مقالات الأعداد السابقة

للباطل جولة ثم يضمحل

منذ أكثر من عشرة أعوام احتلت الولايات المتحدة الأمريكية بلادنا بحجج واهية وهم منذ ذلك يبيدون هذا الشعب بكل الوسائل المتاحة لهم وإنهم لا يقفون عن القصف والنسف والدمار الشامل والمداهمات الليلية والاغتيالات والاعتقالات ولاعن هجمات على المدنيين والأطفال والشيوخ ولاعن شن غارات على البيوت السكنية الآمنة والأماكن المقدسة لأنهم خسروا المعركة في الميدان.

غزت أمريكا الغاشمة بلادنا وتحملت ديمقراطيتها الخانقة على ظهور الدبابات والطائرات وفرضتها على شعبنا بقوة الحديد والنار، إن الأمريكان الذين يتباكون على الحريّة في الواقع هم أعداء الحريّة تماما وشعارهم الكبح والسجون والقتل والقصف والتدمير والمحاكمة بدون دفاع في بسيط المعمورة ولو كانوا يحبون الحريّة حقا لرأيناهم شدوا أزر مظلوم ومضطهد وأطلقوا سراح السجناء والمعتقلين وسمحوا بحرية الكلمة والعقيدة والثقافة ولكن الكفرة المجرمين شيمتهم المكر والحقد والخديعة على غرار قول الشاعر:

 

ويريك من طرف اللسان حلاوة

ويروغ فيك كما يروغ الثعلب 

هناك ألوف بل عشرات الألوف قد سيقوا إلى السجون والمعتقلات بأمرهم وكم من أجساد عذبت حتى الموت في سجونهم السرية وأعانوهم في ذلك طغمة من الخونة عملاء الاحتلال ولعبوا دور العمالة والعبوديّة للغزاة والمعتدين بمعنى الكلمة وارتكبوا انتهاكات ثابتة وموثقة لحقوق عشرات الآلاف من المسلمين حتى إن العملاء لم يتوانوا لحظة واحدة في بيع الوطن والتراب والنواميس والمقدسات من أجل حفنة من الدولارات أو الحقــــــــائب الوزارية، إنهم

تمسحوا بأعتاب أسيادهم والتمسوا منهم أن يطيلوا احتلال بلادنا بحيلة وأخرى لتكون حياتهم في مأمن ومفاداتهم في نمو ومعيشتهم في ازدهار.

لاشك أن الاحتلال أتى بهم لخدمة نفسه ولم يأت بهم للأمن والاستقرار كما أن الاحتلال لم يقم بسيادة القانون ومكافحة الفساد، بل إنه جعل الفساد يتأصل ويتفاقم في حكم عملائهم وتنتشر انتهاكات أخلاقية ولاسيما حقوق الإنسان وإن نعراتهم التي كانوا ينادون بها من استتباب الأمن والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، وتوفير فرص العمل، ذهبت أدراج الرياح، حيث تحولت الديمقراطية إلى حكم جوقة من الفاسدين والمرتشين العملاء لا يستطيعون فعل شيء تجاه البلاد والعباد.

