كشف اللثام عن الوجه الأصلي للمحتلين
بقلم:حبیبي سمنغاني
تعريب: سيف الله الهروي
إن اعتذار الحكومة الأسترالية الرسمي إلى الشعب الأفغاني عن الجرائم المروّعة التي ارتكبتها قواتها الاحتلالية بدايةٌ جيدة، نأمل في أن تستخدم الدول الأخرى المتورطة في احتلال أفغانستان بقيادة الولايات المتحدة الإمريكية والحلف الأطلسي، شجاعتها الأخلاقية لفضح الجرائم المروعة لقواتها في أفغانستان، وتعتذر بصدق إلى الشعب المضطهد في هذا البلد.
اعترف الجنرال أنجوس كامبل، القائد الأعلى للجيش الأسترالي، بعد إشارته إلى وحشية جنوده وبربريتهم التي قتلت 39 مدنيا أفغانيا في 23 حالة، بأن جميع عمليات القتل كانت في أحداث غير قتالية تماما أو ما يسمى بـ”تدريبات الوحشة”.
لقد أفادت وكالة أي بي سي نيوز، عن حادث وقع عام 2012 قتل فيه جنود أستراليون مواطنا أفغانيًا واحدًا احتجزوه لمجرد عدم وجود مقعد له على متن الطائرة. كما أظهرت التحقيقات التي أجرتها وزارة الدفاع الأسترالية إن الجنود الإستراليين الجدد كانوا يطلقون النار على السجناء في تجربة لهم لقتل إنسان لأوّل مرّة.
وفقا لتصريحات الجنرال كامبل؛ قد شارك في هذه المجازر الوحشية 25 جنديًا من القوات الجوية الأسترالية، والمثير للدهشة أن عددًا من هؤلاء الجنود ما زالوا يخدمون في الجيش الأسترالي ، ولم تبدأ بعد معاقبة هؤلاء الجنود المجرمين. يشار إلى أن 400 جندي أسترالي ما زالوا موجودين في أفغانستان.
في ديسمبر / كانون الأول 2019 ، انتحر أحد أفراد القوات الخاصة بالجيش الأسترالي (كيفن فروست) ، الذي اعترف بضلوعه في جرائم حرب في أفغانستان عام 2016 ، بعد معاناته مرضا نفسيا، وهو واحد من أكثر من 400 جندي أسترالي انتحروا منذ عام 2001 وقد اعترف بالمساعدة في التستر على مقتل أسير أفغاني على يد رفاقه.
يناسب أن نثني على الدور الرئيسي لوكالة الأنباء الأسترالية التي تديرها الدولة، اي بي سي نيوز.
في يونيو من العام الماضي، تصدّرت أخبار مداهمة الشرطة الفيدرالية الأسترالية مكاتب اي بي سي، بذريعة الكشف عن وثائق سرية لثلاثة مراسلين لهذه الشبكة الإخبارية.
أرادت الشرطة الأسترالية التحقيق مع الصحفيين المتورطين في تغطية “وثائق أفغانستان”. وكشف التقرير الذي بثه تلفزيون ABC في عام 2017 ، عن ارتفاع عدد حالات قتل الأطفال والمدنيين الأفغان على أيدي القوات الأسترالية بين عامي 2005 و 2016.
في ذلك الوقت، وإن أعلنت مؤسسة تفتيش الجيش الأسترالي أنها تحقق في جرائم حرب محتملة من قبل جنودها، لكن بعد عامين ، في عام 2019 ، بدلاً من معاقبة الجنود المجرمين، اتهمت رئيس وكالة أي بي سي الخبرية ومؤظفيها بتسريب وثائق سرية وخيانة الأمن الوطني، ولكن الآن، في 19 نوفمبر 2020 ، أقرّت الحكومة الأسترالية بفضيحتها وتمّ التأكد من صحة موقف أي بي سي الخبرية.
المهم هو أن هذا اعتراف بحفنة من الأحداث التي وقعت خارج ميادين القتال فحسب، وما حدث أثناء النزاع وأبقي سرّا بذريعة الوثائق السرية إلى الآن، لا شك أنها كثيرة وأكثر إيلاما بكثير مما تم الاعتراف به.
لسوء الحظ، لم تتخذ وسائل الإعلام المحلية التي تدعي دوما أنها وسائل إعلام حرة أي شجاعة أو مبادرة لفضح الجرائم المروعة للأجانب المحتلين، هذه الوسائل للإعلام، التي تعتبر نفسها اللغة اليقظة والمؤثرة للمجتمع، كان يجب عليها أن تسبق وكالة أي بي سي في كشف جرائم الأجانب المحتلين،
لكن للأسف قاموا فقط بما قاله المتحدثون الكاذبون للنظام والولايات المتحدة والحلف الأطلسي، أو قاموا فقط ببيان نسخ ومقتطفات من تقارير بعثة يوناما أو سيغار وغيرهما من المؤسسات التي لم تذكر جميع الحقائق عن هذه الأحداث.
يا ليت وسائل الإعلام لدينا كانت تخصص شطرا من وقتها بجانب تركيزها المبالغ حول العالم الخيالي والإنجازات الظاهرية التي يدعونها عن الاحتلال والمحتلين، كانت لديها أيضًا فرصة صغيرة لنشر هذه الجرائم المروعة للاحتلال، فهل كان هذا مجرد صدفة أن يختفي هذا الوجه الرهيب للاستعمار مخفيا عن أعين الإعلام الأفغاني لمدة 19 عاما؟
كان دور إدارة كابول في جرائم الحرب التي ارتكبتها قوات الاحتلال هو الأشد عارًا من الجميع، إدارة كابول بررت جميع جرائم المحتلين، وفي كثير من الحالات تحملت المسؤولية عن جرائمهم، حتى لا يواجهوا الملاحقة أو الاحتجاج العام والتوقف عن دعمهم من جانب شعوبهم.
في الواقع، إن إدارة كابول متواطئة في جميع جرائم الحرب الأجنبية.
كان الهدف من توقيع المعاهدة الأمنية بين الولايات المتحدة وإدارة كابول في سبتمبر 2014 في الحقيقة مظلة لحماية القوات الأمريكية من أي جريمة يرتكبونها في أفغانستان، ذلك الميثاق المخزي والذي كان في الحقيقة صك بيع البلاد للولايات المتحدة، تم التوقيع عليها بموافقة الرئيسين عبد الله عبدالله، وأشرف غني وتوقيع حنيف اتمر وبدون أي مساومة وبمجرد وصوله إلى قصر الرئاسة.
كانت مادة الحصانة القضائية للجيش الأمريكي أحد أسباب تعليق توقيع حامد كرزاي على هذه الاتفاقية، ومع ذلك، قبلت الإدارة متعددة الرؤوس بعده هذه المادة بشكل لا لبس فيه وأكدت ضمان إعفاء الجنود المجرمين الأمريكيين من أي ملاحقة ومعاقبة في أفغانستان.
كما نصت الاتفاقية على أنه يمكن للأمريكيين دخول أفغانستان أو مغادرتها دون المشاركة في عملية التسجيل والمراقبة من قبل الوكالات الأفغانية. لكن أشرف غني هو الذي سمى ذلك اليوم الذي كان يوم فضيحة للأفغان بيوم السيادة الوطنية لأفغانستان.
لا شك في أن جرائم القوات الأجنبية في أفغانستان لا تقتصر على الأستراليين ولا في إقليم أوروزغان فقط. فإذا كانت أستراليا قد ارتكبت مثل هذه الفظائع ولها ألف جندي، وجميعهم كانوا على دراية بالقوانين الحربية فمن الواضح أن الأمريكيين والبريطانيين والكنديين والفرنسيين والألمان وجيوشهم تبلغ الآلاف ارتكبوا جرائم أكثر فظاعة ووحشية، في أنحاء مختلفة من أفغانستان. لكنهم لا يسمحون لأنفسهم أو لأي شخص آخر بفضح أحوالهم.
لكن سيأتي اليوم الذي تنكشف فيه كل الحقائق المؤلمة ويفتضح هؤلاء المدعون الكاذبون لحقوق الإنسان وكرامتهم وستثبت أن الحقيقة ليست ما قالته بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان (يوناما)، لكن الحقيقة هي عكس التقارير الملفقة الكاذبة لهذه المنظمات الاستعمارية.