قصص العفاف والنّزاهة
إنَّ القصة تنغرس في القلب انغراس العرق في القلب وتنتقش فيه نقش الحجر.
القصة تضيء للإنسان حياته؛كإضاءة القمرليلة البدر ..
القصة ربما تحرق المعاصي عند الإنسان إحراقاً.
القصة ربما تشعل مشعل الإيمان في النفس إشعالاً، وتفجّر فيها بركان الهمّة النائمة ثائراً.
القصة ربماتحرك الأفئدة والأرواح إلى نصرةالدين بشيءغريب وعجيب.
القصةأسلوب قرآني رائع جميل .
إنَّ القصة إذاطُرحت،وذُكرت؛عاش معهاالقلب والجوارح فكيف إذاكانت تلك القصة من الواقع المشهود!
إنَّ هذه القَصص التي نذكرهاهي قصص من الواقع ، وليست من نسيج الخيال فيها شيء، ولكن أسأل الله أن يكون فيهاللإخلاص أوفرحظ ونصيب.
كنت أطالع بعض المجلات الجهادیة إذ وقع بصري علی قصة أثارت إعجابي، و اندهشت لهذه القصة المؤثرة ،لأنها القصة المثالیة التي یلیق بنا أن نفتخر بها ونشمخ بأنوفنا لمثل هذه الأحداث العظام…
نعم؛ هي قصة الطهر والعفاف لأبطال الإمارة الإسلامیة الذین یضربون أروع المثل في شتی المجالات، ویبنون تاریخاً جدیداً لأمة الإسلام، ویظهرون للعالم بأنهم جیل نشأوا وترعرعوا في كنف الإله، وبأنّ لهم التوفیق والتشرف في تفيّيء ظلال الفرقان، وشمائل نبي الإسلام.
كما تعلمون بأن الملّا فاضل – ثبته الله وفك أسره– كان من أفضل قيادات الإمارة الإسلامیة، و بعد انسحاب المجاهدین وقع في الأسر، ثمّ نقله الأعداء إلی معتقل غوانتانامو وإلی الآن هو رهین القبض ومن نزلاء مدرسة یوسف علیه السلام.
وقد برزت قصة رائعة عجیبة حكاها بعض الإخوة في مجلة ” صدی الملاحم” 15 فأحببنا أن ننقلها لقراء مجلة الصمود حتی تعمّ الفائدة إن شاء الله.
یقول الأخ مشعل الشدوخي : حدثت شیخي ذات مرّة عن التضحیات العظیمة التي قدمها مجاهدو الإمارة الإسلامیة طالبان و علی رأسها أمیرنا الملا محمد عمر، و أخبرته بقصة القائد «الملافضل» الأسیر في غوانتانامو منذ تسع سنوات ( والآن ترف علیه تعذیبات الثالثة عشرة من اعتقاله)، و أنّ الأمریكان أكثروا علیه ذات مرّة في التحقیقات، ففي الصباح یدخلون علیه النساء لكي یفتنّه عن دینه وهو لا یتكلم معهن ولو بكلمة واحدة، وفي المساء یرمونه تحت هواء المكیف البارد جداً، ویرشون علیه الماء ویرفعون الموسیقي الصاخبة، وأنهم استمروا معه علی هذه الطریقة ما یقارب الأربعة أشهر، فكانوا یعیدونه من التحقیق قبیل المغرب بساعة وهو مرهق، فیدخل غرفته ویصلّي الظهر والعصر؛ لأنهم یمنعونه من الصلاة في غرف التحقیق ثم یأكل غداءه ویأخذ زاویة الغرفة ویبدأ بحفظ القرآن؛ فأشفقنا علیه، وخاطبناه وعزمنا علیه أن یرتاح هذا الوقت؛ لأنهم سیأخذونه إلی التحقیق الساعة العاشرة مساءً ولن یعیدوه إلی قبیل الفجر، وقد كان الملا فاضل یحب العرب ولا یرد لهم طلباً، فلما رأی أننا أكثرنا علیه، قال لنا: لقد أمضیت الكثیر من عمري في ساحات الجهاد، وقد شغلني الجهاد عن حفظ القرآن، وهذه فرصتي لأن أحفظه، وقد حفظت الآن مایقارب الثلاثة عشر جزءاً، وإني أرید أن أختمه فلاتحرموني من هذه الأمنیة).
الله أكبر الله أكبر ..
هذه هي العقیدة الرسخة التي أرهقت الأعداء فصاروا مندهشین في كل مكان لا یدرون ماذا یصنعون قبالة هؤلاء الأبطال، إذا ماقتلوهم فیهدون لهم وسام الشهادة التي تمناها الرسول الكریم صلی الله علیه وسلم المرّة تلو المرّة، ولو نكأوهم فوسام الجراح التي تكون یوم القیامة اللون لون الدم والریح ریح المسك، وإذا ما زجّوا بهم في السجون، فكأنهم هیأوا لهم فرصة الخلوة مع ربهم كي یناجوه ویبسطوا لدی جنابه مائدة فؤادهم كیفما شاؤوا، وما أجمل قول الإمام ابن تیمیة رحمه الله في هذا المضمار عندما قال: ( مایصنع أعدائي بي، حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سیاحة، جنّتي وبستاني في صدري، هو معي لایفارقني).
ویسرد الأخ كي یكشف الستار عن بطولات البطل أكثر فأكثر:
( ثمّ إنهم لما عزموا علی إنهاء التحقیق معه، قالت له المحققة الأمریكیة: إنّ زمیلاتي – أي البغایا اللواتي معها – قد وقع في خواطرهنّ علیك، لأنك لم تنظر لهنّ منذ أربعة أشهر وهنّ الآن یردن وداعك، فطیب خواطرهنّ وانظر إلیهنّ ولو بنظرة واحدة، وأعدك أنني سأقدّم الكثیر من الخدمات التي تریحك في زنزانتك بشرط أن تنظر إلیهنّ!)
یا سلام! لنجعل أنفسنا مكان الشیخ ما أصعب هذا الموقف، ولایفوز من ههنا إلا من حباه الله سبحانه وتعالی من لدنه طهر یوسف علیه السلام بالله علیكم طالعوا معي هذه الآیات ثم انظروا إلی البطل كم امتثل بالنبي العفیف:
وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ يوسف (23)
ألیست هذه المراودة من البغایا خطیرة سیماً علی أسیر كسیر انقطع رجاءه من جمیع الأبوب إلا الباب الواحد الذي یكفي كل عبدٍ إذا ما فقهه.
ماذا تظنون بما فعل البطل؟ وهل أجاب طلبها؟
لا ورب محمد إنه أفحم المجرمات بقوله:( فقال لها الأسد الملا فاضل – فرج الله عنه- والذي لم یتكلم معها إلا في هذه اللحظة : لو أعلم أنّ هذه النظرة ستخرجني إلی أهلي في أفغانستان لم أنظر إلیهنّ!!!)
الله أكبر الله أكبر إنّ البطل ما أجابها إلا بما أجاب النبي یوسف علیه السلام قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ۖ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ يوسف (33)
وكم یجدر في هذا المقام أن أنقل لكم قصة الأخ یاسر الاستشهادي رحمه الله الذي أثار إعجابي، فأغتبط لمثل هؤلاء الشباب الذين یضربون لنا أروع المثل في الطهر والعفاف علی حین یسافر الشباب فيمثل سنّه إلی ملل تمرغ في أوحال الشهوة ومستنقع الرذیلة، وحمأة الإثم.
وقد قصّ الأخ رحمه الله لي: بأنني لمّا وصلت إلی إحدی الدول الخلیجیة دخلت الفندق كي أستريح لیلة، فلما دخلت غرفتي وآویت إلی فراشي كي استریح دُق الباب ففتحت الباب، ففوجئت بعاهرة قالت لي: أبقی معك؟
قلت: معاذ الله وغلقتُ الباب.
وإذا بأخری تدقّ الباب وطردتها حتی تعبت من كثرة الطارقات، ففكرت ماذا أفعل حتی لاتدق العاهرات باب غرفتي، فوصلت في ذهني فكرة وقلت للحارس خذ هذا المال (خمسین دولاراً) ولاتسمح لأحد یدق بابي.
فقال: لا بأس، فوضع كرسیه أمام غرفتي، وجلس علیه، وهكذا عصمني الله من كید البغایا!
یا للإیمان الذي یحمله هؤلاء الشباب، یدفع خمسین دولاراً كي یصون من الإثم فأوجه السؤال إلیكم: أو لا یلیق لهؤلاء بأن یكونوا قدوة في العفاف ؟؟؟