فَعَسَى ٱللَّهُ أَن يَأْتِىَ بِالْفَتْحِ…!
فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ ﴿۵۲﴾
{فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} أي: شك ونفاق، وضعف إيمان، يقولون: إن تولينا إياهم للحاجة، فإننا {نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ} أي: تكون الدائرة لليهود والنصارى، فإذا كانت الدائرة لهم، فإذا لنا معهم يد يكافؤننا عنها، وهذا سوء ظن منهم بالإسلام، قال تعالى ـ رادا لظنهم السيئ ـ : {فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ} الذي يعز الله به الإسلام على اليهود والنصارى، ويقهرهم المسلمون {أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِندِهِ} ييأس به المنافقون من ظفر الكافرين من اليهود وغيرهم {فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا} أي: أضمروا {فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ} على ما كان منهم وضرهم بلا نفع حصل لهم، فحصل الفتح الذي نصر الله به الإسلام والمسلمين، وأذل به الكفر والكافرين، فندموا وحصل لهم من الغم ما الله به عليم.( تفسير السعدي)
عندما احتل المحتلون ديار الإسلام وقصفوها قصفاً عنيفاً، فاضطر المجاهدون للانسحاب من البلاد، فسأل صحفي أمير المؤمنين الملا محمد عمر المجاهد رحمه الله آنذاك: الآن كيف يمكنكم أن تقاوموا؛ لأنكم فقدتم كثيراً من المناطق؟
فقال أمير المؤمنين رحمه الله تعالى في جوابه: لاتهمنا المسافة والمناطق كم تكون بأيدينا، فهذا لنا جهاد، وينبغي أن نؤمن بالجهاد ونعتقد به، ومن كان مجاهداً حقاً، لايحرم من الصفات العالية والسمات الشامخة، فسترون هذه المناطق مفتوحة بأيدي المجاهدين ثانية كما أنهم يفقدونها في هذه الأيام.
فكانت كلمات أمير المؤمنين رحمه الله غامضة آنذاك للصحفي وسائر الناس البسطاء، ولم يكن يتصور أحد بأن يرفعوا رأسهم أمام الأمريكان مرة أخرى، ومن هنا انضمّ كثير من ضعفاء الإيمان والعقيدة إلى صفوف الأمريكان والمحتلين لأجل دولارات بخسة معدودة أو خوفاً وهلعاً منهم. ونسوا بأنه لايجوز تلوّث العرض لأجل بيع الوطن والضمير والإيمان إلى المحتلين، وهؤلاء حيارى تائهين في سبيل أهوائهم وأهدافهم الشيطانية ونسوا الطريق السليم الصحيح.
على أية حال، فقد ثبّت الله المجاهدين في سبيله ونصرهم نصراً مؤزراً، فإنهم يقاتلون بمعنويات رفيعة، فيقاتلون الأعداء قتال الأسود الأشاوس حتى لايجدون سبيلاً إلا إلى الموت، فلايرون إلا الهزيمة واليأس، انخفضت قوتهم، يتخاصمون فيما بينهم، ولايألون جهداً في نيلبعضهم على البعض.
وسوف يأتي ذلك العهد الذي بشر الله به عباده فيمنحهم الفتوحات ( فعسى الله أن يأتي بالفتح..)، وسنرى جميعاً إن شاء الله ندم عملاء المحتلين على سوءاتهم، وسيلقون الذل العار، ولكنهم الآن بإمكانهم أن يتركوا صفوف الأعداء والكفار المحتلين ويتوبوا توبة نصوحاً كي ينقذهم الله سبحانه وتعالى من خزي الدنيا وعذاب الآخرة والمجاهدون سيعاملونهم معاملة حسنة إن شاء الله.
ونرى في هذه الأيام بشائر النصر تزف إلى الأمة الإسلامية من شتى بقاع أفغانستان الحبيبة، شمالاً وجنوباً، شرقاً وغرباً، وبعض الولايات كـ قندوز وهلمند وأروزجان وفراه وفارياب وبغلان وزابول وبكتيا ولوجر و… فيها الفتوحات والانتصارات على قدم وساق، واستطاع المجاهدون أن يفتحوا منها مناطق واسعة بخسائر قليلة جداً، والانتصارات مستمرة حتى اللحظة، والعدوّ خسر خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، فقد الآلاف من جنوده، فليتعظ العملاء وليعتبروا من هذه الأوضاع المزرية، وليعلموا بأنّ وسائل المحتلين المتطورة لاتغني عنهم من الله شيئاً، ولاتنجيهم من الهزيمة والخزي والشنار؛ لأن هذا وعد الله بأنه هو الغالب دائماً.
وقال عليه الصلاة والسلام: (لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ) رواه مسلم
فلينته العملاء المسلحين المفسدين عن عداوتهم لهذا الشعب الكريم، ولينتهو عن القتال الخاسر أمام الحق، ويسلموا أسلحتهم إلى المجاهدين، ولايجعلوا أنفسهم والشعب قرابين في سبيل أهداف ومطامع أميركا والمحتلين، والفتوحات أمامنا، إن لم تنزل اليوم فستأتي لا محالة غداً أو بعد غدٍ، وإن نزرت في الغد فستكثر بعد غدٍ وستتعمم إن شاء الله وهذه عقيدتنا وإيماننا لا شائبة فيها أصلاً.