مقالات الأعداد السابقة

النِّسر یأنف ذلّة الغربان

لایخفی علی ذوي البصیرة بأنّ كفة المجاهدین تتثاقل وتتأرجح من كفة الأجانب والعملاء یوماً بعد یوم، ولاسیماً عندما یلتحق بركب النسور نسرٌ إثر نسر، فبحمدالله وفضله قد بدت بوادر الرجوع إلی الدین، وتسرّب الوعي في المتغافلین من الأفغان الذین اختاروا بالجهل أو من الفقر الوقوف في صفوف الأمریكان والعملاء لخراب الوطن الأصیل الإسلامي، ثم عندما یستفیقون من هذا السبات العمیق، والغفوة الناقعة یضربون أروع المثل في البطولة والشجاعة الذي ربما أثار إعجاب سكان العالم من أقصاه إلی أقصاه، فصاروا محط الآمال ومطمح أنظار الرجال، حتی صار الذین یعلمونهم الرمایة یعضّون بنان النّدم، فتفجر في قلوبهم الرعب، ولعمري إنّ هذا لتعبیر حيٌّ عن الطاقة الهائلة التي ولّدها الإسلام في نفوس أتباعه.

وخاب الصلیبیون وخسروا ورب محمد صلی الله علیه وسلم عندما صاروا یبغون الصید في عرّیسة الأسود الأشاوس، فهم أجهل من عقرب؛ لأنها إذا مّرت بالصخرة ضربتها بإبرتها فلاتضرها وتضر إبرتها!

أجل؛ لقد فقه معظم الأفغان بحمدالله وفضله بأنّ الأمریكان والأجانب مایریدون إلا خراب الوطن، وإبادة الأجیال، فمن هذا المنطلق كلما تسنح الفرصة والنّهزة للمستفیقین الذین كانوا من قبل یرطمون في أحضان التّیه والضلال، یظهرون بصنیع أفعالهم المجیدة مایرضون الله سبحانه وتعالی ویثلجون صدور المؤمنین، وإنّ هذه الهجمات الخضراء علی الزرقاء وصفة صادقة عن الغیرة الإسلامیة التي یقدمها الأبطال الذین ربما قد تواعدوا فیما بینهم بأنهم سیرضون الله ورسوله، ویثأرون عن شعبهم المضطهد المكلوم، وهم الأقویاء المقتدرون حقاً علی القول والفعل؛ دون الواهنون الضعفاء الذین سلموا (خطام) أنوفهم للأجانب یقودونهم حیث شاؤوا…

قد احتال الصلیبیون وظنوا بظنهم الكاسد بأنهم سینجحون في مهمتهم علی ثری أفغانستان، عندما ضخّوا آلاف الدولارات لتحشید الجیوش ضد المجاهدین، ولكن تعسواومافقهوا بأنه رب متحیّل أوقعه في ورطة عظیمة، لایقدر  

 

 

 

 

علی الخلاص منها!

فهؤلاء النسور یأبون الضیم، ویأبون أن یكونوا جنوداًحمقی إلی الأبد للأمریكان بأن یلغوا في دماء الأبریاء، وبذلك ینزلوا بأنفسهم خزي الدنیا قبل الآخرة من أجل الفتات الذي یلقیه لهم أسیادهم الأمریكان، والذي لایسمن ولایغني من جوع.

یاویح الشرطي الأفغاني! لو فكر وراجع نفسه لعلم علم الیقین بأنه یأكل خیزاً معجوناً بدماء الأبریاء الذین قتلهم برشاش الأمریكان والنّیتو، واللحم الذي یزدرده لیس لحماً معنویاً من غیبة هؤلاءالمساكین؛ بل إنما هو لحم حقیقي لهؤلاء الذین شارك في انتهاك أعراضهم وأعراض محارمهم، وأما المرق فمن دموع الیتامی والأرامل والثكالی.

یاویح جنود الأفغان! لو علموا كل ذلك لفضل الواحد منهم أن یجلس علی قارعة الطریق یستجدي كسرة خبز له ولأولاده، أو أن یقوم بتنظیف دورات المیاه أفضل وأشرف من قیامه بهذا العمل الذي یبیع به دنیاه وآخرته بدنیا غیره.

ویكفي هؤلاء استخدامهم كالعبید لدی سادتهم وإن كانوا لاینادونهم بلفظة عبدي أو عبیدي، إلا أنهم یسخرونهم للقیام بكل أفعال العبید، فیصبحون في المجتمع كأنهم نفایته كما وصفهم الأدیب الأریب مصطفی صادق الرافعي – رحمه الله – تساء متعجباً:  

« فكیف یمشي الجندي من جنود الدولة وراء طفل، فیتبعه، ویخدمه، وینصاع لأمره، وهذا الجندي لو كان طرید هزیمة قد فرّ في معركة من معارك الوطن، وأرید تخلیده في هزیمته، وتخلیدها علیه بالتصویر لما صُوّر إلا جندیاً في شارته العسكریة منقاداً لمثل هذا الطفل الصغیر كالخادم في صورة یكتب تحتها: «نُفایةٌ عسكریة!». وحي القلم: 1/90. ط: دار ابن كثیر.

فعار وشنار بأن یأنف النسر ذلّة الغربان، وتصدق مقالنا هذا علی الهجمات التكتيكية التي ينفذها الجنود الأفغان على العدوّ الأجنبي في الشهور الماضیة عامة وفي الشهور القادمة في ظل العملیات خالد بن الولید علی وجه الخصوص، إن شاء الله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى