مقالات الأعداد السابقة

فقه رمضان وفضائله

إعداد مفتي أبو حمزة

اعلم أيها الإخوة الأعزاء إن الله قد امتن على عباده بمواسم الخيرات، فيها تضاعف الحسنات، وتُمحى السيئات، وتُرفع الدرجات، تتوجه فيها نفوس المؤمنين إلى مولاها، فقد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها . وإنما خلق الله الخلق لعبادته حیث قال : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعبُدُونِ [56]  الذاريات،  ومن أعظم العبادات الصيام الذي فرضه الله على العباد، فقال : كُتِبَ علَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ علَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعلَّكُمْ تَتَّقُونَ  [ 183 ] البقرة ، ورغبهم فيه فقال : وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعلَمُونَ  [ 184 ]   البقرة ، وأرشدهم إلى شكره على فرضه بقوله : وَلِتُكْمِلُواْ الْعدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ علَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [ 185 ]  البقرة ، وحببّه إليهم وخفّفه عليهم لئلا تستثقل النفوس ترك العادات وهجر المألوفات، فقال عزّ وجلّ : أياما معدودات، ورحمهم ونأى بهم عن الحرج والضرر، فقال سبحانه  : فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ علَى سَفَرٍ فَعدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [ 184]  البقرة ، فلا عجب أن تُقبل قلوب المؤمنين في هذا الشهر على ربهم الرحيم يخافون من  قهره  ويرجون ثوابه والــــــــــفوز العظيم .ولما كان قدر هذه العبادة عظيما كان لابدّ من تعلّم مبادي الأحكام المتعلقة بالصيام ليعرف المسلم ما هو ضروري في حقه  من بیان حقیقته  وكنه معرفته.فنقدم قبل الخوض في البحث عن المقصود مقدمة   ونذكر فیها بعض مبادئه من تعریفه وبیان حُكمه وشرائطه ونبذا من تذكرة حِكمه وفوائده فنقول :
تعريف الصيام
لغة  ‏:‏ هو الإمساك، سواء كان من الكلام، او الطعام، أو السیر، أو غــــــــــــیرها
وشرعا ‏:‏ قال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ ‏ هو إمساك مخصوص ، في زمن مخصوص ، من شيء مخصوص ،  بشرائط مخصوصة ‏. فتح الباري, وفي الهندية ۱\۱۹۴ فأما تفسیره[أي شرعا] فهو عبارة عن ترك الأكل والشرب والجماع من الصبح إلى غروب الشمس  بنیة التقرب. وكذا في الكافي.   ومثله في  البحر الرائق    452/2  ومجمع الأنهار  ۱\۳۴۰ وغیرها؛
وقال  ابن كثير  في تفسیره 1/213‏  ‏الصیام  وهو الإمساك عن الطعام والشراب، والوقاع،  بنية خالصة لله عز وجل؛ الخ
حكمه:
هو فرض من فرائض الإسلام، وركن من أركانه، وثالث من أساساته: ثابت بالكتاب، والسنة ، والإجماع.
أما الكتاب  : فقول الله تعالى : يا أيُّها الذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عليكمْ الصّيامُ كَما كُتِبَ علَى الذين مِنْ قَبْلِكُمْ لَعلّكم تتقونْ . [ 183] البقرة
وقال  الله سبحانه وتعالى:  شَهْرُ رَمضانَ الذي أنْزِلَ فيهِ القرآنُ هُدًى للناّس وبيِّنَاتٍ مِنَ الهُدى والفُرقانْ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكم الشهْرَ فلْيَصُمْه [ ۱۸۵ ]البقرة 
و أمّا السنّة  :   فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏‏ بُنِيَ الإِسْلامُ علَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ،  وَالْحَجِّ ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ ‏ ‏[‏متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب الإيمان باب بني الإسلام على خمس‏ ]
وعن طلحة بن عبيد الله أنَّ أعرابيّاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثائر الرأس فقال: يا رسول الله أخبرني ماذا فرض الله عليَّ مِن الصلاة ؟ فقال : الصلوات الخمس إلا أن تطوع شيئاً ، فقال : أخبرني ما فرض الله عليَّ مِن الصيام ؟ فقال : شهر رمضان إلا أن تطوع شيئاً فقال : أخبرني بما فرض الله علي من الزكاة ؟ فقال : فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم شرائع الإسلام ، قال والذي أكرمك لا أتطوع شيئاً ولا أنقص مما فرض الله عليَّ شيئا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفلح إن صدق – أو دخل الجنة إن صدق” – رواه البخاري رقم [ 1792 ] ومسلم رقم [ 11]  والشاهد من الحديث : قوله :ماذا فرض الله عليَّ مِن الصيام”
وأما الإجماع  : فانه قد أجمعت الأمة  :على فرضیة صيام  رمضان، وأنه أحد أركان الإسلام، التي علمت من الدين بالضرورة، وأنّ منكره كافر مرتد  .
حكم تاركه:
قال الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى ‏:‏ وعند المؤمنين مقرر أن من ترك صوم رمضان من غير عذر أنه شرّ من الزاني   ومدمن الخمر، بل يشكّون في إسلامه، ويظنّون به الزندقة   والانحلال ‏.‏ وقال شيخ الإسلام رحمه الله‏:‏ إذا أفطر في رمضان مستحلا لذلك وهو عالم بتحريمه استحلالا له وجب قتله، وإن كان فاسقا عوقب عن فطره في رمضان   ‏[‏مراتب الإجماع ـ ابن حزم ص\ 70‏   ]   وفي الكاملیة سئلت فیمن تعمد الأكل نهارا  في رمضان جهارا ولا عذر له ماذا یلزمه ؟ فالجواب انه یلزمه القتل . . . قال سیدي حسن في شرحه صورتها [في صوم رمضان ] تعمد من لا عذر له الأكل جهارا یقتل لأنه  مستهزئ  بالدین  أو منكر  لما ثبت منه بالضرورة ولا خلاف فی قتله والأمر به.
شرائطه:
أما شرائط الصوم فثلاثة أنواع  شرائط الوجوب، وشرائط وجوب الأداء، وشرائط صحة الأداء كما في الهنديه  195\1 أما شروطه فثلاثة أنواع  شرط وجوبه : الإسلام ، والعقل ،والبلوغ ؛ وشرط وجوب الأداء : الصحة ،والإقامة ؛ وشرط صحة الأداء : النیة والطهارة عن الحیض والنفاس .   كذا في  النهایة  والبدائع  ۲\۷۷   والبحر 2 \ 448
فوائد الصوم  وبركاته:
اعلم  : إن الله سبحانه وتعالى ما شرع هذا الصيام لأجل مس الجوع  والظمأ، وما شرع هذا الصيام  لأجل أن نعذب أنفسنا، بل لابد من فوائد لهذا الصيام قد تظهر وقد تخفى على الكثير، ومن هذه الفوائد‏:‏
أولا حصول التقوى:
فإن الله لما أمر بالصيام قرنه بالتقوى، كما في قول الله تعالى‏:‏ ‏كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون  ‏(‏البقرة‏:‏183‏)‏   فجعل التقوى مترتبة على الصيام‏، ‏ثم التقوى هي‏ :‏ توقِّي عذاب الله، وتوقي سخطه، وأن يجعل العبد بينه وبين معصية الله حاجزاً، ووقاية، وستراً منيعاً‏.‏
ولا شك أن الصيام من أسباب حصول التقوى، وذلك لأن الإنسان ما دام ممسكاً في نهاره عن هذه المفطرات – التي هي الطعام، والشراب، والنساء –  فإنه متى دعته نفسه في نهاره إلى معصية من المعاصي رجع إلى نفسه فیقول‏:‏ كيف أفعل معصية وأنا متلبس بطاعة الله  ‏؟‏‏‏
بل كيف أترك المباحات وأفعل المحرمات‏؟‏‏!‏ ولهذا ذكر العلماء أنه لا يتم الصيام بترك المباحات إلا بعد أن يتقرب العبد بترك المحرمات في كل زمان؛ والمحرمات مثل‏:‏ ، الكذب، والغش، والخداع، وكسب المال الحرام، والمعاملات الربوية ، وأخذ المال بغير حق، ونحو ذلك كالسرقة، والنهب، وهذه محرمة  في كل وقت، وتزداد حرمتها مع أفضلية الزمان كشهر رمضان‏.‏ ومن المحرمات كذلك ‏:‏ محرمات اللسان؛ كالغيبة، والنميمة، والسباب، والشتم، واللعن، والقذف، وما إلى ذلك‏.‏ فإن هذه كلها محرمات في كل حال،
ولا يتم الصيام حقيقة ، ولا يثاب عليه إلا مع تركها ‏.‏
وثانیا: حفظ الجوارح عن المعاصي :
ومن حِكَمِ الصيام وفوائده أن الإنسان يحفظ وجدانه، ويحفظ جوارحه عن المعاصي، فلا يقربها، حتى يتم بذلك صيامه، وحتى يتعود بعد ذلك على البعد عن هذه المحرمات دائماً‏
فالإنسان إذا دعته نفسه إلى أن يتكلم بالزور، أو بالفجور، أو يعمل منكراً‏:‏ من سب، أو شتم، أو غير ذلك، تذكر أنه في عبادة، فقال‏:‏ كيف أتقرب بهذه العبادة، وأضيف إليها معصية‏؟‏‏‏
ليس من الإنصاف أن يكون في وقت واحد وفي حالة واحدة جامعاً بين الأمرين ‏:‏ الطاعة  والمعصية‏!‏ إن معصيته قد تفسد طاعته، وتمحو ثوابها‏.‏ فالإنسان مأمور أن يكون محافظاً على الطاعة في كل أوقاته، ولكن في وقت الصيام أشد‏؛
في مجمع الأنهار ۱\۳۴۰ شرعه سبحانه لفوائد أعظمها كونه سكون النفس الأمارة وكسر شوكتها، وشهوتها في الفضول المتعلقة بجمیع  الجوارح من العین ، واللسان ، والأذن، والفرج، فان به تضعف حركتها في محسوساتها، ولذا قیل إذا جاعت النفس شبعت جمیع الأعضاء، وإذا شبعت النفس جاعت كلها؛ وانظر  في المرقاة شرح مشكوة ۴\۳۸۵ أيضا
وثالثا : حمية للبدن
ومن حكمة الله تعالى في هذا الصيام أيضاً أن فيه حمية للبدن عن الفضلات ‏.‏ ولا شك أن الحمية من أقوى أنواع الأدوية والعلاجات، فالصيام يُكسب البدن المناعة والقوة، كما يكسبه أيضاً تدرُّباً على الصبر واحتمال الجوع والعطش، حتى إذا ما تعرض له بعد ذلك فإذا هو قد اعتاد عليه، فكان في ذلك منفعة عظيمة ‏.‏
رابعا : تذكر الفقراء
ومن الحكم الجليلة التي شرع لها الصيام أن يشعر الإنسان بالجوع فترة الصيام فيتذكَّر أهل الجوع دائماً من المساكين والفقراء، ليرأف بهم، ويرحمهم، ويتصدق عليهم‏.‏
فشُرع الصيام لأجل أن يتضرع الإنسان – إذا ما أحسَّ بالجوع-  فيدعو ربه، كما ورد في الحديث‏:‏ ‏‏إن النبي صلى الله عليه وسلم عرضت عليه جبال مكة ذهباً، فقال‏:‏ لا يا رب  بل أرضى بأن أجوع يوماً، وأشبع يوماً، فإذا جُعتُ تضرعتُ إليك وذكرتك، وإذا شبعت حمدتك وشكرتك‏ ؛ ‏[‏أخرجه الترمذي برقم 2347 وقال حديث حسن‏]‏‏.‏ فذكر أن الجوع سببٌ للتضرع والذكر‏.‏
فالإنسان إذا أحس بالجوع تضرع إلى الله‏ . وذكر الملا علي القاري رحمه الله  ومن فوائد الصوم – موافقة الفقراء بتحمل ما یتحملون أحيانا وفي ذلك رفع حاله عند الله تعالی كما حكی عن بشر الحافي انه دخل علیه رجل في الشتاء فوجده جالسا یرعد وثوبه معلق علی المشجب فقال له :في مثل هذا الوقت تنزع الثوب  ؟ فقال یا أخي ‏ الفقراء كثیر ولیس لي طاقة مواساتهم بالثیاب فأواسيهم بتحمل البرد كما یتحملون، ولهذا كان یقول بعض الأولياء العارفین : عند كل أكلة اللهم لا تؤاخذني بحق الجائعین، وقد ثبت ان سیدنا یوسف علیه السلام ما كان یشبع من الطعام في سنة القحط لئلا ینسي أهل الجوع والفاقة ولیتشبه بهم في الخاصة والحاجة الخ مرقاة ۴\۳۸۵ ومثله في فتح القدیر۲\۲۳۳
وخامسا : تخفيف حدة الشهوة
وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الصوم للشباب وجَاءً أي‏ مخففاً من حدة الشهوة كما في قوله صلى الله عليه وسلم‏  :‏ ‏‏يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ‏.‏ ‏[‏متفق عليه‏]‏‏.مشكوة ۲۶۷ ‏و ذلك لأن الصوم يكسر حدة شهوة النكاح  ‏.‏
فان سألت ان كثيرا من الناس الآن يصومون، لكنهم لا يجدون لهذا الصيام أثراً لتخفيف حدة الشهوة، قلت  وذلك لأنهم لم يذوقوا ألم الجوع والعطش والتعب، بل ظلت نفوسهم متعبة بالشهوات، وأنّى لهم أن يتركوها وقد  أضافوا إلى صومهم كل ما تعف النفس عن رؤيته من الأمور الكریهة .‏
وفیه فوائد أخرى
وفي التفسير  المنير 131\2 –  ۱۳۰ ثم ان الصوم مطهرة للنفس، ومرضاة للرب، ویعد النفوس لتقوی الله تعالی ، في السر والعلن ، ویربي الإرادة، ویعلم الصبر، وتحمل المشاق، وضبط النفس عند المكاره، وترك الشهوات..
ثم إعداد النفس للتقوى یحدث من نواح مختلفة أهمها ما یأتي – الی قوله  –   ومن أعظم فوائد الصوم الروحیة إن الصائم یحتسب الأجر والثواب عند الله ویصوم لوجه الله وحده . . . ویستدعي الإحساس المرهف والشفقة، والرحمة التي تدعوه إلی البذل والعطاء فهو عندما یجوع یتذكر من لا یجد قوتا من البائسین فیحمله الصیام علی مواساتهم وهذا من أوصاف المؤمنین التي ذكرها الله تعالی رحماء بینهم، وفیه تحقیق معنی المساواة بین الأغنياء والفقراء والإشراف والعامة .  الخ
هكذا بعضها في المرقاة ۳ 385\ والبعض الآخر  فی مسائل  الصوم بالهندیة  ص26 \  وذكر بعضها الشیخ عبد الرحمن الهرفي في رسالته الصوم فقال؛ ومن فوائد الصیام أولا

۱-  أن فيه تضييقا لمجارى الشيطان في بدن الإنسان فيقيه غالبا من الأخلاق الرديئة ويزكي نفسه ‏..‏
2‏.‏-    ثانیا فيه تزهيد في الدنيا وشهواتها وترغيب في الآخرة ‏.
‏ 3- وثالثا فيه باعث على العطف والرحمة على المساكين والإحساس بأحوالهم.
4‏‏-    فيه تعويد النفس على طاعة الله جل وعلا بترك المحبوب تقربا لله سبحانه وتعالى.
5-   وفي  الصيام إعلان لمبدأ وحدة المسلمين، فتصوم الأمة وتُفطر في شهر واحد؛
خصوصية الصيام وسرّه
إن الصيام عبادة بدنية قوامُها ترك المفطرات المعروفة، ولما كان ترك هذه المفطرات سراً بين العبد وبين ربه، فإنه مما لا شك فيه أنه متى تم هذا العمل فيما بين الإنسان وبين الله كان ذلك أعظم لأجره، وأجزل لثوابه ‏.‏ وسبب لقربه وقال الله عز وجل: الصوم لي وأنا اجزي به, الحدیث،  وقد ذكر ذلك كثير من العلماء، فقالوا‏:‏ إن الصيام سر بين العبد وبين الله‏.‏ وقالوا‏:‏ إن ملائكة الحفظة لا تكتبه، لأن الإنسان إذا صام لا يطّلع عليه إلا الله‏.‏ فإذا صمت فمن الذي يراك في كل حركاتك، وفي كل أوقاتك‏؟‏‏!‏
إن من يغفل عن مراقبة الله له يمكنه أن يفعل ما يريد فيتناول طعامه وشرابه دون ما خوف من الله عز وجل‏.‏ ولكن العبد المؤمن يعلم أن معه من يراقبه، وأن عليه رقيب عتيد؛ يعلم أن ربه يراه قال تعالى ‏:‏ ‏‏الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين ‏[‏الشعراء‏:‏218-219‏]‏‏.‏
فإذا كان العبد يؤمن بأن الله تعالى هو المطّلع عليه وحده، كان ذلك مما يحمله على أن يخلص في عمله، كما يحمله على الإخلاص في كل الحالات، ويبقى معه في كل شهور السنة  ‏.‏ فإذا راقبت الله تعالى، وحفظت صيامك، في سرّك وجهرك، في الأسواق وفي البيوت، ولم تتناول ما يفسد صومك، وعرفت أن الله يراقبك فلماذا تعود إلى هذه المعاصي بعد رمضان، وقد حرّمها الله عليك‏؟‏‏!‏ إذا كان الله تعالى قد حرم علينا الكذب، والقذف، وسائر المحرمات من محرمات اللسان، ومحرمات الفرج، ومحرمات اليد، وما سواها‏.‏ فلماذا نقدم عليها في غير رمضان‏؟‏‏!‏ أليس الذي يراقبنا في رمضان هو الذي يراقبنا في سائر الأوقات‏؟‏ فيجب على المسلم أن يستحضر ربه دائماً، فإنه عليه رقيب يعلم ما تكنه نفسه، يقول تعالى‏‏ ‏ : ‏ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد‏ ‏[‏ق‏:‏16‏]‏‏.‏
الصوم في الأمم الماضية
في  التفسير المنير 128\2 فمن المعروف ان الصوم مشروع في جميع الملل  حتى الوثنية  فهو معروف  عند قدماء المصریېن  واليونان  والرومان  والهنود، وفي التورات الحالية  مدح الصيام والصائمين . وثبت ان موسى عليه السلام  صام أربعين يوما  . الخ
وفي  الترغيب 265\1 وعن عبد الله بن عمرو بن عاص  قال :سمعت رسول الله  صلى الله عليه وسلم  يقول : صام  نوح عليه السلام  الدهر كله  إلا يوم الفطر والضحى، وصام داؤد عليه السلام  نصف الدهر، وصام إبراهيم  عليه السلام  ثلاثة أيام  من كل شهر .   رواه الطبراني  في الكبير  والبيهقي .
وأول صوم  شرع في هذه الأمة
في معار ف السنن 323\5 وكان قبله  صيام البيض  وعاشوراء  فرضا  فنسخ  فرضيتها  بصوم  رمضان   الخ  وفي الدر المختار ورد المحتار وبقی الآن الاستحباب في أيام البیض والسنة في عاشوراء   والله تعالی اعلم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى