مقالات الأعداد السابقة

لِیَكونَ لَهُم عَدُوّاً وَحَزَنَا

لم یفكر فرعون زمن موسی أنّ موسی الذي یربّیه في قصره، وینفق علی ترییته من ماله سیكون له عدوّا وحَزَنَا، وأنّه سیكون سبباً في هلاكه وزوال ملكه، ولكنّ الله تعالی أری فرعون عجزه وضعفه في عدم قدرته علی العدوّ الذي نشأ في بیته وتحت سمعه وبصره، فكيف سیقدر علی دفع نقمة الله التي لا یقدر علی دفعها أحد .
إنّ فرعون ذلك الزمن كان یرید من موسی أن یكون له قرّة عین، وكان یرید منه أن یكون ساعده في إذلال بني إسرائیل قوم موسی، لأنّ فرعون كان (علا في الأرض وجعل أهلها شیعاً یستضعف طائفة منهم یذبحّ أبناءهم ویستحي نساءهم إنّه كان من المفسدین). القصص / 4 .
وهكذا أراد فرعون هذا الزمن أیضا بعد احتلال أفغانستان أن یجعل أهلها شیعاً، سخط علی البعض، وصبّ علیهم غضبه بأنواع من القتل والتعذیب والتشرید.
وقرّب إلیه البعض وكوّن منهم الجیش، وقوات الأمن، والجواسیس، والملیشیات، وأراد منهم أن یكونوا قرّة عین له في محاربة الإسلام والمسلمین، ولذلك أنفق علیهم ملیارات الدولارات، وجلب إلیهم أمهر المدرّبين والمربّین لیربّوبهم فكریاً وعسكریاً لمحاربة الإسلام والمسلمین، وعلّق (فرعون أمریكا) و(هامان ناتو) بهؤلاء اللقطاء الأماني العریضة لمستقبل أفغانستان، ولكن لم یفكر فرعون أمریكا وجنود الناتو أن یكون هؤلاء ( لهم عدوّاً وحزَناً إن فرعون وجنودهما كانوا خاطئین) القصص/8.
وهاهي أمریكا وحلفاؤها یتحسّرون علی ما أنفقوا (فسینفقونها ثم تكون علیهم حسرة ثم یغلبون والذین كفروا إلی جهنّم یحشرون) الأنفال/36.
إن الهجمات الممیتة التي تتمّ علی جنود أمریكا وحلفائها من داخل صفوف القوّات الأفغانیة قد غیّرت المعادلة، وقلّبت موازین المحتلّین، وغیّرت محاسباتها، وألجأتها إلی تغییر سیاساتها واستراتیجیاتها العسكریة المستقبلیة، وعلمت منها علم الیقین ألاّ مستقبل لها مع القوات الأفغانیة التي أنشأتها بجهودها وأموالها، ومن الحُمق أن یقیس الأمريكيون أفغانستان والشعب الأفغاني علی البلاد والشعوب الأخری التي أنشأ فیها الأمريكيون قواعدهم العسكریة الدائمة أو المؤقتة، لأنّ الأفغان شعب متمسّك بدینه ویعشقون الحریة ولا یرضون أبداً بأن یتحكم غیرهم في تعیین مصیرهم.
وإنّ هجمات الجنود الأفغان علی المحتلین الغربیین من داخل صفوف الجیش العمیل والتي یسمیها الغربیون بالهجمات الخضراء علی الزرقاء هي لیست هجمات الخضراء علی الزرقاء ، بل هي هجمات الإیمان علی الكفر، وهجمات أبناء الوطن الشرفاء علی المحتلّین الصلیبیین، وهي بإذن الله لن تتوقف في هذا الحدّ، بل ستتوسّع لتشمل جمیع المراكز العسكریة للعدوّ في جمیع الولایات، وقد وُضعت خططا دقیقة ومنظّمة لهذه العملیات .
وهي بإذن الله تعالی ستبطل جمیع الخطط العسكریة المستقبلیة للعدوّ في هذا البلد. بل هي من الآن أربكت القادة العسكریین والسیاسیین للدول الغربیة المحتلّة، وقد اعترف الأمین العام لحلف الناتو (أندرس فوغ راسموسن) بأنّ هذه الهجمات أثّرت سلبیاً علی الروح القتالیة لجنود حلف الناتو، ولذلك كثّف القادة العسكریون الغربیون من زیاراتهم لـ (كابل) لبحث سبل الخروج من هذا المأزق مع عملائهم الذین نصبوهم علی الكراسی في (كابل). ولكن أنّی لهم أن یجدوا الحّل لهذا السرطان الذي بدأ یأكل قلبهم من الداخل.
إنها معركة الإیمان ضدّ الكفر، وما دامت تتّقد في نفوس الأفغان جذوة الإیمان فإنّ معركتهم ضدّ المحتلّین ستكون مستمرّة بإذن الله تعالی، وستتّخذ شكلاً جدیداً في كلّ طور من أطوار المعركة إن شاء الله تعالی.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى