مأساة بورما؛ أعظم نكبات العصر الراهن
أبو فداء
لو سألني سائل عن أعظم نكبات العصر الراهن لأجبت بلا تلكؤ بأنّ أعظم النكبات العظيمة هي مأساة المسلمين فى بورما، وما يتعرضون له من إبادة جماعية، ومحاولة لنزع دينهم وآمالهم من هذه الأرض التي امتدت جذور الإسلام فيها لقرون طويلة. وبالجملة يعترف القاصي والداني بأنه لا يوجد بشر على وجه هذه الأرض، أبيدوا كما أبيد المسلمون الروهينغيون في مينمار، ولا دين أهين كما أهين الإسلام في بورما.
فوالله إنّ المسلمين في بورما يعيشون جحيما حقيقيا، حيث تتعامل الطغمة العسكرية الحاكمة معهم وكأنهم وباء لا بد من استئصاله من كل بورما، فما من قرية يتم القضاء على المسلمين فيها؛ حتى يسارع النظام العسكري الحاكم بوضع لوحات على بوابات هذه القرى، تشير إلى أن هذه القرية خالية من المسلمين، قرى بأكملها أحرقت أو دمرت فوق رؤوس أهلها، لاحقوا حتى الذين تمكنوا من الهرب في الغابات أو إلى الشواطئ للهروب عبر البحر، وقتلوا العديد منهم، وكانوا يدفنون الضحايا في طين البحر وأداً للفضيحة.
ومن استعصى عليهم قتله ولم يتمكن من الهرب ورأوا أن لهم حاجة به، فقد أقيمت لهم تجمعات، كي يقتلونهم فيها ببطء وبكل سادية، تجمعات لا يعرف ما الذي يجري فيها تماما، فلا الهيئات الدولية ولا الجمعيات الخيرية ولا وسائل الإعلام يُسمح لها بالاقتراب من هذه التجمعات، وما عرف حتى الآن أنهم مستعبدون بالكامل لدى الجيش البورمي ؛ كباراً وصغاراً، حيث يجبرون على الأعمال الشاقة ودون مقابل.
وَبِأَرْضِ (بُورْمَا) إِخْوَةٌ عَلَنًا جِهَارًا عُذِّبُوا
ذَاقُوا نَكَالًا مُجْرِمًا مِنْ أُمَّةٍ لَا تَرْقُبُ
فِي أَيِّ شَيءٍ ذِمَّةً كَلَّا وَلكِنْ تُنْجِبُ
وَحْشِيَّةً مَلْعُونَةً يَا قَوْمَنَا لَا تَعْجَبُوا
فَالْحِقْدُ فِيهِمْ كَامِنٌ بَلْ غَيْرَهُ لَمْ يُنْجِبُوا
عُبَّادُ (بُوذَا) قِلَّةٌ بِهِمُ الْجُنُونُ مُرَكَّبُ
ذَنْبُ الْأَحِبَّةِ مُعْلَنٌ قَدْ أَسْلَمُوا وَتَقَرَّبُوا
لَمْ يَرْضَ هَذَا (بُوذَةٌ) فَبَغَى البُغَاةُ وَعَذَّبُوا
قَتْلٌ وَذَبْحٌ سَافِلٌ حَرْقٌ وَنَارٌ تُلْهِبُ
أما المسلمات العفيفات فهن مشاعا للجيش البورمي؛ حيث يتعرضن للاغتصاب في أبشع صوره. امرأة مسلمة ظل الجيش يغتصبها لمدة سبع سنوات وأنجبت ستة أطفال لا تعرف أباً لهم، بعد أن قتل الجيش زوجها؛ لأن شوال أرز سقط من على ظهره. وامرأة مسلمة حامل ذهبت لمركز للطعام تابع للأمم المتحدة، فعاقبها الجيش باغتصابها حتى أسقطت حملها في مكان الجريمة، وجرائم أخرى تشيب لهولها الولدان، وتقشعرّ منها الجلود والأبدان، ولكن الأسئلة المطروحة هنا:
أين أنتم يا أمّة المليار؟!
هل من ناصر، ينصر أهلنا في بورما ومينمار؟
بكى القلب، وذرفت العيون دماً، ولا نقول إلاّ حسبنا الله ونعم الوكيل، ولاحول ولاقوة إلا بالله.
أين منظّمات الأمم المتحدة؟
أين منظّمات حقوق الإنسان؟
لا بدّ من وقفة رجل، نقفها إلى جانب الإنسانية، إلى جانب المظلوم، إلى جانب الحقّ، مهما كلّف الأمر.
نحن أرواحنا وأعراضُنا ليست أغلى من أرواح أهلنا وأخواتنا في بورما ومينمار.
يجب التحرّك، وليس المشاركة في الصمت، والدعاء على الكّفار.