
كما فعل سلفه أوباما..سيصعّد ترامب الحرب ثم سيخسرها
أبو صلاح
العنوان الذي اخترناه لمقالتنا، ليس كلامي وليس كلام مجاهدٍ متحمّس يؤمن بهزيمة الصليبيين وأذنابهم من العملاء والمرتدين، بل هذه عبارة استخدمها تقرير نُشر على موقع «ذي إنترسبت» الأمريكي حديثاً.
أمّا المؤمنون الصادقون والمجاهدون المرابطون كانوا منذ أيام الاحتلال الأولى على يقينٍ كاملٍ بأنّ النّصر سيكون حليفهم إن شاء الله عاجلاً كان أم آجلاً. وهذا صدى صوت أمير المؤمنين الملا محمد عمر مجاهد رحمه الله مجلجلاً يخترق حواجز الزمان، ففي مقابلة أجرتها معه إذاعة صوت أمريكا في 26 سبتمبر 2001م، قال: «إنّ الولايات المتحدة لا تستطيع هزيمتنا وحتى لو كانت أمريكا أقوى لن تستطيع هزيمتنا، نحن على يقين من أنّ أحداً لا يستطيع أن يضرّنا إذا كان الله معنا». وقال رحمه الله تعالى في آخر تصريحاته: «أمريكا وعدتنا بالهزيمة والله وعدنا بالنّصر، فسننتظر أي الوعدين يُنجز، والله لن ينجز إلا وعد الله».
نعم؛ صدقتَ أيها الأمير الزاهد العابد والحاكم المجاهد المرابط، لم تنثنِ عن موقفك العظيم حتى قضيت نحبك في سبيل الله سبحانه وتعالى، شامخاً وصابراً، فلله درّك وعلى الله أجرك.
يقول الباحث راجين مانون، في «ناشيونال إنترست»، متحدثاً عن وقوع عدد هائل من الأسلحة الأميركية في أيدٍ وصفها بالـ«خطأ»، وذلك بالإشارة إلى أن الولايات المتحدة أرسلت، بالأساس، أعداداً كبيرة من هذه الأسلحة للجيش والميليشيات التي درّبتها.
المزيد من التدخل الأميركي سيُبقي أفغانستان رهينة للولايات المتحدة، لكنه لن يكون قادراً على تغيير مسار الحرب بشكل دراماتيكي. فكما كان الملا أختر منصور، تعهّد زعيم الحركة الجديد، الملا هبة الله أخند زاده، بمواصلة «الجهاد». وإن كان ذلك يعني شيئاً، فهو يعني أن «طالبان»، وإن كانت عاجزة عن حكم أفغانستان مرة أخرى، إلا أنها ستكون جزءاً من مستقبلها السياسي، في السلم أو في الحرب.
لا أدري هل يذكر المحتلّون الصليبيون أم لا بأن البريطانيين انهزموا في الحرب الأفغانية الأولى عام 1839م واضطروا بعد حربين أخريين إلى الاتفاق السياسي مع الأفغان الذي انتهى بإعلان استقلال الدولة عام 1919م، وانهزم الروس الذين اجتاحوا أفغانستان عام 1978م بمائة وخمسين ألفا من جنودهم واضطروا للهروب عام م1989، وكانت تلك الهزيمة إعلاناً بتداعي وسقوط الإمبراطورية السوفييتية وزوالها.
هناك حاليا 8400 عسكري أمريكي في أفغانستان إلى جانب خمسة آلاف جندي من الحلفاء الأطلسيين، ويدرس الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إرسال تعزيزات تضم آلاف العسكريين، وهو ينسى أن مئة ألف عسكري كانوا موجودين هناك قبل ست سنوات، في تجاهل جديد لدروس الجغرافيا السياسية والتاريخ التي تقول إنه لا يمكن السيطرة العسكرية على بلد خاض حروباً هائلة ضد امبراطوريتين كبيرتين وتمكن، في المرتين، من هزيمتهما.
وإذا أصغى ترامب أو لم يصغِ إلى دعوات السيناتور “جون ماكين”، وزميله في لجنة القوات المسلّحة في مجلس الشيوخ “ليندسي غراهام”، التي تطالب بزيادة عدد الجنود الأميركيين في أفغانستان، يبدو أن الحلول المتوافرة حالياً، ستستنسخ فشل أوباما. وانطلق ماكين وغراهام من كلام قائد القوات الأميركية وقوات التحالف في أفغانستان الجنرال جون نيكلسون، ليقترحا توسيع الوجود الأميركي هناك. وفي مقال في صحيفة «واشنطن بوست»، أشارا إلى أن نيكلسون أكد أن الحرب هناك وصلت لـ «طريق مسدود». ووفق ما يرى السيناتوران، «يجب على ترامب مقاربة الحرب في أفغانستان» كما يقارب الحرب ضد «داعش»، مع إشارتهما إلى القوة الكبيرة التي باتت تتمتع بها حركة «طالبان»، بسيطرتها «على أكثر من 52 في المئة» من أراضي البلاد، في مقابل ضعف الحكومة المدعومة من واشنطن. وبرأيهما، فإن هذا الأمر ضرورة، لأن هناك ما يشكل «تهديداً حقيقياً» على «الأمن القومي الأميركي».
وبالجملة أمريكا تريد أن تجرّب حظها، ولا أظن أنّ مصيرها سيكون أحسن من سابقيها (بريطانيا العظمى التي أصبحت جزراً معزولة، والاتحاد السوفييتي الذي تفكك وأصبح روسيا). وجبروت أمريكا وعنجهيتها ستتحطم في جبال أفغانستان الوعرة ولا ندري إلى ماذا ستؤول
لأنه: (ما طار طير وارتفع… إلا كما طار وقع).