مقالات الأعداد السابقة

كيف تكون مجاهداً محبوباً وناجحاً

الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وآله وصحبه أجمعين.

لابد أن كل فرد يتمنى ويسعى خلال مسيرة حياته إلى أن يكون ناجحاً ومحبوباً، ولا يوجد في هذه الدنيا أي فردٍ لا يتمنى أن يكون كذلك؛ لأن النجاح أمنية عظيمة وغالية جداً.

ولابد للإنسان أن يسعى ويبذل جهده في كل عمل صغيراً كان أو كبيراً، مهماً أو تافهاً؛ حتى يحقق النجاح ويملك قلوب الآخرين، ويقطف ثمار جهده على جميع الأصعده، الشخصية والاجتماعية، ليومه وغده.

إن النجاح شيء عظيم ولذيذ يعرف طعمه كل من تذوقه، فهو يمنح صاحبه إحساساً لا يوصف بالسعادة والثقة بالنفس، وحماساً لا يوزن ولا يقاس. إن النجاح شيء لا يأتي من تلقاء نفسه، ولا يتحقق بلا شيء، ولا تنفع معه الأماني ولا الكلام ولا القعود والكسل، إنه يحتاج إلى الكثير، يحتاج أولاً إلى العزيمة القوية الفولاذية، والتوكل على الله القوي العزيز الذي بيده كل شيء كما قال تعالى: ( …فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) آل عمران”.

أجل؛ أخي المجاهد إنك لن تكون ناجحاً ولا محبوباً في جهادك، ولن تكون بطلاً من أبطال الجهاد بمجرد التمني والكلام، فلا يمكن الوصول إلى ذروة الجهاد وبلوغ غايته إلا إذا شمرت عن ساعد الجدّ، وقضيت الساعات الطوال يومياً في تربية نفسك بالمران و الحراس دون كلل أو تعب.

وقد ينجح المجاهد في مجال ما، لكن الناجح الحقيقي هو الذي يكون في كل ميدان من ميادين الحياة التي يدخل فيها المجاهد أو يعمل بها أو يتعامل معها.

وكما أن إحراز النجاح في عمل ما كالتجارة -مثلاً- له أسباب ووسائل لابد من العمل بها بتفان وجهد مستمر حتى تتحقق، فكذلك الأمر في الجهاد، حيث تمس الحاجة إلى التمرين وبذل الجهد حتى يتحقق.

وفيما يأتي أضع بين يدي القارئ الكريم الأسباب الرئيسية المعينة على تحقيق النجاح في ميدان الجهاد، وبالله التوفيق:

الأول: إنّ أول وأهم أسباب تحقق النجاح في الجهاد أن يقصد المجاهد بجهاده وجه الله تعالى، كما هو مطلوب في كل عبادة، وأن يكون قصده إعلاء كلمة الله تعالى.

الثاني: الأمانة في العمل. فلا يمكن لأي مجاهد أن يستمر في جهاده وينجح فيه إذا لم يكن أميناً على الجهاد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والخادم في مال سيده راع وهو مسؤول عن رعيته). فالمجاهد مطالب بأداء الأمانة في جهاده وفي إخوانه وفي رعيته.

الثالث: إتقان العمل في الجهاد. فإن إتقان العمل من الأمور المهمة التي أكّد عليها الإسلام، وهو أمر ضروري لإنجاح أي عمل، بعد إخلاص النية، وقد بين الإسلام أن الإتقان في العمل هو مما يحبه الله تعالى، إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه).

الرابع: تقوى الله عز وجل، قال تعالى: (… وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3)) الطلاق.

الخامس: استغلال الوقت. فإن كل إنسان مسؤول يوم القيامة عن عمره ووقته الذي قضاه في الدنيا فيم قضاه وفيم أبلاه؟ وسيحاسب على كل عمله، وسوف يكون الجزاء من جنس العمل، فينبغي للمجاهد المخلص أن لا يترك وقته يذهب سدىً؛ بل يستغله لصالح نفسه وأمته.

فما يمضي من وقت أو ساعات، فقد مضى من عمره واقترب موعد موته، ومغادرته لهذه الدينا، كما يقول الشاعر:

إنا لنفرح بالأيام نمضيها                   وكل يوم مضى جزء من العمر

السادس: الحكم بالشريعة. قال الله تعالى: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49)) المائدة. فالحكم بين الناس بالشريعة الإسلامية نور مبين و صراط مستقيم.

السابع: الجهاد في سبيل الله بالنفس والنفيس. قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35)) المائدة.

أمر الله عزوجل المؤمنين بالجهاد في سبيله وقتال الكفار والمشركين و أعداء الدين القويم ورغّبهم في ذلك بالذي أعده للمجاهدين في سبيل الله في الآخرة من الفلاح والسعادة العظيمة الخالدة المستمرة التي لا تبيد ولا تحول ولا تزول، في الغرف العالية الرفيعة الآمنة، الحسنة مناظرها، الطيبة مساكنها التي من سكنها ينعم ولاييأس ويحيى ولايموت، ولا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه، فحيّ على الجهاد مادامت أبوابه مفتوحة إلى يوم القيامة.

وهذه سبع سنابل ذكرتها لك أخي المجاهد لتكون ناجحاً ومحبوباً أثناء مسيرك في الجهاد في سبيل الله، وأتمنى لك الفوز بالجنة والرضوان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى