مقالات الأعداد السابقة

مؤامرات إدارة كابل لزعزعة عملية السلام

■ بقلم:حبيبي سمنغاني ■ تعريب: سيف الله الهروي

 

وصف (أمر الله صالح) النائب الأوّل لرئيس الحكومة العميلة الهجوم المدمّر على جامعة كابول بأنه فشل استخباراتي.

ثم استمرت سلسلة هذا الفشل. والآن مع كل حادثة تحدث في كابول، تطول قائمة الفشل والإخفاقات. لكن القضية ليست بهذه البساطة، لأن طريقة وقوع الأحداث، ولا سيما المواقف غير المعقولة لمسؤولي الحكومة، وعلى رأسهم (أمر الله صالح)، يدل على أن للقصة بقية، والسؤال الذي يطرح نفسه الآن كثيرا: هل الأحداث الأمنية المختلفة والتي تحدث يوميا مجرد إخفاقات أم استمرار لمؤامرات المتربعين على كرسي السلطة في كابول؟

إن عمليات القتل المتسلسلة للصحفيين، وخاصة: (يما سياوش، وإلياس داعي، وفردين أميني) تعزز طرح هذا السؤال، ولقد أثار كل ّ من رفض مسؤولي “البنك الأفغاني” من نشر لقطات أو أدلة فيديو لسيارة (يما سياوش)، وكذلك اعتبار موت (فردين اميني) بالانتحار من جانب الوزارة الداخلية في كابول من غير تقديم أي أدلة معلومات؛ أثار غضب ذوي هذين الشابين.

وصف أحد زملاء (أميني) في قناة «أريانا» التلفزيونية في حديث له مع بي بي سي، جريمة القتل بأنها “غامضة”، وقال: إن السيد (أميني) كان في حالة نفسية جيدة، كما تقول عائلته أن (أميني) لم ينتحر، بل قتل. لكن (أمر الله صالح)، الذي أصر على انتحار (أميني)، هدد عائلته باستجواب جميع أفراد عائلته، بما في ذلك النساء، إذا هم أصروا على القول بمقتل (أميني).

من ناحية أخرى، اشتكى (داود سياوش) والد (ياما سياوش)، في صفحته على تويتر بعد أن تجاهلت إدارة كابول مهلة شهر واحد عينته عائلته للتعرف على قتلة ابنهم، بأن اعتبار صرخة أم وأب حزينين جمعا شتات جسد ولدهم من الجدران، ليس إلا استهزاء بعائلة ثكلى من جانب حكومة تدعي العدل العمري.

والأسئلة التي طرحتها عائلة (ياما سياوش)، والتي لم تجد عليها إجابة من جانب حكومة كابول، بحيث تعرض دور إدارة كابول موضع الشك كما يلي:

1 -لماذا يتم الاحتفاظ بسرية كاميرات البنك، ومفترقات الطرق، وبالونات الفضاء ومركبات GPS الخاصة بالبنك؟

2 – لماذا لم تسلم المعلومات للوفد البرلماني؟

3 – لماذا لا توفر لوسائل الإعلام فرصة الوصول إلى المعلومات؟

4 – لماذا لا يقوم البنك المركزي بالتعاون مع الأجهزة الأمنية بتقديم القاتل ومرتكب جريمة القتل والمحرض على قتل (ياما سيافاش) للشعب؟

5- ألا يدل إخفاء الكاميرات علی إضاعة الوقت والتلاعب بها؟

كان (أمر الله صالح) وفريق الدعاية في الإدارة يرفضون في الماضي ذكر اسم داعش على ألسنتهم، وكان أصبح الارتباط بين الإدارة وداعش يضرب به المثل، والآن بدلاً من إثبات عدم ارتباطهم بظاهرة داعش، يُطلق على طالبان اسم داعش، كأنّ ما فعلته داعش بالتعاون مع الحكومة في كابول كان من عمل طالبان! فلو أمعنا النظر لوجدنا أن هذا استمرار للجهود لإنكار وجود داعش في فنادق الأمن القومي أو في مدينة كابول، وقد ضاعف هذا مخاوف العديد من مؤيدي إدارة كابول.

إنكار وجود داعش، هو موقف قديم لـ(أمر الله صالح) وذريعة لرمي أي جريمة على طالبان، لكنه في الحقيقة يشير إلى الارتباط العميق بين الحكومة وداعش في كابول.

لم يتسبب هذا الارتباط في إثارة قلق مواطني كابول فحسب، بل جعل المسؤولين والموظفين الحكوميين في إدارة كابول لا يثق بعضهم ببعض، وأصبح كل منهم قلقًا على حياته الخاصة، خشية أن يكون غدا هو ضحية مؤامرة أخرى للدواعش الموجودين في الحكومة.

كما أعلن (أمر الله صالح) في تقرير له على فيسبوك قبل أيام عن التهديد بوقوع مجزرة بحق الشيعة في كابول، ولكن بدلاً من القول بأن هذا تحذير من داعش، نسب التحذير إلى طالبان، حتی إذا شن هجوم على الشيعة في المستقبل، ترفع أصابع الاتهام نحو طالبان، ويستخدم أيضا لإنشاء فجوة بين الشعب الأفغاني والإضرار بعملية السلام.

المهم هو الفصل بين الأهداف العسكرية والمدنية، وقد أعلنت حركة طالبان مسؤوليتها عن العمليات العسكرية في كابول، والتي كان معظمها عمليات حرب العصابات وعمليات تكتيكية، على الرغم من الانتقادات، لأنه لا يوجد اتفاق على وقف النار بين الجانبين، لكن يحاول مسؤولوا الحكومة من خلال استهداف المدنيين، نقل عبء المسؤولية في كلا الهدفين إلى طالبان، ليبرروا بذلك إخفاقاتهم الأمنية والعسكرية، وليشوهوا الرأي العام، لا سيما المجتمع الدولي، والإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة بايدن، نحو مستقبل عملية السلام.

أراد (أمر الله صالح)، بعد توليه مهمة الأمن في مدينة كابول، من خلال عقد اجتماعات وتقارير يومية في الساعة 6:30 صباحًا، أن يعطي الأمل لمواطني كابول على خفض معدل الجريمة المرتفع، لكن سكان كابول واجهوا حوادث أمنية غير مسبوقة، عكس ما ادّعى (أمر الله صالح)، فأصبحوا أقل ثقة بالنسبة إلى الأمن في حياتهم وممتلكاتهم وأعراضهم.

يرى الناس الآن أنه لا توجد إرادة على الإطلاق في إدارة كابول لتقليل الجريمة، بل وفر صالح وأمثاله مظلة للصوص والخاطفين والمهربين الذين هم من جنسهم للقيام بأعمالهم الإجرامية.

قبل شهر لما قام لصوص مسلحون بسرقة 25 ألف أفغانيًا من الصراف في وضح النهار في المنطقة الثالثة من كابول، وانتشر مقطع الفيديو على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، ادعى (أمر الله صالح) بعد أيام قليلة في تقريره عن إلقاء القبض على السارقين وأن غلام حيدر (الصراف) قد تعرف على اللصوص. لكن الصراف قال لوسائل الإعلام إنه لم يتم القبض على اللصوص ولم يتعرف على أحد، وكأن لا أحد يجب أن يتتبع اللصوص بعد الآن، وإلا…

هذا مجرد مثال واحد على كيفية قيام سلطات كابول بتوفير مظلة آمنة للصوص بدلاً من مطاردتهم، والقيام بمعاقبة أولئك الذين يتسترون عليهم.

ومن المضحکات أن (أمر الله صالح)، يتولى أيضا مسؤولية محاربة الفساد الإداري، إلى جانب مهامه المذكورة، والتي تعتبر أسوأ من المسؤليات الأخرى، حيث أن الفساد في إدارة كابول آخذ في التصاعد بدل التراجع.

جوهر النقاش هو أن استهداف المدنيين مؤامرة ضحيتها عملية السلام، أو بتعبير أسهل الشعب الأفغاني.

يرى مسؤولي الحكومة الراهنة أن بقائهم مضمون في الوجود العسكري للأجانب، ويرون في تأزيم الأوضاع أسهل طريقة لجذب المزيد من الاهتمام الأجنبي. نعم، إن إدارة كابول التي فقدت الأمل في الوقوف على قدميها، لا ترى إلا أن تكافح من أجل البقاء على قيد الحياة في ظل استمرار الاحتلال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى