأجنبية.
6- التركيز على نشر التعاليم والقيم الإسلامية في العالم وتدريسها.
هذه هي الأهداف والأغراض التي إذا أخذها حاكم للحكومة وعمل بجد لتحقيقها، فيمكن اعتبار تلك الحكومة أو السلطة نموذجاً للخلافة الإسلامية.
لا يقتصر هدف الحكومة الإسلامية على إرساء الأمن فحسب، بل إن الخصائص والسمات الأخرى للحكومة الإسلامية التي يمكن أن تميّزها عن الحكومات الأخرى، بعضها على النحو التالي:
– الحرص على جميع الأعمال الصالحة التي تؤدي إلى خير الإنسانية، واتخاذ كافة الإجراءات الممكنة لدرء كل المنكرات التي يسعى الإسلام إلى تطهير الإنسانية منها.
– الحكومة الإسلامية خاضعةٌ للمعتقدات والأفكار والأيديولوجيات، ومحافظةٌ عليها، وتتحمل مسؤولية ترسيخ حكمها في جميع مجالات الحياة. فيجب أن تكون علاقة النظرية الإسلامية بها واضحة وباهرة في كافة المؤسسات والنظام والتشريع.
– بعبارة أخرى، يكون حاكم الحكومة الإسلامية ممّن يؤمن بعقيدة الإسلام ونظريته ودستوره، ويتفق مع النظام الإسلامي وأيديولوجيته السياسية.
ومن لا يعتقد بالفكر السياسي للإسلام، يجب أن لا يكون له نصيب في إدارة الحكومة الإسلامية ولا منصب حكومي.
نوعية نظام الحكم الإسلامي وطبيعته
إن طبيعة الدولة الإسلامية قضية مهمة للغاية، والسؤال هو هل الدولة الإسلامية في طبيعتها تشبه أية دولة دينية من الدول المسيحية في العصور الوسطى مثل [البابوية\الثيوقراطية] ؟ وهل هي إمبراطورية أم جمهورية؟ وما مدى توافق النظام الملكي مع النظام الإسلامي؟ وأي مصطلحٍ غربي حديث يمكن تطبيقه بالكامل على النظام السياسي للإسلام؟ وهل يمكن تفسير طبيعة الحكومة الإسلامية ووضعها السياسي بمصطلحات غربية حديثة؟
من الواضح أن الحكومة أو الدولة الإسلامية تتميز بطبيعة فريدة بين الدول والحكومات المعاصرة في جميع أنحاء العالم، حيث لا تستطيع المصطلحات السياسية الغربية الجديدة تفسير طبيعتها بدقة؛ بل أحد الأسباب الرئيسية لنشر الأفكار حول استخدامها وإطلاقها هو أن المسلمين وغير المسلمين الذين يحاولون تفسير النظرية السياسية للإسلام ونظام حكمه بالمصطلحات الغربية الجديدة، في الواقع إنما هم يحاولون النظر إلى قضايا المجتمع الإسلامي من زاوية التجارب التاريخية الغربية.
و أنّ المصطلحات الغربية الحديثة، مثل الجمهورية والبابوية والحكم الاتحادي (الفيدرالي) والنظام البرلماني، جميعها لها خلفياتها الدينية والتاريخية والثقافية والسياسية الخاصة، ولكل منها مفاهيمها المميزة. لذلك، فليس من المناسب تطبيق الآراء السياسية المشوهة والمُختلَقة على السياسة الإسلامية والحكومة الإسلامية. مثلاً:
مصطلح الجمهورية الذي يحظى بشعبية كبيرة هذه الأيام، هو في الواقع من ميراث الثورة الفرنسية. وهو مبدأ المساواة العمرانية والاقتصادية لجميع المواطنين وتشكيل الحكومة على أساس صوت واحد لكل شخص بالغ، أي تشكيل حكومة بممثلين منتخبين بأغلبية أصوات الأشخاص البالغين.
والمعنى الأوسع لهذا المصطلح أن النظام الجمهوري هو الذي تكون السيادة فيه للشعب، وهو يملك حق الحكم وحق التشريع، فيملك حق الإتيان بالحاكم، وحق عزله، ويملك حق تشريع الدستور والقوانين، وحق إلغائهما وتبديلهما وتعديلهما.
لكن موافقة عامة الناس لا تكون ممكنة إلا إذا كانوا متحررين من أي قيود وعقوبات خارجية، ومسؤولين أمام أنفسهم، وليس أمام الآخرين!!
لذا فإن فكرة الجمهورية الجديدة التي طرحها الغرب، على الرغم من أن جميع البشر في وجهة نظر الإسلام متساوون من حيث الاعتبار العمراني وجميعهم يتمتعون بفرص متكافئة للنمو والتنمية، لكن الجمهورية تعارض الفكرة الإسلامية بشدة من حيث أن الإسلام ألزم على المسلمين أن يحكموا بما أنزل الله تعالى، ويأخذوا ما آتاهم الرسول عليه الصلاة والسلام في جميع الأحوال.
لذلك؛ لا تملك الأمّة حق التشريع، ولا فضل في الإسلام لصوت الشعب الذي هو جزء لا يتجزأ من الجمهورية الغربية ويشكّل أساساً لها، فإن إطلاق مصطلح “الجمهوري” على النظرية السياسية للإسلام “إثباتًا ونفيًا” يخلق الكثير من التساؤلات والإشكالات…