فقد لمسنا في ديمقراطيتهم المزدهرة أنها شرعت التعذيب في سجونها وسوء معاملة المتهمين في جرائم ما يسمى بالإرهاب والتمرد والاعتقال إلى أجل غير مسمى وجرائم قتل المدنيين في جميع بقاع بلادنا يوميا ناقضين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر سنة 1948م، فقد أكد الإعلان على أن الإنسان لا يمكن أن يخضع للتعذيب أو العقوبات أو المعاملات القاسية أو الغير إنسانية أو المهينة، كما اعتبر العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، أن الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان، وعلى القانون أن يحمي هذا الحق كما حظر إخضاع أي شخص للتعذيب، أو المعاملة القاسية، أو اللاإنسانية، أو حط الكرامة ونجد أن اتفاقية جنيف قد حظرت كل ما من شأنه الإساءة للأسرى أو الحط من كرامتهم واعتبرت أي إخلال بذلك خروجا على قواعد القانون الدولي، كما ورد في التقرير الصادر عن الأمم المتحدة الذي انحسر قناع الظلم والتعذيب للسجناء في بلادنا، إن العملاء يعذبون المسجونين بالطرق البشعة، وهذا عن طريق تعليقهم من المعصمين والضرب بالأسلاك المطاطية والكهربائية، وفي بعض الحالات اللف الموجع للأعضاء التناسلية حتى يفقد السجناء الوعي ويعد التقرير بمثابة الإطلالة الأكثر شمولا على نظام الاعتقال في هذا البلد ويرسم التقرير المذكور صورة مؤلمة جدا لهذه الانتهاكات الفظيعة، ويستشهد التقرير بأدلة على وجود «تعذيب منظم» خلال عمليات الاستجواب من جانب مسؤولي المخابرات والشرطة العميلة، وأكد التقرير المؤمي إليه في طياته أن شخصيات غربية وأميركية تدعم هذه السياسات المعوجة وتقوم بتدريب العملاء الأفغان وتدفع الأموال للوزارات الأفغانية التي تدير مراكز الاحتجاز ومئات السجون، واعترف يوما وزير العدل في الإدارة العميلة المدعو حبيب الله غالب أن عناصر المخابرات الأفغانية وقوات الأمن في وزارة العدل تحتجز في سجونها سجناء دون السن 18 وتقوم بحق السجناء بممارسات تخالف الشريعة والقانون، وهي عبارة عن تعذيب السجناء بشحنات كهربائية وحرمانهم من النوم لفترات طويلة وربطهم بالأسطح واحتجازهم لأشهر وسنوات عديدة دون أي مبرر قانوني.

وقد سمعنا من الذين أفرج عنهم أن المعاملة في تلك المعتقلات نكراء للغاية وأن أسلوب الاستنطاق فيها قاسية بلانهاية، يتم استجواب المسجونين بعد تعذيبهم بواسطة الكلاب الشرسة والصعقات الكهربائية والعصي الشائكة والاستهانة والازدراء وقال أحدهم لمجلة دير شبيغل الألمانية: “استجوبوا معي لساعات طويلة وأنا معصوب العينين معلق على إحدى الأبواب الحديدية وضربوني بالكابلات الكهربائية بكل قسوة وهددوني بالقتل إذا لم أعترف لهم بما يطلبونني من المعلومات”.

وقال الآخر: لقد كانوا يعذبونني بالشحنات الكهربائية ويضربونني بالمواضيع الحساسة من جسدي وكانوا يعلقونني بالأرجل بالحلقات المنصوبة بالسقف، ولا يزال هناك الآلاف من الأبرياء ينتظرون وراء أسوار المعتقلات لاستشمام عبق الحرية والأمان، لكن الذين يدعون الحرية والتقدم يقولون ما لا يفعلون أنهم يسلبون الحرية وسعادة الأمن والاطمئنان ويسلطون الفزع والخوف، وأنها لاشك عقوبة بليغة لا تكاد تعدلها عقوبة كما أن الأمن نعمة عظيمة لا تكاد تعدلها نعمة أخرى.

وأخيرا اعترف الأمريكان في التقرير الذي تقدمه الخارجية الأمريكية كل أربع سنوات إلى هيئة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة بجنيف، باعتقال هؤلاء الأطفال واعتبرتهم المقاتلين وأفاد تقرير الخارجية الأمريكية إلى أن عددًا من هؤلاء الصبية الذين لا تتجاوز أعمارهم 16 عامًا قد تم الإفراج عنهم وتسليمهم للسلطة الأفغانية، بينما البعض الآخر لا يزال قابعًا في السجون، ويذكر التقرير أن أعمار هؤلاء الصبية لم يتحدد إلا بعد مرور سنة على اعتقالهم، مما يعني أن أعمارهم وقت الاعتقال كانت لا تتجاوز 13 أو 14 سنة، بحسب ما ذكره “جميل داكوار” مدير برنامج اتحاد الحريات المدنية الأمريكية لحقوق الإنسان، مشيرًا إلى تعرضهم لانتهاكات جسدية ونفسية لفترة طويلة أثناء الاعتقال بل إن المدير التنفيذي لشبكة العدالة الدولية قد صرحت بأنها التقت بأطفال لم تتجاوز أعمارهم 11 أو 12 عامًا، مؤكدة في الوقت نفسه على أن عددهم يتجاوز المائتين، حيث إن هناك الآلاف من الصبية في مركز الاعتقال ببروان كابيسا.

إن الإدارة الأمريكية في بدو الوهلة أوصلت عميلها كرزاي إلى القصر الجمهوري، وعملائها الآخرين لوردات الحرب الذين عاثوا في الأرض فسادا إلى الوظائف الأساسية في الدولة،لأنهم كانوا معارضين لنظام الإمارة الإسلامية وتعاونوا مع الاحتلال الأمريكي فأصبحت الأوضاع في حكمهم في قمة السوء، وظل لوردات الحرب قطاع الطرق يروعون الناس، ويمارسون الخطف والقتل في وضح النهار، لأنهم عبيد الاستعمار حتى النخاع.

وها نحن نرى اليوم أفزع و أدهى وأمر من كل ذلك فان الإدارة العميلة قامت أخيرا عند تسويد هذا المقال بقتل عشرات من هؤلاء المسجونين لديها شنقا وقد وافق رئيسها كرزاي بتنفيذ ستة عشر حكما بالإعدام ونفذت أربعة عشر منها خلال يومين فقط وليست هذه هي المرة الأولى والأخيرة بل أعدم قبل ذلك في مدة حكمهم عام 2007ميلادي 15 شخصا رميا بالرصاص وسبعة أشخاص في عام2008م.

وكان بين الفئتين عنـــــــاصر من المجاهدين كما أعدم في العام

الماضي اثنين من المجاهدين وأكد القضاء للإدارة المؤمي إليها في أواسط نوفمبر الماضي حكم الإعدام الصادر بحق عبد الصبور الجندي البطل الذي فتح النار على الغزاة الفرنسيين بولاية كابيسا وقتل خمسة منهم.

هذا وتفيد منظمة العفو الدولية أن أكثر من 200 من المسجونين ينتظرون حكم عقوبة الإعدام وقد أبدت جماعات حقوق الإنسان استياءها من تطبيق أحكام الإعدام الجائرة وقالوا إن تنفيذ حكم الإعدام في بلد يعاني ضعفا في النظام القضائي يعد انتكاسة… وقال براد آدمز مدير إدارة آسيا بمنظمة هيومن راتس ووتش:”إن عقوبة الإعدام عمل وحشي يجب أن لا يستخدم مطلقا…واستخدامه في أفغانستان حيث لا تتوافر محاكمات عادلة يزيد الأمر وحشية، كما دعت بعثة الإتحاد الأوروبي في أفغانستان الحكومة إلى تعديل جميع عقوبات الإعدام وإقرار حظر على الإعدام كخطوة أولى لإلغاء هذه العقوبة.

وعلى الصعيد نفسه حثت الإمارة الإسلامية الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي، والصليب الأحمر ومجموعات حقوقية دولية للحؤول دون تنفيذ أحكام الإعدام للمحبوسين أسرى الحرب وقالت في بيانها “حصلنا على معلومات تتمتع بالصدقية تفيد أن بعض السجناء السياسيين (من حركة طالبان الإسلامية) أضيفوا إلى اللائحة (المحكومين بالإعدام) هؤلاء ليسوا مجرمين بل إنهم أسرى حرب”.

