
كلمة قيمة لنائب الإمارة الإسلامية الشيخ سراج الدين حقاني (حفظه الله) ألقاها على مسامع الأسرى المفرج عنهم مؤخراً
قرائنا الأكارم!
ألقى نائب إمارة أفغانستان الإسلامية الشیخ سراج الدين حقاني، كلمة قيّمة في تجمع عقد مؤخراً تكريماً لأسرى الجهاد الذين أفرج عنهم من سجون باغرام، وبول تشرخي وسجون إدارة كابول الأخرى، ولأهمية الكلمة قمنا بتفريغها وتعريبها وندعوكم لقراءتها.
نحمده ونصلي على رسوله الكريم
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
(ولا تهنوا ولاتحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين).
أيها الإخوة، علاقتنا بكم تقوم على أساس العقیدة والإيمان، بلا دوافع دنيوية من منصب أو مال أو شهرة، تآخينا في الله فقط.
معظم هؤلاء الاخوة الشباب قد عاشوا ظروفاً صعبة، وعرفوا من المشاهد المؤلمة ما شاهدوه، حيث لم يكن آنذاك داعم واحد في الدنيا كلها يدعمنا ويغار لأجل دين الله ويضحي لأجله.
وحتى أنه لم يكن في حسبان مجاهد واحد أنني سأرى بأم عيني نعمة النصر العظيمة (وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب)، لم نكن نظن أننا سننتصر في حياتنا، لقد بدأنا الجهاد من أجل إبراء الذمة، أي ما دامت حياتي سأجاهد حتى الرمق الأخير، فالنصر والهزيمة من الله، ولكننا نريد إبراء ذممنا.
لقد واجهت عدة أشخاص لكن لم يؤيدنا أحد منهم، ولم يؤكد لنا أنه يمكننا النجاح في هذه المقاومة والكفاح، بل كانوا يصرحون لنا بأننا نقتحم النار ونناطح الجبال.
ابتعد الأقارب، والأباعد زادوا بعدا، لم يكن أحد يستطيع أن يواسينا حتى داخل المنازل، ناهيك أن يصدح بولائنا في الأسواق وينادي بها في الاجتماعات. لكننا انتفضنا لدين الله، لم نرد من أحد جزاء ولا شكورا، وبذلنا مهجنا وأرواحنا رخيصة لشرعه، عندما كانت تلك الدول تريد القضاء علينا، وليس لنا أرض تؤوينا. ثقوا بالله، إنها من بركات هذا الجهاد ومن فضل الله، أن الإمارة الإسلامية اليوم دولة بلا سلطة تحكم العالم.
الإمارة الإسلامية اليوم منصورة غالبة قاهرة، لأنها تمسكت بدين الله واعتصمت بحبله، وأوفت بعهدها مع الله، وثبت المجاهدون على عهودهم صغارا وكبارا، قادة وجنودا. نسأل الله لهم التوفيق والسداد والثبات، وأن يحفظ صفنا الطاهر والمقدس الذي بني على أساس من التقوى، وشيّد بتضحيات العلماء والمجاهدين، وروي بدمائهم وأشلائهم، نسأل الله أن يحفظه من مؤامرات الأعداء ودسائسهم.
أيها الأكارم، كنا نتمنى أن نزور كل أسير في منزله، نستقبله ونصافحه بين عشيرته وأقاربه، ونعزي أسر جميع الشهداء عن قرب، لكن الظروف لا تسمح لنا، لذلك اكتفينا بهذا التجمع الاجتماعي، وقمنا بدعوتكم إليه.
وعلى الرغم من ذلك، فإنه لم يتيسر لجميع الأسرى المفرج عنهم الاجتماع في هذا المكان، وهناك الكثير من الأسرى المجاهدين المتبقين، فإن قابلتم هؤلاء فأقرؤوهم سلامنا عليهم نيابة عن الإمارة الإسلامية كلها، وهذا الاجتماع ليس لكم فقط، بل هو كذلك للإخوة الذين حالت الظروف بينهم وبين الاجتماع في هذا المكان، فطمئنوهم وقدموا لهم التهنئة.
ومهما كانت احتياجاتهم، ومهما استطعنا قضاءها، فإننا لن نبخل ولن نشح ولن نغل أيدينا بإذن الله. والحمد لله لقد بنيت الإمارة الإسلامية على أساس عقيدة صافية، وتهتم كثيرا بهذه الطائفة المستضعفة من الأسرى، وعوائل الشهداء، الأرامل والأيتام وتسعى جاهدة لقضاء حوائجهم.
وببركة هؤلاء المستضعفين انتصرنا اليوم. وبرغم تعدد لجان الإمارة وتشكيلاتها، إلا أننا نحرص على أن نخصص لهؤلاء المستضعفين شيئا ولو كان يسيراً. وكم وددنا من أعماق القلب لو امتلكنا من المال ما نحل به مشاكل السجناء المجاهدين كلها، لكن إذا وصللكم شي يسير فلا تيأسوا من ذلك، بل اصبروا فليست هذه هي المرة الأخيرة.
لقد وضعنا قواعد وضوابط حتى لا نقع في عصيان، وهذه القواعد لا تعني أننا نفرض قيودًا عليكم، بل الضوابط موجودة في كل نظام، لتسهيل وتنظيم إدارة الأمور، ثم يتم الوفاء بحقوق الجميع ويصل لكل ذي حق حقه.
إن صوتكم يصل إلينا دوما، وإن شاء الله سنجمع كل العرائض والالتماسات التي وصلت إلى المكتب ونقوم بإرسلها إلى أمير المؤمنين الشيخ هبة الله أخندزاده حفظه الله، وإن لم يكن بإمكاننا حل مشاكلكم كلها؛ سنقوم بحل معظمها.
اجتهدوا ولا ترسلوا العرائض بالطرق الأخرى، بل أرسلوها عن طريق لجنة الأسرى، واكتبوا فيها مشاكلكم التي واجهتموها أثناء مدة الأسر، وثقوا تماما بالله أننا لن نبخل عليكم بشيء، بل سنهتم بكم وسنسعى لحل مشاكلكم.
وأما ما ذكرتموه بالنسبة إلى الأسرى الذين لا زالوا خلف قضبان السجون فإننا أخذنا الأمر بجدية، ولن يبقى أحد منهم في السجن، بل ستتحطم القيود وسيخرجون عاجلا ما دمنا صادقين ومخلصين لربنا سبحانه وتعالى، فلا تقلقوا أبدا.
السجن مكان يتبرأ فيه الإنسان من كل شيء في الدنيا ويتوجه بقلبه إلى الله تعالى، حتى أقارب الأسير والسجين نفسه تنقطع آماله عن أسباب الدنيا وتتعلق بالله سبحانه وتعالى، وعندما يقع أحد في السجن؛ يدرك أن السبيل الوحيد لخلاصه من السجن هو فضل من الله ونصره، ولا نستطيع القيام بشيء دون إرادته سبحانه وتعالى، وخاصة السجون الحالية.
هذه المشاكل تواجه الأسرى كثيرا، فمنهم من يتحمل هذه الصعاب ومنهم من لا يصبر، ويحتاج بعض الناس إلى الشكوى، والتي تغضب الله وتجلب سخطه، وكثير منهم يرزقهم الله الصبر والثبات، فلله دركم أسرانا، وقفتم أمام ظلم الطغاة شامخين كشموخ الجبال الراسيات، ما زادكم ظلم الظالمين إلا عزة وعنفوانا، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل جهودكم وتضحياتكم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.