مقالات الأعداد السابقة

فِقْهُ الْجِهَادِ – الحلقة الثانية

فضل الجهاد في سبيل الله، والتحذير من الإعراض عنه وتركه :
فضائل الجهاد والمجاهدين، وفضل الشهادة:
قد ورد في فضل الجهاد والمجاهدين وفضل الشهادة وكذا في التحذير من ترك الجهاد والإعراض عنه، كثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ما يحفز الهمم العالية، ويحرك كوامن النفوس إلى المشاركة في هذا السبيل، والصدق في جهاد أعداء رب العالمين، ويُحذر من الإعراض عنه وتركه، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر ما يأتي، لبيان ما وعد الله به المؤمنين المجاهدين من المغفرة والمساكن الطيبة في دار الكرامة ليعظم شوقهم إلى الجهاد وتشتد رغبتهم فيه، وليسابقوا إليه، ويسارعوا في مشاركة القائمين به. فمما ورد في فضل الجهاد والمجاهدين، والشهادة من الكتاب المبين:
الجهاد في سبيل الله تجارة رابحة:
قال الله تعالي: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ، تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ، يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ، وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [الصف: 10-13].
الجهاد…البيعة الموجبة لرضى الله تعالي:
قال الله تعالى: {لقد رضي اللهُ عن المؤمنين إذ يُبايعونك تحت الشجرة} [الفتح: 18].
ما يُؤتي اللهُ لمن أوفي ببيعته من الأجر:
قال الله تعالى: {إن الذين يبايعونك إنما يُبايعون اللهَ يدُ الله فوق أيديهم فمن نكثَ فإنما ينكثُ على نفسه ومَن أوفى بما عاهد عليه اللهَ فسنُؤتيه أجراً عظيماً} [الفتح: 10].
المجاهدون هم الفائزون،… والفوز العظيم:
وقال تعالى: الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ]التوبة: 20[ . قال الله تعالى: { إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يُقاتلون في سبيل الله فيَقتُلون ويُقتلون وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن ومَن أوفى بعده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم} [التوبة: 111].
ما وعده اللهُ للشهيد من الرحمة والمغفرة:
قال الله تعالى: {وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ، وَلَئِن مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ} [آل عمران: 157، 158].
فضل المجاهدين على القاعدين:
قال الله تعالى: {لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا، دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [النساء: 95، 96].
الشهادة هي الحياة … و الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون:
قال الله تعالى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ، يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 169-171].
فضل مشاقِّ الغزو:
قال الله تعالى: {ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه؛ ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصةٌ في سبيل الله ولا يطأون موطئاً يغيظ الكفارَ ولا ينالون من عدو نيلاً إلا كُتب لهم به عملٌ صالحٌ إن الله لا يُضيعُ أجرَ المُحسنين * ولا يُنفقون نفقةً صغيرةً ولا كبيرة ولا يقطعون وادياً إلا كُتِبَ لهم ليجزيهم اللهُ أحسن ما كانوا يعملون}[التوبة: 120-121].
وأما الأحاديث الواردة في فضل الجهاد والمجاهدين، والتحذير من تركه و الإعراض عنه فيُذكر منها طرفاً يسيراً ليعلم المجاهد الصادق شيئا مما قاله نبيه ورسوله الكريم، عليه أفضل الصلاة والتسليم:
الجهاد في سبيل الله خير من سقى الحاج وعمارة المسجد الحرام:
عن النعمان بن بشير قال : كنت عند منبر رسول الله صلي الله عليه وسلم في نفر من أصحابه، فقال رجل منهم ما أبالى أن لا أعمل لله عملاً بعد الإسلام إلا أن أسقى الحاج، وقال آخر: بل عمارة المسجد الحرام، وقال الآخر: بل الجهاد في سبيل الله خير مما قلتم فزجرهم عمر بن الخطاب ( وقال: لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو يوم الجمعة، ولكن إذا صليت الجمعة دخلت فاستفتيته فيما اختلفتم فيه، فأنزل الله تعالي: (أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ( ]التوبة:19[ (رواه مسلم).
فضل الرباط في سبيل الله تعالى:
عن سلمان – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله وأُجري عليه رزقه، وأمن الفتان (رواه مسلم).
فضل الحراسة في سبيل الله تعالى:
عن أبي ريحانة – رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “حرمت النار على عين دمعت أو بكت من خشية الله وحرمت النار على عين سهرت في سبيل الله”(رواه احمد). وعن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله”(رواه الترمذي).
فضل الغدوة أو الروحة في سبيل الله:
عن سهل بن سعد – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها، وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها، والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها” (رواه البخاري). وعن أنس – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لغدوةٌ في سبيل الله أو روحةٌ خير من الدنيا وما فيها”(متفق عليه).
لا يجتمع على عبد غبار في سبيل الله ودخان جهنم:
عن عبد الرحمن بن جبر – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله فتمسه النار” (رواه البخاري). وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع على عبد غبار في سبيل الله ودخان جهنم” (رواه الترمذي).
ألا! إن الجنة تحت ظلال السيوف:
عن عبد الله بن أبي أوفى – رضي الله عنهما – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “أيها الناس، لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف”(رواه البخاري).
الجهاد عملٌ لا يعدله شيء: عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: دلني على عمل يعدل الجهاد؟ قال: “لا أجده” قال: “هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك فتقوم ولا تفتر وتصوم ولا تفطر”؟ قال: ومن يستطيع ذلك؟ (رواه البخاري).
ما أعدّه الله للمجاهدين من درجات في الجنة:
عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجَّر أنهار الجنة” (رواه البخاري). وروى أبو سعيد عن رسول الله أنه قال: {مَن رضي باللهِ رباً وبالإسلام ديناً وبمحمدٍ رسولاً وجبت له الجنَّة} فعجب لها أبو سعيد فقال: أعِدها عليَّ يا رسول الله؟ فأعادها عليه ثم قال: {وأخرى يرفع اللهُ بها العبدَ مئةَ درجةٍ في الجنة، ما بين كل درجتين مثلُ ما بين السماء والأرض} قال: وما هي يا رسول الله؟ قال: {الجهاد في سبيل الله، الجهاد في سبيل الله، الجهاد في سبيل الله}[مسلم].
فضل الصدقة في سبيل الله وتضعيفها:
قال تعالى: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 261]. وعن خزيم بن فاتك – رضي الله عنه – قال: قال صلى الله عليه وسلم: “من أنفق نفقة في سبيل الله كتبت له سبعمائة ضعف” (رواه الترمذي). وعن أبي مسعود الأنصاري – رضي الله عنه – قال: جاء رجل بناقة مخطومة فقال: هذه في سبيل الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لك بها يوم القيامة سبعمائة ناقة كلها مخطومة” (رواه مسلم).
افضل الأعمال الجهاد :
سُئل النبي صلى الله عليه وسلم: أيُّ الأعمال أفضل؟ فقال: إيمانٌ بالله ورسوله، قيل ثم ماذا؟ قال: جهادٌ في سبيل الله، قيل: ثم ماذا؟ قال: حجٌّ مبرور [متفق عليه]. وروي أنه : قال رجل: يا رسول الله! أي الأعمال أفضل؟ قال: مؤمن مجاهدٌ بنفسِه وماله في سبيل الله، ثم رجل في شِعْبٍ من الشِّعابِ يعبُدُ الله [متفق عليه].
الجهاد باب من أبواب الجنة:
عن عبادة بن الصامت – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “جاهدوا في سبيل الله فإن الجهاد في سبيل الله باب من أبواب الجنة ينجي الله به من الهم والغم”(رواه احمد).
فضل من جاهد بنفسه وماله:
عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال: قيل يا رسول الله، أي الناس أفضل؟ فقال: مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله، قال: ثم من؟ قال: ثم مؤمن في شعب من الشعاب يعبد الله ربه ويدع الناس من شره(رواه البخاري).
من خرج من بيته مجاهدًا في سبيل الله … فقد وقع أجره على الله:
قال الله تعالى: {وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [النساء: 100].
تضَمّنَ اللهُ لمن خرج في سبيل الله:
قال صلى الله عليه وسلم: { تضَمّنَ اللهُ لمن خرج في سبيل الله، لا يخرجه إلا جهاد في سبيلي وإيمانٌ بي وتصديقٌ برُسُلي، أن أدخله الجنةَ أو أرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه نائلاً ما نال من أجرٍ أو غنيمة [متفق عليه]، وحكى عن ربه أنه قال: أيُّما عبدٍ من عبادي خرج مجاهداً في سبيلي وابتغاءَ مرضاتي ضَمِنتُ له إن رَجَعتُه أرجعه بما أصاب من أجرٍ أو غنيمة، وإن قبضتهُ غفرت له ورحمته [أحمد، الترمذي] وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “انتدب الله لمن خرج في سبيله، لا يخرج إلا إيمانٌ بي وتصديقٌ برسلي أن أرجعه بما نال من أجر أو غنيمة، أو أدخله الجنة، ولولا أن أشق على أمتي ما قعدت خلف سرية، ولوددت أني أقتل في سبيل الله، ثم أحيا، ثم أقتل، ثم أحيا، ثم أقتل”. وفي لفظ: “وتوكل الله للمجاهد في سبيله بأن يتوفاه أن يدخله الجنة أو يرجعه سالمًا مع أجرٍ أو غنيمة”. وفي لفظ: “تكفل الله لمن جاهد في سبيله لا يخرجه من بيته إلا الجهاد في سبيله وتصديق كلمته أن يدخله الجنة أو يرده إلى مسكنه بما نال من أجر أو غنيمة” (متفق عليه).
مثل المجاهد في سبيل الله تعالى:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله لا يفتر من صلاة، ولا صيام، حتى يرجع المجاهد في سبيل الله(متفق عليه).
ذروة الإسلام الجهاد:
عن معاذ بن جبل – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: “رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد” (رواه الترمذي).
سياحة أمة محمد صلى الله عليه وسلم الجهاد في سبيل الله:
عن أبي أمامة – رضي الله عنه – أن رجلاً قال: يا رسول الله، ائذن لي في السياحة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله عز وجل” (رواه ابوداؤد).
فضل الرمي بسهم في سبيل الله :
عن أبي نجيح عمرو بن عبسة السلمي – رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “من رمى بسهم في سبيل الله فهو له عدل محررٍ” (رواه الترمذي). ولفظ ابن ماجه: “من رمى العدو بسهم، فبلغ سهمه العدوَّ، أصاب، أو أخطأ، فيعدل رقبة”.
فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره وخلافته في أهله بخير:
عن زيد بن خالد – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من جهَّز غازيًا فقد غزا، ومن خلف غازيًا في أهله فقد غزا” (متفق عليه). و عن أبي مسعود الأنصاري قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني أبدع بي فاحملني فقال (ما عندي) فقال رجل يا رسول الله أنا أدله على من يحمله فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم (من دل على خير فله مثل أجر فاعله) (رواه مسلم)
للشهيد عند الله ستُّ خصالٍ، ضيافةً له :
عن المقدام بن مَعْدِيكرب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “للشهيد عند الله ستُّ خصال: يغفرُ له في أول دُفعة من دمه، ويُرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويُحلَّى حلية الإيمان، ويزوج من الحور العين، ويُشفَّع في سبعين إنسانًا من أقاربه” (رواه الترمذي و بن ماجة).
كيفية دم الشهيد يوم القيامة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: والذي نفسي بيده لا يُكلم أحد في سبيل الله والله أعلم بمن يُكلم في سبيل إلا جاء يوم القيامة واللون لون الدم والريح ريح المسك (متفق)
لا يتمني الشهيد … إلا أن يقتل عشر مرات:
عن أنس – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ما من عبد يموت له عند الله خير يسره أن يرجع إلى الدنيا وأن له الدنيا وما فيها، إلا الشهيد لما يرى من فضل الشهادة..”. وفي لفظ: “ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شيء إلا الشهيد يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة” (متفق عليه).
أرواح الشهداء تسرح في الجنة:
سئل عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – عن هذه الآية: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169]. قال: أما إنا قد سألنا عن ذلك، فقال: “أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل، فاطلع عليهم ربهم اطلاعة، فقال: هل تشتهون شيئًا؟ قالوا: أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا”(رواه مسلم).
ما يجد الشهيد من ألم القتل:
عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “الشهيد لا يجد من القتل إلا كما يجد أحدكم القرصة يُقرصُها” (رواه النسائي وابن ماجة).
ما يُبلِّغ منازل الشهداء:
عن سهل بن حنيف – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من سأل الله الشهادة بصدق بلّغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه” (رواه مسلم). وعن أنس – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من طلب الشهادة صادقًا أعطيها ولو لم تصبه” (رواه
مسلم).
القتل في سبيل الله يكفّر كل شيء إلا الدَّين:
عن أبي قتادة – رضي الله عنه – عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قام فيهم فذكر لهم: “أن الجهاد في سبيل الله، والإيمان بالله أفضل الأعمال” فقام رجل فقال: يا رسول الله، أرأيت إن قتلت في سبيل الله تكفَّر عني خطاياي؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: “نعم، إن قتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب، مقبل غير مدبر” ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كيف قلت”؟ فقال: أرأيت إن قتلت في سبيل الله أتكفَّر عني خطاياي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “نعم وأنت صابر محتسب، مقبل غير مدبر، إلا الدَّين، فإن جبريل عليه السلام قال لي ذلك” (رواه مسلم).
فضل قتل الكافر في سبيل الله:
قال صلى الله عليه وسلم: {لا يجتمع كافِرٌ وقاتلُه في النار أبداً}[مسلم].
ما جاء في خروج الإمام في السَّرايا:
قال صلى الله عليه وسلم: {والذي نفسي بيده، لولا أن أشُقّ على المؤمنين ما قعدتُ خلفَ سريَّةٍ تغزو في سبيل الله، ولكن لا أجدُ سَعَة فأحملهم، ولا يجدون سعة فيتّبعوني، ولا تطيبُ أنفُسُهم أن يقعدوا بعدي}[متفق عليه].
فضل رفق الإمام بالمجاهدين:
قال صلى الله عليه وسلم: {اللهم مَن وَليَ من أمر المسلمين شيئاً فرَفَقَ بهم فارفُقْ به، ومَن شَقَّ عليهم فاشْقُقْ عليه}(23)[مسلم].
ما جاء في من عمل قليلاً وأجر كثيرًا:
عن البراء – رضي الله عنه – قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم مُقَنَّعٌ بالحديد فقال يا رسول الله، أقاتل أو أسلم؟ فقال صلى الله عليه وسلم: “أسلم ثم قاتل” فأسلم ثم قاتل فقتل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “عمل قليلاً وأجر كثيرًا”(متفق عليه).
ماجاء في الترهيب من ترك الجهاد:
قدأمر الله عباده المؤمنين أن ينفروا إلى الجهاد خفافاً وثقالاً:
قال تعالى: (انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ(التوبة:41)
حب الجهاد من الإيمان، والإعراض عنه وعدم تحديث النفس به من شعب النفاق:
وقال تعالى: (وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ) ]التوبة:92[، وقال عن وجل (لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ (التوبة:42) وقال تعالي: (فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللّهِ وَكَرِهُواْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ( ]التوبة:81[ . وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من مات ولم يغز ولم يحدث به نفسه مات على شعبة من نفاق”(رواه مسلم).
التَّغْلِيظ فى تركِ الجِهَاد:
عن أبي أمامة – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من لم يغز، أو يجهز غازيًا، أو يخلف غازيًا في أهله بخير، أصابه الله بقارعة قبل يوم القيامة” (رواه ابوداؤد). وعن عقبة بن عامر – رضي الله عنه – يرفعه للنبي صلى الله عليه وسلم: “من علم الرمي ثم تركه فليس منا، أو قد عصى” (رواه مسلم).
ألا ! إنّ من أسباب الذل وتسليط الأعداء التشاغلُ عن الجهاد بغيره:
قال تعالي: (قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ( ]التوبة:24[ . وعن ابن عمر – رضي الله عنهما – قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلّط الله عليكم ذلاًّ لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم” (رواه ابوداؤد).
هذا ! وإن الآيات والأحاديث في فضل الجهاد والترغيب فيه أكثر من أن تحصى، وفيما ذكر في هذه الصفحات ما يكفي ويشفي ويحفز الهمم، ويحرك النفوس إلى تلك المطالب العالية والمنازل الرفيعة، والفوائد الجليلة، والعواقب الحميدة، وفي ذلك أعظم حثّ وأبلغ تحريض علي الجهاد في سبيل الله، والتنفير من التخلف عنه . والله المستعان .
( يتبع)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى