مقالات الأعداد السابقة

فما عادت الشمسُ أن تُغطی بغربال

حامدًا ومصلیاً:

عندما دقت طبول الحروب الصلیبیة الضغینة ، واستولت القعقعات والمعمعات علی الفضاء ، وبلغ الكبر ذروته ، وعندما فقعت الجامعة الإسلامیة بالفواقع، وعطبتها الدواهی ، وهیمن الیأس علی الناس – إلا من رحم الله – وعندما بلغت القلوب الحناجر وظن البعض بالله ظنوناً ، وعندما أفسح المجال ولو بمدةٍ ضئیلة قصیرةٍ – بانسحاب المجاهدین من الساحات – للمذبذبین من المحللین المضللین وبعض من هم شر تحت أدیم السماء علی سرد مواقفهم الكاذبة الرعناء علی أن الحركة الإسلامیة قد انطووا بساطها من ساحة الدیر و ألقوها في سلة الإهمال وقمامة التاریخ – والعیاذ بالله-..

ولم یدر بخلد أحدهم أن هذا الشبح المخیف أمریكا والحلف الأطلسی لا تنكص قید أنملة ولا ذراع واحد من المیدان ؛ لأنهم نسوا ما وعد الله عباده الصالحین من النصر المبین والاستخلاف والتمكین :«ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أنّ الأرض یرثها عبادي الصالحون».

 

أما الطائفة المنصورة والعصابة الصامدة الصابرة فقد تیقنت بأنها –لا محال- ستسلك طریقاً مفروشاً بالأشواك ، طریقاً صعباً – ولاشك- ولكنه طریق الدعوات والرسالات والفتوحات ، وطریق المجاهدین الذي ینتهي بهم إلی إحدى الحسنیین بالفتوح والأمجاد أو بالجنان والرضوان.

فلم تثن تلك العویصات ولا الغوائل من عزیمتهم ، ولم تثبط من همتهم التي تنطح السحاب ؛ بل لقد زادهم مضاءً ، وقوةً واندفاعاً في الذود عن بیضة الإسلام وحیاضه ، ورفع لوائه مترفرفاً خفاقاً.

بالله علیكم قفوا الآن علی الحیاد وتابعوا الوسائل الإعلامیة ما نطق الصدق منها وما كذب وما أعوج منها وما استقام بإمعان ، هل ستكسب أمریكا الحرب في أفغانستان كما ترطن وتدعي؟؟؟

هل ستكسب الحرب وخسائرها البشریة تتفاقم یومیاً ولن یغادر یوم یوماً إلا ویسقط عشرات القتلی والجرحی علاوة بتدمیر الآلیات والمصفحات وإسقاط الطائرات ، وأما خسائرها المادیة التي هم یعترفون بها فتبلغ حوالي سبعة ملیارات دولار في الشهر ، وهي نفقات باهظة للغایة في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعیشها الدول الغربیة حالیاً؟؟؟

فلم هذا الذي ادعی بالأمس علی أنه عملاق العالم  وبادر باستعباد العباد والبلاد ثم یرجح- بعدما ترنح- الفرار  علی القرار في ریعان النهار بسیاسة رعینة تضحك الثكلی والطفل الرضیع ، حیث یزفر ویشهق بأننا قد جئنا بالأمن والسلام وقضینا علی الإرهاب ، وربینا جیشاً عرمرماً من الأفغان أمام  حفنة من الطالبان –حد زعمهم-

إذا كانت الأمریكا رابحة الصفقة فلم تفر من محافظة تلو محافظة ومن مدیریة تلو مدیریة وتسلمها علی أذنابها من المرتدین الذین صدوا طریق الرشد ببضاعة مزجاة من الدولار؟؟؟ ولا تدري إذا فنت تلك الدولارات سیفنی هذا الجيش معها…

والحقیقة إنما هو روغان الثعلب الأسود كي یفر بالبقیة الباقیة من الجنود المحتضرة التي تنتظرهم الحتوف والمنایا وبطش الشعب الأعزل الأفغاني الذي أذاقوه الویلات والدمار الشامل وسرقوا ذخائره..

ویزید الطین بلة بخداع شعبه كي یفوز في الدور الآتي من الانتخابات بعدما أعقبه هو وأمثاله  سنیناً طوالاً من التقدم والسمو .. وبعدما كان شعباً آمناً یأتیه رزقه رغدا من كل مكان..

فيا أسفي وألف لهفتي إلی انخداع الشعب الأمریكي إلی ما تخدعهم ساستهم وزعماءهم ولیست لهم إلی الآن آذاناً صاغیة وقلوباً واعیة حتی یعرفوا الغث من السمین والدسم من البرسمین.

ونحن نعتقد بلا محاذیر بأن الشعوب والملل – بالنسبة – قد باتت أكثر وعیاً وإدراكاً لهذا المخطط المشبوه الذي یحذوه الإعلام الغربي الحاقد ؛ لأن إعلام  المجاهدین قد كشف النقاب عن وجه الحقیقة وعن فضائح الأمریكا في أفغانستان بفصها ونصها.

وتیقنت الشعوب بأن الإمارة قد صارت شوكة في خاصرة الاحتلال وأجبرته للفرار ، وأفهمته بأن سیطرتهم علی الأفغان إلی الأبد وهمٌ وخیال وضرب من المحال.

بل إن انبلاج الصبح الصادق قریب ، والفجر الباسم متقدم حیث العدو اللدود المتغطرس الأمس قد صار الیوم ذلیلاً حزیناً كسیراً بإذن الله وبدأ بالفرار من منطقة نحو منطقة ومن مدیریة نحو مدیریة ومن محافظة نحو محافظة ویسلمها علی العملاء ، ولا تفر مرة واحدة كي لا تلعنه الشعوب والملل كما لعنت الروس ، ویصون بطولته كما دخل أول یوم في أفغانستان ، ويبقي عملاق العالم كما كان سابقاً ، ولا یتمزق إلی دویلات كما صار السوفيتي…

ولكن هیهات.. هیهات.. من أن تمكث الشمس وراء الغیوم إلی الأبد..

وهیهات ..هیهات.. بأن لا تتمزق أمریكا إلی دویلات لاتكاد تری علی الخریطة مع هذه الأزمات الطاحنة والتحدیات الجارفة التي لاتزال تكشف عن أنیابها بعد فینة وفینة لها..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى