مقالات الأعداد السابقة

في أول ظهور إعلامي له.. وزير داخلية أفغانستان بالوكالة الشيخ سراج الدين حقاني يعتبر الاتهامات الأميركية له ملفقة

تفريغ: مجلة الصمود

 

الجزيرة: ضيفنا في هذه الحلقة شخصية مثيرة للجدل، محاطة بكثير من الغموض، نسجت حولها الكثير من القصص والحكايات، من متهم أول على لائحة أمريكية للإرهاب إلى مسؤول أول عن الأمن والاستقرار في بلاده عقب الانسحاب الأمريكي منها، ضيفنا هو وزير الداخلية الأفغانية بالوكالة سراج الدّين حقاني في أوّل حوار من نوعه خاصٍ شكلًا ومضمونًا، مرحبًا بكم معالي الوزير.

الشيخ سراج الدين حقاني: شكرًا.

 

الجزيرة: نبدأ بهذه النقطة المهمة وهي أنّكم مدرجون على القائمة الأمريكية للإرهاب، ورصدت الإدارة الأمريكية خمسة ملايين دولار، لمن يُدلي بمعلوماتٍ عنكم، ثم ضاعفت هذه المكافأة إلى عشرة ملايين دولار، كيف يكون ذلك؟ يعني كيف تنظرون إلى ذلك؛ أن تكون على قائمة أمريكية للإرهاب ثم أيضًا أنت المسؤول عن الأمن في أفغانستان، لجميع من على أرض أفغانستان، سواء من الأفغان أو من الرعية الدولية والأجانب.

الشيخ سراج الدين حقاني: بسم الله الرحمن الرحيم. ربّ زدني علمًا. أوّلا وقبل كل شيء نشكر قناة الجزيرة على أدائها الرائع وحضورها القويّ على المستوى الدّولي، كما نرحّب بقدومكم إلى هنا.

إجابةً على سؤالك. طبعًا كانت هناك مرحلة قتال وطبيعي أنّ كل طرفٍ يسعى لاستهداف عدوّه سياسيًا وعسكريًا، لكنّ الآن الحمدلله هذه المرحلة قد انتهتْ. لكن ربّما الولايات المتّحدة لا تعلم أنّي أصبحتُ وزيرًا للداخلية.

 

الجزيرة: هل تتوقعون إلغاء هذه اللائحة السوداء كما تسمى، وكما تقول الحكومة الأفغانية أنّها تدعو دائمًا لإلغاء هذه اللائحة؟

الشيخ سراج الدين حقاني: أعتقد أنّ اتفاق الدوحة هو اتفاق سلام، وتوقيعنا عليه هو رسالة سلام إلى العالم أجمع بأنّ الحرب قد انتهت بكل تبعاتها. ونحن ملتزمون بجميع تعاهداتنا في الاتفاق. وقد وفينا بالتزاماتنا. الأمر الآن يتعلق بالطرف الآخر ليفي بتعهداته.

 

الجزيرة: إلى أي مدى يؤثّر عليكم هذا الأمر، هل وضعكم على اللائحة السوداء يؤثّر عليكم كحكومة، ويؤثر عليكم شخصيًا كوزيرٍ للداخلية في أدائكم لمهامكم؟

الشيخ سراج الدين حقاني: نحن خضنا كفاحًا لمدة تسعة عشرة أو عشرين سنة ضدّ القوّات الأجنبية دفاعًا عن وطننا وشعبنا وأدّينا واجبنا، وكلّ العقوبات التي فرضوها علينا لم تلحق ضررًا شخصيًا بنا، ولم تؤثّر على معنوياتنا، بل هم بهذه العقوبات ووضع القوائم السوداء يلحقون الضرر بالشعب الأفغاني، وهو ما لا ينبغي لهم أن يفعلوه.

 

الجزيرة: كيف تقيمون الوضع الأمني في أفغانستان الآن؟

الشيخ سراج الدين حقاني: أفغانستان كانت واجهت أزمة كبيرة خلال سنوات الاحتلال من عدم الاستقرار وفقدان الأمن، لكنّ الآن هذا الوضع قد انتهى ولله الحمد هيأ الله سبحانه وتعالى أجواء الأمن والاستقرار، ومع ذلك بعض الجهات المغرضة، تحاول بثّ الدعاية السلبية حول الوضع الأمني، لكن هذه الادعاءات لا وجود لها على الأرض، ولكن عبر الإعلام فقط.

 

الجزيرة: لكن هناك بعض التفجيرات تحدث من حينٍ لآخر تستهدف سيارات الشرطة بالعبوات اللاصقة، من يقف وراء مثل هذه التفجيرات؟

الشيخ سراج الدين حقاني: الحرب التي استمرت عشرين سنة خلّفت مشاكل كبيرة، وتمّ خلالها تدريب مجموعات خاصة لبث أفكار هدّامة في المجتمع، ولا يمكن أن ينعم العالم بأكمله بالأمن والاستقرار بينما أفغانستان تعيش في وضعٍ غير مستقر، وما يحدث الآن من تفجيراتٍ محدودة لا يمثّل مصدر قلقٍ لنا، وتمكّنت أجهزتنا الأمنية من السيطرة عليه بشكل كبير.

 

الجزيرة: هل يقف تنظيم الدولة وراء هذه التفجيرات، والعمليات المسلّحة التي تحدث من وقت لآخر؟

الشيخ سراج الدين حقاني: تنظيم الدولة بالفعل متورط في هذه التفجيرات، وكذلك فلول النّظام السابق متورّطون أيضًا، وحتى نتمكّن من القضاء على مخططاتهم بدأت الإمارة الإسلامية مشاريع إصلاحية لتصحيح أفكار كل من له علاقة بتنظيم داعش، وهم لا يتمتعون بشعبية أو بمراكز قوية في المجتمع.

 

الجزيرة: لكن إلى أي مدى تمثل هذه التفجيرات وما يقال أيضًا عن عمليات الخطف مقابل الفدية تمثل تهديدًا للوضع الأمني؟

الشيخ سراج الدين حقاني: ما يدعو إلى الاطمئنان هو أنّ الإمارة الإسلامية تتمتع بقيادة موّحدة. كل جهة مغرضة تسعى لتهديد الاستقرار تنكشف سريعًا، ويتمّ القضاء عليها. فمادام هناك زعيمٌ واحد، فالأمر لايدعو إلى القلق. والشعب الأفغاني ولله الحمد على قلب رجلٍ واحدٍ بقيادة موحّدة وجيشٍ موحّد، فهذه المشاكل لا تدعو إلى القلق ولا تمثل تهديدًا للوضع الأمني.

 

الجزيرة: هناك من يتحدّث عن أنه ربما بعض أفراد الجيش والشرطة في الحكومة السابقة الذين تضرروا من وصول الإمارة الإسلامية إلى السلطة، يقفون وراء بعض هذه التفجيرات، فما دقة ذلك؟

الشيخ سراج الدين حقاني: ذكرنا أنّ أمير المؤمنين -حفظه الله- أعلن عفوًا شاملًا لجميع موظفي الحكومة السابقة، وعلى هذا الأساس لم نستهدف أحدًا منهم حتى لا يشك أحدٌ في تعهدات الإمارة الإسلامية، لكنّ بعض ضعاف النّفوس منهم يسعون إلى الإضرار بالأمن ويقومون بأعمالٍ تخريبية، إلا أنّ هذا يبقى محدودًا ولا يشكّل خطرًا كبيرًا، وعليهم أن يتوقفوا عن ذلك، وأبوابنا مفتوحة لهم باستمرار.

 

الجزيرة: كم عدد هؤلاء الذين تمّ اعتقالهم خلال هذه التفجيرات والأحداث الأمنية؟

الشيخ سراج الدين حقاني: العدد بالعشرات فقط؛ لأننا لا نعتقل أشخاصًا غير متورّطين أو على أساس الشكوك، بل اعتقلنا من ثبُت تورّطه في هذه الأعمال.

 

الجزيرة: العشرات من أفراد الجيش والشرطة السابقين، هل هناك من أفراد تنظيم الدولة مَن تمّ اعتقالهم؟

الشيخ سراج الدين حقاني: هذا سؤال مهم، هناك بالفعل أفرادٌ من الحكومة السابقة ينشطون تحت مظلّة داعش، وبعضهم من المخابرات السابقة على جانب من ينتمي لتنظيم داعش فعليًا يتورّطون في مثل هذه الجرائم. والإمارة الإسلامية تقف بالمرصاد لكل من يهدّد أمن واستقرار هذا الشعب والبلد أيًّا كان انتماؤه.

 

الجزيرة: أحد الأطباء الذين تمكّنت الحكومة من تحريرهم في الفترة الأخيرة وكان مختطفًا، يُقال أن هناك بعض من يستغل علاقته بالإمارة الإسلامية ويقوم بهذه الأعمال، هل هذا صحيح؟ وكيف تتصرفون في مثل هذه الحال؟

الشيخ سراج الدين حقاني: الإمارة الإسلامية تراقب الوضع ولديها أجهزة خاصة للتعامل مع مثل هذه القضايا، وقد أمر زعيمنا حفظه الله بإنشاء محكمة عسكرية خاصة لمحاكمة العسكريين الذين يتورّطون في الفساد، والعمل يسير على ما يرام، وقُدّم عدد من المتورّطين إلى هذه المحكمة وهم الآن يحاكمون .

 

الجزيرة: حتى ولو كانوا من أفراد الإمارة الإسلامية؟

الشيخ سراج الدين حقاني: نعم بالطبع. لقد رفعنا شعار العدالة للجميع، سنقيم هذه العدالة على أنفسنا أوّلا قبل الآخرين. لدينا قضايا لبعض أفراد الإمارة الإسلامية الذين أخطأوا والآن هم في السجون وتمّ تسليمهم إلى الأجهزة الأمنية.

 

الجزيرة: وهل عددهم كبير؟

الشيخ سراج الدين حقاني: العدد قليلٌ الآن.

 

الجزيرة: ننتقل الآن إلى موضوع آخر وهو إعادة تشكيل الأجهزة الأمنية، نعلم أنكم تعملون الآن على إعادة تشكيل الأجهزة الأمنية، وقدّمتم دعوات إلى أفراد الشرطة السابقين للعودة إلى عملهم، فما هي معايير عملية إعادة تشكيل الأجهزة الأمنية، والأسس التي تضعونها في هذا السياق؟

الشيخ سراج الدين حقاني: الحقيقة لقد بدأنا هذه العملية مبكّرًا، وبدأنا من الصفر في إعداد عناصر الأمن والشرطة، معاييرنا هنا تستمدّ من التوجيهات الشرعية ومعيار التقوى، ونولي أهمية كبيرة  لمعايير التقوى والخبرة في بناء القوات الأمنيّة.

 

الجزيرة: ما حجم التغيير في المناهج؟ هذا يعني أنّ هناك تغيير في مناهج الدراسة مثلا في أكاديمية الشرطة، فما حجم هذا التغيير؟

الشيخ سراج الدين حقاني: من النّاحية الفنّيّة لا يوجد تغييرٌ كبيرٌ، لأننا نريد إعداد كوادر مؤهلة ومدربة تدريبًا جيّدًا. التغيير هو في النّاحية الشرعية والعقائدية، لأنّ الأجهزة الأمنية من الجيش والشرطة تشرّبت أفكارًا أجنبية أثناء فترات الاحتلال، ولهذا أضفنا الدروس الشرعية والتوعوية. وقد أكملنا حتى الآن إعداد خمسة وتسعين ألفًا من عناصر الشرطة، ونستكمل الباقي حاليًا. علمًا أنّه في الحكومة السابقة كان عدد أفراد الأجهزة الأمنية وحدها مائة وخمسة وسبعين ألفا، وهو عدد ضخمٌ جدًّا. ولكننا نقوم بإعادة ترتيب هذه التشكيلات واختصارها إلى العدد المطلوب فقط.

 

الجزيرة: في هذا السياق أنتم دعوتم أفراد الشرطة السابقين من أراد منهم أن يعود إلى الخدمة وإلى عمله أن يعود، ما حجم الاستجابة لهذه الدعوة؟

الشيخ سراج الدين حقاني: نعم؛ وجّهنا الدعوة لمن لم يتورّط في قضايا فساد أو جرائم أن يعودوا إلى أعمالهم. وقد عاد معظم هؤلاء؛ فشرطة المرور استمرّت في عملها، وكذلك أفراد أمن الحدود استجابوا لدعوتنا، أمّا المتورّطون في الفساد والجرائم فطبيعي أنهم لا يستطيعون العودة. ما يقارب من عشرين ألفٍ من أفراد الشرطة السابقة وموظفي وزارة الداخلية عادوا ويؤدّون وظائفهم. وقدّمنا تطمينات للبقية أن يعودوا لاستئناف عملهم.

 

الجزيرة: هناك من يتحدث أن يتم إدماج مسلحي طالبان جميعًا في الأجهزة الأمنية، فما حقيقة ذلك؟ وأيضًا ما نسبة مسلحي طالبان الذين تمّ إدماجهم في الأجهزة الأمنية الأفغانية؟

الشيخ سراج الدين حقاني: بالطبع نحن نعمل على إدماج إخواننا المجاهدين في صفوف الأجهزة الأمنية ومازال العمل مستمرًّا، وقريبًا سنعلن الأعداد النّهائية لهؤلاء المسلحين والمجاهدين في الشرطة وضمن تشكيلات وزارتي الدفاع والداخلية، وأجهزة الاستخبارات.

 

الجزيرة: هناك من ينتقد ذلك ويعتبر أن مسلحي طالبان ربما غير مؤهّلين من النّواحي الفنيّة والعسكرية والأمنية للقيام بهذه المهمة. فكيف تردّون على ذلك؟

الشيخ سراج الدين حقاني: نرحّب بأي نقدٍ إيجابي، ونقرّ بوجود بعض الخلل في بعض الجوانب، لكنّ الأهم هنا الثقة، ثم نحاول تأهيلهم ونسعى إلى أن يحصلوا على الخبرات الفنية بمرور الوقت. أقمنا لهم دورات وتدريبات عاجلة في الأكاديميات التعليمية ولله الحمد يكتسبون مزيدًا من الخبرة كل يوم. وستحلّ هذه المشاكل نهائيًا بإذن الله.

 

الجزيرة: هل ما قامت به القوات الأمريكية قبل انسحابها من تدمير لبعض المعدّات والآليات هل أثّر ذلك عليكم، كيف تنظرون إلى ذلك؟

الشيخ سراج الدين حقاني: هذه هي الحقيقة، الأمريكان دمّروا الآليات ومعدات كثيرة، وهذه صورة سيئة لهم، لأنهم كانوا يعتقدون أنّ هذه المعدّات والآليات ستكون مصدر قلق وتهديد لهم، بينما نحن أثبتنا التزامنا بتعهداتنا معهم في اتفاق الدوحة. كما أنّ هذه المعدّات ملكٌ للشعب. وهم كانوا يقولون طوال عشرين سنة أنهم أصدقاء الأفغان، وجاؤوا إلى هنا لإعمار أفغانستان، وفي النّهاية ارتكبوا أعمالا تدلّ على حقيقة موقفهم من الشعب. وأعتقد أنهم لن يعترفوا بذلك.

 

الجزيرة: موضوع آخر وهو تنظيم القاعدة في أفغانستان، أنتم على اللائحة الأمريكية السوداء بتهمة العلاقات مع تنظيم القاعدة، فما حقيقة هذا الاتهام؟ وكيف هي العلاقة الحالية مع تنظيم القاعدة، هل لتنظيم القاعدة مازال وجود في أفغانستان؟ ما هي العلاقة معه خاصة في ظل التعهدات الحكومة الأفغانية بأنها لن تسمح بأي اعتداء على دول أخرى انطلاقًا من الأراضي الأفغانية؟

الشيخ سراج الدين حقاني: هناك أشياء في مرحلة الحكم السابق للإمارة الإسلامية ولا أريد أن أتكلم حولها الآن، ثم هناك قضية احتلال أفغانستان من قبلهم وقد برّروا احتلالهم لبلادنا بحجة وجود مطلوبين لهم على أرض أفغانستان خصوصًا من تنظيم القاعدة. الآن أقول لهم لا يوجد في أفغانستان سوى الإمارة الإسلامية فقط. لا وجود لتنظيمات أخرى هنا، ولن يستطيعوا تقديم أي دليل على ادعاءاتهم، وقد ثبُت ذلك للعالم كله أنه خلال تسعة عشرة أو عشرين سنة من الاحتلال الأمريكي شاهد العالم أنه لا يوجد في أفغانستان إلا الإمارة الإسلامية فقط.

 

الجزيرة: إذًا ماذا تقول عن شبكة حقاني -كما تسمّيها الإدارة الأمريكية- وتقول أنكم تتزعمون شبكة باسم شبكة حقاني، ما حقيقة ذلك وحقيقة وجود هذه الشبكة من عدمها؟ وما دورها إن كانت موجودة؟

الشيخ سراج الدين حقاني: لا توجد شبكة تسمّى شبكة حقاني، أما وجود حقاني فلا يستطيع أحد إنكاره، والدي جلال الدّين حقاني رحمه الله كان موجودًا ومن أشهر قادة المجاهدين إبّان الجهاد ضدّ الغزو السوفييتي، وكذلك ضدّ الاحتلال الأمريكي، هنا الإمارة الإسلامية فقط، وأنا أحد جنودها، أقدّم خدماتي لها كجندي فقط، فقد توليت فيها مهامًا كثيرة أحيانا كمسؤولٍ للولاية، وأحيانًا نائبًا لأمير المؤمنين، وحاليًا وزيرًا للداخلية. وكل ما أقوم به هو في خدمة الإمارة الإسلامية، أمّا شبكة حقاني التي يتحدثون عنها وخاصة أميركا، فليست أكثر من مؤامرة فاشلة يحاولون من خلالها أن يبثوا الفرقة والفتنة في الإمارة الإسلامية. لكن ارتباطنا بالإمارة الإسلامية يقوم على أساس عقيدة إسلامية مقدّسة وقيم دينية ووطنية وكل هذه الادعاءات والمسمّيات لا أساس لها من الصحة.

 

الجزيرة: قضية الاعتراف الدولي بالحكومة الأفغانية وتأخر هذا الاعتراف، إلى أي مدى يؤثّر ذلك على الوضع الأمني في البلاد؟

الشيخ سراج الدين حقاني: هذا سؤال مهم. أمريكا وقّعت معنا اتفاق سلام في الدوحة، ونحن ملتزمون بتعهداتنا فيه. طالبونا بضمان عدم استخدام الأراضي الأفغانية منطلقًا للعدوان على الآخرين ونحن قبلنا وأوفينا بذلك، عليهم أيضًا أن يوفوا بتعهداتهم في الاتفاق. وعندما نحصل على الاعتراف، فلن نشكّل تهديدًا لأحد، أما عندما لا تعترف بي وتتعامل معي بشكل غير رسمي وتمنع المجتمع الدولي من التعامل معي فهذا لايجوز. الحكومة المعترف بها فقط يمكنها أن تضمن تلك تعهدات. عدم وجود الاعتراف بالحكومة يعني ترك باب العداوة مفتوحًا على مصراعيه ضدّ الشعب الأفغاني.

 

الجزيرة: ألا تخشون من أن يؤدي تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية إلى انفلات أمني معيّن؟

الشيخ سراج الدين حقاني: هذا لن يحدث بإذن الله. لكن بالطبع -وللأسف- هذا التعامل غير العادل من جانبهم بتجميد أموال الشعب الأفغاني يؤثر سلبًا على الوضع الاقتصادي والعلاقة مع المجتمع الدولي، ولا شكّ أنهم مسؤولون عن هذه الحالة. ونحن في المقابل نسعى لاستخدام مواردنا الذاتية وتوظيفها في مواجهة هذه الضغوط الاقتصادية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي.

 

الجزيرة: الأمم المتحدة تتحدث عن مساعدات إنسانية للشعب الأفغاني، هل ما يصلكم من مساعدات إنسانية يتوافق مع هذا الحديث ومع هذه النداءات الدولية؟

الشيخ سراج الدين حقاني: هناك لقاءات مختلفة مع مسؤولين في الأمم المتحدة، هم يرون كل هذه الأزمات ويتحدثون عنها كثيرًا وهذا جيّد، ونشكرهم عليه، لكن هذا الكلام لا يُترجم إلى أفعال لإخراج أفغانستان من هذه الحالة.

 

الجزيرة: وجود بعض التوتر في بعض المناطق الحدودية ربما بشكل ملفت بعد وصول الإمارة الإسلامية إلى السلطة، ربما بعض التوتر مع باكستان، أحيانًا مع إيران، أحيانا أيضا كان هناك حديث حول التوتر مع طاجكستان، أولا ما سبب هذا التوتر؟

الشيخ سراج الدين حقاني: نحن ورثنا مشاكل كثيرة من الحكومة السابقة ونسعى لحل هذه المشاكل، كما نحاول قدر المستطاع إقامة علاقات جيدة مع دول الجوار على أساس المصالح المشتركة، وكذلك الكثير من الروابط الدينية والاقتصادية أيضًا، فكل هذه المشاكل ليست جديدة، لكنها ميراث ورثناه من الحكومة العميلة وفترة الاحتلال.

 

الجزيرة: كانت هناك زيارة أعلن عنها مستشار الأمن القومي لرئيس الوزراء الباكستاني إلى كابل للقاء المسؤولين في الحكومة الأفغانية ومناقشة عدد من القضايا، كان من بينها إعادة ترسيم الحدود بين البلدين، وأيضًا وضع طالبان باكستان في أفغانستان كما أذيع، ثم تأجّلت الزيارة قيل لأسباب تتعلق بالطقس، ولكن يبدو أنّ هناك ربما أسباب أخرى وراء هذا التأجيل؟ إلى أي مدى يعكس ذلك توترًا في العلاقة بين الجانبين؟

الشيخ سراج الدين حقاني: زيارات الوفود الدولية يتم ترتيبها عن طريق وزارة الخارجية، فتأجيل وإلغاء هذه الزيارات تكون بعلم مسؤولي الخارجية من الطرفين، وهناك كثير من القضايا والمصالح بين البلدين والشعبين، نناقشها في هذه اللقاءات وليست قضية الحدود فقط.

 

الجزيرة: طبعًا أنتم على المستوى الشخصي يتردد دائمًا أن علاقتكم جيدة بباكستان، وربما البعض يقولها في سياق نقدي والبعض الآخر يقولها في سياق الإشادة، فإلى أي مدى علاقتكم مع باكستان يمكن أن تساهم في حل مثل هذه المشاكل الحدودية؟

الشيخ سراج الدين حقاني: نظرًا لتاريخ أفغانستان وكذلك التعامل على الصعيد الدولي؛ لا أحد يريد أن يكون له جار سوء يتضرر منه الجانبان والشعبان، وسياسة الإمارة الإسلامية الثابتة أن لا تشكّل أفغانستان تهديدًا للآخرين وخاصة مع دول الجوار، ونسعى لإقامة علاقات طيبة معها وبما يحقق مصالح شعبنا. وعلاقاتي مع أي طرف أو دولة ليست شخصية لكنّها لمصلحة الشعب الأفغاني.

 

الجزيرة: قضية الشرعية والاعتراف، بالتأكيد كما قلنا تؤثر، ولكن هناك أيضًا قضية المفاوضات التي طالت لإدارة وتشغيل مطار كابل ومطارات أخرى، ولم تُحْسم حتى الآن، وربما عدم تشغيل المطارات هو أيضًا يُسهم في مزيد من الحصار حول أفغانستان، فما السبب في تأخر التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن حتى الآن؟ خاصة في الحقيقة أن هناك ما يتردد عن وجود ربما انقسامات داخل الحكومة، البعض ينحاز إلى دولة معيّنة والبعض الآخر ينحاز إلى دولة أخرى، وهذا يؤخر التوصل إلى اتفاق، فما حقيقة ذلك؟

الشيخ سراج الدين حقاني: هذه القضية بحد ذاتها قضية تقنية، وليست سياسية، والفِرَق التقنية والفنية تتفاوض بهذا الشأن وتحاول أن تتوصل إلى حل لهذه القضية، ومن الممكن أن نتوصل إلى نتيجة في أقرب وقت.

 

الجزيرة: استقبلتم المبعوث القطري إلى أفغانستان، الدكتور مطلق القحطاني، فما هي الموضوعات التي تم التباحث حولها؟ وهل كان موضوع إدارة وتشغيل مطار كابل أحد هذه الموضوعات؟

الشيخ سراج الدين حقاني: دولة قطر لها دورٌ إيجابيٌ ومثمر في دعم أفغانستان وإحلال السلام فيها. المبعوث القطري الخاص إلى الشؤون الأفغانية الدكتور مطلق القحطاني يزورنا من فترة إلى أخرى لإجراء مباحثاتٍ في قضايا مختلفة، ومن ضمن هذه القضايا التي تم النقاش فيها موضوع إدارة وتشغيل مطار كابل، بالإضافة إلى توصيات طيبة في مجالات مختلفة، ونحن نرحب به ونشكره شكرًا جزيلًا، وزيارته الأخيرة كانت في هذا الإطار.

 

الجزيرة: كان هناك طلبا أمريكيا بالمشاركة في تأمين ربما البعثات الدولية وغيرها، ولكنكم لم توافقوا على هذا الطلب، والآن هناك نحو ثلاثة آلاف وخمسمائة من العاملين في بعثات الأمم المتحدة في أفغانستان إلى جانب السفارات الموجودة، فهل تقومون أنتم وحدكم بعملية التأمين هذه، أم هناك أي مساعدة تتلقونها في هذا الصدد من أي جانب آخر؛ جهة دولية أو غير دولية؟

الشيخ سراج الدين حقاني: نعم طُلب منا هذا، لكن ولله الحمد الإمارة الإسلامية لديها القدرة بفضل الله عزوجل على تأمين البلاد، ولديها خطط واستراتيجيات قوية وفعالة لتأمين الأجانب والسفارات الخارجية، وتوظف كل إمكانياتها في هذا المجال.

القضايا التي تمس شعورنا الوطني غير مقبولة على الإطلاق، الشعب الأفغاني لا يقبل الوجود الأجنبي، وكل ما يتعارض مع قيمنا الدينية والوطنية مرفوضة تمامًا، ونحن نكرم ونحمي من يعيش بيننا، هذه قِيمُنا. ومن هذا المنطلق الإمارة الإسلامية تُسخّر كل إمكانياتها لتأمين هذه البعثات الدبلوماسية، والشعب الأفغاني لا يقبل أبدًا أن تهان كرامته.

 

الجزيرة: الطائرات الموجودة لدى أزبكستان وطاجكستان وهناك مناقشات ومفاوضات لاستعادة هذه الطائرات، إلى أين وصلت هذه المفاوضات؟

الشيخ سراج الدين حقاني: هذا أيضًا جزءٌ من المشاكل التي ورثناها من الحكومة السابقة، نسعى عبر الأدوات الدبلوماسية للحصول على الاعتراف الدولي والشرعية. أما حقوق الشعب مثل تجميد الأصول الأفغانية وإبقاء الطائرات الأفغانية في تلك الدّول فلا ينبغي ربطها بموضوع الاعتراف الدولي؛ لأنّ ذلك يضرّ بالعلاقات الثنائية مع هذه الدول. ونحن نوجّه النّداء إلى دول الجوار بأن لايأخذوا قرارًا من جانبٍ واحدٍ، وندعوهم أن يسعوا إلى تعامل جيد، وعلاقات حسن الجوار.

 

الجزيرة: وإلى أين وصلت المفاوضات مع دول الجوار لإعادة هذه الطائرات، هل هناك تجاوب من هذه الدول؟

الشيخ سراج الدين حقاني: إنّهم يصرّحون بأنّ هذه القضية لا تخصهم، وأنّ القرار يرجع إلى الجانب الأميركي، ونحن نسعى إلى معرفة الحقيقة بشأن هذه الإدعاءات. هل حقا عدم إعادة هذه الطائرات بطلبٍ أمريكي أم بقرار من هذه الدول؟

 

الجزيرة: معالي وزير الداخلية بالوكالة سراج الدين حقاني شكرًا جزيلًا لكم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى