مقالات الأعداد السابقة

في الذكرى الثانية لتحرير أفغانستان..أهم أسباب انتصار الإمارة الإسلامية على قوى التحالف الدولي

الشيخ محفوظ بن الوالد (أبو حفص الموريتاني)

 

تمر بنا هذه الأيام الذكرى الثانية لتحرير أفغانستان من احتلال الأمريكان وتحالف قوى الشر والعدوان.

وهذه مناسبة لقراءة عابرة في أهم أسباب هذا الانتصار العظيم، والفتح المبين الذي شرف به الإسلام والمسلمون على أيدي المجاهدين في أفغانستان.

يقول الله عز وجل في محكم كتابه: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ (6)} [سورة القصص].

هاتان الآيتان وردتا في مقدمة سورة القصص، وهي سورة مكية، نزلت والمسلمون قلة مستضعفة في مكة، خِلْوٌ من كل قوة وسلطان، إلا قوة الإيمان، واليقين بوعود القرآن.

ومن أهداف السورة التي نزلت في مرحلة الاستضعاف تلك، ترسيخُ حقيقتين عظيمتين يغفل عنهما كثير من المسلمين اليوم وهما:

  • الحقيقة الأولى: أن القوة الحقيقية الوحيدة في هذا الوجود هي قوة القوي المتين وحده جل جلالُه، فمن كانت معه هذه القوة فهو القوي في الحقيقة، ولو كان خِلْوًا من كل قوة حسية، عاريا من كل سلطان مادي.
  • الحقيقة الثانية: أن القيمة الحقيقة في هذا الكون هي قيمة الإيمان، فلا قيمة للإنسان، ولا لما معه من جاه وسلطان، وثروة وعمران، إلا بقدر ما معه من الإيمان.

وكان إهلاكُ الله تعالى لفرعون وجنده، وتمكينُه لموسى وقومه على النحو الذي بينه القرآن الكريم في هذه السورة وغيرها مثالا لتجسيد هاتين الحقيقتين في الواقع، وشاهدا من شواهد تحقق سنة الله الجارية بأن العاقبة للمتقين، وأن الزوال والاضمحلال مآل الظلم والظالمين {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [المجادلة:21]، {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [غافر:52].

وكذلك كان ما حقق الله من النصر والتمكين لهذا الدين على يد سيد المرسلين، وإمام المجاهدين، وصحبه الأكرمين، وأتباعهم المرضيين، ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين.. كان ذلك تمكينا للمستضعفين من المؤمنين، وجعلِهِم أئمةً وارثين، بعد أن كانوا قلة مستضعفين، يخافون تخطُّفَ المتخطِّفين {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [الأنفال:26].

إنها سنة الله القاضية بالصراع بين الحق والباطل، والتدافع بين الخير والشر، وبأن العاقبة في ذلك الصراع للتقوى، والغلبة في ذلك التدافع للحق {سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} [الفتح:23].

 

وانتصار الإمارة الإسلامية في أفغانستان بعد عشرين عاما من غزو جيوش العدوان، واحتلال قوى الشر بقيادة الأمريكان، هو أقوى حجة على هذه الحقائق، وأصدق برهان.

من كان يصدق أن شعبا فقيرا أعزل، في بلد فقير محاصر ومدمر، توالت عليه الحروب أربعين سنة، ولا يملك من القوى البشرية سوى مجموعات قبلية متطوعة، ولا من العدد العسكرية غير أسلحة بدائية متخلفة، ولا من الزاد إلا الخبز اليابس، والشاي الأخضر، يستطيع أن يهزم أكثر من خمسين دولة تملك أعتى جيوش الدنيا، وأقوى اقتصادات العالم؟!

ليس لهذا الأمر من تفسير سوى أنه تحقيق لمقتضى تلك السنة الماضية القاضية بتحقيق وعد الله لأوليائه بالنصر، ووعيده لأعدائه بالهزيمة.

{كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة:249].

غير أن النصر الإلهي وإن كان وعدا من الله للمؤمنين، فهو وعد له أسباب يُستجلَب بها إنجازُه، ويُتطلبُ من خلالها تحقيقُه.

وأهم أسباب وعوامل النصر الذي حققته الإمارة الإسلامية في أفغانستان على الأمريكان: جمعُها بين أسباب النصر المادية والمعنوية.

 

وفي مقدمة أسباب النصر المعنوية والمادية التي حقق الله بها النصر للإمارة الإسلامية في أفغانستان:

1-     الإخلاص لله

الإخلاص لله في أي عمل هو أهم عوامل النجاح فيه في الدنيا، والثواب عليه في الآخرة.

و إخلاص الإمارة الإسلامية في أفغانستان وصدقُها هو ما شهدَ به جهادُها الصادق، ومواقفها الراسخة، خلال أكثر من ربع قرن، منها عشرون عاما قضاها مجاهدوها في جهاد الأمريكان وحلفائهم، وعملائهم؛ صدقوا الله، فصدقهم الله.

 

2-     وضوح الهدف بإقامة الدولة الإسلامية

مما تميزت به الإمارة الإسلامية في أفغانستان -وكان من أهم أسباب وحدتها، وتعزيز مصداقيتها، والتفاف الشعب حولَها- وضوحُ غايتِها، وظهورُ هدفِها في إقامة الدولة الإسلامية الأصيلة التي تقيم الدين وتحكم بالشرع، غيرَ مَشُوبةٍ بدخن الدولة الوطنية، والمدنية، والديموقراطية، والعلمانية.

وقد عصم الله الإمارة الإسلامية في أفغانستان بذلك من لَوثاتٍ أصيبت بها بعض الجماعات الإسلامية في بلدان أخرى، فكانت من أهم أسباب التمييع، والتضييع!!

 

3-      أصالة المرجعية الإسلامية

حرصت الإمارة الإسلامية في أفغانستان -وحتى في أحلك الظروف، وتحت أشد الإكراهات- على التمسك بمرجعيتها الإسلامية الناصعة، وأصالتها الشرعية الساطعة.. لم تتساهل في مضمون، ولم تفرط في شكل.

وكان لهذا الأمر أثره الواضح في تماسك قيادات وقواعد الإمارة، والتفاف الشعب الأفغاني حولها.

بينما لفَظ هذا الشعب المسلم قيادات تاريخية للجهاد ضد الاتحاد السوفيتي السابق، لمّا غيرت المنهج، وبدلت الهدف!!

{وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد:38].

 

4-     العزة الإيمانية

تميز المجاهدون تحت راية الإمارة الإسلامية باعتزازهم العظيم بدينهم، واستعلائهم القوي بإيمانهم، الأمر الذي أورثهم عزة المؤمنين، وكرامة المسلمين، واحترام المحبين، والمبغضين.

وقد ظهر ذلك في كافة مواقف الإمارة، وفي مراحل الجهاد المختلفة، ومن ذلك شروطها في التفاوض مع الأمريكان، حيث شرطت أن يكون جوهر المفاوضات معهم هو انسحابهم من أفغانستان، دون أن تكون لهم علاقة بمن سيحكم أفغانستان بعدهم، ولا بماذا، أو كيف سيحكمها.

ولم تهمل الإمارة الجانب الشكلي في المفاوضات، حيث شرطت في المفاوضات أن يضم وفدها للتفاوض قيادات من الحركة كانت في سجون غوانتنامو، وباكستان، وأفغانستان.

وحضرت قيادات الإمارة المفاوضات مع وزير الخارجية الأمريكي، وكبار جنرالاته وهي بعمائمها الضافية، ولحاها الطويلة، وهديِها الإسلامي الظاهر الحاضر حسا ومعنى.

وهي أمور لها ما لها من دلائل، وتحمل ما تحمل من رسائل.

{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [المنافقون/ 8].

 

5-      الصبر والثبات

يأتي الصبر والثبات في مقدمة أسباب النصر، ومقومات التمكين، والإمامة في الدين {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران/ 200].

ومن أهم الأسباب التي أعطت للإمارة الإسلامية في أفغانستان ما أعطتها من مصداقية ومكانة، وجلبت لها ما جلبت من نصر، وتمكين، قوة صبرها وثباتها، وجسامةُ التضحيات التي قدمت، وعظم البذل الذي بذلت.

لقد ثبت المجاهدون، وصبروا على المكاره في البأساء، والضراء، وحين البأس.. صبروا على القتل، والأسر، والحصار، والخوف، والجوع، ونقص الأموال، والأنفس، والثمرات، فما هانوا، ولا لانوا، وما غيروا، ولا بدلوا، { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب:23].