وتابع البيان إن الإمارة الإسلامية تدعو الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي واللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان إلى “منع كابول” من إعدام هؤلاء وأكدت أنه “في حال تم إعدام سجنائنا” فعلى الدوائر المرتبطة بالإدارة في كابول أن يتوقعوا ردًا قاسيًا”.

وقد نفذ مجاهدو الإمارة الإسلامية ما قطعوا على أنفسهم بعد تنفيذ حكم الإعدام على إخوانهم الأربعة فعلا وفجروا سيارة مفخخة ضد مركز للتدريب العسكري وقال المتحدث باسم إمارة أفغانستان الإسلامية أن الهجوم جاء «رداً على إعدام إدارة كابول أربعة من المجاهدين».

واعترف ناطق باسم الشرطة العميلة أن التفجير وقع قرب «مكتب مشترك للتنسيق للجيش الأفغاني والشرطة وقوات الحلف الأطلسي في “ميدان شهر” عاصمة ولاية وردك التي تبعد نحو خمسين كيلومتراً عن كابول وقال:”أنه من هذا المركز تنطلق القوات للقيام بعمليات عسكرية”وقد أودى الهجوم المذكور بحياة عشرات من الغزاة وسقوط تسعين منهم جريحاً…ويذكر أن عناصر المقاومة الإسلامية الأربعة الذين أعدموا كانوا من أصل 14 محكوماً نفذت الأحكام بهم شنقاً خلال يومين أخيرا في عمليات إعدام جماعية في البلاد. 

وقد نادى متحدث الإمارة الإسلامية من على منبر موقع الإمارة يوما أن ذلك لن يفت في عضد المقاومة “وليعلم الأعداء أنهم لن يتمكنوا بتعذيب الأسرى والسجناء واضطهادهم وقتلهم أن يضعفوا من إرادة شعبنا المسلم أو أن يقللوا من عزيمتهم، فعليهم أن يدركوا أن هذه الجرائم وما شابهها ستزيد الإصرار على ضرورة مواصلة مقاومتنا، وستكثر تضحيات الشعب وستقوي إحساس الشعب في الدفاع عن أرواحهم وأعراضهم وأموالهم إن شاء الله.

وكذلك بنظرة تاريخيَّة، نرى أنه لم ينجح أي واحد من الغزاة في غزو أفغانستان، وفي تحقيق أهدافه في هذا البلد مهما قاموا بتعذيب وقتل أبناء هذا الشعب الأصيل، وإن الأمريكيين أنفسهم لم ولن ينجحوا في ذلك، في ظل ما فشل فيه قبلهم البريطانيون والروس.

نقول للعملاء الذين يساعدون الغزاة على إخوانهم المجاهدين وبني جلدتهم ويتهمونهم بأبشع التهم من الإرهاب والتمرد أن لا يغتروا بقوة وجبروت أسيادهم وننصحهم أن لا يرتكبوا أكثر مما ارتكبوا لئلا يندموا عليه فيما بعد فالغزاة راحلون بإذن الله قريبا ونصر الله آت إن شاء الله وليعلموا أن الكفار يقفون مع الحلفاء والعملاء إلى حين انتهاء المصلحة التي يرونها فيهم وسوف يأتي يوم أن ينقلب الاحتلال عليهم عندما يكتشف أنهم أصبحوا بضاعة فاسدة وسيبيعونهم عند ذلك بثمن بخس فيكون لهم الذل والهوان.

نحن نذكر العملاء أن للباطل جولة ثم يضمحل، وقد دلت التجارب الماضية كلها على أن النصر كان للحرية في كل معركة نشبت بينها وبين العبودية لقد توهى قبضة الحرية ولكن الضربة القاضية دائماَ تكون لها، تلك سنة الله في الأرض لأن الحرية هي الغاية البعيدة في قمة المستقبل، والعبودية هي النكسة الشاذة إلى حضيض الماضي.

فتربصوا فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى؟ 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى