قوافل الأحرار
غلام الله الهلمندي
من كان يصدّق أن خمسة آلاف من أسرانا يطلق سراحهم من السجن في غضون عدة أشهر فقط، ورغم أنوف السجانين؟ من كان يتخيل ذلك قبل بضعة أعوام؟ إنها (دون شك) ليست منة تمنّها علينا أمريكا، إنها ليست هدية جادت بها أمريكا، إنما نحن صنعنا هذا الانتصار بنصر الله ثم بفضل حدّ سيوفنا وبتضحياتنا وبدمائنا، نحن زرعنا هذا الانتصار بأيدينا، وسقيناه بدمائنا.
ها قد تأكد مرة أخرى أن القول للسيف أبدا، قد تأكد أن القول للقوة دوما، قد تأكد أن الحق لا يُهدى وإنما ينتزع، وأن الحرية لا توهب، وإنما تنتزع، خرج أسرانا الأبطال من السجن، يمشون إلى الأمام رافعين رؤوسهم، بينما ابتسامة النصر تلوح على شفاههم، إن مشهد خروجهم من السجن بعد أعوام طوال من الفراق يُبكي الحجر،
لا يستطيع لسان الشاعر أن يعبّر عن مشاعرهم وقت الخروج من بوابة السجن ووقت لقاء الأحباب والأهل والأولاد، ولا يقدر قلم الكاتب أن يصف جمال هذا المشهد وروعته، ويفشل لسان الخطيب في وصف أحاسيسهم، إنها أحاسيس أعظم من أن تكتب! إنها من أجمل لحظات حياتهم.
قد تأكد أن المستقبل لنا، أن المستقبل للإسلام، أن المستقبل لهولاء الشبان الذين اقتحموا البلايا والشدائد والنكبات، الذين صبروا على الاعتقال والتعذيب وفراق الأهل والأسرة، الذين تجرعوا مرارة الأسر والاضطهاد واللاإنسانية داخل غياهب السجون، ولم يتراجعوا عن غاياتهم، ولم يقعدوا عن حقهم، ها قد آن الأوان ليقطفوا ثمار تضحياتهم وبطولاتهم، ليقطفوا ثمار النصر، تأكد أن العاقبة لهؤلاء الفتية الذين لم يتزعزعوا في وجه المصائب، ولم يشكوا في نصر الله، ولم يخطر ببالهم يوما أن الله يتخلى عنهم ويتركهم وحدانا.
على مدى عقدين تقريبا حاول المحتلون وأعوانهم أن يُخضعوا الشعب الأفغاني الحر على الركوع، وأن يقضوا على شرارة الجهاد في قلوبهم بكل السبل، بالاعتقال وبالتعذيب، ولكن هيهات، بائت كل محاولاتهم ومخططاتهم بالفشل، عاد الأسرى المفرج عنهم أقوى من ذي قبل إلى أحضان الإمارة الإسلامية، عادوا بعزم أقوى وبإيمان أقوى، عادوا وواصلوا طریقهم نحو غایاتهم النبیلة، وهي إقامة شرع الإسلام، وتنفيذ حاكمية القرآن، وإعلاء راية الإسلام، والحرية، والاستقلال. لم تستطع محاولات الأعداء أن تطفئ شرارة الجهاد وجذوة المقاومة في قلوبهم.
ها قد أطلق سراحهم وخرجوا من سجون الطغاة رغم أنوفهم، أفرج عنهم بأوامر من أسيادهم الأمريكان، ليس لديهم خيار غير هذا، لا بد أن يطيعوا أسيادهم، وأما الهيئة الاستشارية الكبرى التي عقدوها قبل أيام فهي تمثيلية حاولوا من وراءها أن يخدعوا الشعب ويتظاهروا بأنهم أصحاب القرار.
نأمل أن يفرج عن باقي الأسرى أيضا من سجون الطغاة عما قريب، أيها الأسير الذي لا زال يقبع في غياهب السجون، قسما لن ننساك، صبرا أيها الأسير، صبرا فالله معك، وما النصر إلا صبر ساعة، صبرا فإن الذي قدّمتَه من أجل الإسلام قاد نصرا عظيما للأمة، أيها الأسير أنت في قلب كل مسلم، لن تنساك الأمة، ولن ينساك التاريخ، أنت البطل، أنت حقا حر خلف القضبان، أنت أيقونة الحرية والشرف، أنت تاج رأس كل مسلم، أنت أيها الأسير شعلة تنير للأمة درب الصمود والثبات، ودرب النصر والحرية، أنت أيها الأسير علّمت الأمة أن لا تعرف غير طريق الحرية سبيلا،
وأن لا تختار غير طريق النصر والشرف منهجا، أيها الأسير لا تظنّنا نسيناكم، نحن ننتظر عودتك على أحر من الجمر، ستخرج عما قريب بإذن الله مرفوع الرأس منتصب القامة مرفوع الهامة رغم أنف السجان. نحن أمضينا الليل المظلم الطويل، ها نحن في آخر الليل، ليس بعد الليل إلا الفجر، فجر النصر والحرية والاستقلال.
وفي الأخير أوّد أن أهنّئ بهذا الانتصار كل مجاهد حمل السلاح ثابتا صامدا، ولم يُفزعه جبروت الاحتلال، سلام عليكم أيها الأبطال، أنتم أخضعتم الأمريكان على الركوع، وجررتموهم إلى طاولة المفاوضات، جررتموهم بعزمكم وإيمانكم وتضحياتكم، أنتم أعددتم أسباب النصر، أنتم أعددتم أسباب الإفراج عن أسراكم، أنتم أدخلتم البهجة إلى قلوبهم، أنتم أعدتم البسمة إلى شفاههم. لله دركم يا أبطال.