مقالات الأعداد السابقة

كيف تعرفت على مجلة الصمود؟!

صارم محمود – كابل

 

تعود قصة تعرّفي على مجلة الصمود إلى سنة ۲۰۱۱م حينما ذهبتُ إلى مديرية خاشرود لأذهب من هناك إلى مديرية بهرامشة لأتلقّى التدريبات العسكرية في معسكراتها. وكنت قبل ذلك شغوفًا باللغة العربية، وجعلتنا النوادي العربية التي كانت تنعقد في مدرستنا مهتمّين للغاية بالكتب والمجلّات والجرائد العربية، وكان لي هناك إلمام بالكتابة، وإن كنت آنذاك لا أستطيع أن أكتب مقالا يحسب عليه.

فوجدت يوما عدة مجلات مكدّسة في غرفة القائد الميداني الحافظ غلام الله حفظه الله؛ كانت هناك مجلة الشريعة بالأردية، ومجلة الحقيقة بالفارسية، وهكذا كانت مجلة منزوعة المجلّد، تتراءى تحت المجلّات بطبعها المتميّز العالي، تبدو عربية! فأخذتها ونفضت عنها ما تراكم عليها من غبار، وتصفحت بعض أوراقها، ووجدتُ المجلة عربية حقّا، فطفقت أقلّب أوراقها، وأقرأ سطرا من هذا المقال وفقرة من ذاك، وأول مقال جذبني من مجلّة الصمود كان في عمود “شهداءنا الأبطال” قصة الاستشهادي المفلوج (أبو الجموح) تقبله الله الذي غضِب لأجل رسول الله صلّ الله وعليه وسلّم حينما رأى عِلجا فرنسيا يسيء إلیه في برنامج متلفزٍ، وهو جالس في فندق على كرسيه المتحرّك، فاتّقد غضبا، ليبدأ رحلته إلى الخلود، فبحث عن طريق ينتقم ويثأر لرسوله الكريم، وهو مفلوج أعذره الله من فوق سبع سماوات! فيسأل هذا الأخ ليدلّه على طريق ويلحّ على آخر ليهديه إلى حلّ!  إلى أن وجد من يدلّه إلى بهرامشة، ويكتب اسمه هناك في قائمة الاستشهاديين، فيتقبله الله، وينفذ عمليته البطولية بين جموع العملاء والخونة ويثخن فيهم.

وفي بهرامشة أيضا كنت أبحث عن هذه المجلة، وما وجدتُها إلّا في غرفة المتفجّرات في مكتبة الأستاذ راشد وكانت تلك الأيام أيامُنا الأخيرة في بهرامشة، فقرأت حكاية أخرى وهي تحكي قصة زوجين سعيدين يحيكان خطة لإيقاع المحتلّين ليداهموا بيتهما، فداهموا بيتهما، وهنا يفجّر عليهم هذان الزوجان السعيدان (الشهيدان) أنفسَهما ويثخنان فيهم ويتركانهم قتلى وصرعى (تقبلهما الله).

مجلّة الصمود؛ ظلّت من المجلّات التي شغفني حبُها؛ لأنها كانت تحكي واقعنا بمصداقية، وكتّابها كانوا من رجال الميدان يلتقطون أروع الصوَر من خضم المعارك، وكنتَ تشعر في كلماتهم حرارة الحرب، وتلمس فيها نبض المعركة. ثمّ بعد ما جئت إلى نيمروز لم أجد من الصمود نسَخها الورقية في أي مدرسة والمجلات المتواجدة في مكتبات المدارس لم تكن تغني عن الجوع وتسكن الأوار.

وبعدما امتلكنا هاتفا كنت أتابع الصمود عن طريق موقعها (موقع الصمود) وهكذا كان الإخوة ينشرون المجلّة في بعض مجموعات واتساب  فبعد رحلات جهادية إلى محافظة فراه، وقراءة كتاب (من نجوم الإسلام في بلاد الأفغان) الذي جمع مقالات عمود (شهداءنا الأبطال) تاقت نفسي بأن أكتب سيرة بعض الشهداء، والذكريات الجهادية التي مرّت بنا في هذه المجلّة.

فاتّصلنا بالأستاذ سعدالله البلوشي فرحّب بنا. وبدأتُ سلسلة من الذكريات التي كانت تحكي فترة من تاريخ الجهاد والمقاومة في جانب من أرض أفغانستان الحبيبة، فرأيت أول مقال ينشر لي في المجلة، حتى وصلت هذه السلسلة إلى عشرين حلقة. وهكذا أصبحنا من أصحاب المجلة وأعضاءها ولله الحمد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى