كارثة أرغنداب جريمة حرب
مسلميار
وفق اتفاقية الدوحة، فإن القوات الأمريكية المحتلة والمسلحين المتعاقدين التابعين لهم، لا يحق لهم أن يقوموا في مناطق غير حربية وفي غير الوضع الحربي، بشن غارات جوية أو مداهمة منازل المدنيين فيها وأذيتهم، ولكنّ الكفّار عرفوا بالغدر قديمًا وحديثًا، لأنهم لا يعترفون بشرع أو قانون.
واستمرارا في الانتهاكات المتكررة لاتفاقية الدوحة، قامت القوات الأمريكية قبل أيامٍ بشن غارات جوية على مناطق غير حربية في مديريتي أرغستان وأرغنداب بولاية قندهار.
فمنذ أيامٍ قليلة (10/12/2020م) قامت المقاتلات الأمريكية بشن 14 غارة جوية على قرية “سندروزو” بمديرية ارغستان، وكذلك على منطقتي “كوهك، وتابين” بمديرية أرغنداب بولاية قندهار، ونتيجة لهذه الغارات الظالمة استشهد 12 مدنياً وأصيب 3 أخرين بجروح. تقع هذه الجرائم في حين لم توجد هناك أية أنشطة عسكرية في المناطق المذكورة، وذلك دليل سافر على انتهاك الأمريكيين لبنود اتفاقية الدوحة.
وفي حين أن أجساد القتلى الملطخة بالدماء كانت تشتكي تعرضها للظلم والعدوان، أظهر مرتكبو هذه الجريمة وعملاؤهم وقاحة تامة بتظاهرهم بالبراءة من الجريمة، وكعادتهم قاموا بنسبتها إلى مجاهدي الإمارة الإسلامية!
وبعد ساعات من القصف، ظهر المسؤولون في النظام العميل بقندهار أمام الكاميرات وكذبوا على مرأى من الناس. ففي صبيحة يوم الحادث، ادعوا أن الضحايا المدنيين إنما سقطوا نتيجة انفجار سيارة ملغمة، بينما كان الشهود العيان وأقارب الضحايا كلهم يصرخون بأن الحادثة إنما كانت قصفاً جوياً.
ولم يكتفِ النظام بعدم الاعتراف بالذنب، بل منع أيضًا ذوي القتلى من نقل أجساد أقاربهم للمطالبة بالعدالة والتعريب عن غضبهم من خلال وقفة احتجاجية.
وقد ندّدت الإمارة الإسلامية بهذه الكارثة الإجرامية في بيانٍ رسمي جاء فيه: (استمرارا لسلسلة القصف والغارات والجرائم الحربية المختلفة التي يرتكبها العدو، فقد حصل قصف عنيف – مرة أخرى – على منازل المدنيين ومساكنهم في منطقة “ناجهان” التابعة لمديرية أرغنداب بولاية قندهار، والذي أدى إلى استشهاد 13 مدنياً أغلبهم أطفال، وصور الحادث التي تناقلتها الصحف أليمة تقشعر لها الأبدان، بحيث لم تدع أي مجال للشك والاستفسار والنقاش! لكن رغم هذه المذبحة الأليمة مازالت آذان مدَّعي حقوق الإنسان صَمَّاء وضمائرهم ميتة، فلم تحرك هذه الفاجعة فيهم ساكنًا، ولم يصدر منهم – حتى اللحظة – أي رد فعل تجاهها.
لقد تم قصف أرغنداب في حين تتبجَّح إدارة كابل وحلفاؤها المحتلون بالسلام –على الظاهر-، ويقومون بحملات تخفيف الحرب وتقليل الهجمات، فهؤلاء يريدون من خلال هذه الدعايات السلمية الكاذبة أن يُعرِّفوا بأنفسهم أنهم طالبين للسلام، لكنهم في الواقع لم يكتفوا باستمرار الحرب فحسب! بل زادوا من نسبة جرائمهم الحربية وغاراتهم العشوائية.
إن الدوائر والجهات التي توصي الإمارة الإسلامية -بشكل أحادي الجانب وباستمرار- بأن تخفف من حدة حربها وهجماتها، لتُظِهر أن الإمارة الإسلامية هي السبب في استمرار هذه الحرب، عليها الآن أن تقبح وتندد فاجعة أرغنداب الأليمة وغيرها من الجرائم والغارات التي يرتكبها العدو، وعليها أن تُجْبِر إدارة كابل بالكف عن التمادي في ارتكاب مثل هذه الجرائم، وإيقاف المجازر وسفك دماء الأبرياء من المواطنين.
نحن نعلم كيف تتعامل بعض الجهات المغرضة التي تنتهج دائما سياسة الكيل بمكيالين في فاجعة أرغنداب، وكيف تقوم بتوجيه هذا الصمت المطبق، وكيف تُقْنِع ضمائرها وترضيها! لكن الحقيقة هي أن دم كل بريء غالي وثمين، ولا يجب أن يُسمح لأحد كائنا من كان بسفكه وإراقته. لكن للأسف! فإن متشدقي حقوق الإنسان والمنادين بشعاراتها لا يحكمون على أساس براءة الدماء، وإنما يلاحظون مرتكبي تلك الجرائم، فإن كانوا من جنود إدارة كابل أو القوات الأجنبية المحتلة، فحينها يلتزمون الصمت مهما كَبُرت الجريمة وعَظُمت الفاجعة، ومأساة أرغنداب خير شاهد ودليل على ذلك.
إن إمارة أفغانستان الإسلامية تندد بهذه الأعمال والجرائم الوحشية بأشد الكلمات والعبارات، وتعتبرها أعظم ظلم وانتهاك وجفاء في حق الشعب الأفغاني المظلوم، ومرتكبي هذه الجرائم سيمتثلون -حتماً- يوماً ما أمام الشعب، وسيحاسبون على جرائمهم وفِعالهم، فهذا الشعب ليس يتيماً لا يجد من يحميه وينصره، بل إن ناصره وحاميه هو الله العزيز المنتقم، ولا ينبغي لأحد أن يغتر بقوة أجنبية مؤقتة، فلقد مر هذا الشعب بمحن أشد وابتلاءات أعظم، لكن مصير جميع أعدائه في النهاية كانت إلى الذل والهوان والعار والفضيحة.(