فشل تجربة الخوارج والبغاة المتمردين في أفغانستان وتبدد آمال الغرب
حققت الإمارة الإسلامية نجاحًا هائًلا على الخوارج والبغاة بعد تركيزها على استراتيجية محكمة اتبعتها في قتالهم ودحرهم؛ فقد ضربت بيد من حديد على كل من أراد الإخلال بالأمن، واستهداف المدنيين العزل، وتوريط الشعب الأفغاني في مصائب جديدة، لا سيما بعد خروجه من أزمة كبيرة استمرت لأكثر من أربعة عقود في البلاد. لقد لحقت بالبلاد الكثير من الأزمات والمشكلات، وعصفت بها الكثير من المصائب والويلات جراء الحروب طويلة الأمد، وعانى الشعب الأفغاني طويلًا من انعدام الأمن، وقتل الملايين إضافة إلى جرح، وأسر، وتهجير ملايين آخرين.
مخططات الجهات الاستخباراتية بمد النفوذ الغربي، وإحداث الفتن على الساحة الأفغانية، وتأليب الناس ضد الإمارة لتنفيذ أجندات مشبوهة، ولحماية المصالح الغربية؛ لم تنتهِ حتى بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، ولتحقيق هذا الهدف أُجرِيَت محاولات لإعادة ترتيب وتوحيد صفوف الخوارج والمتمردين في عموم أفغانستان.
ولم تأل تلك الجهات جهدًا في توفير ما يلزم أولئك الخوارج والبغاة من تمويل وتجهيز وتسليح، بالإضافة إلى بث الدعاية -بكل ما لديها من قدرات ووسائل- لصالح هؤلاء ضدّ الإمارة والشعب الأفغاني. إلا أن الإمارة الإسلامية اتخذت موقفا صارماً تجاه كل هذه المحاولات والمخططات والأجندات، فرغم انشغالها بترتيب الصفوف، وتشكيل الحكومة الجديدة، وإقامة وتشييد الحكم الإسلامي بعد دحر الاحتلال وتحرير البلد، إلا أنها تصدّت للخوارج والمتمردين؛ لأن من أهم مسؤوليات الحكومة الإسلامية وأولوياتها هي وأد الفتن وإخماد نارها، ومعاقبة أولئك الذين يشقون عصا الطاعة، ومفارقة جماعة المسلمين. وتلك كانت سنة الخلفاء الراشدين ومن سار على نهجهم.
إن هؤلاء الخوارج والبغاة يحققون آمال ورغبات الغزاة والمحتلين البائسة، وينفذون أجنداتهم ومخططاتهم بعدم السماح لأي نموذج إسلامي أن يتكلل بالنجاح، ولا لأي حلم للمسلمين أن يتحقق. كما أنهم يسعون لأن تتحول أفغانستان إلى نقطة حرب بالوكالة لأمريكا، وأن تكون ساحة صدام للصراعات الطائفية والمذهبية والعرقية. ولقد حاول الاستعمار الغربي اللعب على هذه المواضيع طوال فترة مكوثه في أفغانستان خلال العقدين الماضيين، ووفّر الغطاء والدعم لمثل هذه الحملات.
ولقد استطاعت المقاومة الأفغانية المتمثلة في الإمارة الإسلامية أن تبدد آمال الغرب في هذا الإطار. فبعد دحر الاحتلال وتحرير البلاد، سارعت إلى إجراء عمليات تمشيط واسعة لتعقب بقايا الاحتلال ووكلائه الذين أوكلت إليهم مهمة عرقلة النظام الإسلامي وإفشال التجربة الإسلامية المعاصرة في تشييد أسس حكم إسلامي. كما سارعت الإمارة إلى تطهير أرض أفغانستان من هؤلاء الخوارج والبغاة، ومن كل من يريد محاربة الفكر الإسلامي النقي الذي لا يشوبه أي ظلم أو انحراف.
ولقد أثبتت القوات الأفغانية -بفضل الله- كفاءتها ونجاحها، كما أثبتت فعالية الاستراتيجة النوعية التي اتخدتها في سبيل تنفيذ هذه المهمة؛ مما أدى إلى تلاشي وفشل أحلام الغزاة -الذين خرجوا صاغرين- في أن تتحول أفغانستان إلى ساحة صراع طويل يقوم الخوارج العطشى لدماء الأبرياء بتفجير المساجد فيها، وتدنيس المقدسات، واستهداف المقار العامة جراء شعارات براقة ورنانة يخدعون بها السذج والمغفلين، وأن ينخرط المسلمون في اقتتال وتناحر فيما بينهم. كما أن محاولاتهم لجمع شمل البغاة والمتمردين من بقايا النظام الراحل الذين خططوا لتقسيم أفغانستان؛ باءت بالفشل هي الأخرى.
ولكم تمنوا وأرادوا وحلموا وخططوا أن تقف أفغانستان على شفا حرب أهلية وطائفية مرة أخرى، إلا أن الله خيّب آمالهم وبددها في ليلة وضحاها، ولله الحمد والمنة. ولقد استطاعت الإمارة الإسـلامية وقيادتها الحكيمة، بفضل الله أولاً ثم باتباعها استراتيجية مشددة، من استئصال جذور الخوارج والمتمردين في أفغانستان؛ حتى توصّل الغرب وجميع من سعى إلى تنفيذ تلك الأجندات والمخططات إلى أن مؤامراتهم ضد الشعب الأفغاني وحكومته الوليدة لم تعد تنفع.