 

6-     التوكل على الله

صدق التوكل على الله هو أعظم سبب لاستمداد قوته، واستنزال رحمته، وتحقق كفايته {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق:3].

وكانت ثقة قيادات الإمارة الإسلامية بالله عظيمة، وتوكلهم عليه كبيرا.

وكان لذلك أثره البالغ فيما حققت من مكاسب، وأحرزت من انتصارات.

وما زلت أتذكر كلمات أمير المؤمنين الراحل الأمير الأول للإمارة الإسلامية في أفغانستان الملا محمد عمر رحمه الله يوم قالوا له غداة الحادي عشر سبتمبر 2001: إن لم تسلم أسامةَ بن لادن، فإن أمريكا ستقضي عليك، وعلى دولتك، فرد بمقولته الشهيرة، مقولة المؤمن الواثق من ربه: لقد وعدنا الله بالنصر، ووعدتنا أمريكا بالهزيمة، وسوف نرى أي الوعدين سيتحقق!!

وقد تحقق الوعد الرباني فعلا بعد عشرين سنة!!

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد/7].

 

7-     الوحدة والانسجام

الوحدة والائتلاف من أهم أسباب النصر، والفرقة والخلاف في مقدمة أسباب الفشل.

{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [آل عمران: 103].

وقد تميزت الإمارة الإسلامية في أفغانستان بمستوى عالٍ من الوحدة والانسجام بين مختلف مكوناتها، ومستوياتها، وذلك على الرغم مما بذله أعداؤها من جهود الإغراء والإغواء من أجل اختراقها، وشق صفوفها، ومحاولة توظيف بعض التباينات داخلها.

وقد أكرمها الله تعالى بذلك ببركة الائتلاف والاجتماع، وعصمها الله من شرور الخلاف والنزاع.

 

8-     تصدر العلماء في الإمارة

العلماء هم ورثة الأنبياء، وضبط مسيرة الدعوة والجهاد بالمنهج الإسلامي القويم يتطلب حضورا قياديا، وقاعديا فاعلا لهؤلاء العلماء.

وهذا ما تميزت به حركة طالبان منذ بدايتها حتى صارت إمارة إسلامية حاكمة في أفغانستان، فمن أهم عوامل نجاح الإمارة الإسلامية في جهادها ومحافظتها على أهدافها وغاياتها، وضبط مسيرتها بالشرع، ومنهجها بالوحي، تصدرُ العلماءِ وطلاب العلم مراكزَ القيادة والتوجيه فيها.

وهذه ميزة عظيمة من ميزات الإمارة الإسلامية، فقدتها جماعات إسلامية أخرى تصدرت قيادتها شخصيات سياسية محضة، وزعامات فكرية قليلة الحظ من العلم الشرعي.

 

9-     الاستقلالية في المواقف

تميزت الإمارة الإسلامية باستقلالها في قرارتها، وسياساتها، ومواقفها، وعدم قبول إملاءات الآخرين مهما كان موقعهم.

وقد شهدت مواقف عظيمة من ذلك رفضت فيها الإمارة ضغوطا كبيرة من دول كانت تربطها بها علاقات قوية، منها باكستان، والمملكة العربية السعودية، نهايةَ القرن الميلادي الماضي.

ولولا الله، ثم هذه الميزة، لكانت الحركة قد باعت قضيتها، وتنازلت عن مبادئها، كما فعل بعض (المجاهدين) السابقين بفعل إكراهات الإغراء والإغواء.

 

10- التركيز على العمل العسكري والاستفادة من العمل السياسي

ركزت الإمارة الإسلامية على العمل المسلح (خيار ذاتِ الشوكة) كوسيلة أولى لإخراج الغزاة من أفغانستان، وبذلت في ذلك كل غال ونفيس، ولم تنشغل بما عرض عليها من إغراءات العمل السياسي، وتقاسم السلطة مع الغزاة، وعملائهم.

ولما حان وقت المفاوضات السياسية، وظفتها بذكاء لقطف ثمار الجهاد المسلح، وفرض خروج الغزاة، ولم تتوسع فوق ذلك.

وهذا هو المنهج الصحيح، فالعمل العسكري الميداني -مع الأسباب الأخرى- هو جوهر ولب العمل الجهادي، والمفاوضات السياسية هي وسيلة لقطف لثمار هذا العمل، وليست بديلا عنه.

 

11- الحكمة السياسية في التعامل مع الخصوم

تميزت الإمارة الإسلامية خلال السنوات الماضية بمستوى عال من الحكمة السياسية واجهت به داخلا ومحيطا سياسيَّينِ مُعاديَين، ومعقدَين.

لقد أدارت الإمارة الملف السياسي الداخلي بكفاءة عالية، جمعت بين أمرين هامين هما العفو الشامل عن كل الخصوم السياسيين السابقين من جهة، وعدم السماح لهم في الوقت نفسه بالمشاركة في الحكم من خلال أحزابهم وكياناتهم السياسية، حتى لا تتمكن تلك الأحزاب من زعزعة الوضع في الإمارة العائدة لتوِّها للحكم بعد عشرين عاما من الاحتلال.

كما ظهرت الحكمة السياسية للإمارة في التعاطي مع المحيط الدولي، والإقليمي، والمحلي، من خلال رسائل الطمأنة الجادة التي أرسلتها للجميع.

وقد نجحت الحركة بذلك في المزج بين فقه الدولة المسؤولة، وفكر الحركة الثائرة.

 

12- الاستفادة من الأخطاء التاريخية

عملت الإمارة الإسلامية على تصحيح بعض أخطائها السابقة، والاستفادة من تجاربها الماضية في تعاملها مع بعض القوميات، والأقليات، والطوائف، ومع قضايا الإعلام، وتعليم وعمل المرأة، فتجنبت تكرار كثير من تلك الأخطاء، وراجعت العديد من القضايا.

وكان لتصحيح تلك الأخطاء، وإعادة النظر في بعض السياسات السابقة أثر واضح وملموس في العهد الجديد للإمارة الإسلامية في أفغانستان.

وإذا كانت الإمارة الإسلامية بعد عودتها قد وفقت في تصحيح أكثر الأخطاء، فهذا لا يعني أنه لم يعد هنالك ما يحتاج إلى تصحيح، وإعادة نظر، فالعمل البشري من سِماتِه القصور، والنقص، وهو بحاجة مستمرة إلى المراجعة والتقويم.

 

****

 

بفضل من الله محض، ثم بتوفيق منه في هذه الأسباب والعوامل، حققت الإمارة الإسلامية في أفغانستان ما حققت حتى الآن، مما لم يكن يدور في خلد أو حسبان.

وما زالت أمام الإمارة عقبات كثيرة، وتحديات خطيرة، تختلف عن العقبات والتحديات في المرحلة السابقة.

لقد بدأ العالم المهزوم عسكريا في أفغانستان حربا من نوع آخر.. حربا سياسية دبلوماسية من معالمها عدم الاعتراف بسلطة الإمارة الإسلامية، والعمل على محاصرتها، وفرض الحصار والقيود السياسية عليها، ودعم وتشجيع المعارضين لها.

وحربا أمينة من معالمها دعم ومساندة الجماعات المسلحة التي تعبث بالأمن، وتقتل الأبرياء، وتدمر الممتلكات، وتقاتل ضد الدولة.

وحربا اقتصادية من معالمها الحصار الاقتصادي، ومضايقة المستثمرين في أفغانستان، ومحاولة إغلاق الأسواق العالمية أمام الصادرات الأفغانية.

وحربا إعلامية على جميع الصعد والمستويات، تعمل على تشويه الإمارة الإسلامية، وتجربة حكمها المتميزة في أفغانستان، حتى لا تكون قدوة تُحتذى، ولا نموذجا يقلَّد في العالم الإسلامي.

وعلى القائمين على شؤون الإمارة الإسلامية في أفغانستان مضاعفة الجهود، واستمرار اليقظة، ومواصلة عملية البناء، والإصلاح، على الله متوكلين، وبه مستعينين، وبنهجه رسوله صلى الله عليه وسلم متمسكين، باليقين متسلحين، وبالصبر مستعينين؛ فبالصبر واليقين تُنال الإمامةُ في الدين.

{وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون}.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى