
قصة قصيرة
الفقر المفضي إلی الكفر
في ذلك المساء..
خرجت من البیت ومعي سیارتي، وبینا أنا في الطریق إذ رأیت طفلین صغیرین، یبدو علیهما آثار البؤس والفقر.
خففت من السرعة..عرفتهما، إنهما شقیقین وابنا جارنا البعید، یلعبون بقشور البطیخ، یقول أحدهما للآخر: إرم بقوة فما أصبت!
قال الآخر مجیباً: سأصیب هذه المرّة!
رابني أمرهما، فنزلت من السیارة واقتربت منهما.
سئلت: من تستهدفون؟
خافا وقال الأصغر منهما بصوت رخیم مرتعش: هذا الذي أمرني بهذا وأشار إلی أخیه الأكبر؛ بل هذا الذي أمرني بهذا!
قلت: لماذا تستهدفون الله -والعیاذ بالله-؟
قال: لأن الله تعالی أعطی لوالد یحیی جارنا المال الكثیر، فهو یشتري لیحیی الفواكه والأطعمة الكثیرة.
وما أعطی والدنا أموالاً، فنحن فقراء ولا نجد الفواكه واالبطیخ شهوراً طوالاً، ولا أطعمة لذیذة أیاماً عدیدة!
یالطیف! یا ربنا!
أجل؛ أیها المسلمون لقد كان هذا مشهداً صغیراً من مشاهد البؤس والفقر السائد علی معظم البیوتات الأفغانیة، فتمضي علیهم الشهور ولم توقد لهم نار.
وكم من المسلمین یعیشون في بلادهم حیاة الترف والبذخ والدعة، وسئموا أنواع الأطعمة، وأصناف الفواكه، وسئموا اللذیذ ویطلبون الألذ، وبأیدیهم الأصفر والأبیض، ویجلس أحدهم أمام مائدة حافلة بصنوف الطعام، قدیده وشوائه، حلوه وحامضه، ولاینغّص علیه شهوته علمه أنّ كثیراً من إخوانهم الأفغان من تتواثب أحشاؤه شوقاً إلی فتات تلك المائدة، ویسیل لعابه تلهفاً علی فضلاتها.
إذن؛ أیها القرئ الكریم ماذا تجیب یوم القیامة أمام ملك الجبار حین تُسأل عن مالك من أین اكتسبته وأین أنفقته.
فالآن قبل أن لایكون آنٌ.
فأشبع الجائع، وواسِ الفقیر، وعد بالفضل من مالك علی الیتیم الذي سلبه الدهر أباه، والأرملة التي فجعها القدر في عائلها.
وامسح بیدك دمعة البائس الفقیر والمحزون، وخصّص كمّیة من مالك الذي خوّلك الله لإعادة عمارة البلد المظلوم ألا وهو أفغانستان.
فربّ قرش من مالك یسد أبواب الكفر الذي یهدّد أبناء المسلمین في أفغانستان.
فهل من ناصر ینصرني، وهذا نداء كل قلب كسیر ینادیك لتمدّ ید العون إلیه لتأخذه!
فالآن قبل أن لایكون آن. “وإلی الله المشتكی”.