مقالات الأعداد السابقة

كيف تمكنت طالبان أفغانستان من احتلال الإرادة الأمريكية (1)

للكاتب: أسامة الحلبي

 

أفغانستان..محادثاتُ سلامٍ أمْ بَدْءُ الهروبِ الكبير؟!

في الوقت الذي تتوالى فيه معالم الانكفاء الأمريكي عن العالم الإسلامي في الشام وأفغانستان وغيرهما، نقلت الصحيفة الأمريكية “نيويورك تايمز” قبل أسبوعين عن مسؤولين في البنتاغون أن ترامب أمر جيشه ببدء سحب نصف الجيش الأمريكي المتواجد في أفغانستان في الأشهر المقبلة، وفي ذات الوقت صرح الجنرال “سكوت ميلر” الذي يقود القوات الأمريكية ومهمة الدعم الحازم لحلف الناتو في أفغانستان بأن عام 2019م يحمل فرصا للتسوية السياسية وإنهاء الصراع المستمر في البلاد منذ سبعة عشر عاما، نرى من الأهمية بمكان أن هذه القرارات المتسارعة والتصريحات المضطربة تستدعي من المحلل والراصد إبراز قراءات تحليلية في الأحداث الجارية بشأن ملف الصراع الإسلامي مع النظم الغربية يمكن من خلالها الجزم والبت ببعض المسارات المستقبلية القادمة بشأن الصراع مع الإمبريالية الغربية، واستشراف المنحنيات المرحلية لمستقبل الحرب على الإسلام في العالم الإسلامي.

ثمة سؤالان مهمان يتكرران في ساحة الفكر التحليلي السياسي مفادهما … كيف تمكنت طالبان أفغانستان من احتلال العقيدة القتالية والإرادة الأمريكية في الآونة الأخيرة وإرغامها على الرضوخ بصغار لطاولة الحوار؟، وما هو أصدق وصف لوضع أمريكا الحالي هناك ومأزقها الكبير في المستنقع الأفغاني؟

بخصوص الحرب الأفغانية الحالية يبدو جليا للمحلل السياسي والمتابع أن قيادة الإمارة الإسلامية تتبع في حربها الضارية مع قوات الاحتلال وعملائها سياسة الاستنزاف النفسي وتدمير عقيدة وإرادة القوات الأمريكية وعملائها، وإحباط معنوياتهم، وتفكيكها بشكل فوري وتدريجي مستمر، بالتوازي مع الاستنزاف العسكري والاقتصادي وخلخلة الروابط التعاونية بين الأسياد والعملاء، وتتبع الطالبان اليوم أيضا سياسة “قضم أطراف العدو” عن طريق ضربات “المجاهد المنفرد” و”العمليات الانغماسية المقدسة”، فهي تأتي أراضي العدو وعساكره وجنرالاته فتنقصهم من أطرافهم بجندي واحد فقط من جنودها عبر صنوف متعددة من العمل الجهادي الفردي؛ حتى تركت اليوم حكومة العملاء كجسد خائر مثخن بالجراح.

ومنذ التخلص من “أحمد شاه مسعود” و”أحمد كرزاي” وأشباههم من العملاء، وحتى مسلسل اليوم في تصفية جنرالات العدو، تنوعت سياسة الطالبان وحلفائهم في كيفية إنقاص أطراف العدو باستعمال طرق وأفكار حديثة، فتارة باستعمال العمائم الملغمة والكراسي المتفجرة، وتارة بالاختراقات الأمنية لصميم مراكز العملاء عبر التجنيد الإزدواجي وما يسمى في الأعراف العسكرية المعاصرة بهجمات “الأخضر على الأزرق” “جرين أون بلو” و”العمليات من الداخل” وتعد هذه العمليات من مميزات الطراز الأفغاني القديم والحديث في العمل الجهادي فقد لعبت هذه الظاهرة دورا كبيرا وحاسما في الحرب البريطانية الأفغانية قبل قرن من الزمان، وهو ما تم بالفعل مع القوات الروسية قبل ثلاثة عقود، وتتكررت هذه الظاهرة اليوم مع الأمريكان دون أن يجد الجنرال الأمريكي المفتوك به أي علاج ووقاية لهذه الظاهرة.

فهل يشك الأمريكان بعد سلسلة استهداف قياداتهم وجنرالاتهم فيما قاله “مايكل كوغلان” الباحث في مركز ويلسون الأمريكي عقب هجوم قندهار الأخير والذي تم فيه استهداف مجموعة من الجنرالات العسكرية الأمريكية والأفغانية: (إن هذا الهجوم يمثل ضربة قاسية، وأن الطالبان أثبتت أنها تستطيع توجيه ضربات في المكان الذي تختاره)، وتابع قائلا عن استهداف الجنرال “سكوت ميلر” الذي يقود القوات الأمريكية ومهمة الدعم الحازم لحلف الناتو في أفغانستان: (لا أحد في مأمن مهما كانت قوته ودرجة تأمينه).

ولمعرفة خطورة ما آلت إليه الأمور في أفغانستان ضد الجيش الأمريكي وكبار قادته نقرأ في هذا الصدد ما كتبته “باربرا ستار” مراسلة “البنتاجون” ونشرته على صفحات موقع وكالة “سي إن إن” الإنجليزية بعد يوم واحد من عملية قندهار الناجحة، ووفقا لعضو كبير في حلف “الناتو” على علم واطلاع مباشر بما حدث في مقر حاكم “قندهار” قال المصدر: (إن الجنرال “سكوت ميلر” قام بسحب وتلقيم النار في سلاحه الشخصي عندما بدأ البطل الانغماسي “أبو دجانة” هجومه المباغت)، وأضاف قائلا: (إن “ميلر” لم يطلق النار، ومن النادر جدا أن يكون هناك ضابط عسكري كبير برتبة “جنرال” في وضع يتطلب منه سحب سلاحه الشخصي وإطلاق النار ومباشرة القتال)، وقد علقت الوكالة عن هذا الحدث بقولها: (إنه وبحسب تصريحات المسؤولين الأمريكيين العسكريين الكبار لا يمكنهم تذكر قضية مماثلة سحب فيها أحد الجنرالات الكبار سلاحه الشخصي وتجهز للقتال)، كما ذكرت: (أن بعض الجرحى الأمريكان قد غادروا المكان بسرعة في نفس المروحية التي غادرها “ميلر)، جدير بالذكر أن أحد أعضاء القوات الخاصة الأمريكية وصف “ميلر” بأن (لديه سنوات من الخبرة في قيادة العمليات الخاصة وأنه الرجل الأكثر فتكا في الجيش الأمريكي).

ومن وسائل الطالبان أيضا استعمال المضادات الجوية تارة، وتارة باستعمال العمليات الإنغماسية، وأصبحت العمليات التقليدية بالأحزمة الناسفة والتي يسميها بعض الطالبان بـ (العمليات الاستشهادية المقدسة) أقل استعمالا في السياسة الطالبانية الحالية، رغم كونها فتاكة ومرعبة للخصم ومدمرة للإرادة العسكرية وذلك لسببين رئيسين: الأول أن قوات الإمارة الإسلامية لم تعد بحاجةٍ ماسةٍ لأن ينغمس المجاهد من خارج دائرة العدو، فقد بدأ المجاهدون في اقتطاف ثمار اختراقاتهم لصفوف العدو والتي تعد أشد نكاية وأفدح خسارة للخصم، أما الثاني فهو أنه بسبب انحسار العدو داخل القواعد الكبيرة وتقليله من الحركة؛ الأمر الذي امتد لكابل إذ لا حركة فيها نادرا إلا عبر الجو، ولا ننسى تصريح المسؤول السابق للقوات الأمريكية أن قوات الإمارة الإسلامية قد ضربت عليهم حصارا نفسيا وماديا مما جعلهم يقضون جل الأوقات داخل قواعدهم، وقلما تسمح قوات الإمارة الإسلامية للجيش الأمريكي بالسياحة في طرق أفغانستان دون عقاب.

لقد توالت هذه الضربات الاستباقية العسكرية في أوقات سياسية غاية في الحساسية؛ ففي غضون هذه الضربات تجري المفاوضات التمهيدية التي أجبر الأمريكان على خوضها بأنفسهم دون عملائهم مع القيادة السياسية لإمارة أفغانستان الإسلامية لإنهاء جحيم المستنقع الأفغاني، وتسوية النزاع كما يقولون، ففي الوقت الذي تبعث أمريكا بمبعوثها “زلمي خليل زاده” والتي تسميه الصحافة الغربية بـ “السفير سيء الحظ” إلى “قطر والإمارات” لاستكمال المفاوضات التمهيدية في المكتب السياسي للإمارة الإسلامية رغم هزائمها المتوالية في هلمند وقندهار وهرات وفراه والذي ظن كثير من المراقبين أنه سينسف جهود التسوية مع “الطالبان”؛ أصدر أمير الإمارة الإسلامية أستاذ التفسير والحديث الشيخ “هبة الله أخندزاده” مرسوما بتعيين القادة الخمسة المفرج عنهم من سجن “جوانتانامو” في المكتب السياسي للإمارة الإسلامية في “قطر” ليمارسوا التفاوض مع الأمريكان في شأن أطول حرب تخوضها أمريكا، مما أصاب الجهود الأمريكية الدبلوماسية المتسارعة بذهول شديد جراء الحنكة السياسية للإمارة الإسلامية التي لم يفهموا أغوارها بعد.

فكيف لدولة عظمى تدعي سيادة القرار العالمي أن تفاوض في “إحلال السلام وتسوية النزاع” مع من كانوا أسارى بأيديها يوما ما، وهؤلاء الأسرى قال عنهم وزير الدفاع الأمريكي سابقا “رامسفلد” عندما سئل عن عدم معاملتهم معاملة بشرية وفق الحقوق والقوانين الدولية: (هذه الحقوق والقوانين ليست لهم لأن هؤلاء ليسوا أسرى قانونيين ويحق لنا التعامل معهم كيف نشاء)، وهؤلاء اليوم قيادات رفيعة المستوى تعترف بهم أمريكا وتفاوضهم بعد أن كانت لا تقبل الإعتراف ببشريتهم داخل معتقل “غوانتانامو”، وهذا ما جعل الموقف الأمريكي في حرج شديد أمام الشعب الأمريكي، وحيرة مبهتة يصعب على كبار الساسة الغربيين وعملائهم فهمها وهضمها سياسيا واجتماعيا.

وهؤلاء القادة الخمسة كانوا قد أفرج عنهم في صفقة مبادلتهم بالجندي الأمريكي “بوي برغدال” عام 1435هـ، وهم: الملا “خير الله خيرخوا” وزير الداخلية سابقا، والملا “فضل محمد” نائب وزير الدفاع سابقا، والملا “عبد الحق وثيق” نائب وزير الاستخبارات الأفغانية سابقا، والملا “نور الله نوري” حاكم ولاية “بلخ” سابقا”، والملا “محمد نبي عمري”، ولا شك أن صدور هذا المرسوم وهذه التعيينات الجديدة في مثل هذا الوقت الحساس ستسهم في تقوية الإمارة الإسلامية، وإذلال خصومها من جديد، وتزيد من رصيدها الاجتماعي والتفاف الأمة الإسلامية بهم.

كذلك يقال أن الإمارة الإسلامية ليست بحاجة إلى “السلام” الأمريكي المزعوم لأنها تكسب الحرب كما يقول “ماكس بوت” في مقال له بصحيفة “واشنطن بوست”، وقد أكد الكاتب في مقاله أن “طالبان” لن تتفاوض إلا كما تفاوضت فيتنام الشمالية مع الولايات المتحدة في “باريس” عام 1973م، أي من أجل أن تمنح “واشنطن” استراحة لائقة بين الانسحاب وهزيمة عملائها في حكومة الدمية الكرتونية “أشرف غني”، وقرر “ماكس” أن أمريكا لن تحقق أهدافها بأفغانستان عن طريق الخداع الدبلوماسي، كما ذكر: (أن خيارات أمريكا حاليا هي الاحتفاظ بقواتها بأفغانستان إلى ما لا نهاية والحفاظ على الوجود العسكري الأمريكي كضمان لعدم وقوع انتكاسة استراتيجية خطيرة مع عدم التوهم بأن تسوية سلمية وشيكة ممكنة الحدوث مع “الطالبان)، وهذا بالفعل ما أكدته مصادر “الطالبان” من أن كلا الوفدين جاءوا “الدوحة” بشروط صعبة، منها أن المبعوث الأمريكي طلب من “طالبان” وقف إطلاق النار لمدة ستة أشهر على أن يسري قبيل الانتخابات الرئاسية، فإذا كان هذا الطلب من المطالب الصعبة فكيف بطلب فك الارتباط الإيماني مع حلفائها في الحركات الإسلامية المسلحة، هذا الارتباط الذي لم تزده سنون الحروب الضارية وسلسلة التضحيات الجسام إلا متانة ورسوخا.

كذلك نشرت مجلة (Long War Journal) مقالا بعنوان: (السلام مع طالبان لن يكون سلاما)، وذكرت فيه رؤيتها للمفاوضات الجارية مع القيادة السياسية للإمارة الإسلامية، وأن نهاية هذه المفاوضات لا يمكن أن تكون في صالح أمريكا والناتو بأية حال، وأن الطالبان أفشلت الإستراتيجية الجديدة للرئيس الأمريكي الحالي ترامب في أفغانستان عبر تنفيذها لضربات قوية ودموية مركزة ضد الجيش الأمريكي وعملائهم، كما نوهت أن الطالبان الذين لا زالوا مستمسكين باستراتيجيتهم في طرد آخر جندي أمريكي عن أفغانستان وعدم الاعتراف بحكومة العملاء، وأن أي سلام سيتم الوصول إليه فهو سلام وفق رؤية الطالبان ومنظورهم.

كما ذكرت صحيفة “إكسبريس تريبيون” نقلا عن مصادر حكومية باكستانية أن واشنطن تبحث مع حركة طالبان الأفغانية في مفاوضات تتم في الإمارات إمكانية السماح للولايات المتحدة بالحفاظ على عدد قليل ومحدود من القواعد العسكرية الأمريكية مقابل دعم أمريكا لإعادة إعمار أفغانستان وعمل طالبان مع الحكومة الأفغانية.

ولم تعد حكومة الدمية الكرتونية “أشرف غني” تسيطر سيطرة تامة وآمنة إلا على القصر الرئاسي في كابل بينما سائر القواعد العسكرية والاستخباراتية في كابل وخارجها فهي تحت رحمة تهديد قوات إمارة أفغانستان الإسلامية، مما جعل الحكومة الكرتونية تتخبط في قراراتها الأخيرة بتعيين وزراء جدد مقربون جدا للأمريكان في وزارتي الدفاع والداخلية، ومن هؤلاء الوزراء “أمر الله صالح” و”أسد الله خالد” الذي قد استهدفته الإمارة الإسلامية سابقا بعملية داخلية متقنة التنفيذ والتدبير أدت لإصابته هو وحراسه الشخصيين، وما إن استلم الوزراء الجدد مهامهم تعهدوا للعميل “أشرف غني” بإيجاد مناخ استراتيجي جديد وملحوظ يمكن بقايا جيش الحكومة الكرتونية من التقدم العسكري العميق في ميدان المعركة، وشل حركة قوات طالبان المنتشرة في طول البلاد وعرضها، والتي تفرض سيطرتها منذ سبعة عشر عاما على ثلثي البلاد بشهادة مراكز الدراسات العسكرية الغربية والإخبارية العالمية، ومن أراد أن يدرك كيف احتلت طالبان الإرادة القتالية الأمريكية، وكيف كبدتها أكثر من تريليون وسبعين مليار دولار ونحوا من ثلاث آلاف جندي أمريكي فليقرأ التقرير الجديد لموقع “بي بي سي” البريطاني وعنوانه: (كيف كبدت طالبان الولايات المتحدة خسائر تقدر بترليون دولار).

لقد أدرك أكثر الساسة والمحللين الغربيين بمن فيهم مبعوث أمريكا نفسه “زلمي خليل زاده” أن أمريكا تخسر كثيرا في الحرب الأفغانية، وأنها لا سبيل لها سوى حفظ ما تبقى من ماء وجهها أمام العالم بأسره كما فعل الاتحاد السوفيتي من قبل أواخر ثمانينيات القرن الميلادي المنصرم، باتباع سياسة انتزاع الهزيمة من بين فكي النصر، فقامت أمريكا اليوم بمثل ما قامت به روسيا بالأمس حيث يجري الأن في الدوحة وأبو ظبي حوار شكلي مع “الطالبان” تمهيدا لانسحاب القوات الأمريكية بشكل كامل والانكفاء التام من أرض أفغانستان وقضيتها، وأيقن جميع الساسة الغربيون أن البوابة الأفغانية لا تعطي علامة النجاح لأحد، فلا سبيل إذا إلا ترك الساحة للطالبان فهم الأقدر على فقه المرحلة والشعب وفهم متطلباته، وقد حققوا نجاحا بارزا في زمن قصير، وهذا ما أدركه مؤخراً المبعوث الأمريكي إلى “الطالبان”، فقد عبر مبعوث أمريكا و”سفير الحروب الصليبية: زلمي خليل زاده” عن أنه محبط للغاية وأن البيت الأبيض ينقصه الجاهزية الفكرية والتخطيط الناجح في مكافحته للإرهاب منذ اليوم الأول من ضربات سبتمبر؛ مع كونه “السفير الأمريكي السابق في أفغانستان والعراق والأمم المتحدة” “ومستشار في الأمن القومي الأمريكي” وحامل أختام “المحافظين الجدد”، ويشغل اليوم مستشارا بشأن أفغانستان في وزارة الخارجية الأمريكية وفي مركز “راند” الفكري للدراسات الاستراتيجية والعسكرية، فقال في ختام كتابه والذي صدر قبل أشهر بعنوان (السفير..من كابول إلى البيت الأبيض؛ رحلتي عبر عالم مضطرب) ما نصه: (لم تتمكن الولايات المتحدة من تحقيق تطلعاتها في أفغانستان والعراق، وهو واقع يؤلمني كثيرا) (صـ 469).

ولهذا لا أشك طرفة عين أن إرسال هذا الرجل بالذات إلى “الطالبان” في هذه المرحلة الراهنة مؤشر كبير على نفاذ الصبر الأمريكي بشأن الحرب الأفغانية، وهو دليل راجح على أن “واشنطن” ضاقت واستحكمت عليها جميع حلقاتها فلم تجد الفرج إلا بوضع حد لأطول حرب يخوضونها بلا طائل في تأريخهم دون أي مكسب وجدوى بل سيل عارم من الهزائم والنكسات.

ومن أراد أن يفقه ويدرك خطورة المكر السياسي والخداع الدبلوماسي الذي تشبعت به عقلية “زلمي خليل زاده”، ويرصد مقدار العمالة والحنق الذي يحمله الرجل “السيء الحظ” في نفسه على الإسلام والمسلمين؛ وغيرته الشديدة من ضرته السياسية “بول بريمر”؛ فليقرأ كتابه المذكور آنفا لا سيما الفصل الثامن والتاسع منه وعنوانه: (هدوء ما قبل العاصفة)، ففيه مزيد من آراءه وأفكاره، وشيء من الإشارات السياسية والأسرار التي جرت خلف الكواليس، وسيجد القارئ لمذكراته وذكرياته التي خطتها أنامل يده لمسيرة جهوده ويومياته التي يعتز بها في الحرب والكيد لإسقاط نظام “الإمارة الإسلامية” وحلفائها منذ عشرين عاما؛ كيف أن هذا العميل اللقيط قد تم جلبه من “كابل” إلى “أمريكا” عام 1966م هو وصديقه القديم “أشرف غني” وهما غلامان حدثان ليُصْنَعَا في دوائر السياسة الأمريكية على أعين شياطين البيت الأبيض منذ ذلك الزمن؛ وكيف تتلمذوا سياسياً على يد “ريتشارد ديك تشيني” حتى أضحى “خليل زاده” من صناع القرار وقيادات الظل في البيت الأبيض ووزارة الخارجية والبنتاجون، وكاد “المعتوه ترمب” أن يضعه في منصب “وزير الخارجية الأمريكي” كما تقول صحيفة “نيويورك تايمز” لولا أصوله الإسلامية الأفغانية ولسانه “الغير دبلوماسي” كما قالوا، كما سيظهر للقارئ دور “زاده” في صناعة القرارات العسكرية الأمريكية ضد المسلمين بأفغانستان قبل وبعد ضربات الحادي عشر من سبتمبر، وكيف كان على يديه تهيئة “أحمد شاه مسعود” و”رباني” و”كرزاي” و”عبد الله عبد الله” وغيرهم من قيادات العملاء المحليين منذ الثمانينات لتوظيفهم في حرب أمريكا على الأمة المسلمة بأفغانستان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى