
قرارات مؤتمر لندن عديمة التطبيق
طوال سنوات الاحتلال الثماني لأفغانستان یعد مؤتمر لندن هو الثامن في سلسلة المؤتمرات التي تقام تحت مسميات کإعادة الإعمار وإحلال السلام والصلح ، وإيجاد سبيل الحل لأزمة أفغانستان.
وأثناء انعقاد هذه المؤتمرات تضخم شعاراتها وتذاع بياناتها الختامية السمينة جداٌ، لكن سرعان ما يظهر زيف تلك المؤتمرات والاجتماعات وتكون مقيتة لدی العالم والأفغان معاٌ.
والسبب الأصلي في عدم تأثير وفشل هذه المؤتمرات هو أنها أصلاْ، ليس لها موقف واقعي واستراتيجية سليمة لمسائل أفغانستان وحل الأزمة فيها، لأن الدور الأساسي في قيامها والدعوة إليها هو لأولئك الذین أیادیهم ملطخة بدماء الأفغانیین وقتلهم وتعذیبهم، وهؤلاء الناس لازالوا بصدد إبادة أهل هذا البلد من أجل مصالحهم الاستعمارية!
النقاط الأساسية لهذه الاجتماعات والمؤتمرات التي في قی انعقادها إلی حد كبیر الید المباشرة أو غیر المباشرة للأمریكیین والبریطانیین، هي أن یكسب منظموها في المسرح السياسي ما خسروه في المیدان العسكری.
وكان الهدف الأصلي للأمريكیین والبريطانیین من مؤتمر لندن هو أن یجروا مشاركي المؤتمر إلى دوامة السیاسیات الخاطئة حول أفغانستان التي هم متورطون فیها ویلقوا عبء مصاریفهم العسكریة في أفغانستان علی كاهل المشاركین في هذا المؤتمر.
مع أن هذا المؤتمر أقیم بذریعة إيجاد الصلح وإعادة إعمار البلد، لكن سوف تصرف الأموال والمساعدات الموعودة فیه في المصاريف القتالية والحربیة لقوات دول الاحتلال أو سوف تذهب إلی جيوب المسؤولین الفاسدین في إدارة كرزي، لأن الأفغان والعالم جمیعا شاهدوا بأم أعينهم بأن عشرات المليارات من الدولارات المساعدة التي جمعت في المؤتمرات السابقة لم تصرف في إعادة إعمار أفغانستان، بل بواسطة هؤلاء المانحین أنفسهم وبالتعاون والمساعي المشتركة مع مسؤولي إدارة کرزي الفاسدة حولت إلی البنوك الخارجیة.
الجديد في مؤتمر لندن من سابقاته هو أنهم أجازوا جمع قرابة خمسمائة مليون دولار مساعدات بذريعة تقديم الرشوة السياسیة لمجاهدي الإمارة الإسلامية؛ لكن الأمریكیین والإنجلیز ومانحیهم الحمقاء لا یدركون هذه الحقیقة بأن مجاهدي الإمارة الإسلامیة الذين یقاتلون ضدهم، هم المجاهدون في سبیل الله الأبطال الذین باعوا أموالهم وأنفسهم فی سبيل مرضاة الله سبحانه وتعالی والدفاع عن شعبه المؤمن واستقلاله، وأنهم في تجارتهم النفيسة هذه غير مستعدین للمعاملة مع أي أحد ومقابل أي شيء.
نحن نقول لمنظمي ومانحي مؤتمر لندن بأن قیادة الإمارة الإسلامية ومجاهدیها لیسوا کمن یقبل بالبقعة السوداء علی جبینهم لبیع إیمانهم وجهادهم ووطنهم للحصول علی الإمكانیات المادیة مثال حكام إدارة کابل المرتزقة وبلا مبدأ.
إن قیادة الإمارة الإسلامية ومجاهدیها قد أثبتوا أمام الجمیع موقفهم الصارم والأصولي بهذا الشأن خلال السنوات الثماني الماضیة.
هم الذین لم یقوموا في طوال السنوات الثماني الماضیة بالمتاجرة ومعاملة الجهاد والوطن والمصالح الإسلامیة والوطنیة لشعبه المجاهد مع أي أحد، والآن أیضا لا حاجة لهم ولا نیة لديهم للمعاملة والمساومة علی المیدان الذي کسبوه بنصرة من الله سبحانه وتعالی ولا هم مستعدون لمتجارته بمثل هذه المعاملات والمساومات التي بلا هدف وبلا قیمة ورخیصة وغیر شرعیة.
إن كان هدف مجاهدي الإمارة الإسلامیة من الجهاد والكفاح هو الحصول علی المناصب والمادیات إذن لكانت هناك إمكانیات مادیة وافرة موجودة أمامهم آن ذاك لازالت وهي كانت أكثر من تلك المساعدات المحددة والمخصصة في مؤتمر لندن.
لكن یجب أن یدرک الأمريكیون وجمیع من خطی خطوتهم من المتجاوزین هذا الأمر جیدا بأن مقاصد نبیلة وآمال سامیة لمجاهدي الإمارة الإسلامیة لها قیمة عالیة جدا، القیمة التي یعجز حكام البیت الأبیض من أن یتصوروا تحدیدها.
هؤلاء المجاهدون الفدائيون یرون الوصول إلى مقاصدهم النبیلة والعالیة یكمن فقط من خلال تضحیة وفداء أرواحهم الغالیة ولا بالحصول علی المادیات الدنیویة الفانیة وهم من أجل نیل هذه المرابحة، یعتبرون أنفسهم ملتزمين للإرشاد القرآني التالي في مقابل جمیع ماديات العالم:
إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (التوبة: 111)